فشلت غرفة صناعة السينما فى الوصول لحلول لأزماتها من خلال التفاوض مع مؤسسات الدولة، واقتصر دورها خلال السنوات الماضية على كتابة التقارير والتوصيات، التى تراها الحكومة غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، مما أدى لفقدان الأمل فى تنفيذ مطالب صناع السينما المشروعة، مع الاعتقاد الذى ترسخ داخلهم بأن الدولة لا تنحاز للسينما والإبداع بشكل عام. وأشار الناقد طارق الشناوى إلى أن رأيه فى غرفة صناعة السينما معروف، لأنها لم تقم بواجبها تجاه الصناعة فى المطلق، إلا أنه أكد براءة الغرفة هذه المرة، مشيراً إلى أن غرفة السينما لا تمتلك جهازاً للشرطة يتبعها، أو آليات لتنفيذ طموحها لحماية الفيلم المصرى من القرصنة. وقال «الشناوى» ل«الوطن»: «فى مرحلة الثمانينات من القرن الماضى، كان الفيديو هو الأكثر انتشاراً، قبل ظهور الإنترنت، وعلى الرغم من ذلك كانت هناك سرقات للأفلام، وبالتالى فهناك تقصير ضارب فى القدم، ولكن تكوين الغرفة نفسه ينطوى على خطأ بيِّن، يتمثل فى الصراع الخفى بين أصحاب دور العرض، وأعضائها من المنتجين، وهذه مشكلة خاصة وأنك عندما تنتج فيلماً قد لا يجد ترحيباً من شركات دور العرض السينمائى، كما تعانى المنظومة من سيطرة الاحتكار، الذى قضت عليه أمريكا فى ثلاثينات القرن الماضى، حتى منعته نهائياً، وبالتالى لا يجرؤ ستوديو بعينه على امتلاك دار عرض واحدة، ولكن الغرفة الآن على وشك الانفجار، وظهر ذلك بشدة فى الصراع على زيادة نسخ الفيلم الأجنبى، مع حدوث الانقسام بين المنتج الذى لا يرغب فى زيادتها، وصاحب دار العرض الذى يسعى لزيادة المنتج السينمائى الأجنبى». «الشناوى»: الدولة معادية للفن.. و«الطيب»: كل الأوضاع تؤدى إلى انهيار الصناعة وأضاف: «الدولة غير منحازة للسينما، لأنها تعتبرها جزءاً من الإبداع فى المطلق، الذى يعبر عن حرية لا تريدها، لأن بناء الدولة ضد الحريات، وبالتالى هى لا ترغب فى ممارسة الناس للحرية، حتى يستمروا فى العيش داخل القيود، فالدولة معادية لا شعورياً لأى مساحة بها انتعاش للفن، وهذه تركيبة النظام، ورئيس الوزراء لم يقدم شيئاً منذ طرح الأمر عليه، لذلك يجب اتخاذ موقف أكثر عنفاً، يتمثل فى غلق دور العرض والانصراف عن الإنتاج، وتصعيد الأمر بشتى الطرق، ولكن أعضاء الغرفة ليست لديهم القدرة على فعل ذلك، وجزء كبير منهم يخاف من الدولة». وتابع: «رجل الشارع العادى لا يعتبر مشاهدته لفيلم مسروق جريمة، وكذلك الأمر بالنسبة لسرقة الأغنية، ولكنه يجرم سرقة كيلو اللحم، أو 10 جنيهات، والأدهى أن الرأى العام نفسه يرى فى سرقة الأفلام أمراً مشروعاً، وهى ثقافة يجب تغييرها جذرياً». ويرى المخرج مجدى أحمد على أن الأزمة الحقيقية لغرفة صناعة السينما تكمن فى أدائها، لأنها تجمع مصالح متضاربة نتجت عن قانونها الأصلى، بجمع دور العرض مع التوزيع، والإنتاج، مشيراً إلى أن هذه المصالح تتعارض فى أوقات كثيرة، لافتاً إلى أن ذلك يفرض عليهم تجاوز ذلك فى الانتخابات، باختيار هيكلها الإدارى بالتزكية، أو ب«تربيطات» غير حقيقية. وقال «مجدى» ل«الوطن»: «الدولة غير مهتمة بالصناعة، والغرفة لم تناضل من أجل مطالبها، وهناك أكثر من إجراء يجب أن تنفذه، سواء بتنظيم وقفات احتجاجية، أو اعتصامات، ولكن الغرفة تفتقر إلى الإحساس بالمسئولية تجاه الصناعة، فعدم استجابة الدولة كان يجب أن يدفعها للتصعيد، واتخاذ مختلف الإجراءات لتحقيق مطالبها، ولكن غرفة السينما هى «الحيطة المايلة»، وما يحدث من تجاهل لمطالبها لا يحدث مع غرفة صناعة السيارات على سبيل المثال، لأن الدولة نظرتها للثقافة والسينما متدنية جداً، ويتعاملون معنا باعتبارنا «أراجوزات»، ولسنا مسئولين عن صناعة مهمة، تستطيع تحقيق أرباح كبيرة، إضافة إلى دورها كقوة ناعمة لمصر». وأضاف: «الغرفة عليها أن تدافع عن مصالح أعضائها، وتطالب بحقوقها فى خفض الضرائب ومواجهة القرصنة، وبناء دور العرض لا الملاهى، وإلغاء الضرائب الكثيرة التى توضع على كاهل المنتجين السينمائيين، كما أن أغلب المحافظات محرومة من دور العرض، ولم يفكر أحد فى الذهاب للأقاليم، وطلب أراض مجانية أو بثمن رمزى، وإعفاء من الضرائب فى أول 15 عاماً، ولكن الغرفة ونقابة السينمائيين فى آخر اهتمامات الدولة». وأكد الناقد مجدى الطيب أن الغرفة تضم أصحاب مصالح، أكثر مما تضم مدافعين عن صناعة السينما، مشدداً على أن الغرفة مطالبة بتوفيق أوضاعها، قبل توجهها للدفاع عن الصناعة، لافتاً إلى أن هناك منتجين هم أنفسهم موزعون وأصحاب دور عرض، مشيراً إلى المصالح المتضاربة التى تجعل الوضع يبقى كما هو عليه. وقال «الطيب» ل«الوطن»: «كل هذه الأوضاع تؤدى إلى انهيار الصناعة، والدليل على ذلك أن هناك منتجاً سينمائياً يقدم ثمرة أعماله فى فيلم، ويفاجأ بأن بعض أصحاب المصلحة من أعضاء الغرفة يحاربون هذا الفيلم، ويحرمونه من العرض فى الدور التى يملكها المنتج والموزع المنافس، وبالتالى تكون النتيجة عدم خروج السينما على أى أطر، بعيداً عن السائد أو المألوف، وهذه ثغرة كبيرة لأنها تعنى أن أصحاب المصلحة فى الغرفة هم المتحكمون وحدهم فى الإنتاج السينمائى». وأضاف: «لا بد من فض هذا الاشتباك أولاً، قبل أن تبدأ الغرفة فى إثارة مشاكل نحن فى غنى عنها، والمثال على ذلك يتضح فى تحمس الغرفة لزيادة نسخ الفيلم الأجنبى على حساب الفيلم المصرى، لأن هذا يخدم عدداً من أعضائها من أصحاب دور العرض والموزعين، أكثر مما يخدم صناعة السينما والعاملين فيها، وبالتالى أتصور أن الغرفة عليها أن تصلح من شأنها، قبل أن تبحث مصالح السينما.