حول المهندس التركي، دورموش تشاليشكان، إعجابه بالعالم المسلم الشهير "الجزري" الذي عاش قبل نحو 800 عام، إلى عمل ملموس، عبر بث الحياة في اختراعاته، تمهيدا لعرضها في متحف يحمل اسمه. وفي حوار مع الأناضول، قال تشاليشكان، إن "بديع الزمان أَبو العز بن إسماعيل بن الرزاز" المعروف بالجزري، يُعتبر بتعريفات العصر الحالي، مهندسا ميكانيكيا خارقا للعادة، حيث قام بتصميم وصناعة عشرات الآلات التي لم يسبق لأحد صناعتها قبله. ولفت تشاليشكان إلى أن الجزري حمل لقبه، نتيجة ولادته في منطقة "جزيرة ابن عمر"، التي تقع في تركيا، مضيفا أن العالم الشهير عاش في ديار بكر، وأصبح كبير مهندسي البلاط لدى حكامها من "بني أرتق"، وبطلب من السلطان نصر الدين محمود، جمع مخترعاته في كتاب "الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل". وعن قصته مع الجزري، قال تشاليشكان، إنه أعجب بالعالم الكبير بعدما قرأ عنه أثناء دراسته الجامعية، وبعد سنوات تعرف خلالها أكثر على الجزري، وألف كتابه "آلات الجزري الاستثنائية"، والذي تضمن عرض رسوم آلات الجزري بشكل حديث، وشرحها باللغة التركية. انتقل تشاليشكان بعد ذلك للخطوة التالية، حيث أجرى الحسابات اللازمة على رسومات آلات الجزري، وتأكد من أنه تم صناعتها بالفعل وقامت بأداء عملها، ومن ثم بدأ مشروعه من أجل تفعيل تلك الآلات. وأوضح تشاليشكان أنه عكف على صناعة تلك الآلات، بنفس القياسات التي ذكرها الجزري، مستخدما نفس الخامات التي استخدمها، ونفس الأدوات والطرق القديمة التي صنع بها تلك الآلات. وأشار تشاليشكان إلى أن كثيرين ممن عاشوا في الفترات اللاحقة للجزري، صنعوا مبتكرات مستوحاة من آلاته، بينهم المخترع والفنان الإيطالي الشهير ليوناردو دا فنشي، منوها أن على الباحثين في تاريخ العلوم أن يبحثوا ما إذا كان دافنشي درس كتابات الجزري واستوحى منها آلاته. وقال تشاليشكان إنه صنع العديد من اختراعات الجزري، من بينها خزنة ذات أرقام سرية، وقفل للباب بأرقام سرية أيضا، وساعة الفيل المائية الشهيرة. بدوره أشار محمد علي تشاليشكان، المدير العام لموقع babil.com، الذي نشرت دار النشر التابعة له كتاب "آلات الجزري الاستثنائية"، أشار إلى أن الكتاب ليس مجرد ترجمة تركية لكتاب الجزري، وإنما تضمن شرحا مفصلا لآلاته وحساباتها وطريقة عملها، مضيفا أن الترجمات التركية السابقة لأعماله تضمنت أخطاء في الترجمة، بالإضافة لعدم شرحها بشكل صحيح وكامل لآلاته. وقال محمد علي تشاليشكان، إن العمل جارٍ من أجل إنشاء متحف الجزري في إسطنبول، حيث ستعرض فيه مبتكراته التي أعاد صنعها دورموش تشاليشكان، كما سيتم عرضها في عدة أماكن في تركيا ودول العالم.
