وزيرة التنمية المحلية: اللامركزية ركيزة أساسية للتنمية البشرية    «بنيامين ذئب يفترس».. نتنياهو يحتفل بيوم ميلاده ال75 على دماء الفلسطينيين    إيران تتقدم بشكوى لوكالة الطاقة الذرية بشأن تهديد إسرائيل مواقعها النووية    عاجل.. إصابة نجم الأهلي تصدم كولر قبل نهائي السوبر أمام الزمالك    السلوفيني فينسيتش حكما لمباراة برشلونة وبايرن ميونخ بدوري الأبطال    منتخب الشاطئية يصعد إلى نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية    الأمن يضبط شخصين شرعا فى سرقة وحدة جهاز تكييف بأسيوط    تارا عماد تقدم دور أكشن بفيلم درويش مع عمرو يوسف ودينا الشربيني    غادة عبدالرحيم: المؤتمر العالمي للصحة والسكان انطلاقة حقيقية لمبادرة "بداية"    محافظ أسوان يستقبل ضيوف مهرجان تعامد الشمس بمطار أبو سمبل الدولي    فصائل فلسطينية تعلن مقتل محتجزة إسرائيلية في شمال قطاع غزة    وزير الإسكان يعقد اجتماعًا موسعًا لمتابعة موقف تنفيذ "حديقة تلال الفسطاط" بقلب القاهرة التاريخية    رئيس الوزراء يُتابع مع رئيس المركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة ملفات العمل    ضمن «بداية».. تنظيم بطولة كاراتيه للمرحلتين الإعدادية والثانوية بالمنوفية    السيطرة على حريق هائل بكافتيريا بالطريق الزراعي السريع «طنطا/ كفرالزيات»    منها «قاسم والمكنسة».. أشهر نوات تضرب الإسكندرية فى 2024    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين بغرق 16 فتاة في حادث «معدية أبو غالب»    بالصور.. "مؤتمر الجمعيات الأهلية" يُكرم رائدات الأعمال بالجيزة    جولة مفاجئة لوكيل «التعليم» بالغربية على مدارس كفرالزيات    الأربعاء .. انطلاق المؤتمر السنوي الثالث في العلوم الإنسانية بجامعة بنها    «النواب» ينتهي من مناقشة مشروع قانون المجلس الوطنى للتعليم    محاضرة لمحافظ شمال سيناء للمشاركين في برنامج أهل مصر    البورصة المصرية تختتم بريح 49 مليار جنيه ومؤشرات خضراء    تقديم خدمات علاجية ل17 ألف شخص على نفقة الدولة في المنيا خلال سبتمبر    تعديلات في قانون التأمين الصحي الشامل لضم المستشفيات النفسية والحميات    حريق يلتهم محلًا تجاريًا في الغربية (تفاصيل)    محمود أبو الدهب: شوبير يستحق المشاركة أساسيًا مع الأهلي    البورصة والدعاية ومكافحة الحرائق.. أنسب 10 مهن ل برج الحمل    السوبر المصرى.. السلطات الإماراتية تستدعى ثلاثى الزمالك للتحقيق    «النواب» يوافق على إنشاء «المجلس الوطني للتعليم» في مجموعه ويؤجل الموافقة النهائية    الولايات المتحدة تعلن عن دعم مبادرات أوكرانيا    غدا.. آخر موعد للتقديم في مسابقة الأزهر السنوية للقرآن الكريم    انطلاق مهرجان «أكتوبر العزة والكرامة» بجامعة القناة (صور)    وزير الدفاع الأمريكي يصل كييف لمناقشة طلب أوكرانيا الانضمام للناتو    تداول 14 ألف طن بضائع بموانئ البحر الأحمر    سيطرة مصرية على المشاركة في تحدي القراءة العربي.. وجوائز العام 11 مليون درهم    الصحة: 50% من الأفراد يستفيدون من المحتوى الصحي عبر الدراما    تفاصيل أول حالة لاستئصال البروستاتا بالتبخير في مستشفيات الدقهلية    التعليم : سعر الحصة لمعلمي سد العجز 50 جنيها شاملة كافة الاستقطاعات    وزير التعليم العالي يستقبل سفير أذربيجان لبحث آفاق التعاون المُشترك    محفوظ مرزوق: عيد القوات البحرية