الأزمة السياسية التى تواجهها مصر حالياً تطرح 3 سيناريوهات حتمية، الأول: استمرار حكم الإخوان فى الفترة الحالية وحتى انتهاء مدة ولاية الرئيس محمد مرسى، والثانى: خسارة الإخوان فى الانتخابات البرلمانية القادمة ووصول فصيل آخر للحكم، والثالث: استجابة الجيش أو فصيل منه للنداءات الحالية بالتدخل وتنفيذ انقلاب عسكرى يطيح بحكم الإخوان. السيناريوهات الثلاثة تطرحها «الوطن» للنقاش مع خبراء السياسة والاستراتيجية والشئون العسكرية. السيناريو الأول الإخوان «على قلبنا» يقول اللواء أحمد عبدالحليم، الخبير الاستراتيجى، إن كسر الفترة الرئاسية لحكم «مرسى» وهى 4 سنوات، يعنى كسر أساس ديمقراطى جديد جرى إدخاله للساحة السياسية المصرية بعد الثورة، مضيفاً: «صحيح أن الرئيس مرسى خيّب الآمال بعد وصوله للسلطة عن طريق الانتخابات الرئاسية، ولم يراع مصالح المصريين جميعهم، بل راعى مصالح الإخوان فقط، لكن علينا أن نقبل مدته الرئاسية، وتكون محاولات التغيير سلمية، وليست بالقوة، وإلا غير ذلك ستكون الأمور معقدة للغاية وسندخل فى سلسلة من الانقلابات لا يعلم مداها إلا الله. وأضاف «عبدالحليم» أن فترة حكم الرئيس مرسى خلال ولايته الحالية ستكون صعبة إذا لم يلجأ إلى الحلول السياسية للمشاكل السياسية التى تسبب فيها، أو المشاكل والأخطاء التى وقع فيها ويعالجها الآن بالأمن وبحلول أمنية، وهذا خطأ، قد يؤدى إلى نتيجة وتستمر، وكل ما نطلبه أن يتبين أن المشاكل السياسية يجب أن تُحل سياسياً، وأساس هذا كله هو لجنة صياغة الدستور، ومجلس الشورى غير القانونى، وكل ما يسعون إليه لاقتناصه، وهو الأمر الذى ترفضه باقى الأطراف. وأكد «عبدالحليم» أن سيناريو بقاء الدكتور مرسى والإخوان فى الحكم ممكن إذا استمرت الأوضاع الحالية كما هى دون حدوث مشاكل أخرى، قائلاً: «إذا تدهورت الأوضاع أكثر من هذا ستحدث أمور أخرى، وهى انهيار الدولة». وتابع: الوضع فى كل الأحوال سيئ، والقوى المعارضة والثورية هم مجموعة من الشخصيات المحترمة والمعروفة، لكن غير موجودين فى عمق المجتمع المصرى، وبالتالى، إذا لم يستطيعوا خلال فترة حكم مرسى الحالية وخلال الأربع سنوات أن يعيدوا بناء أنفسهم وأن يكون هناك حزبان على الأكثر بدل ال 70 حزباً الحاليين، والعمل على الوصول لعمق المجتمع المصرى، بحيث يكونون معادلين للإخوان من حيث التنظيم والقوة، وأن يوجدوا سياسياً وليس إعلامياً كما هو الوضع الآن، فإن الإخوان سيأتون عبر انتخابات جديدة». ولفت «عبدالحليم» إلى أن وضع مصالح كافة المصريين فى حسابات الرئيس وتعديل الدستور، من شأنه أن يعزز من فرص تزايد شرعية الرئيس مرسى والإخوان. ويقول الدكتور جمال سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إن احتمالات بقاء الإخوان فى الحكم أكثر من احتمالات رحيلهم، وفى هذه الحالة ستزداد الأمور سوءًا على كافة المستويات، ووقتها سنكون بحاجة لمعارضة أكثر حيوية من الموجودة حالياً. السيناريو الثانى رحيلهم بالصندوق توقع رفعت السعيد رئيس حزب التجمع السابق أن تنظيم الإخوان لن يتنازل عن الحكم فى مصر، سواء فى انتخابات رئاسية مبكرة أو بعد انتهاء ولاية الرئيس (4 سنوات)، مضيفاً «لا أتوقع خسارة الإخوان فى الانتخابات المقبلة، لأنهم أعدوا العدة من الآن من خلال أخونة السلطة القضائية، ومحاولات إقصاء 3500 قاضٍ، ليحل محلهم محامون إخوان». وأضاف: «الإخوان يعملون على أخونة الدولة على قدم وساق، ولم يتركوا مجالاً إلا ويخترقونه، فقاموا بدعم التزوير من قبل فى المحليات، وتعيين قيادى إخوانى على رأس كل قطاعات المحافظات، وأتوقع