مسبحة الفلاح فأسه.. ومسبحة النجار منشاره، عبارات رددها خطيب جمعة الأمن المركزى، وعبّر الدكتور «محمد مرسى» عن إعجابه بها خلال الكلمة التى ألقاها وسط جنود وضباط هذا القطاع يوم الجمعة الماضى، ولأن أحداً لا يستطيع أن يبارى الرئيس فى العبارات الإنشائية فقد أدلى بدلوه فى الموضوع، وأضاف إلى هذه العبارات عبارة جديدة يغازل بها الأمن المركزى، حين قال إن «مسبحة جنود وضباط الأمن هى الهمة العالية والقدرة على المواجهة.. مسبحة الأمن المركزى هى سلاحه»!. «صلاة النبى أحسن» على رأى الراحل «توفيق الدقن»!.. السلاح مسبحة جنود وضباط الأمن المركزى!. معنى ذلك أن أفراد هذا القطاع يسبحون المولى عز وجل، حين يشهرون أسلحتهم فى وجوه المتظاهرين، فيفقأ عين هذا، ويثقب رأس هذا، ويمزق قلب هذا. والرصاصات هى حبّات المسبحة التى يتقرّب بها جنود وضباط الأمن المركزى إلى الله، لذلك فلا أقل من أن يزود كل فرد بعدد (33 رصاصة)، وهى عدد حبات «المسبحة»، وكلما فرغ مخزونه من الرصاصات، على «مرسى» أن يبدله خيراً منه، حتى يواصل رحلته الإيمانية فى التسبيح بالسلاح. وليس الجندى إذ يسبح بسلاحه، مثل الفلاح الذى يسبح بفأسه، أو النجار الذى يسبح بمنشاره، الجندى بالإضافة للتسبيح يقوم بواجب من واجبات الجهاد، حين يدافع عن الحاكم، ويحمى هيبته، ويصون بيضته!. لذلك لم يكن مستغرباً أن تبلى حشود الأمن المركزى أحسن البلاء فى الدفاع عن «مرسى» ضد المتظاهرين المنادين بسقوط حكمه فى محافظة سوهاج، لقد دافعوا عن أميرهم دفاعاً مريراً، لم ينالوا به رضا رب الأهل والعشيرة، بل رب السماوات والأرض أيضاً!. عليك ألا تعجب من هذا النشاط الذى يعترى وزارة الداخلية فى الدفاع عن الرئيس ومكتب إرشاد الرئيس، والجماعة التى ينتمى إليها الرئيس، والحزب الذى أتحفنا بالرئيس، فى الوقت الذى يغيب فيه الأمن تماماً عن الشارع، ويتعرض فيه المواطن لألوان وأشكال مختلفة من التهديد، فى غياب كامل ل«الداخلية». آن الأوان أن تفهم أن تسبيح «الداخلية» بالسلاح يتحقق فقط حين يتصل الأمر بالرئيس أو بمن يخص الرئيس. هنا فقط يعلو أزيز الرصاص بالتسبيح. التسبيح بالسلاح فتوى صريحة للقتل باسم الله، لكن صاحبها نسى أن الأمن المركزى لا يسبح بالرصاص وفقط، بل تتنوع وتتعد حبات مسبحته، فهناك حبات القنابل المسيلة للدموع، وحبات العصى الغليظة التى تطن فوق رءوس الشباب، والعصى الكهربائية. وبما أننا سبق وهللنا وكبّرنا، عملاً بوصية المشايخ، لأن رئيسنا صاحب لحية، فإننا نطلب منه، كما أفتانا فى شأن التسبيح بالرصاص، أن يفتينا فى شأن الأدوات الأخرى التى يستخدمها قطاع الأمن المركزى. ووقتها سوف أكون أول من يقول لكم: «رئيسكم مفتى».. «ألا تكبرون؟!».