المصرية يوافق ذكرى إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات»    لجنة الميثاق العربي تناقش تقرير قطر لتعزيز حقوق الإنسان    الأمريكي صاحب فيديو كلب الهرم: تجربة الطائرة الشراعية في مصر مبهرة    وزيرة التضامن الاجتماعي تبحث مع سفير قطر بالقاهرة تعزيز سبل التعاون    كيف أقصر الصلاة عند السفر.. اعرف الضوابط والشروط الشرعية    حدثوا التابلت ضروري.. تنبيه عاجل من المدارس لطلاب 2 ثانوي    أزمة نفسية.. تفاصيل إنهاء عامل حياته شنقا من مسكنه في المنيرة الغربية    أهلي جدة في مهمة صعبة أمام الريان بدوري أبطال آسيا    ناقد رياضي: على «كهربا» البحث عن ناد آخر غير الأهلي    الأمن الإماراتي يستدعي ثلاثي الزمالك للتحقيق.. ورئيس النادي يهدد بالانسحاب من السوبر    ليفربول يرصد 50 مليون يورو لضم جول كوندى مدافع برشلونة لخلافة أرنولد    الحوار الوطنى يكشف التأثير الإيجابى للدعم النقدى على القدرة الشرائية للأفراد    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    وزير العمل : عرض قانون العمل الجديد على مجلس الوزراء نهاية الأسبوع الجارى    إطلاق رشقة صواريخ من لبنان    علي جمعة يكشف حياة الرسول في البرزخ    هل النوم قبل الفجر بنصف ساعة حرام؟.. يحرمك من 20 رزقا    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نادر الفرجانى: مشروع الدستور «إرهابى» يحول مصر إلى سجن كبير.. و«مرسى» رئيس «زخرفى»
خبير التنمية الإنسانية يتحدث ل«الوطن»: مصر مقبلة علي سنوات من «المخاض العنيف»
نشر في الوطن يوم 31 - 10 - 2012

قال نادر الفرجانى، الخبير الدولى فى علوم التنمية وعضو مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان سابقاً، إن المجلس العسكرى، اختطف الثورة وسلمها للتيار الإسلامى، الذى استغل وصوله للسلطة لتمرير دستور «إرهابى»، ينسف ادعاءاتهم بإقامة الدولة المدنية، فأنت إذا اعترضت «كافر»، وإن استبداد السلطة أصبح مغلفا بنقاب إسلامى.
وانتقد الفرجانى، فى حواره ل«الوطن»، الرئيس محمد مرسى، ومشروع النهضة الخاص به، قائلا إنه كان خدعة انتخابية، وإن مرسى «مجرد رئيس زخرفى وصورة»، ويرشو جميع سلطات المجتمع ليضمن ولاءها للإسلاميين، وإن المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد، هو صانع مستقبل مصر السياسى الفعلى.
* ما تقييمك لمشروع الدستور؟
- أولا نحن لدينا مشروع دستور مشوه، وهو النهاية الطبيعية لمؤامرة المجلس العسكرى مع التيار الإسلامى السياسى لخطف الثورة المصرية وإجهاضها، فهذا المشروع هو مشروع دستور إرهابى يحول مصر سجنا كبيرا تقيد فيه جميع الحقوق والحريات، ونعانى الآن جراء إدارة «العسكرى» للمرحلة الانتقالية وتآمره مع تيار الإخوان للسيطرة على الثورة، وبعض الناس يظنون أن قادة المجلس العسكرى لاقوا جزاءهم العادل، وأنا أرى أن هذا غير صحيح؛ فهم يستحقون ما جرى لهم، لأنهم قدموا الثورة على طبق من ذهب للإسلاميين، لذا لا بد من محاكمتهم فى قضايا قتل وإصابة المتظاهرين بعد الثورة وإفساد الحياة السياسية فى المرحلة الانتقالية.
* وهل إقالة كل من المشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان، كان إنهاءً لهذا التآمر؟
- لا، بل تغيير لبعض الأوجه على القمة، وكانت إزاحتهما تمهيدا لعلاقة أوثق مع قيادات من القوات المسلحة تتعاطف بدرجة أكبر مع الإسلام السياسى.
