يجلس هادئاً لا يشغل باله كثيراً بمصيره.. قوى البنية، ونظرات عينيه حادة، وتغيب عنه الابتسامة تماماً. الرجل الذى ذبح ابنه الشاب بموس وألقى بجثته فى الترعة ليتخلص من سوء سلوكه مع الأسرة وإدمانه تعاطى المواد المخدرة. نسى «حسين» أنه يعمل فى منظومة العدالة «خفير نظامى بمركز العياط» وأنهى حياة نجله أحمد، 26 سنة، عاطل، ولم يندم على فعلته، بل ندم على تأخره فى قرار قتله، واعتبر أن آخر 20 يوماً قبل اكتشاف الجريمة وضبطه، هى الأفضل لعدم وجود نجله فى المنزل. «قتلته زى ما يكون صرصار.. ده كان جايب سكّينة وعايز يقتلنى.. إبنى اللى من لحمى ودمى.. لكن كنت هاعمل إيه، أسيبه يموتنى عشان 20 جنيه يجيب بيها مخدرات؟»، بتلك الكلمات، وبهدوء أعصاب يُحسد عليه، روى «حسن عباس» وهو يتذكر مشهد قتل نجله.. ينفعل ويقول: «كنت فى حالة دفاع عن نفسى. ابنى كان ماسك سكّينة وعايز يقتلنى، بس انا مش عارف إيه اللى حصل بعدها. أنا موتّه زى ما يكون صرصار». المشهد لا يغيب عن بال «حسين»، حتى بعد مرور فترة على تنفيذه الجريمة، التى لم يتم اكتشافها إلا بعد مرور 21 يوماً، حيث ظهرت الجثة فى منطقة الشوبك بالبدرشين، وفى هذه الفترة عاش حسين داخل منزله بقرية طمها بالعياط، يتحدث عنها ويصفها بأنها أفضل فترة فى حياته: «البيت كان نضيف من وساخته». الواحدة والنصف ظهر الثلاثاء 5 فبراير الماضى.. بداية الواقعة، حسب رواية «حسين» ل«الوطن»: «أحمد ده كان سلوكه سيئ جداً فى التعامل مع أسرته المكونة من 5 أفراد، وكان دايماً يتعدى علينا بالشتايم أنا ووالدته، وكان بيسرق فلوسنا، وحتى أنابيب الغاز والأطباق كان بيبيعها عشان يشترى مخدرات وما عملش حساب ليّا ولا لأمه المريضة اللى بتبيع خضار عشان تساعدنا فى مصاريف البيت». «5 دقايق كنت خلّصت كل حاجة».. يشرح حسين تفاصيل الجريمة بهدوء أعصاب: «أحمد طلب منى 20 جنيه، رديت: مفيش فلوس انت بتاخد الفلوس تشترى بها مخدرات ومش عايز تشتغل. مفيش دقيقتين وراح جايب سكينة من المطبخ وقال لى هتجيب 20 جنيه يا بن ال.... فانا رحت مطلّع الفلوس ومسكت شومة وضربته على جنبه، وقع على الأرض فدبحته بموس، وحطيت الجثة فى جوال كأنى باموّت صرصار، حطيت معاه شوية الزبالة.. وركبت التروسيكل، ورميت الجثة فى الترعة ورجعت البيت.. وكان الموضوع عادى.. اخواته ووالدته والأهالى فى البلد سألونى عنه قلت لهم إنه بيشتغل فى شرم الشيخ». يتابع «حسين» أن مشهد قتل نجله استغرق 20 دقيقة، 5 دقائق فى ذبحه، ونقل الجثة فى 15 دقيقة، وتم اكتشاف الواقعة بعد 21 يوماً.. «أنا اتأخرت فى قتله». 14 سنة وهو يعانى من سوء سلوك المجنى عليه الذى كان دائماً يتعدى عليه وعلى باقى أفراد أسرته بالسباب والتشائم فى البيت. يتحدث حسين عن حياة المجنى عليه وكفاحه معه قائلاً: «14 سنة مصائب وجرائم.. أنا راجل فى حالى. مفيش حد بيسمع عنى أى شىء فى القرية. أنا خفير فى مركز شرطة العياط، اشتغلت فى المركز 3 سنين، وبعدين انتدبت للعمل فى نيابة العياط من حوالى 16 سنة، ومرتبى 800 جنيه. الحمد لله زوجتى ست مكافحة بتساعدنى فى العمل، تقوم ببيع خضراوات فى منطقة المنيب، وكنت على الحال ده لحد ما وصل سن ابنى 12 سنة، وبدأت المصائب والمشاكل.. أحمد مش متعلم، اشتغل وهو عنده 12 سنة فى محل جزارة، وكان بيصرف فلوسه كلها.. وفجأة لقيت صاحب المحل حضر إلى منزلى وأخبرنى أنه اكتشف أن ابنى أحمد «بيشم كُلة وبنزين» فطرده من المحل». يستكمل حسين كلامه عن أحمد: «من اليوم ده وهو جايب ليّا كل المشاكل. كان كل ما يروح شغل يسيبه ويسرق منه حاجة. يعنى فى مرة كان بيشتغل عامل بوفيه فى مدرسة الزراعة فى القرية بتاعتنا. مفيش يومين ولقيت أمين شرطة من مركز العياط يخبرنى أن أحمد تم إلقاء القبض عليه أثناء سرقته أسطوانة غاز من البوفيه. اتحكم عليه بشهرين حبس. خرج أحمد وظل فترة فى البيت بدون عمل وبعدين راح اشتغل فى مستشفى، وانا كنت قاعد على باب النيابة لقيت الحرس بتاع المركز ومعهم محضر سرقة له، وأنه متهم بسرقة أسطوانة أكسجين من المستشفى بتاع المركز عندنا. أنا فى اللحظة دى «لطمت على وجهى» من الكارثة. ودخل الحبس وصدر ضده حكم بالحبس 6 أشهر». يتحدث حسين عن أحمد ولم ينس مشهد قتله، فيقوم بالتلويح بيده، ويصف مشهد قتله وذبحه بالموس: «البيت بقى نضيف بعد قتله.. وبعد خروجه من السجن لم يتب، قام بالنصب على صاحب محل أداوت منزلية، وسرق كمان ماكينة مياه، وكمان سرق ملابس المنزل، وأسطوانة الغاز بتاعتنا، وفلوس كانت فى الدولاب. هو مكنش بيشتغل ولا حتى بيساعدنا فى شغل البيت». يترك حسين المتاعب التى حدثت له من قبَل المجنى عليه ويتحدث عن الجريمة ويقول: أنا ماكنتش متوقع إن الجثة دى هتطلع من الترعة والناس تكتشفها. ارتبكت، ومفيش ساعة ولقيت حوالى 15 ضابطاً من المباحث على رأسهم العقيد محمد عبدالحميد، نائب مأمور مركز البدرشين، والمقدم محمد غالب رئيس المباحث، والرائدان هانى إسماعيل وعمرو يسرى، معاونا المباحث، ألقوا القبض علىّ.. وأثناء المناقشة معهم اعترفت بكل شىء وأنا مرتاح الضمير.