يتوجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليوم إلى المكسيك، في زيارة تستمر 24 ساعة وتتمحور حول التعاون الاقتصادي والهجرة، بعد التركيز لسنوات عدة على أولوية مكافحة كارتلات المخدرات. وهذه هي الزيارة الرابعة التي يقوم بها أوباما إلى المكسيك، لكنها الأولى منذ أن تسلم الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو مهامه في الأول من ديسمبر، وأكد رغبته في إعادة تحديد الأولويات في العلاقات بين البلدين. وقال سيرجيو ألكوسير، نائب وزير العلاقات الخارجية المكسيكي المكلف بشؤون أمريكا الشمالية، إن المكسيكوالولاياتالمتحدة متفقتان اليوم على "توازن العلاقات وتنويعها". وأقر أوباما بذلك أمس الأول، حيث قال إنه "سيتم التركيز كثيرا على مسالة الاقتصاد. أمضينا الكثير من الوقت على مسائل الأمن بين الولاياتالمتحدةوالمكسيك، وأعتقد أحيانا أننا ننسى أنها شريك تجاري ضخم". ويتوقع أن يصل أوباما إلى مكسيكو بعد الظهر، ويتوجه مباشرة إلى القصر الوطني للاجتماع بالرئيس المكسيكي، ثم يتبع ذلك مؤتمر صحفي، ويقام عشاء في المساء في المقر الرئاسي. وصباح الغد، سيلقي الرئيس الأمريكي خطابا في متحف الأنتربولوجيا في مكسيكو، قبل أن يستقل الطائرة بعيد الظهر للتوجه إلى كوستاريكا، المحطة الثانية والأخيرة من جولته في أمريكا اللاتينية. والمكسيك شريك منذ 1994 للولايات المتحدة وكندا، في إطار اتفاق حرية التبادل في أمريكا الشمالية، وتعد ثاني أكبر زبائن الولاياتالمتحدة وثالث مزوديها، وبلغ حجم المبادلات السنوية بين البلدين نحو 500 مليار دولار (380 مليار يورو). وخلال السنوات الست من حكومة الرئيس السابق فيليبي كالديرون (2006-2012)، استأثرت مسألة مكافحة عصابات المخدرات بأجندة البلدين. وأمام تنامي قوة الكارتلات، تلقى كالديرون مساعدة أمريكية من خلال مبادرة ميريدا، وهي خطة بقيمة 1.9 مليار دولار وقعها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في 2007. وفي موازاة ذلك، تُرك هامش كبير من الحرية لوكالات الأمن والاستخبارات الأمريكية للعمل مباشرة مع نظيراتها المكسيكية. وقال ألكوسير: "خلافا للحكومة السابقة، حيث كانت وكالات عدة تتعاون في مجال الأمن، لدينا الآن مظلة كبيرة، (مظلة) وزارة الداخلية للتنسيق بشكل أفضل". لكن يبدو أن لدى السلطات الأمريكية الفضول إن لم يكن القلق إزاء التحول المعلن للاستراتيجية الأمنية، التي وضعتها الحكومة المكسيكيةالجديدة دون إطلاعها حتى الآن على التفاصيل. وقال الرئيس أوباما أول أمس إنه "لن يستبق الحكم بشأن ما ستؤدي إليه من تغيير في العلاقة" بين البلدين "إلا بعد أن نسمع منهم ما يريدون إنجازه بالتحديد". وأعلنت الحكومة المكسيكية بوضوح هدفها الاستراتيجي، وهو كبح العنف المرتبط بالجريمة المنظمة، التي خلفت أكثر من 70 ألف قتيل خلال السنوات الست الأخيرة. ولفت ألكوسير إلى أن "حكومة الرئيس بينيا تركز خصوصا على خفض العنف من خلال خطة وقائية". لكن المكسيك لم تُعِد النظر في الوقت الحاضر في مبدأ الانتشار العسكري الكثيف الذي قرره كالديرون في 2006، كما أن أرقام العنف لم تسجل تراجعا ملحوظا خلال الأشهر الأولى من الولاية الرئاسة الجديدة. ويرى المحللون أيضا في توقيف إينيس كورونيل باريراس، صهر جواكين "آل تشابو" جوزمان، أبرز زعماء الكارتلات الملاحقين في المكسيكوالولاياتالمتحدة، دليلا على رغبة المكسيك في مواصلة حملتها لمكافحة الجماعات الإجرامية. وفي حين يستعد الرئيس أوباما للدفاع عن إصلاح قوانين الهجرة، التي تنظر إليها المكسيك بعين الرضا، علما بأن البلدين يتقاسمان حدودا مشتركة على أكثر من ثلاثة آلاف كيلو متر، سيبحث الرئيسان أيضا تدابير ترمي إلى "تسهيل تدفق الأفراد بشكل قانوني ومنظم وآمن وفعال"، على قول ألكوسير.