* عودة للدستور، لماذا تراه إرهابيا؟
- لأن كل مادة من مواده، التى تقر حقا أو حرية أساسية تنتهى بشرط مطاط، هو «بما لا يخالف شرع الله»، لأن شرع الله واسع جدا ويحتمل تفسيرات فقهية مستنيرة، ويحتمل تأويلات فقهية متخلفة ورجعية ومتشددة، ومن ثم، فهذا تقييد للحقوق والحريات التى يقرها مشروع الدستور، وهو مشروع إرهابى لأنه فى النهاية يضع من يعترض على تقييد الحرية أو الحق تحت طائلة التكفير، لأنه يخالف شرع الله ومن يخالف شرع الله، فهو كافر، وبذلك نعود مرة أخرى إلى مسألة التكفير التى استخدمت فى الاستفتاء على بيان 30 مارس المشئوم، فإذا اعترضت فأنت كافر، وإذا حاولت الدفاع عن حرية ما أو حق أساسى، ستجد أن الشيخ «معسر ابن متشدد» فى مدينة «هباب» فى سنة «الكارثة»، قال إن هذا حرام ويخالف شرع الله، وسيظهر هذا فى كل مناحى الحياة مثل قيادة المرأة للسيارات، ومادة مساواة المرأة بالرجل، لم تكتف بشرط «بما لا يخالف شرع الله»، بل وضعت شرطا أكثر تقييدا وأوسع مجالا للتكفير والتحريم، وهو «بما لا يخالف أحكام الشريعة»، وأحد أحكام الشريعة ألا تخرج المرأة من بيت زوجها، إلا لتدفن وكل هذا تقييد إرهابى يحول مصر إلى سجن كبير فى ظل إسلام شكلى لا معنى له.
* إذن، الوعود والتعهد بالحفاظ على مدنية الدولة كانت مجرد شعارات انتخابية؟
- هذا المشروع ينسف تماما كل ادعاءات التيار الإسلامى السياسى بإقامة الدولة المدنية، على الرغم من أن الدولة فى الإسلام الصحيح دولة مدنية 100%، السيادة فيها للشعب، ولكنها عند تيار الإسلام السياسى، كما تبين الآن، دولة دينية ليس فيها للشعب السيادة ولا حقوق ولا حريات.
* هل من مخرج؟
- المخرج الوحيد هو رفض هذا المشروع رفضا باتا وقاطعا، ومحاربة المجلس العسكرى وتيار الإسلام السياسى لإخراج دستور محترم، بالتوافق الشعبى على أوسع نطاق ممكن وإعطاء الفرصة للقوة البازغة فى المجال السياسى لقوى الشباب والقوى الثورية.
* وأين دور الجمعية التأسيسية؟
- اختطف تيار الإسلام السياسى الجمعية التأسيسية، مثلما فعل مع الثورة، فغالبية المسيطرين فى اللجنة هم من الإخوان أو السلفيين المتشددين وبعضهم فى تقديرى أعجوبات من أعاجيب العصر، بعضهم كأنهم سكان كهوف وجحور خرجوا إلى الجمعية.
* إذا حدث استفتاء على مشروع الدستور وكانت النتيجة مماثلة لسابقتها، كيف سيكون الوضع؟
- ستكون مصر تحولت إلى نمط جديد من الاستبداد المغلف بنقاب إسلامى شكلى لا معنى له، ولا علاقة له بصحيح الإسلام إلا بصلاة المسئولين فى البلد الفجر والجمعة فى الجوامع والخطبة فيها.
* ما الفرق بين النظام السابق والحالى؟
- النظام الحالى حكمه تسلطى لا يختلف فى قليل أو كثير عن النظام الذى أنشأه الطاغية المخلوع، بل يعتبره البعض أسوأ، بسبب إعطائه مسحة إسلامية شكلية تتوقف عند منطق الصلاة فى مواقيتها فى المساجد وحل المشكلات بالدعاء والتضرع إلى الله دون عمل شىء مختلف، للأسف انتهينا إلى نظام أشد بشاعة من نظام مبارك.
