عاد مشروع قانون العزل السياسي إلى واجهة الأحداث في ليبيا، بعد إصدار المؤتمر الوطني العام أعلى سلطة تشريعية في البلد، الأربعاء، تعديلا في الإعلان الدستوري المؤقت يتعلق بتحصين القانون من الطعن في نصوصه أمام القضاء والمحكمة الدستورية العليا. وقال المتحدث باسم المؤتمر الوطني العام عمر حميدان إن "المؤتمر أقر التعديل المتعلق بإصدار قانون العزل السياسي وتحصينه". وأضاف أن "القانون سيتم إصداره بعد موافقة مائة صوت زائد واحدا من أعضاء المؤتمر الوطني (المئتين) بعد أن كان يتطلب إقراره أغلبية 120 صوتا من الأعضاء". وشهدت ليبيا جدلا واسعا حول القانون الذي اعتبر "مطلبا شعبيا واسعا للوفاء بدماء الشهداء" كونه حدد 36 وظيفة قيادية يطالها العزل ضمن فترة زمنية تبدأ من وصول معمر القذافي للسلطة في الأول من سبتمبر 1969، وحتى سقوط نظامه بفعل ثورة 17 فبراير 2011. وكان من المفترض أن يصوت ثلثا أعضاء المؤتمر بإضافة عضو واحد أي 135 صوتا لتعديل المادة السادسة في الإعلان الدستوري الصادر في أغسطس 2011 التي تقول إن "الليبيين سواء أمام القانون، ومتساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية". وكانت هذه المادة في الإعلان الدستوري المؤقت ستحول دون إقرار القانون، غير أن التعديل حصل على أغلبية وصلت لأكثر من 140 صوتا من أعضاء المؤتمر. وأصدر المؤتمر الوطني العام التعديلات المقترحة من قبل أعضاء المؤتمر حول مشروع تعديل الديباجة في ما يتعلق بمشروع التعديل الدستوري، بحيث أضيفت فقرة جديدة للمادة السادسة من الإعلان. وجاء نص المادة كما يلي "لا يعد إخلالا بما ورد بهذا الإعلان منع بعض الأشخاص من تولى المناصب السيادية والوظائف القيادية والإدارات العليا في الدولة لفترة زمنية مؤقتة بمقتضى قانون يصدر بالخصوص بحيث لا يخل بمبادئ حقوق الإنسان في حق التقاضي للمعنيين". واعتبر المرصد الليبي لحقوق الإنسان أن ما صدر عن المؤتمر الوطني العام بشأن عملية تحصين قانون العزل السياسي ضد الطعن في دستوريته "انتهاك غير مسبوق في مصادرة حقوق المواطنين في التقاضي". وأضاف المرصد في بيان أن "حماية حقوق الإنسان تفرض الاعتراف بحق التقاضي لكل الأفراد أمام المحاكم المدنية والجنائية والإدارية"، معتبرا أن "ما سمي بعملية تحصين قانون العزل السياسي ليست سوى فرض لمصالح حزبية وسياسية وشخصية، وأن إقرار تحصين قانون العزل أو من يتظلم منه أمام القضاء هو جريمة في حد ذاتها ضد الإنسانية ولا ينبغي التغاضي عنها". وفي حال إقرار مسودة القانون الذي وضعته لجنة معنية به في المؤتمر الوطني العام، سيشمل العزل السياسي عددا كبيرا من قادة ليبيا الجدد بمن فيهم رئيس المؤتمر الوطني ونائبه ورئيس الحكومة المؤقتة وقادة تكتلات سياسية فاعلة. كما سيشمل العزل السياسي عددا من النواب والوزراء والسفراء ومديري المؤسسات العامة كونهم عملوا في منظومة القذافي سابقا، وذلك في حال لم توضع استثناءات لشخصيات بعينها وهو ما يرفضه نشطاء تنسيقية أهلية تطالب بالعزل السياسي. واعتبر القيادي في تنسيقية العزل السياسي سامي الساعدي أن "إقرار تحصين قانون العزل السياسي يشكل بداية الطريق للحفاظ على الثورة وخطوة أولى لإقرار مشروع قانون مبني على معايير موضوعية، عادل وغير متحيز".