أن تزداد الأخونة مع استمرار الانفلات الأمنى، ليتصدر تنظيم الإخوان، كذلك قانون إنشاء لجان شعبية تحمى تزويرهم فى الانتخابات بما لا يخالف شرع المرشد». وأكد «السعيد» أنه لو حدث سيناريو آخر غير الذى تتوقعه، وتعمل عليه الإخوان، ستكون هناك حرب شوارع وميليشيات تستبيح الدماء، وأكد «السعيد» أن مكتب إرشاد الإخوان يحكم دون أن يذهب لمؤسسة الرئاسة، والرئيس محمد مرسى يتظاهر بأنه يحكم، فى ظل العداء الواضح ضد القضاء، مع ارتفاع نسبة البطالة والفقر وحالة من التدهور فى مستوى معيشة الشعب، وتدنٍّ فى شئون الحكم. وأوضح «السعيد» أن دور الرئيس محمد مرسى هو أخونة الدولة، فى حين أن مكتب الإرشاد يرسم السياسة الكاملة للدولة، وكان ذلك واضحاً فى تعيينات المحافظين.[FirstImage] على الجانب الآخر، أيد اللواء ممدوح قطب مدير عام سابق بالمخابرات العامة خروج الإخوان من الحكم، خلال الفترة القادمة، نتيجة سياستهم التى يتعاملون بها مع الجميع، وقال: «الإخوان لن يحصلوا على غالبية الأصوات». السيناريو الثالث عودة الدبابات يرى بعض العسكريين أن غالبية الشعب المصرى ستقبل بتدخل الجيش، لإعادة ضبط الموازين على الساحة السياسية، دون رغبة منه فى تولى شئون البلاد، لافتين إلى أن أول خطوة سيأخذها الجيش هى تشكيل مجلس رئاسى مدنى يحكم البلاد، تُمثل فيه كافة التيارات السياسية مع الدعوة لإجراء انتخابات برلمانية جديدة تليها انتخابات رئاسية. وقال اللواء حسام خير الله، الخبير الأمنى، إنه من الممكن أن يشكل الجيش مجلساً رئاسياً يدير البلد لمدة انتقالية محددة يجرى فيها عمل انتخابات لمجلس النواب وتشكيل حكومة جديدة تليها انتخابات رئاسية. وتوقع خير الله أن يشن «الإخوان» حرب شوارع لعدم تنفيذ هذا السيناريو، ولن يقبلوا بذلك الأمر على الإطلاق. ويرى «خير الله» أن التيار المدنى سيقبل بتدخل الجيش، طالما أنه سيكون محايداً، ويسمح بانتخابات حرة يُدرك التيار المدنى نصيبه فى هذه الانتخابات، وأضاف: الشعب سيقبل بالجيش بمن فى ذلك القوى الثورية نكاية فى الإخوان. وقال اللواء حسام سويلم، الخبير الأمنى، إن الجيش لن ينقلب عسكرياً بالمعنى التقليدى، لكنه سيتدخل لمنع انهيار مؤسسات الدولة، ومنع الانفلات الأمنى، لأنه غير راغب فى العمل السياسى. وتوقع «سويلم» نزول ميليشيات الإخوان فى هذه الحالة، لافتاً إلى وجود «حرس ثورى إخوانى» أو «ميليشيات» تابعة له مثل حركة «حازمون» التى ستصطدم بالقوات المسلحة فى هذه الحالة. وقال إيهاب يوسف، الخبير الأمنى، إن تدخل الجيش سيحدث فى صورة مساندة للشعب، وإن الجيش سيقول إننى نصير الديمقراطية ومن حقى حماية الشعب فى مصر، محذراً من خطورة هذا السيناريو وعواقبه من الناحية الأمنية، بسبب وجود كمية سلاح كبيرة فى مصر حالياً، جزء كبير منها فى يد جماعات إرهابية داخل القاهرة والمحافظات وسيناء، وبالتالى وارد استخدام هذا السلاح من جانب نحو 10 آلاف فرد، وهنا ستتحول القوات المسلحة بما لديها من جهاز مخابرات عسكرية تستطيع أن تضع يدها على الرؤوس التى يمكن أن تحرك العمليات، ويجرى ضبطهم قبل تنفيذهم لعمليات فى الشارع. وعن سيناريو انقسامات الجيش يستبعد «يوسف» انقسام الجيش قائلاً: أرى أن القوات المسلحة استطاعت من خلال جناحيها الشئون النفسية والمعنوية أن تزيل الصورة الذهنية عن القوات المسلحة. وأن يعيدوها فى فترة 6 شهور فقط. أما طلعت مسلم، الخبير العسكرى، فقال «سيكون هناك خلاف سياسى وشعبى كبير بعد هذه الخطوة، فهناك من سيؤيدها، ومن سيرفضها، بالتأكيد الجيش قادر على الحسم فى النهاية بكل تأكيد.