* وما الفرق بين الحزب الوطنى المنحل، والحرية والعدالة؟
- الحزب الوطنى لم يكن وطنيا ولا ديمقراطيا، وكذلك حزب الحرية والعدالة، لا يوجد فيه حق للحرية ولا عدالة للمصريين.
* وما تقييمك لأداء الرئيس محمد مرسى؟
- بعد مشروع الدستور تبين أن «مرسى» ما هو إلا رئيس «زخرفى» بمعنى أنه شكلى فقط، وإن صانع مستقبل مصر السياسى الفعلى، هو نائب المرشد، خيرت الشاطر، لأنه هو من اتفق مع السلفيين المتشددين على وضع عبارة «بما لا يخالف شرع الله» فى نصوص الحقوق والحريات، كى يقوى تحالفه معهم، فهو الحليف الأساسى للسلفيين المتشددين.
* ولكن ما يردد فى الشارع السياسى أن المرشد هو الذى يحكم؟
- لا، الصحيح أن نائب المرشد هو الصانع الحقيقى لمستقبل مصر السياسى ولذلك تسمعين أنه سيرشح نفسه لمجلس الشعب المقبل، وسيرأسه لأن المطلوب ليس فقط وضع دستور يقيد الحقوق والحريات «بما لا يخالف شرع الله» كما يقولون، وإنما أن تكون جميع القوانين التى تسن متماشية مع هذا الدستور المقيد.
* ألا ترى أن جولات الرئيس مرسى، محاولة لمساندة الاقتصاد؟
- لا، بل هو «يستمتع يومين» بالسلطة والطائرة الرئاسية.
* ماذا عن الودائع التى أتى بها لمصر؟
- تيار الإسلام السياسى، يفخر بأنه أتى بوديعة 2 مليار دولار، وفى حقيقة الأمر هذه الودائع لا قيمة لها فى مشروع حقيقى للتقدم أو للنهضة لأنها كلها ودائع تحت الطلب الفورى، يمكن أن تطلب فورا، ولا يمكن استخدامها فى مشروعات إنتاجية تستغرق وقتا، فتفاخرهم أجوف كما يتفاخرون بمدة السماح وهى 10 سنوات، ولن يبدأ السداد لهذه الودائع إلا بعد 10 سنوات، وهو ما يبدو مغريا، ولكنه يعنى أن من يقترض الآن لن يكون موجودا بعد انقضاء ال10 أعوام، وبالتالى لن يكون مسئولا عن السداد ومن سيسدد هو الشعب الغلبان.
* فى هذه الحالة إذا قارنا بين الفساد فى السابق والحالى ماذا تقول؟
- أقول إن الفساد السابق كان مغطى، أما الآن فهو موجود فى العلن، ويحاولون إضفاء قدسية الدين عليه.
* هل أنت مع قبول قرض صندوق النقد الدولى؟
- كلنا نعلم موقف الإسلام السياسى من القرض حين كان يتفاوض عليه الدكتور كمال الجنزورى، ورفضهم الشديد له، وكنت من الناس الذين كتبوا فى رفض هذا القرض، لكنهم الآن يبررونه ويشرعونه، بل إنهم أصدروا فتاوى بأن الفائدة التى تدفع على هذا القرض ليست حراما، ولا ربا فهم يحرفون قويم الدين لمصالحهم السياسية.
* وما السبب؟
- السبب أن منطقهم فى الاقتصاد والسياسة، نفس منطق مبارك، الذى أدى إلى المظالم ثم قيام الثورة، فكرهم ليس مختلفا ويريدون تحقيق ما حققته عصابة مبارك من السيطرة على مقاليد الاقتصاد وإثراء أعضائهم منه، ويتحول المجتمع إلى نصف فى المائة جديدة فاحشة الثراء، ستكون ملتحية، وتتمتم باسم الله طول الوقت.
* هل أصبح الأمن متوافرا فى الشارع المصرى حاليا؟
- من يدعى هذا كاذب، فالأمن غير متوافر والجميع يعلم ذلك والسبب الأساسى فى أن السياحة ما زالت شبه غائبة هو غياب الأمن، هم يحاولون النفخ فى محاولات وزارة الداخلية للحفاظ على الأمن ولكنها محاولة فاشلة لأن الجميع يتعرض للانتهاك الأمنى.
