أزمة زيادة نسخ الفيلم الأجنبي فى مصر أصبحت تشغل الوسط الفني بأكمله وتخطت حدود غرفة صناعة السينما، ووصلت لمكتب وزير الثقافة «حلمي النمنم» للفصل بين الأطراف المتنازعة ما بين الزيادة ورفضها، وخرجت أخبارًا تؤكد قيام الوزير بإقرار زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبي فى مصر، لكن المفاجأة أن الوزير لم يصدر أي قرارات بذلك بل تلقى مجموعة اقتراحات حول تأثير الزيادة على صناعة السينما المصرية وأزمة دور العرض مع قلة الأفلام وأحال الوزير الملف كله للجنة منع الاحتكار والمنافسة، يستفتيها فى الأزمة ورصد تداعياتها فى حالة الرفض أو القبول.. إلى هذا الحد لم يتوقف الجدل بين أعضاء غرفة صناعة السينما وكل الصناع من منتجين وموزعين وأصحاب دور عرض ما بين مؤيد ومعارض للفكرة وكل يروج لرأيه بشتي الوسائل وإقناع الرأى العام بمبرراته، فى حين أن فاروق صبري، رئيس غرفة صناعة السينما، نفسه أكد أن عدد النسخ الأجنبي المسموح بها فى دور العرض لم يتم الوفاء بها، ولا أعرف الهدف من وراء زيادة النسخ الأجنبي فى هذا التوقيت بالذات فهو قاتل لما تبقي من فضل وبواقى صناعة السينما فى مصر وتدمير مستقبلها.. أما الساعون لتطبيق قرار الزيادة يرون أن عدد الأفلام المصرية لا يكفي لتشغيل دور العرض ويعرضها للخسارة بخلاف المستوى الردىء للفيلم المصري.. «الوفد» رصدت جميع الآراء للوقوف على أبعاد الأزمة التى مازالت وهمية حتى الآن لكنها تشغل الوسط الفنى بأكمله. قال المنتج هشام عبدالخالق: الجميع يتحدث عن صدور قرار من الوزير، لكن الحقيقة إنه لم يصدر قرار رسمي حتى الآن وكل ما حدث عبارة عن جلسة بين وفد من غرفة صناعة السينما مع وزير الثقافة وتم التحدث فى الأمر، وفكرة ال15 نسخة كان اقتراحاً مبدئياً سوف يتم دراسته، ولن يتم تنفيذه خلال تلك الفترة إلا بعد موافقة أعضاء غرفة صناعة السينما، الذين يتكونوا من إنتاج وتوزيع. وأضاف: خلال اجتماعنا الأخير قمنا بالتصويت على هذا الأمر، وانقسمت الآراء ما بين مؤيد من قبل شركات التوزيع ومعارض من منتجى الأفلام المصرية، وكانت النتيجة عدم زيادة نسخ الأفلام الأجنبى، لأننى كمنتج سوف يكون من السهل استيراد فيلم بمبلغ قليل، أفضل من البحث عن قصة وفنانين وتصاريح تصوير لعمل سوف يتم قرصنته بمجرد طرحه. وأشار إلى أن من الظلم المقارنة بين عمل يتكلف إنتاجه 200 مليون دولار، وآخر بتكلفة أقل بكثير فالأمر هنا نفسى بحت. أما المنتج صفوت غطاس فقال: بالفعل لم يصدر قرار رسمى لكننا قمنا بالاتفاق بشكل نهائى، وبالفعل بدأ زيادة 4 نسخ بالمحافظات لتصبح 8، أما القاهرة فلم يتخذ القرار بعد، منتظرين قرار لجنة الاحتكار. وأضاف: زيادة النسخ الأجنبى لن يكون له تأثير بالسلب على المحافظات، على عكس ما سوف يحدث بالقاهرة، لكن فى النهاية هذا قرار غرفة صناعة السينما، التى لديها العديد من الأقسام بداخلها، ومنهم أصحاب دور العرض الذين لا يجدون أفلاماً يعرضونها، لذلك كان يجب موازنة المصالح. يقول المنتج هاني جرجس فوزي: هذا القرار يضر بالفيلم المصرى لأنه يزيد التنافس بينه وبين الفيلم الأجنبى الذى يمتاز بتقنية أعلى وتكلفة أكبر، والأمر الذى لم يلتفت إليه أحد هو أن منتجى الأفلام المصرية لديهم دور عرض تستهلك عمالة وكهرباء وضرائب، مما كان يضطرهم إلى إنتاج أفلام