حذر الاتحاد الأوروبي اليوم من أن الانكماش في منطقة اليورو، التي تشهد أزمة مالية، سيتواصل دون هوادة حتى نهاية العام، مع بقاء نسبة البطالة عند أرقام قياسية، رغم احتمال بروز مؤشرات انتعاش في 2014. وقالت المفوضية الأوروبية إن إجمالي الناتج المحلي في المنطقة، التي تشمل 17 دولة وتضم 340 مليون نسمة وتعد منافسا رئيسيا للولايات المتحدة واليابان ودول عملاقة واعدة، سيتراجع بنسبة 0.4% هذا العام، أي أكثر من نسبة ال3% بحسب توقعات فبراير وبعد تقلص قدره 0.6% العام الماضي. وستستمر نسبة البطالة عند مستويات قياسية، بحسب توقعات المفوضية، مع تباعد واضح بين دول منطقة اليورو الأكثر ثراء إلى الشمال وتلك الواقعة جنوبا، وتشهد انكماشا كبيرا. وفي تكرار لتوقعاتها السابقة، قالت المفوضية إن نسبة العاطلين عن العمل هذا العام ستبلغ رقما قياسيا عند 12%، و11% في مجمل دول الاتحاد الأوروبي ال27. وتتباعد هذه النسب بشكل كبير، حيث تبلغ 27% في إسبانيا و4.7% في النمسا. وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، أولي رين، في بيان أرفق بالتوقعات الاقتصادية الأخيرة للمفوضية لمنطقة اليورو وكامل الاتحاد الأوروبي، إنه "بالنظر للانكماش الطويل، علينا القيام بما ينبغي للتغلب على أزمة البطالة في أوروبا". وأضاف، في مؤتمر صحفي، أنه "في إسبانيا واليونان بلغت نسبة البطالة أرقاما قياسية لا تُحتمل". وبالنسبة لفرنسا التي بالكاد تجنبت انكماشا، ستتراجع النسبة بمقدار 0.1% في 2013 مع ظهور تأثير تراجع الطلب المنزلي، المحرك الأساسي للاقتصاد. وبحسب التوقعات، ستسجل فرنسا نموا بنسبة 1.1% في 2014. غير أن فرنسا لن تتمكن من الوفاء بالتزام سقف عجز بنسبة 3% لإجمالي الناتج المحلي المحدد من الاتحاد الأوروبي، وستسجل عجزا بنسبة 3.9% هذا العام و4.2% العام المقبل. وبالنسبة لإسبانيا، فإن معاناتها ستستمر من الأزمة الناجمة عن انفجار فقاعة القطاع العقاري التي استمرت عشر سنوات، وستسجل تراجعا بنسبة 1.5% في 2013، قبل أن تسجل نموا بنسبة 1.4% في 2014. غير أن الأرقام المالية الحكومية ستبقى كئيبة العام المقبل، حيث يُتوقع زيادة العجز الحكومي البالغ 6.5% في 2013 إلى 7.0% في 2014، مع انتهاء فترة تطبيق بعض التدابير. وسيكون تأثير الأزمة على أشده في قبرص، التي حصلت مؤخرا على صفقة إنقاذ من الإفلاس، وحيث تشير التوقعات إلى تراجع الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 8.7% هذا العام، في أعقاب إعادة هيكلة قاسية للقطاع المصرفي في الجزيرة وفرض اقتطاعات على الحسابات. وسيتواصل الانكماش في قبرص في 2014 وما بعد، بحسب المفوضية، التي توقعت تقلص الاقتصاد بنسبة إجمالية قدرها 15% بين 2012 و2015. وفي مؤشر تشجيع نادر، توقعت المفوضية انتعاشا في اليونان بحلول العام بعد ست سنوات متتالية من الانكماش. وستسجل اليونان نموا بنسبة 0.6% في 2014، بعد تقلص كبير بنسبة 4.2% هذا العام. ومع استمرار غياب مؤشرات على الانتعاش، يحتدم النقاش بين دول منطقة اليورو حول سبل الخروج من الأزمة، حيث تطالب الدول الواقعة جنوبا بإنهاء إجراءات التقشف التي طالبت بها ألمانيا ومثيلاتها الواقعة شمالا. وتأتي البيانات الأخيرة المتشائمة بعد يوم على إعلان البنك المركزي الأوروبي خفض الفوائد إلى نسبة قياسية جديدة، سعيا للقيام بدوره في التغلب على الأزمة التي دخلت عامها الثالث.