صحيح أن محمد محسوب كان يشغل منصب عميد كلية الحقوق جامعة المنوفية.. إلا أن قربه من جماعة الإخوان المسلمين بحكم عضويته فى حزب الوسط، الذراع الديناميكية لحزب الحرية والعدالة، جعله يدخل إلى عالم الأضواء من أوسع أبوابه بعدما كان معروفاً فقط فى حزبه المنتمى لتيار الإسلام السياسى. كانت البداية حينما اختير ضمن أعضاء الجمعية التأسيسية ونجح فى صياغة وقولبة كل المواد الخلافية بشكل حصّن الرئيس وجماعته والحزب الذى ينتمى إليه من رفض المصريين للدستور. لم يمر وقت طويل حتى كانت المكافأة السريعة، بأن اختير لمنصب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية. ويصبح محسوب بعدها صاحب الاستشارات القانونية، فكانت مكانته أشبه بالبوصلة، التى وجّهت الرئيس محمد مرسى إلى إصدار الإعلانات الدستورية الخاصة بتحصين الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى. تعامل وزير الدولة للشئون القانونية سابقاً بمنطق «أصحاب اليوم هم أعداء الغد»، وذلك بعد أن ساهم بأشكال عدة فى تشويه صورة المنسحبين من الجمعية التأسيسية، فلعب ومعه القيادى بحزب الحرية والعدالة الدكتور محمد البلتاجى دوراً كبيراً فى تشويه صورة جبهة الإنقاذ الوطنى التى تأسست فى نوفمبر الماضى، ليخرج دستور الثورة برؤية جماعة الإخوان المسلمين وإخراج حزب الوسط ممثلاً فى أضلاعه الثلاثة: أبوالعلا ماضى وعصام سلطان ومحمد محسوب. انتظر الدكتور محمد محسوب المكافأة الكبرى من الرئيس على دوره ودور الحزب الذى ينتمى إليه (وهى كرسى رئاسة الوزراء).. إلا أن هذه الأمنيات ذهبت هباء، بعد أن باتت نية الرئيس «مرسى» واضحة فى الاحتفاظ بحكومة هشام قنديل.. وهو ما جعل محسوب وصديقه المهندس أبوالعلا ماضى رئيس حزب الوسط، والمحامى عصام سلطان عضو الهيئة العليا للحزب، يكشرون عن أنيابهم.. واستخدم محسوب تغريداته الشهيرة للمطالبة بتشكيل حكومة جديدة تتفق مع الدستور الجديد.. حتى إن حزب الوسط أعلن رفضه بشكل واضح استمرار هذه الحكومة.. وقام بمحاولات لتكسير عظام حكومة الدكتور هشام قنديل. وباءت المحاولات بالفشل، ليعلن محسوب فى نهاية الأمر عن استقالته، فى تأكيد على أن الرئيس «مرسى» سيتحمل خطأ استمرار هذه الحكومة. يسعى محسوب بشكل مستمر إلى لعب دور الضحية باقتدار، دور المعارض ذى الصوت الهادئ الذى يكره الحكومة، ولا يعادى الرئيس. الخطير فى الأمر أنه مع اهتزاز صورة الرئيس وحزبه وجماعته فى أحداث العنف الأخيرة.. وانضمام حزب النور إلى جبهة الإنقاذ الوطنى للتأكيد على رفض سياسة الدولة، لم يكن أمام حزب الحرية والعدالة سوى اللجوء إلى صديقه القديم حزب الوسط لتدشين جبهة الضمير الوطنى، ليس لحماية الوطن كما ادعى أصحاب هذه المبادرة.. وإنما لبدء مرحلة جديدة من تكسير العظام مع المعارضين للسياسة الحالية.. ويبقى السؤال: متى سيحصد محسوب وأعوانه فى حزب الوسط مقابل مجهودهم لحماية النظام؟!