الظلام يغطى محيط مديرية أمن بورسعيد المتسع، صوت إطلاق قنابل الغاز والخرطوش لا يتوقف، المتظاهرون فى مواجهة قوات الشرطة لا تراجع ولا استسلام، قوات الجيش تتابع الاشتباكات بجوار مبنى المحافظة دون أن تتدخل من قريب أو بعيد، صوت صافرات سيارات الإسعاف يدوى فى المكان، المستشفى الميدانى تحول إلى خلية نحل، كل فرد يحفظ مهمته. «الوطن» رصدت الجهود الشعبية لإنقاذ المصابين خلال الاشتباكات الدامية التى وقعت ليلة أمس. عقارب الساعة تقترب من منتصف الليل، إسعاف المصابين يبدأ من نقطة الاشتباكات. شباب ورجال متطوعون يحملون المصابين بسرعة فائقة بأيديهم أو على «موتوسيكلات» إلى المستشفى الميدانى الذى يبعد عن مديرية الأمن بأمتار قليلة. على بعد أمتار قليلة من بؤرة الاشتباكات، تقوم سيدات من أعمار مختلفة بسكب ونثر الخل والخميرة من الزجاجات التى يمسكنها، يسعفن بها المصابين ويرششنها على وجوههم. الكل يتحرك فى دائرته الصغيرة لرسم الدائرة الأكبر، تتوزع الأدوار بين الجميع، حالات الإغماء من جراء الاختناق بقنابل الغاز المسيل للدموع تعالج بالمستشفى الميدانى، فيما تنقل الإصابات بطلقات الخرطوش إلى مستشفى بورسعيد العام ومستشفى الحميات عن طريق سيارات الإسعاف النموذجية، عددها يزيد على 10 سيارات. فى مستشفى بورسعيد العام لا تختلف الأمور كثيراً. عشرات المتطوعين من أهالى بورسعيد يستقبلون المصابين ويحملونهم إلى داخل المستشفى. يسلمونه إلى آخرين منتظرين بالداخل، الطريق إلى قسم الطوارئ مفتوح على مصراعيه. المتطوعون يفعلون كل شىء فى سبيل إنقاذ المصابين «البورسعيدية» دورهم يتوقف عند مداواة المرضى. يهرولون إلى الأطباء لمتابعة الحالات الحرجة. يشكو الأهالى قلة عدد الأطباء بالمستشفى؛ شعبان عبدالسلام، عضو بائتلاف ثوار بورسعيد وأحد المتطوعين، يقول: «كل المستشفيات فى بورسعيد متهالكة وتعانى من نقص فى الأجهزة والأطباء، نواجه معاناة كبيرة فى العمليات الصعبة مثل استخراج الرصاص الحى. المستشفيات لا تصلح إلا لمعالجة الكسور البسيطة والاختناقات، وهيئة التمريض بها نقص أيضاً، وأغلب الأطباء من طلاب الامتياز والنواب «مش دكاترة» حتى فى الطب بورسعيد مظلومة. فى إحدى غرف قسم الحوادث، جلست سيدة أربعينية ترتدى ثياباً سوداء إلى جوار ابنها سعيد محمد رجب، 17 سنة، ظلت الأم تنتقل من على يمين ابنها إلى يساره لتفحصه وتطمئن عليه، لا تستقر فى الغرفة، تسأل المحيطين بها: «فين الدكاترة؟» تقول السيدة ل«الوطن»: بقاله نص ساعة موجود فى المستشفى محدش شافه ولا بص عليه واخد بليتين خرطوش 2 فى فخده 1 فى إيده و3 فى وشه»، وتكمل السيدة: «الأهالى بره وجوه المستشفى هما اللى أنقذوه ومن غيرهم ما كناش عارفين إيه اللى ممكن يحصل». أحد المتطوعين من الأهالى بداخل المستشفى، اسمه محمد سامى الجيار،22 سنة، يعمل بنشاط كبير، لا يفضل التحدث عن طبيعة المهمة التى اختار العمل بها هذه الليلة لكنه أراد توجيه رسالة إلى الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية وقال فى صوت متهدج: «الداخلية بتضرب بالخرطوش، لكن محمد مرسى بيقول المتظاهرين بلطجية وهما اللى بيضربوا بالخرطوش»، أحد المصابين بالمستشفى أحمد محمد أحمد، 20 سنة، قال: «لما النار مسكت فى مبنى المحافظة حاولت أطفيها مع عساكر الجيش بس عساكر الداخلية قطعت الخرطوم دخلت أدور على طفايات حريق جوه المبنى بس ما لقيتش» ويكمل أحمد: «لكن دخان الحريق أصابنى بالاختناق والإغماء ونقلونى إلى هنا وبصوت مرتفع، قال: «أنا حالف إنى آخد حقى لو نزل الرصاص من السما، بتاع زمايلنا اللى ماتت، مفيش مجهولين الجيش والشرطة ضربوا فى بعض، ظابط الجيش اللى مصاب انضرب من الداخلية». على محمد، 25 سنة، أحد الممرضين بقسم الحوادث بمستشفى بورسعيد العام، يعمل بنشاط غير عادى، يتنقل بين الأسرّة بخفة، يداوى جراح المصابين بيده تارة، وينقلهم إلى غرفة الأشعة تارة أخرى بصوت متعب ومنخفض، قال ل«الوطن»: حالات الخرطوش والإصابات فى العين تحولت إلى مستشفى الرمد. الشرطة تستخدم الخرطوش بكثافة منذ ساعتين لتفريق المتظاهرين «إحنا بنعمل اللى علينا والباقى على ربنا والأهالى هنا هى اللى بتساعدنا فى الظروف الصعبة دى». أخبار متعلقة دمنهور.. القوى الثورية تشتبك مع العاملين بأحد المطاعم التابعة لقيادى إخوانى بدمنهور وأعضاء «6 أبريل» يحملون أكفانهم فى مسيرة بشوارع المدينة المنصورة.. الشرطة تنسحب من "ميدان القتال" "زفاف" فى الاشتباكات..والعروسان يرقصان على هتاف: "الشعب يريد إسقاط النظام" المصابون يروون التفاصيل: ضباط شرطة أطلقوا علينا الخرطوش من داخل المدرعات والد الشهيد"عبد الرحمن":صحفى اتصل بى من موقع الحادث قائلا:"معايا مخ ابنك فى شنطة.. تعالى خده"* «الوطن» ترصد ليلة إحراق مديرية الأمن ببورسعيد كفر الشيخ.. تشييع جثمان شهيد"الأمن المركزى" «مرسى» يلجأ إلى الجيش للتعامل مع «بورسعيد».. و«السيسى» يطالب بانسحاب الشرطة الشرقية.. إعلان"العصيان الجزئى" بالمحافظة والمتظاهرين يحاصرون مجلس مدينة بلبيس «الحرية والعدالة» يطرح مبادرة لوقف العنف فى «القناة» ويتهم أطرافاً سياسية بالوقوف وراءه