* الرئيس أشار إلى أن مشكلة المرور جرى حلها، مبررا ذلك بزيادة عدد المخالفات المرورية؟
- فكرة أن مشكلة المرور حلت بزيادة عدد المخالفات تعبر عن منطق غبى وسقيم، وللأسف استرشد الرئيس بذلك فى الدفاع عن ال100 يوم، حين قال: إننا جمعنا 200 ألف مخالفة مرور، وهذا لا يعنى أبدا حل مشكلة المرور، وإنما يعنى زيادة حصيلة المخالفات.
* وما تفسيرك للوجود الشرطى الكثيف فى الشارع؟
- وجود الشرطة لا يعنى الأمن، لكنه يعنى العودة إلى الوجود فى الشارع، وربما عودة إلى بعض الممارسات السيئة للشرطة، إنما الأمن يعنى شعور المواطن بالأمان فى بيته ومكتبه وشارعه، وهذا لم يتحقق.
* كيف رأيت قرار إقالة النائب العام؟
- خطأ فادح من مؤسسة الرئاسة، ومن بعض من لا يستحق أن يكون فيها.
* تقصد مستشارى الرئيس؟
- بالتأكيد أقصد المستشارين؛ فالمستشار القانونى للرئيس معروف أنه كان متعاونا مع مباحث أمن الدولة ويعمل لها، وحزنت حزنا شديدا لأن من تولى تنظيف الآثار المترتبة على هذا الخطأ الفادح، هو نائب الرئيس المستشار محمود مكى، وهو الرجل الذى كنا نتمنى له أن يلعب دورا مهما، وللأسف مكى تولى تلميع صورة الرئيس والدفاع عن أخطائه.
* هل يعنى هذا أنك متعاطف مع النائب العام؟
- لا، على الإطلاق، لأن النائب العام أخطأ أخطاء فادحة ليس منذ الثورة فقط بل منذ عهد مبارك، فلن أنسى له أبدا تكييف واقعة غرق العبارة التى مات فيها 1200 مصرى على أنها جنحة، فى حين أنها جريمة قتل لأكثر من 1000 مصرى، وبنفس المنطق كل قضايا قتل الثوار وإفساد الحياة السياسية، وكل النهب والفساد الفاجر بعد الثورة، وأعتبره السبب الأساسى فى أن القضايا كلها انتهت بأنه لا أحد قتل أو أصاب ثائرا، وكأن جنودا من السماء حاربوا مع نظام مبارك.
* إن لم تكن متعاطفا مع النائب العام ولست مع إقالته فكيف التعامل مع أخطائه الفادحة؟
- أرى أن التعامل السليم مع أخطائه، هو إحالته للمحاكمة التأديبية، لأن إقالته مخطئة قانونا ودستورا، لكن أى إنسان قابل للمحاكمة بالأصول القانونية؛ بمعنى أن النائب العام كأى قاض من حق المجلس الأعلى للقضاء أن يحاكمه بناء على اتهامات معينة، ورأيى أنه كان يجب سؤاله أمام المحاكمة التأديبية عن الأخطاء القاتلة التى ارتكبت من النيابة العامة قبل الثورة وبعدها، وكانت أى محكمة نزيهة ستنتهى بعزله، لكن الطريقة التى اختارها الرئيس بناء على النصائح السيئة لمستشاريه هى طريقة ما يسميه أولاد البلد «غشيم ومتعافى»، فالأسلوب السليم إن كانت هناك من مشكلات فى أداء النائب العام يحال إلى المحاكمة التأديبية كما تنص القوانين بلجنة مشكلة من مجلس القضاء الأعلى، وهذا لا يحقق العدل فقط، ولكن أيضاً يضمن حماية أهداف الثورة.
* وهل تعيين النائب العام سفيرا للفاتيكان لا يعد عقابا؟
- تعيين النائب العام سفيرا يعد بمثابة مكافأة وإبعاد عن المساءلة والحساب، ومن منظور الثورة الحقيقى أسلوب الرئيس فى التعامل مع أخطاء النائب العام كان فيه إهدار لحق الثورة فى مساءلته ومحاسبته.