جديدة حتى تعمل دور العرض التى يمتلكونها، أما الآن الدولة شجعتهم على عدم الإنتاج، بعرض الأفلام الأجنبية بدلاً من المصرية خاصة أن ثمن شرائها أقل ويتم تغييرها باستمرار، على عكس الفيلم العربى الذى يضطره إلى استمرار عرضه مدة طويلة. وأضاف: مع كل وزير أو مسئول جديد يتم زيادة عدد نسخ الأفلام الأجنبية التى بدأت ب3 نسخ ثم زادت إلى 5 وبعدها 10 والآن 15 وهذا ظلم للفيلم العربى. وبسؤاله إذا كان ذلك يجعل التنافس أكبر بين المنتجين لتحسين منتجهم قال: جمهور الفيلم الأجنبى مختلف تماماً عن جمهور الفيلم العربى، وفى الماضى كانت هناك دور عرض للأفلام الأجنبية والهندية فقط ومنها سينما شبرا بالاس، ففى النهاية يوجد منتج يخشى على اسمه ويحسب تقديم أعمال مختلفة، وآخر لا يهمه ما يقدم بل يهمه المكسب، ومهما تعرض لانتقادات يقدم ذلك النوع خاصة أن له جمهوراً يذهب إليه. وأشار «فوزى» إلى أن سوق توزيع الأفلام للخارج أصبح مغلقاً، وقال: مكسب الفضائيات لم يعد يربح مثلكما كان، لذلك إنتاج الأفلام أصبح قليلاً لأننا لا نستطيع جمع الأموال التى ننفقها على العمل، وأنهى فوزى كلامه: من ينتج نوعاً معيناً من الأعمال سيظل يقدمها حتى مع زيادة الأفلام الأجنبية. وقال المنتج جابى خورى: القرار ليس نهائياً، ومن المقرر أن يتم عقد اجتماعات أخرى لمناقشة هذا القرار، وذلك لأن هناك حاجة حقيقية لزيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبى، وأن هناك العديد من المقترحات التى نستطيع بها أن نحمى عرض الفيلم المصرى، منها أن يتم العمل بنظام يعمل على ضمان عرض الفيلم المصرى وألا يقوم أصحاب السينمات بعرض الفيلم الأجنبى بكثافة ويتعرض المصرى للظلم. وأضاف: إذا استطاع الفيلم المصرى أن يحقق نسبة إشغال تصل إلى 20٪ فى السينما التى يعرض بها فى أول 5 أيام من عرضه تجبر السينما على استمرار عرض الفيلم وإذا لم يستطع تحقيق هذه النسبة يكون فيلماً رديئاً ولا يستحق العرض، ومن الظلم لأصحاب دور العرض استمرار عرضه لأنه لن يتغطى تكاليف عرضه، موضحاً أن نسبة 20٪ من الإشغال تعنى أنه إذا كان عدد مقاعد القاعة التى يعرض بها الفيلم تساوى 200 مقعد، فإن نجح الفيلم فى جذب جمهور يعادل 40 مقعداً فى الحفلة الواحدة يكون ناجحاً، ويجب استمرار عرضه. وأشار إلى أن نسبة ال20٪ ليست نسبة ثابتة فهناك سينمات فى المحافظات مثلاً لا تشهد إقبالاً قوياً، ولذلك فإن نسبة الإشغال سيتم تحديدها بناء على مكان السينما، وكثافة الإقبال عليها وبالاتفاق مع أعضاء مجلس إدارة الغرفة. وعلى جانب آخر، أصدر عدد من السينمائيين والنقاد بياناً يعلنون فيه رفضهم قرار وزير الثقافة، بالموافقة على زيادة عدد النسخ للفيلم الأجنبى إلى 15 نسخة لما فيه من إعلان عن عملية قتل لفكرة الإنتاج السينمائى المصرى. وأكد الموقعون على البيان أن تشجيع استيراد الأفلام الأجنبية يؤثر على الصناعة الثقافية وينهى هوية الصناعة السينمائية التى استمرت لأكثر من 111 عاماً، وأوضح الموقعون فى بيانهم أن صياغة القرار فى إطار أنه تجربة مبدئية لقياس أحوال السوق التفاف على صدور القرار بالفعل وإمكان استمراره، وطالبوا بسحب القرار أو الاتفاق المبدئى لوزير الثقافة مع عدد محدود من أعضاء غرفة صناعة السينما، لأن القرار فى صالح بعض الموزعين وأصحاب دور العرض السينمائية.