الطريق إلى إسرائيل أو ميدان التحرير واحد، فكلاهما مسدود فى وجة المصريين بكتل خرسانية صماء «جدار عازل»، ممنوع الاقتراب منها أو التصوير. مع إطلالة العام الجديد «2013»، أعلنت إسرائيل انتهاءها من تشييد جدار عازل، على حدودها مع مصر، بعد عامين من العمل المتواصل، حيث بدأت إسرائيل فى إنشائه عام 2010. بمجرد انتهاء أحداث الثورة، وفور وقوع اشتباكات فى محيط منطقة ميدان التحرير، خطر ببال المجلس العسكرى إنشاء جدار عازل أو مانع خرسانى، لحماية المنشآت الحيوية والوزارات من زحف الثوار والمتظاهرين، الأمر الذى استمر حتى الآن بعد انتخاب الدكتور محمد مرسى رئيساً للجمهورية. حماية الأمن القومى هى السبب الرسمى لبناء الجُدر العازلة، سواء على حدود مصر أو فى عاصمتها، فالهجرة غير الشرعية إلى إسرائيل كانت كافية لبناء حائط سَدّ على الشريط الحدودى، بادعاءات حماية أمن إسرائيل، كما أن الحفاظ على هيبة الدولة، بحماية أجهزتها من ردود فعل الثوار ومشاغبات البلطجية، كان أيضاً سبباً مباشراً فى بناء جدارين عازلين عند بعض مداخل ومخارج ميدان التحرير، حتى بات المشهد على حدود ميدان التحرير ليس بعيداً عن الصورة على أطراف سيناء ناحية إسرائيل. توتر العلاقات بين الشباب الثائر والرئيس مرسى، أحد أسباب تشرذم المجتمع وحاصره، وفقاً لرأى الدكتور سعيد صادق، أستاذ الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، قائلاً: «النظام الجديد اتضح أنه غير ديمقراطى والانحراف عن أهداف الثورة سبب انتشار الجُدر العازلة التى وصلت لمحيط قصر الرئاسة وحاصرته». الأمن، العدالة، الاقتصاد والاستقرار، هى أولويات تنادى بها أفواه المواطنين، ولا تجد صدى لها عند الحكومة، التى تكتفى بتلوين الحياة وإطلاق تصريحات «وردية»، قائلاً: «الجدار هو مخاض نظام سياسى جديد غير متفق عليه، وانتخابات ضعيفة وأوضاع فى طور التكوين، بدليل أن الأيام الأولى للثورة، مكانش فيه حائط واحد يسد شارع فى مصر». أما جدار إسرائيل العازل، دوافعه تختلف عن الجُدر الموجودة فى مصر، فى رأى «صادق»، فالعلاقة بين حكومة إسرائيل وأجهزتها الأمنية مختلفة عن نظيرها فى البلدان العربية «لما هتف الإسرائيليون يسقط النظام، رجعوا بعدها زى السمنة على العسل».