«السيدة الأولى» هو تعريب أو ترجمة للمصطلح الإنجليزى المعروف «the first lady»، ولقب يُطلق على زوجة الحاكم أثناء فترة حكمه. أول مرة ظهر فيها لقب «السيدة الأولى» كان عام 1849، عندما نادى به الرئيس الأمريكى زكارى تايلور على زوجته دولى ماديسون، أثناء تشييع جنازتها، لكن بعض البلاد مثل المملكة المتحدة لا يُستعمل فيها لقب «السيدة الأولى».. وظهر اللقب لأول مرة فى مصر فى سبعينات القرن الماضى، فى عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، على يد جيهان السادات، فهى أول من لُقبت به، وورثتها عنه سوزان ثابت، زوجة الرئيس المخلوع، التى استغلت اللقب الشرفى، فى التدخل فى صناعة القرار. لكن سوزان ثابت لم تكن الوحيدة التى استغلت لقب «السيدة الأولى»، فزوجات رؤساء وملوك عديدين تدخلن فى الحياة السياسية وتفاعلن معها، وكانت المفارقة أن أغلب أدوارهن لم تكن إيجابية. فى الحلقة الأولى من حوارات زوجات مرشحى الرئاسة، كشفت سهام نجم، زوجة حمدين صباحى، عن جانب مهم من حياتهما الأسرية، وما مرت به مع زوجها من ظروف قاسية ومواقف فاصلة، منذ تعارفهما عام 1973 حتى اليوم، حيث تجاوزت «سهام» عدة محطات خطيرة فى حياتها أثبتت خلالها أنها صبورة وقادرة على تحمل مسئولية أسرة وزوج، حتى فى غياب زوجها، خاصة إذا كان سبب ذلك الغياب هو الاعتقال 17 مرة فى سجون السلطة. «الوطن» واصلت حوارها مع زوجات المرشحين، المبشَّرات بلقب «السيدة الأولى»، والتقت زينب عبدالرحمن، زوجة النائب أبوالعز الحريرى المرشح لرئاسة الجمهورية. زينب عبدالرحمن زوجة المرشح المحتمل للرئاسة أبوالعز الحريرى، تتميز بتلقائية وبساطة، وترفض العيش فى القصر الرئاسى حتى تظل وسط الناس وتشعر بنبض الشارع، شاركت مع أبنائها فى مظاهرات لا للتوريث قبل الثورة ب3 شهور، وثورة 25 يناير. ترى زوجة المرشح المحتمل أنه لا يوجد لقب يسمى السيدة الأولى وأن أسياد مصر هم شعبها، ووصفت زوجها بالمتعاون الذى يساعدها فى جميع الأمور المنزلية اليومية والزاهد فيكيفه من المال ثمن شراء الجريدة اليومية . تقضى معظم وقتها بمكتبتها البسيطة بمنطقة محرم بك، ومورد رزقها التى تعتبرها صالوناً ثقافياً، وملتقى للحوار بينها وبين زائريها.. ومقراً آخر لحملة زوجها الانتخابية ترفض لقب سيدة مصر الأولى وترى أن أسياد مصر هم شعبها مؤكدة أنه ليس من حق أى فرد أن ينصب نفسه سيداً عليها. كان ل«الوطن» معها هذا اللقاء: زينب عبد الرحمن زوجة الحريرى فى حوارها مع «الوطن ? ممكن تعرفينى بنفسك؟ - اسمى زينب عبدالرحمن، حاصلة على دبلومة معلمات شعبة عامة عام 1969، واستكملت تعليمى بكلية الآداب قسم فلسفة عام 1980 ثم حصلت على دبلومة تربية عام 1980 وعملت مدرسة فلسفة فى مدرسة العباسية الثانوية بنين، حتى وصلت للسن القانونية للمعاش وأنا مدرسة داخل الفصل، وأكتب بالطباشير على السبورة، ورفضت أى ترقية لوظيفة إدارية إضافية؛ لأن دور المدرس داخل الفصل مع التلاميذ. ? وكم عدد الأبناء؟ - لدى 3 أبناء..هشام محاسب، وهيثم مهندس، وهند مهندسة. ? كيف تعرفتِ على النائب أبو العز الحريرى؟ - كنا زملاء فى منظمة الاتحاد الاشتراكى، أنا عن قطاع الطلبة وأبوالعز عن قطاع العمال، والتقينا فى الاجتماعات والندوات وحفلات السمر، ولم يكن يجمعنا سوى النشاط الذى نؤديه للمنظمة، وخضنا معركة معاً ضد اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكى، وقمنا بالدعاية لمرشحين لمجلس الأمة فى عام 1969 غير مرشحى الاتحاد؛ لأنه كان يأخذ الموالين للسلطة، ولذا رفضناهم وتسبب ذلك فى مشكلة كبيرة وفُصل على أثرها أبوالعز، وسافرت بعدها للعمل فى إدكو، وانقطعت عن العمل السياسى وتوقفت لقاءاتى به، إلى أن جاءت ثورة التصحيح، وفى هذه الأثناء اتفقنا على الخطوبة، وكانت عام 1971، ثم الزواج فى 16من يوليو. ? هل زواجك كان عن قصة حب؟ - لا..ليس قصة حب وإنما قصة رفاق، حلمنا كان متلاقياً وكنا نسعى لوطن أفضل. ? ما رؤيتك لمنصب سيدة مصر الأولى؟ - لا يوجد منصب اسمه السيدة الأولى.. بل أسياد مصر هم الشعب المصرى، وليس من حق أى فرد أن ينصب نفسه سيداً عليهم؛ لأن هذا الموقع للرئيس يخضع لإرادة شعبه، والرئيس نفسه ليس موقعاً بل منصب مكتسب من الشعب، وليس لزوجته أى دور، وأرفض هذا المنصب. ? ما الدور المتوقع أن تلعبيه فى حالة فوز زوجك بالرئاسة؟ - الدور نفسه الذى أقوم به الآن، فيما عدا لو هناك مراسم بروتوكولية معينة يحتاج أن أشارك معه فيها، دورى كزوجة رئيس فى منزلى وفى مكتبتى التى أعمل بها ومصدر رزقى وأسرتى الوحيد، وأفضل أن أكون فى صفوف الجماهير أصحاب المصلحة الحقيقية، ولن أكون فى صف الحاكم أياً كان الاسم، وإذا كان مصيباً سندعمه، وإذا أخطأ وخرج على خط الثورة فسنخلعه أياً كان اسمه، حتى لو كان أبوالعز الحريرى. ? هل لكِ أى أنشطة تطوعية؟ - شاركت وأبنائى فى مظاهرات 25 يناير، وأنا لدى خلفية سياسية جيدة من عملى التطوعى أثناء الجامعة وترشحت للبرلمان فى منطقة محرم بك بالإسكندرية فى أول قائمة عام 1984، ولكن مع نجاح زوجى فى الانتخابات كان لابد أن أعتزل العمل السياسى، وأن أظل فى البيت بجانب أبنائى. ? ما أهمية المكتبة بالنسبة لك؟ - هذه المكتبة هى مورد رزق أساسى لنا جميعاً، وأتواجد فيها من السابعة صباحاً وحتى الحادية عشرة مساء، وساعدنا دخل المكتبة فى مصاريف زواج ابنىَّ هشام وهيثم، بالإضافة إلى أننى أعتبرها صالوناً وملتقى ثقافياً وأدير حواراً مع كل القادمين، وأديرت المكتبة قبل الثورة بشهرين؛ لإعداد المظاهرات التى كانت تنادى ب«لا للتوريث» وشارك فيها أبنائى وسحلوا أمام المكتبة. ? أى نماذج زوجات الرؤساء السابقين الأقرب إليكِ فى حالة فوز زوجك؟ - ولا واحدة..مع خالص تقديرى للدور الذى لعبته السيدة جيهان السادات فى فترة حكم زوجها، ولكن قيل عنها إنها الفاعل الرئيسى فى القرار السياسى، وأنا لا أعلم مدى صحة هذا الكلام، بالإضافة إلى أنها خرجت ونفت هذا الكلام، أما سوزان مبارك فقد ارتكبت جرماً فى حق الوطن، كلنا نعرف دورها فى مشروع التوريث وهذا سبب أساسى لقيام الثورة، وقمت وأبنائى قبل الثورة ب3 شهور فى 22 سبتمبر 2010 بوقفة احتجاجية فى «لوران» بالإسكندرية ضد التوريث، وكانت النتيجة الهجوم على مكتبتى والحجز على جميع الكتب الموجودة فيها. ? هل هذا يعنى أنه لن يكون لك أى دور فى المجتمع؟ - المرأة المصرية عليها كل الدور فى المجتمع ولكن أرفض أن يكون هذا الدور من خلال السلطة أو الحاكم، أو الموقع أو أن يستغل هذا كستار لسرقة الشعب. ? ما رأيك فى دور سيدات العالم الأوليات؟ - أعتقد أن هؤلاء شعوبهن لم يكتشفوهن حتى الآن وخاصة أن الشعوب العربية مازالت خاضعة للظلم. ? هل ستنتقلين للعيش فى قصر الرئاسة إذا طلب زوجك هذا؟ - لن يطلب منى هذا، فوجودى وسط الناس أفضل لأكون نبضاً لهم، وأكون المرأة العاكسة لمشاكلهم، ولكن لو انعزلنا عنهم فسيكون هناك كمامة تعمينا عن مشاكلهم، خاصة أن قصر الرئاسة فيه «لزقة وغراء» لمن يدخل فيه. ? هل أبوالعز زوج متعاون؟ - جداً.. ومن الممكن أن يتولى جميع المهام المنزلية، وتعلم ذلك منذ فُصل من عمله عام 1976، وأبوالعز زوج زاهد فليس له أى وجبة مفضلة أو نمط معين من الحياة، ويكيفه أن يكون معه من المال ما يكفى لشراء الجورنال أو كتاب يقرؤه. ? زوجك مفصول عن العمل من 1976 فكيف واجهتِ مصاعب الحياة المادية؟ - أبوالعز معاشه يصل إلى 400 جنيه، وأنا 1000، والمكتبة هى التى تساعدنا على العيش. ? فى ظل الظروف الصعبة وأنت مدرسة، هل فكرتِ بالدروس الخصوصية؟ - إطلاقاً.. لأننى أرى أن المدرس الخصوصى الذى يعطى زيادة على الحصة المدرسية خائن للمهنة. ? ما دورك فى الحملة الانتخابية لزوجك؟ - المقر الانتخابى لزوجى بجوار عملى فى المكتبة، وأعمل على الدعاية له من خلال الاتصال المباشر بالناس وأطبع البرنامج الانتخابى وأوزعه على الناس. ? وفى رأيك لا يوجد من هو أفضل منه على الساحة الآن؟ - لدىّ ملاحظات على معظم المرشحين، وأنا وأبنائى وزوجى كنا فى حملة البرادعى وكنا من المؤيدين له، ومع اختفاء رسالة القوة التقدمية أصررنا على أن يكون كثائر يقدم برنامجها بجوار البسطويسى وحمدين صباحى. ? كيف كان موقفك حينما أبلغك بترشيح نفسه؟ - فى البداية رفضت.. وقلت يكفى دورك كنائب. ? هل اشتريت «بدل» جديدة لزوجك لحملته الانتخابية؟ - لا.. إطلاقاً بل اكتفى بملابسه الموجودة لديه.. أنا عمرى ما اشتريت ملابس جديدة لأبنائى فى الأعياد، لأنه قد تأتى ظروف ولن أستطيع أن ألبى هذه العادة فيها. ? كم مرة اُعتقل أبوالعز الحريرى؟ - حوالى 17 مرة.. وأتذكر فى عام 1978 كنت فى إعارة فى السعودية بمفردى بعدما رفض أبوالعز الخروج من مصر بعد فصله من عمله، وكنت أسمع أخبار اعتقاله من الراديو فى محطة إذاعية اسمها «مصر العروبة»، ولف فى سجون الجمهورية كلها. ومرة فى المحلة اُتهم بأنه رئيس حزب شيوعى وأمين التنظيم ورئيسه وعضو الوحدة القاعدية، وأصعب مرة فى 6 أبريل 1974 اُعتقل لأنه كان يدافع عن عمال الغزل والنسيج مع 12 عاملاً، وبعد الخروج من السجن نقلوا جميعاً من عملهم، أتذكر مرة من تلك المرات ظل حوالى 45 يوماً دون أن أعرف أين هو ولفيت كل الأقسام والمستشفيات وأمن الدولة، وبعد ذلك وجدت ورقة أمام الباب بأنه محبوس فى سجن أبوزعبل. ? ما الأثر النفسى الذى تركته هذه المتاعب عليكِ؟ - هذه الظروف ساعدت فى تأهيل أولادى ليكونوا أقوياء، حيث أرضعتهم حب الوطن وضرورة المشاركة فى الدفاع عنه. ? ما رأيك فى وضع المرأة المصرية؟ - المرأة المصرية فى طريقها إلى رِدة.. أنا ضد الرجوع بالمرأة للخلف؛ لأنه فى كل المجتمعات المتقدمة تظل المرأة كتفاً بكتف مع الرجل وليس خلفه، وستكافح المرأة فى مصر لمواجهة هذه الآراء، التى يلصقها البعض بالدين. ? ما أحلامك الشخصية؟ - ليس لدىّ أحلام شخصية..حلمى كله للوطن..أتمنى أن ثورتنا تحقق إنجازاتها ونعالج مصائبنا ونسترد حقوق الشهداء وأن يكون لدينا عدالة إنسانية وعيش وحرية وعدالة اجتماعية حقيقية.