يرى الدكتور أحمد يونس، الكاتب الصحفى، أن مصر الآن فى خطر، محذراً من الخلط -المتعمد من البعض- بين الإسلام والإخوان؛ لأن أغلبية المصريين من المسلمين، ولكن ليس شرطاً لإسلامهم أن يحبوا المرشد العام لجماعة الإخوان. وأضاف يونس، فى حواره ل«الوطن»، أن هناك فارقا كبيرا بين الشريعة ومقاصد الشريعة، واصفاً الدستور الحالى بأنه «غير شرعى»، حتى إن حصل على موافقة الأغلبية؛ لأنه لم يأت بالتوافق. وتوقع أن تتحول مصر إلى دولة إسلامية بقوة السلاح، ووصف «يونس» نظام الإخوان بأنه «غبى وسينتحر». * كيف ترى المشهد السياسى الراهن؟ - أراه أسوأ مشهد سياسى فى مصر منذ نهاية العصر العثمانى. * ولماذا تراه أسوأ مشهد؟ - لأن المعترض على النظام، فى كل العصور، كان يسمى مخالفا أو معترضا أو مشاغبا أو حتى خائنا، وذلك منذ أن كانت مصر ملكية، وفى عهد عبدالناصر كانوا يسمونهم أعداء الثورة، وفى عصر السادات أطلق عليهم أعداء «السامية»، وحتى أيام مبارك كانوا يدمغون بأنهم من القلة «المنحرفة المندسة» ومثيرى الفتن، أما الآن فاسمهم «كفار»، من يعترض يتم تكفيره، وهذه مصيبة كبرى؛ لأنها تسمح بالتفتيش فى ضمائر البشر، رغم أنه لا يوجد فى الإسلام شىء اسمه التفتيش فى ضمائر البشر. * هل قرأت مسودة الدستور؟ - قرأت المواد المختلف عليها فقط، ووجدت أنه دستور دولة دينية. * هل تجد مبررا للانسحابات المتتالية من «التأسيسية»؟ - نعم؛ لأنهم عينوا أغلبية ساحقة من الإخوان، فكانت الكنيسة والقوى المدنية أقلية، وأرى أن هذه الجمعية باطلة قانونا، لكن أصدقاءهم من القضاة يؤجلونها حتى ينتهوا من الاستفتاء على الدستور. * كيف ترى الوضع إذا رجحت كفة «نعم» فى الاستفتاء؟ - حتى إذا حصل الدستور على موافقة الأغلبية، فهو دستور باطل وغير شرعى، لأنه لم يحدث عليه توافق من الأمة. * وما مصير مصر فى هذه الحالة؟ - ستتحول إلى دولة إسلامية بقوة السلاح، وبالتدريج ستنتقص الحريات، فنبدأ كصحفيين «نلقح» بالكلام، وهو ما كنا نمارسه منذ سنوات طوال، فقد اخترعنا فى مصر بالإضافة إلى الواقعية، الرمزية والرومانسية و«التلقيحية». * لكنهم يتعللون الآن بأنهم يريدون تطبيق الشريعة.. - إن كانوا يريدون تطبيق الشريعة حقا فليبدأوا ب«ونيس» كى نصدقهم، ولكنهم يقيمون الحد علينا نحن، وأريد أن أشير إلى أنه على مستوى التاريخ الإنسانى كاملا، لم تأت حكومات متشددة إلا وارتفعت الفضيلة إلى قمتها، ولى شعار أريد أن تدرجيه فى الحوار وهو أنه «من كثرة حديث الناس عن الفضيلة ليلا ونهارا لم يجدوا وقتا لممارستها»، فهناك فرق بين الشريعة ومقاصد الشريعة. * ما تعليقك على «إقالة النائب العام»؟ - أنا معترض على النائب العام جدا، لكنى لست مع إقالة نواب عموم أو قضاة؛ لأنه لو أن الرئيس يقيل كل القضاة سيخافون، وبالتالى لن يحكم أحد بالعدل أبدا، فالقاضى يعينه المجلس الأعلى للقضاء، ولا يعزل لأى سبب كان؛ فالقضاة لا يعزلون. * هل ترى أن هناك أزمة لدى الإسلاميين حاليا، خاصة مع قرارات إغلاق الفضائيات؟ - توجد مشكلة كبيرة لدى الإخوان والتيارات الدينية، تتلخص فى أنهم جاءوا للسلطة بترتيبات دولية وإقليمية، أى بالاتفاق مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل، فلا يستطيع أحد أن يحكم مصر دون موافقة الولاياتالمتحدة وبالتالى إسرائيل. * لكن الرئيس جاء عن طريق الانتخابات.. - انتخابات الرئيس مزورة، وانتخابات مجلس الشعب كانت قائمة على أئمة المساجد، الذين أشاعوا أن من يقول لا سيكون مصيره النار. فالدين الذى أعرفه هو الله والرسول والرسالة، وما غير ذلك قابل للنقد والقبول والرفض، فإذا أعلنت رفضى لما يقوله صفوت حجازى مثلا أصبح كافرا؟! * هل تخشى أسلمة الدولة؟ - طبعا، ولكنى مطمئن؛ لأن هذا النظام غبى، وبالتالى سينتحر. * وكيف ترى انتحار النظام؟ - قلت من قبل: إن الإخوان جاءوا بترتيبات إقليمية، ليس من بينها تطبيق الشريعة، ولا إغلاق القنوات، وأيدهم أوباما بغبائه وسيقيل هيلارى بسببهم، لكنه لن يستطيع الاستمرار فى تأييده لهم لآخر المدى؛ لأن الحزب الجمهورى والرأى العام الأمريكى لن يقبلا ذلك. * كيف ترى طريقة الإخوان فى إدارة البلاد؟ - الإخوان لديهم عجز ذهنى عن استيعاب مستجدات العصر، وكثير منهم عنده تدهور فى خلايا المخ، وشخصيا أرى أن من يعتقد أنه وحده يمتلك الحقيقة «أبله»، والإخوان لا يعترفون بالوطن ولا بالقومية، وإنما يعترفون بالدولة الإسلامية وهى دولة الخلافة، والخليفة فى الإسلام هو ظل الله فى الأرض وطاعته واجبة. * قيل قديماً إن «الحمائم والصقور داخل الإخوان»، فما مدى صحة هذه المقولة؟ - حاليا، هذه المقولة ليست صحيحة؛ فالإخوان يقولون إنهم 400 ألف شخص، لكن الحقيقة أنهم واحد فقط تم تكرار 400 ألف نسخة منه، فجميعهم يتحدثون بنفس الأسلوب وأقسموا على السمع والطاعة، ولديهم استعداد لضرب الناس فى ميدان التحرير، لذلك وبما أنهم نسخ، فمرسى مجرد نسخة ولو شالوه وأتوا ب«الكتاتنى» أو «العريان» سيكونان مثله. فما يردده صفوت حجازى عن الخلافة هو ما يقوله عصام العريان والكتاتنى، فهم 400 ألف «فوتو كوبى». * وكيف ترى السلفيين؟ - السلفيون يختلفون؛ لأن كلا منهم نسخة مستقلة بذاتها؛ فمنهم «ونيس» و«البلكيمى» و«عبدالمنعم الشحات» والشيخ «مرجان» الذى يريد هدم الهرم وأبوالهول، وفى رأيى الشخصى كل واحد يعد حالة نفسية خاصة؛ لأن المواقف التى يتخذوها دوافعها مختلفة. * ما تفسيرك لحرب السلفيين على بعض الفنانات؟ - أنا ضد أى أحد يستخدم لغة «ضرب شكمبة» مع أى أحد، وضد كل من يخوض فى أعراض الآخرين، شخصيا لا أحب الكلام عن المرأة، وهنا أقترح على السلفيين أن يذهبوا إلى القدس بدلا من مهاجمة الفنانين؛ فالمصريون النبلاء لا يقبلون المعارك القائمة على الأعراض ولا الخوض فيها. * ما تقييمك لما يحدث بين القضاة مؤخرا؟ - ما بين القضاة طوال عمره بينهم، فكان هناك قضاة مستقلون وبعضهم تابع للحكومة، وهذا ما يحدث حاليا، وهو أن أتباع الحكومة يقولون «تمام وكل حاجة هايلة»، لكن ما جد أن بعض المستقلين من القضاة خان الاستقلال وراح يبرر للإخوان كل شىء، فكانت المكافأة منصب نائب رئيس الجمهورية ووزير العدل، وهؤلاء هم من كانوا من قضاة الاستقلال، والآن أصبحوا يدافعون عن قانون الطوارئ ويهاجمون تيار الاستقلال. * وما سبب هذا التحول من وجهة نظرك؟ - السلطة مخيفة ربنا يبعدها عنا، والكرسى يصيب الناس بالجنون، جنون السلطة، بدليل أنه لم يحدث أن جلس أحد على الكرسى عندنا وقام من عليه، ولو قام يقوم به فيتوحد مع الكرسى ولا يقوم إلا ميتا أو مثلما قام مبارك. * وكيف يمكن التعامل مع القاضى الفاسد؟ - توجد هيئة تفتيش قضائية، كثيرا ما اتخذت قرارات صارمة ضد بعض القضاة. المشكلة حاليا أن هناك مليون «حاجة» تبدو حقيقية، لكن يراد بها باطل؛ فتطهير «الداخلية» يعنى تعيين ضباط إخوان، وتطهير القضاء يعنى الإطاحة بالقضاة المعترضين على الدستور والقوانين واستقلال القضاء واستبدال آخرين بهم يسمعون الكلام بلحى معلنة وواضحة أو ذقون داخلية متخفية منتشرة فى كل مكان فى مصر: شرطة، جيش، الوفد، الإعلام، إلخ. ولا يظهرون إلا بأمر من جلالة الملك الإله المرشد، فبالرغم من أنهم يحكمون الآن فإنهم لا يزالون يتصرفون كتنظيم سرى؛ لأن ما يفعلونه لا يعلن ولا يستطيعون الإفصاح عن مصادر تمويلهم؛ لذلك هم ما زالوا وسيظلون تنظيما سريا مثل الحرس الثورى الإيرانى، الذى يأخذ أوامره من المرشد الإيرانى. * كيف ترى موقف الرئيس تجاه حادث القطار الذى راح ضحيته نحو 50 طفلا؟ - بمجرد وقوع الحادثة، أكون على علم بما سيحدث، «مرسى» يتقدم بالعزاء لأسر الأطفال ضحايا كارثة أسيوط، ويقيل وزير النقل وهذه هى الأشياء التى كان يفعلها مبارك بالضبط، عندنا 3 وزراء نقل أقيلوا فى حوادث قطارات، هذه هى تقاليدنا الشرقية الأصيلة، إن الرئيس يعزى، لكن هذه هى المرة الأولى التى يموت فيها أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و10 سنوات، و«بعدين يقبل استقالة الوزير ثم يلبسوها لعامل القطار البسيط، وصافى يا لبن»، نحن حفظنا هذا السيناريو العقيم المستمر منذ 30 عاما، منذ أن وعينا على الدنيا، وزهقنا منه. لكن لم يفكر أحد لماذا تحدث هذه الحوادث فى مصر، بينما فى كل دول العالم عندما تحدث حادثة واحدة تتسبب فى موت شخص واحد يستقيل رئيس الوزراء. لكن فى مصر لا يمكن أن يستقيل رئيس الوزراء، فهو لا يستقيل من أجل «حتة 52 عيل» ولا يستقيل «عشان 1500» ماتوا فى العبارة، فرئيس الوزراء لا يمشى لأنه كبير حُجاب فرعون، وإنما فرعون هو الذى يقيله. * ما مدى انتشار الفساد فى مصر؟ - توجد مؤسستان مستمرتان فى مصر منذ عهد مينا موحد القطرين وحتى الآن، هما: مؤسسة فرعون والفساد، ومؤسسة فرعون المتحالفة مع العسكر أو الكهنة ومع التجار، ويكونون بؤرة الفساد الكبرى، العسكر والكهنة -رجال الدين- الذين تُختزل مهمتهم فى أن يقولوا لفرعون «أنت هتقدر تمسك بعض الناس بالبوليس التابع لك، إنما الذين يتكلمون فى سرهم ويتآمرون بالليل لا بد من تخويفهم من انتقام غامض فى البر الغربى أى وادى الموتى»، وبذلك يقومون بمهمتهم والتجار يكسبون والعسكر «يبرطعوا ويهلبوا» أو يزهق فرعون من العسكر فيطيح بهم ويكتفى بالتجار أى رجال الأعمال، أو بالكهنة وهم محترفو الدين، ويمثلهم حزب الحرية والعدالة، أى أنه تحدث تبديلات. * وماذا عن رجال الدين فى مصر حاليا؟ - رجال الدين -فى رأيى- لا يدافعون عن عقائدهم وإنما عن أكل عيشهم، ولو كانوا مثل الثوار سيدافعون عن العقيدة. لكن «لما الواحد يحترفها وتصبح مهنة فتبقى شغلتى شيوعى أو ليبرالى فى الإخوان أو غيرها» لما تكون العقيدة «شغلتى أو أكل عيشى» فكيف أصفها بالنبل؟ * هل لدينا من الآليات ما يمكننا من القضاء على الفساد؟ - الفساد فى مصر متوارث منذ أيام مينا موحد القطرين حتى الآن، بل إنه أقوى مؤسسة فى مصر. * هل تتفق مع من يحملون الرئيس مرسى مسئولية كل ما يحدث فى مصر منذ أن تولى الرئاسة حتى الآن؟ - لا، لست مع من يحملونه المسئولية كاملة؛ لأنه ليس مسئولا عن وجودها وإنما مسئول عن استمرارها، واعترض على أنه يأخذ القرارات «من دماغه»، هو أقسم على السمع والطاعة. * كيف؟ - إذا قلنا إن هناك أشخاصا على سبيل المثال تسرق فى الصحف أو فى شركات البترول، فهى تفعل ذلك طوال عمرها، فكان عليه الحد منها، لكنه لم يفعل، ولم يتخذ أى قرار، فضلا عن أنه بالنسبة لنا نحن الفقراء (محدودى الدخل)، فالحزب الوطنى والإخوان من الأحزاب اليمينية التى مع الأغنياء ومع حرية التجارة العالمية، وليس لها دخل بالفقراء إلا من حيث الكلام فقط، فتردد «عدالة اجتماعية» مثلما كان يفعل مبارك، وبالمناسبة كل أهداف الثورة كان يتشدق بها حسنى مبارك من البداية إلى النهاية. * هل سيأتى لنا الزمان برئيس يدافع عن الفقراء ويحفظ كرامتهم الإنسانية؟ - لا، لن يأتى أحد ليحكم مصر يدافع عن الفقراء، ولن يقول أى طاغية عن نفسه «أنا مع الأغنياء ضد مصالح الفقراء وظالم وأغلق القنوات الفضائية وأتصيد لهم»، فتكميم الأفواه دائما ما كانوا يجدون له «تلكيكة» ومبارك كان يفعل ذلك، لكنه لم يغلق قنوات، ومشروع الإخوان لا يمكن أن يتم بحرية الرأى والتعبير. * تقصد مشروع النهضة؟ - خيرت الشاطر شخصيا خرج علينا وقال إنه لا يوجد شىء اسمه مشروع النهضة، والإخوان يعلنون صراحة أن الديمقراطية نظام مستورد وبعيد عن طبائعنا وعقائدنا والديمقراطية حكم الشعب ونحن ندعو إلى حكم الله. * هذه معتقدات وتصريحات قيادات الإخوان.. فهل يُسأل عنها الرئيس؟ - المشكلة التى تواجهنا هى أنه ليس لدينا رئيس جمهورية، لكن يوجد مرشد ونائب مرشد (خيرت الشاطر)، وهو المرشد الحقيقى، والرجل القوى فى مصر الآن، ومرسى ينفذ سياستهما، فالإخوان لا يفكرون كثيرا. * ما دلالتك على ذلك؟ - التاريخ الذى يقول إنه دائما ما يوجد رجل قوى يحكم من الظل؛ فمثلا كان عبدالناصر خلف نجيب، و«بومدين» كان وراء «بن بلة»، فكان يحدث ذلك فى الدول الشمولية التى ليست ديمقراطية وتحكم بحكم شمولى، حكوماتها تدعى أنها تملك وحدها الحقيقة إن كانت شيوعية أو فاشية أو نازية أو عسكرية أو إخوانية، فكل هؤلاء الحقيقة عندهم هى التى يقولونها فقط ولا يمكن أن يستمعوا لأحد. * ما تقييمك لموقف «مرسى» من ضرب غزة؟ - حسنى مبارك سحب سفير مصر لدى إسرائيل مرتين فى عامى 2000 و2009، الجديد فقط أن «مرسى» كرجل فاقد للخبرة ألقى بكل أوراقه مرة واحدة، فسحب السفير واستدعى السفير الإسرائيلى وأبلغه اعتراضنا وطلب جلسة عاجلة لمجلس الأمن وطلب من جامعة الدول العربية عقد جلسة عاجلة وأدان الغزو، دون أن يذكر كلمة إسرائيل. لكن أريد أن أسأله: إذا أعلنت إسرائيل الحرب فماذا أنت فاعل؟ لا بد أن تعلم أنك لن تدخل حربا؛ فالحرب ليست صياحا، والجبرتى قال: «إذا جمع الناس السلاح وأقسموا على الكفاح وصاحوا حى على الفلاح، فلما نزل عليهم القنبر -القنبلة- قالوا: يا سلام من هذه الآلام.. يا خفى الألطاف نجنا مما نخاف. وذهب كل حى إلى حال سبيله»، ومنذ ذلك الوقت ونحن «نترقع» كل قنبر وقنبر، مرة السفينة «ليبرتى»، ومرة القنابل التليفزيونية، والعراق أخذت عنقودية، ثم أجهزة تفسد البازارات وأخرى ترى فى الظلام وكل مرة قنبر جديد ولا نعلم القنبر القادم سيأتى علينا من أين. * أرى فى كلامك تلميحا إلى عدم قدرتنا على الدخول فى حرب.. - هذا صحيح؛ فلا تركيا ولا إيران مستعدتان للدخول فى حرب من أجل أهل غزة، لا أحد مستعد لدخول الحرب على الإطلاق ولا حتى الإخوان، وإذا دخلوا حربا سيهزمون؛ فالجيش المصرى يحصل على أسلحته من الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومن المؤكد أن كل أسرارها عند إسرائيل، والجيش المصرى منذ 39 سنة تقريبا يقتصر دوره على حماية النظام وليس له صلة بالقتال، حتى إنه لا يدخل سيناء، وإنما الذين يدخلونها هم قوات الشرطة، والإخوان يعلمون ذلك جيدا، ولن يخاطروا بما ربحوه أبدا، إنما هناك عودة لأيام أحمد سعيد وصوت العرب لكن بلغة دينية وليست قومية، بمعنى أن إسرائيل تحارب إما لأسباب وطنية وإما لأسباب قومية، وهؤلاء هم الذين حاربوها بالفعل فى المرات الماضية، لكن لأسباب دينية، ستكون قاعدتهم «لا بد من تحرير القدس على أن يستشهد ابن الجيران»، وهى القاعدة التى يسيرون عليها جميعهم. * فى رأيك.. أى من مرشحى الرئاسة السابقين كان الأصلح للحكم؟ - ولا واحد منهم كان يمثل شخص رئيس الجمهورية فى خيالى، فلم أستطع إعطاء صوتى لعمرو موسى لأنه كان وزير خارجية فى عهد مبارك، مع احترامى له، ولا عبدالمنعم أبوالفتوح الذى رأيته بعينى ماسك الجنزير فى الجامعة يهاجم المسارح، فهو لم يكن عضوا فقط بل كان من مؤسسى جماعات إرهابية، وكل جيل 73 رأوه بالجنزير بيديه، كما أنى لم أكن لأعطى صوتى لمحمد مرسى ولا خالد على. * إذن من الذى أعطيته صوتك فى انتخابات الرئاسة؟ - حمدين صباحى، ليس لأنه يمثل شخص الرئيس الذى أتمناه لبلدى، ولكن لأن الآخرين «وحشين قوى»، وعندما توقفت الانتخابات على مرسى وأحمد شفيق امتنعت عن التصويت. * ما رأيك فى فكرة ال100 يوم التى تبناها جميع مرشحى الرئاسة؟ - لا أراها إلا دليلا على أنهم كانوا «يهنكروا»، أى يخدعوا الناس، فنحن شعب تجوز عليه الغفلة على حد قول «ابن خلدون»، وعلى كل هم الذين تعهدوا بالمائة يوم. * ما مواصفات شخص الرئيس الذى تحتاجه مصر؟ - هو الشخص الذى يستطيع حل مشاكل المواطنين، من خلال القضاء على الفساد ورفع المظالم، ويخرج الناس من العشوائيات ويرفع مستويات الدخول ويحارب الأمية والبلهارسيا والفشل الكلوى وفيروس سى، وليس بالخطابات ليل نهار بلغة الكتاتيب. * ما رأيك فى خطاب الإنجازات وتحصيل المائة ألف مخالفة؟ - خطابه هذا كان مثل خطابات مبارك؛ لأنه لم يتحقق أى إنجاز، لكن الإخوان «شاطرين جدا» فى الجباية، فبدلا من أن ينحاز للفقراء يأخذ منهم اللقمة ويعطيها للأغنياء. * هل ترى أن «مرسى» يشبه مبارك؟ - لا.. فبالرغم من أنى لا أحب مبارك فإنه كان أقل سوءا وأكثر تعقلا، فهو كان ماسك «العظْمة»، بتسكين الظاء، منذ 30 عاما، فلم يكن ملهوفا عليها ولا خائفا من زوالها كما هو الحال مع «مرسى». * ما الفرق بين «عبدالناصر» و«السادات» و«مبارك» و«مرسى»؟ - جمال عبدالناصر أفضلهم جميعا، رغم اعتراضى على قسوته وغياب الديمقراطية فى عصره، لكنه الوحيد الذى لم يبع البيت ولا العفش وإنما كان قاسيا مع أهل البيت، فى حين أن السادات تاجر فى كل شىء حتى إنى أعتقد أن قانون العقوبات بكل بنوده ينطبق عليه، لكن يحسب له أن كرامة المصرى كانت مصونة داخل وخارج مصر. * ما أكثر الأخطاء التى تأخذها على «مرسى»؟ - مشكلة «مرسى» أنه يراعى رأى الأمريكان أكثر من مراعاته للشعب المصرى، كما كان يفعل مبارك، والأول امتداد لنفس سياسة الثانى لكن بذقن. * كيف تكون العلاقة بين الرئيس والشعب؟ - العلاقة بين رئيس الدولة والشعب هى علاقة بين موظف يتقاضى راتبه من أموالنا وشعب صاحب القرار، وليس أهلا وعشيرة وهو بذلك عاد بنا إلى القبلية. * ما تفسيرك للاتفاق الذى تم بين الإخوان والمجلس العسكرى؟ - المجلس العسكرى يضم فى عضويته إخوانا غير معلنين، مثل «ممدوح شاهين» و«سامى عنان» و«حسن الروينى»، الذى رأيته فى ميدان التحرير لا يصافح السيدات تفاديا للفتنة، و«عبدالفتاح السيسى» أيضا إخوان غير معلن. * ما التحدى الأكبر أمام مصر حاليا؟ - الظلام.. كنا نعيش فى نهار سيئ، لكننا نعيش حاليا فى ظلام، شىء مخيف، لا أعلم كيف سنخرج منه، وأقصد هنا العودة إلى العصر العثمانى.