كشف تقرير جديد أعده المركز المصري لاستقلال القضاء، أن الهجوم الذي تعرض له القضاء في مصر عام 2012 يعد الأخطر منذ 60 عاما، والأكثر تأثير على سير العدالة في مصر، وأدى إلى انهيار دولة القانون بشكل يصعب تداركه في تلك المرحلة. وقال إنه، على الرغم من المطالب الثورية، وقبلها المطالب الحقوقية، بضرورة الإصلاح المؤسسي في إطار ضمان والتزام كامل باستقلال السلطة القضائية، لاسيما في هذه المرحلة الانتقالية، إلا أن الإصلاح المؤسسي للقضاء، اتخذ منحى يغلب عليه الإخلال بضمانات استقلال القضاء، ويهدف إلى محاولة السيطرة على المؤسسة القضائية وليس إصلاحها، مشيرا إلى أن الممارسات بحق السلطة القضائية، جاءت انتقامية أو على أقل التقديرات انتقائية، تخلو من أي منهج من مناهج الإصلاح المؤسسي، ومست بثوابت ما كان يجوز انتهاكها أو الإخلال بها، وجاءت مظاهر الإخلال باستقلال السلطة القضائية، في إطار هجوم منظم على العدالة في مصر. وأشار التقرير، إلى اتساع نطاق التهديات التي تعرض لها مرفق العدالة في مصر، وعدم اتخاذ السلطات المعنية الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية المحاكم، موضحا أن تعرض القضاة لتهديد حقهم في الحياة والسلامة الجسدية والحيلولة بينهم وبين أدائهم لمهام مهنتهم، وتواتر الإخلال بمبدأ حصانة القضاة وعدم قابليتهم للعزل، وبضماناتهم ذات الصلة بالبقاء في مناصبهم. وقال التقرير، إن اتساع نطاق الحالات التي تمثل إخلالا وتدخلا غير لائق في الشأن القضائي، وكذلك بسير التحقيقات والمحاكمات. وأوضح أن مظاهر الانتهاك والاخلال باستقلال السلطة القضائية، تجلت سواء من خلال التشريع أو من خلال السلطة التنفيذية، ومن ذلك محاولات أعضاء بالبرلمان، العصف بوجود ودور المحكمة الدستورية العليا والإخلال باستقلالها وتقليص اختصاصاتها في الرقابة اللاحقة على دستورية التشريعات، والتفاف السلطة التنفيذية على الالتزام باحترام تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم العليا، والمحاولات المستمرة من السلطة التنفيذية تجاه سلب القضاء اختصاصاته وغل يده عن نظر دعاوى بعينها، وإقصاء القضاء وسلب دوره في الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وتحصينها من الرقابة القضائية والإخلال باستقلال النيابة العامة والتدخل في شؤونها، وكذلك حصار نيابات بهدف التأثير على سير التحقيقات، والتدخلات غير اللائقة من السلطة التنفيذية في سير التحقيقات ومحاولات انتهاك واستقلال وحياد النيابة العامة، والملاحقات الإدارية للقضاة بسب أدائهم لمهام مهنتهم، وظهور حصار المحاكم وتهديد قضاتها والحيلولة بينهم وبين أدائهم لمهام مهنتهم، وظهور حالات اعتداءات من مواطنين وخارجين عن القانون على المحاكم والنيابات، واستمرار إحالة المواطنين المدنيين إلى القضاء العسكري. أوصى التقرير، بضرورة اتخاذ كافة التدابير الدستورية بما يؤدي إلى إلغاء وتعديل المواد المتعلقة بالشأن القضائي في الدستور المصري بما يؤدي إلى إلغاء كافة الانتهاكات التي تعرضت لها المؤسسة القضائية وتضمن استقلالها وفقا للمعايير الدولية، والعمل على إعطاء السلطة القضائية صلاحية الرقابة على دستورية القوانين ومشروعيتها، والإقرار باختصاص المحكمة الدستورية العليا في الرقابة اللاحقة على كل القوانين دون استثناء، ولحين ذلك، مراعاة الالتزام بما تبديه المحكمة الدستورية من ملاحظات على ما يحال إليها من مشروعات قوانين حال رقابتها السابقة، وإلغاء كل سلطة أو صلاحية لرئيس الدولة أو وزير العدل في أي شأن من شؤون "العدالة" على أن تكون وزارة العدل، مهمتها التنسيق بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، وجاءت التوصيات كالتالي.. 1.العمل على أن يتم استبعاد سلطة رئيس الجمهورية ووزير العدل نهائيا من قرارات التعيين وأن يكون تعيين القضاة وأعضاء النيابة العامة من اختصاص مجلس القضاء الأعلى، والمجالس العليا للقضاء. 2. الفصل التام بين سلطات النيابة في التحقيق أو الاتهام وقصرها على الاتهام فقط. 3. أن يكون اختيار وتعيين وترقية ونقل ومحاسبة القضاة من شؤون السلطة القضائية من خلال مجلس أعلى مكون من كبار القضاة. 4.الوقف الفوري لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري وعدم الاعتداد بالأحكام التي صدرت منه بالمخالفة لقواعد المحاكمة العادلة. 5.إخضاع قرار رئيس الجمهورية، بإعلان حالة الطوارئ إلى الرقابة القضائية مع عدم تمكينه من إحالة أي نوع من القضايا لمحاكم خاصة أو استثنائية أو عسكرية. 6.حظر وتجريم كل أشكال التأثير على أعضاء السلطة القضائية أو استمالتهم سواء في شكل الندب أو شكل وظائف إدارية أو سياسية في أجهزة الدولة المختلفة. 7. إلغاء قرار تعيين النائب العام الجديد ووضع قواعد تؤدي إلى اختيار النائب العام بواسطة المجلس الأعلى للقضاء من بين أحد نواب رئيس محكمة النقض، وأحد نواب رئيس محكمة استئناف القاهرة، وأحد المحامين العامين بشرط أن يكونوا جميعا مارسوا الوظيفة بالمنصب المذكور لمدة 4 سنوات. 8. تخصيص ميزانية خاصة للسلطة القضائية، تنفصل عن الميزانية العامة للدولة، يراعي فيها توفير رواتب ومخصصات للقضاة تتناسب مع رسالتهم ومكانتهم في إقامة العدل وحمايتهم من السعي إلى إيجاد مصادر دخل إضافية عن طريق التعيين في وظائف بديلة أو إغراء الرشوة، وتكفل الميزانية ضرورات العمل القضائي من محاكم لائقة وموظفين وعمال وشرطة وأجهزة تسجيل وطباعة وتوثيق وحاسوب وخلافه. 9.اختيار وتعيين القضاة من الكوادر المؤهلة والمدربة ذات السيرة الحسنة والنزاهة من النساء والرجال وإنشاء معاهد لتدريب القضاة في جميع المراحل. 10. ضمان مدة ولاية القاضي واستمراره في منصبه حتى سن التقاعد، وعدم جواز تعديل هذه السن لغير صالح القضاة أو إصدار قوانين أو نصوص دستورية تستهدف عزل القضاة عن مناصبهم. 11.اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة ذات الصلة بتأمين المحاكم ودور العدل، وحماية حق القضاة في السلامة الجسدية وحقهم في الحياة، وتغليظ العقوبات بشأن الاعتداءات التي تقع على المحاكم والنيابات.