لم تكن علاقته المنعدمة بالوسط الثقافى مانعاً لاختيار الدكتور علاء عبدالعزيز، أستاذ المونتاج بمعهد السينما وأكاديمية الفنون وزيراً للثقافة فى حكومة الإخوان، لذلك فليس هناك مجال للدهشة من صدمة رواد الوسط بهذا الاختيار، خاصة أن الوزير الجديد لا علاقة له بقوة مصر الناعمة، ولا حتى داخل المعهد العالى للفنون المسرحية، لذلك أيضاً فإن التعجب لا يزال سيد الموقف لأن علاقة وزير الثقافة الجديد بالسياسة لم تتعد وقفة احتجاجية أمام مكتب الوزير الأسبق شاكر عبدالحميد للمطالبة بإقالة رئيس أكاديمية الفنون، ليكون علاء عبدالعزيز أول من غادر وزارة الثقافة متظاهراً ليعود إليه وزيراً. على النقيض من أغلب وزراء الثقافة الذين سبقوه فى أعقاب الثورة لم ينخرط «عبدالعزيز» فى تأليف الكتب مثل «صابر عرب»، الحاصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2012 وصاحب التاريخ الثقافى، أو حتى شاكر عبدالحميد، الحاصل على جائزة الشيخ زايد للكتاب، وجابر عصفور، الحاصل على العديد من الجوائز الثقافية العالمية فى مجال الترجمة، لكن لم يكن للوزير الجديد رصيد سوى رسالة الدكتوراة اليتيمة. بدأ الترويج لصاحب ال51 عاماً والحاصل على درجة الدكتوراة فى «فلسفة ما بعد الحداثة والسينما» عام 2008، على مواقع الإخوان ومواقع التواصل الاجتماعى قبل إعلان التغيير الوزارى، باعتباره تولى حقيبة وزارة الثقافة المصرية على خلفية دوره الثورى داخل الأكاديمية ووقفاته بجانب ثوارها، علاوة على كونه أول المعتصمين خلال فترة إضراب أساتذة أكاديمية الفنون بمكتب وزير الثقافة بالزمالك، اعتراضاً على ممارسات الدكتور سامح مهران، رئيس أكاديمية الفنون. مع بداية العام الجديد وتحديداً فى الأول من يناير الماضى، قدم عبدالعزيز براهين إخوانيته وولائه للتنظيم، حين ظهر فى ثوب جديد بلحية إخوانية ومقالة على بوابة الحرية والعدالة، الناطقة باسم تنظيم الإخوان، حملت اسم «المشهد السياسى ووهم استنساخ الثورة» لينتقد المعارضة التى لقبها بالفاسدة والتى تقف فى وجه الرئيس المنتخب والعملية الديمقراطية، مؤكداً أن الشعب المصرى يراقب عن كثب ولم يندفع وراء تلك الأحداث المصطنعة التى للأسف كانت فى بعضها دموية مثل «قصر الاتحادية». لم يكن علاء عبدالعزيز يعلم أن مقاله فى الحرية والعدالة سوف يقوده لرأس وزارة الثقافة، لكنه استمال إخوانه من خلال التعبير عن آرائهم وتوجهاتهم، حيث كتب: «اتضح أمام الشعب أن الدولة الفاسدة تتمركز فى الإعلام والعديد من الوزارات والهيئات التى كان متوهماً نزاهتها، إلا أنها قد خربت بشكل كبير عبر العقود الثلاثة الماضية، وتخيلت أنها فى مراكز قوى أكبر من إرادة الشعب، كما اكتشف الشعب أيضاً مكانة وموقع كل حزب وفصيل وشخصية سياسية عامة داخل المشهد السياسى، فالبعض منهم حاول أن يمسك العصا من المنتصف، فتزايد سقوطه أكثر، وآخر يهوى السلطة وثالث يبحث عن دور، وكيف يمكن أن تتحالف تلك الفصائل والأشخاص بشكل نفعى لا علاقة له بمصلحة الوطن». يبدو أن عبدالعزيز سيعتمد فى إدارته لمنظومة الثقافة المصرية على نظرية المؤامرات التى تحدث عنها فى مقاله السابق الذكر ليظهر قناعته الشخصية التى تعكس آراء التنظيم، بأنه لا يعتقد أن المؤامرات ستنتهى بعد موافقة الشعب على الدستور الجديد، ليرمى المعارضين باتهام محاولة قتل الثورة واستعباد الشعب.