"مسارح جامعة القاهرة".. التي رسمت خُطى نجوم مصر وفنانيها.. الآن تقضي على ما تبقى من أصالتها داخل نفوس طلابها.. حالة يستشعرها طلاب النشاط المسرحي بالجامعة، الذين تجتاحهم شحنات غضب للتدهور المسرحي بالجامعة. "طالب النشاط الفني بلا قيمة، حيث ضعف المقابل المادي وتجاهل الإعلام، وإهمال الجامعة"، هكذا وصف حسن جبر، أمين اللجنة الفنية العُليا بجامعة القاهرة، حالة الإحباط التي تسيطر على طلاب النشاط الفني بالجامعة وخاصة طلاب المسرح، مؤكدًا أن عدم التكافؤ في توزيع الدعم المسرحي سببًا في الفجوة الفنية بين طلاب النشاط في مختلف الكليات، حيث تقدم إدارة الجامعة الدعم الفني نسبة إلى عدد طلاب الكلية، متابعًا أن طلاب كلية التجارة يصل عددهم إلى ربع مليون طالب، في حين أن طلاب كلية الأثار لا يتعدون 3000 طالب، وبالتالي تتلقى كلية التجارة، دعمًا ماديًا أكبر. وقال جبر، إنه طالب إدارة الجامعة بتخصيص ميزانية للجنة الفنية تبعد عن ميزانية النشاط الطلابي بصفة عامة؛ لما يتطلبه المسرح من ميزانية ضخمة، مؤكدًا أن مسرح الجامعة لم يعد مرتبطًا بالحياة الفنية خارج أسوار الجامعة، فالتحاق بعض شباب الجامعة بالعالم الفني الخارجي هو من قبيل "الصدفة"؛ لعدم اهتمام إدارة الجامعة بربطهم بجهات خارجية مثل المسرح القومي أو مسرح الطليعة، حتى يستطيعوا الوصول منه إلى الجمهور الأوسع. من جانبه، قال أحمد مصطفى، رئيس فريق المسرح بكلية الآداب، إن الإدارة لا توفر لهم الميزانية الكافية لتقديم أفضل ما لديهم، وخاصة في أمور الديكور والإضاءة، والتي تتطلب مبالغ كبيرة، هذا بالإضافة إلى عدم وجود مسرح خاص بالكلية، في حين أنهم مطالبون بالتساوي مع الطلاب الذين يملكون مسرح بكلياتهم. وطالب مصطفى، إدارة الجامعة، بالتعاون مع وزارة التعليم العالي، ووزارة الثقافة للاهتمام بالمسرح الجامعي وتطويره، حتى يستعيد مجده مرة أخرى، مضيفا: "الجامعة تشهد مهرجانين سنويًا، مهرجان العروض القصيرة ويطلق عليه المهرجان "الصغير"، والذي لا تتعدى مدة عرضه نصف ساعة، ومهرجان العروض الطويلة "الكبير"، والذي يستغرق العرض فيه ساعة ونص كأي مسرح معتاد، على أن يسمح لهم في الأخير بالاستعانة بمخرج محترف من خارج الجامعة، مؤكدًا أن ميزانية المهرجان القصير لا تتعدى 6 آلاف جنيه، في حين لاتتعدى ميزانية "الكبير" 12 ألف جنيه، مشيرًا إلى أن هذه المبالغ لا تكفيهم لتقديم مسرح جيد بإمكانيات جيدة تساعدهم على إظهار مواهبهم المختلفة، مضيفًا أن نصف المبلغ يذهب كأجر للمخرج الخارجي. وقال إبراهيم صلاح، عضو فريق المسرح بكلية الحقوق، إن الإدارة لا تتيح لهم الدعم المادي الكافي لتقديم عروض محترفة قائلًا، "لما ناخد فلوس كويسة، فكل حاجة هتاخد حقها، فجودة المسرحية هتكون أحلى"، مؤكدًا انقطاعهم عن مراكز الإبداع والجهات الخارجية للالتحاق بعالم الفن الخارجي، إلا من خلال الدراسة مرة أخرى في مركز محترف لمدة ثلاث سنوات على الأقل. أما خالد البكري، مدير المسرح بجامعة القاهرة، فقال "الإدارة المركزية لرعاية الشباب دورها هو توفير مكان عرض المهرجانين، سواء داخل الجامعة أو خارجها، بالإضافة إلى الإتيان بلجان التحكيم من أكاديمة الفنون أو غيرها ودفع مستحقاتهم، إلى جانب توفير الجوائز المالية والمعنوية للمراكز الأولى فقط"، لكنها لا تهتم بتوفير متطلبات العرض المسرحي ذاته. وأضاف مدير المسرح بجامعة القاهرة، أنه حاول تعويض الطلاب عن توقف "منتخب الجامعات" منذ أربع سنوات، بإلحاق الفريق الفائز على مستوى الجامعة بالمسابقات الخارجية، لكن ضعف ميزانية المسرح بالجامعة، حال دون ذلك. وأكد أن النظام الذي تتبعه الجامعة في تفاوت الميزانيات بين الكليات وفقًا لعدد الطلاب غير عادل؛ لأن عدد الطلاب المشتركين في النشاط المسرحي في كل الكليات يكاد يكون واحدا، ولا دخل لعدد طلاب الكلية بصفة عامة، مما يستوجب توزيع ميزانية موحدة على كل الكليات بخصوص النشاط المسرحي. وأضاف البكري، أن من مهام الإدارة المسرحية التي يتطلع لإنشائها بجامعة القاهرة توفير أماكن "بروفات" لطلاب الفرق المسرحية التي لا تملك مسرحًا خاص بها، مشيرًا إلى تعنت إدارات الكليات التي تملك مسرحًا في توفير المسرح لفرق أخرى. وأشار إلى احتواء الجامعة على خمسة مسارح، وفرعهما الأساسيين في كليتي التجارة والحقوق، ليأتي مسرح المدينة الجامعية بعدهما ومسرح كلية الزراعة، ومسرح كلية الطب، مؤكدًا أن أعمال الإضاءة بهم لا تسمح لإقامة عروض مسرحية وإنما خصصت لعمل المؤتمرات والندوات والاحتفالات، مستنكرًا عدم خضوع مسرح "القبة" أو قاعة الاحتفالات إليهم، مؤكدًا أنها يطلق عيها "مسرح الجامعة" رغم أن الجامعة تقيم عليها المؤتمرات الكبرى فقط. على جانب آخر، نفى مجدي بيومي، مدير إدارة رعاية الشباب بكلية الآداب، وجود أي مشاكل فنية تواجه طلاب المسرح، وتوفير الكلية لكل متطلباتهم، وهو ما اتفقت عليه ايفيت إبراهيم، مدير إدارة رعاية الشباب بكلية الحقوق، إلا أن بيومي، أشار إلى حاجة كلية الآداب لمسرح خاص بها، مشيرًا إلى عراقتها، وأنها لا تقل عن كليتي التجارة والحقوق. أخبار متعلقة: مسارح ومبدعين.. حين يقتل "الروتين" الفكر الخلّاق "المسرح الجامعي".. ماكينة إنتاج المبدعين "مسرح الجامعة" .. طاقات إبداعية تخشى "الإهمال" و"التحجيم" "جامعة حلون والمسرح".. كثير من المواهب.. قليل من الاهتمام