* ما الذى دفع الرئيس إلى المجازفة وارتكاب مثل هذا الخطأ؟
- «مرسى» يحاول رشوة جميع السلطات فى المجتمع كى يضمن ولاءها للتيار الإسلامى السياسى، فكما أرسل «حمدى بدين» مستشارا عسكريا للسفارة المصرية فى الصين، كان يريد إبعاد النائب العام بمنصب دبلوماسى رفيع يحميه من المساءلة.
* ألم يكن متوقعا مساندة القضاة للنائب العام إذا تحول للمحاكمة التأديبية؟
- لا ليس كل القضاة، لأن فيهم الصالح والطالح ككل الفئات، وفى تقديرى الشخصى إن كان أحاله وفقا للأصول والإجراءات المراعاة فى مساءلة القضاة، فإن القضاة الشرفاء كانوا سيؤيدون الإحالة، لأنها يمكن أن تبرئه ويمكن أن تدينه، فهذا شأن القضاء فى كل الأوقات، لكن محاولة إبعاده بشكل غير قانونى وغير دستورى خطأ، لأن الشكل لدى كل العقليات القانونية مهم، وهنا الرئيس أخطأ شكليا وسياسيا.
* بهذا المنطق، كان لا بد من إحالة طنطاوى وعنان للمحاكمة، وليس إقالتهما؟
- بالتأكيد، كان وما زال.
* حتى بعد تكريمهما؟
- تكريمهما لا يمنع إحالتهما للمساءلة، بل إن الحق وحماية الثورة يقتضيان إحالتهما وحمدى بدين إلى المحاكمة بتهمة قتل وإصابة الثوار وإفساد الحياة السياسية بعد الثورة، وهذا يعود بنا إلى مرحلة بدء كل الإفساد فى الحياة السياسية، فكما أساء مبارك وعصابته بإفساد الحياة السياسية قبل الثورة، فطنطاوى وعنان وبدين ومعاونوهم أفسدوها بعد الثورة وتسببوا فى قتل وإصابة المتظاهرين.
* هل فترة ال100 يوم، بما تحمله من قرارات، كافية للحكم على الرئيس؟
- البدايات لم تكن صائبة، ولكن من المؤكد أن «مرسى» رئيس زخرفى، كما أشرت، فهو «صورة» فقط، والقرارات الحاسمة تتخذ بواسطة آخرين، على رأسهم نائب المرشد، وكما أشرت سابقا، فإن الوصمة الإرهابية للدستور، التى تشترط «بما لا يخالف شرع الله» وتتهم ضمنا كل المخالفين لذلك بالكفر، اتفاق بين نائب المرشد والتيارات السلفية المتشددة، وحين يتحدث «مرسى» عن إعادة تشكيل الجمعية، فإنها إجراءات شكلية، لكن القرارات الفعلية يتخذها نائب المرشد، الذى سيكون فى الغالب رئيس مجلس الشعب المقبل، كى يضمن أن القوانين التى ستصدر تكون منضوية تحت هذا الدستور الإرهابى الذى سيحول مصر إلى سجن كبير.
* وأين صفوة المجتمع من مفكرين وأدباء ومثقفين وخبراء؟
- محتارون وضائعون للأسف، فبعضهم وقع فى خطأ حين دعم «مرسى»، ولكنهم يعودون الآن ويعترفون بخطئهم، والبقية فيها عناصر مخلصة، ما زالت تعبر عن نبض الثورة، ولكنها لا تمتلك قوة سياسية، وأنا لا أعول على النخبة أو الصفوة فى تغيير مستقبل مصر بل على القوة الحية للشعب وعلى رأسها القوة العاملة.
* ما تفسيرك للارتفاع غير المبرر للأسعار؟
- سأسرد قصة واقعية مررت بها يمكن أن تجيب عن السؤال: ذهبت لأحد المحلات التجارية لأشترى سلعة ما، فطلبت من البائع أن يختار لى ما بين السلع المنتجة محليا والمستوردة، فاختار المستورد، ولما سألته عن سبب اختياره، قال إن السلعة المصرية أردأ وسعرها يزداد بمعدل أعلى، ومعنى هذا أن المنتج المصرى لا يكتفى بالربح الذى يحصل عليه المنتج الأجنبى فى بلده بالإضافة إلى أسعار النقل والتأمين، فهى رأسمالية لا يمكن وصفها إلا بأنها «رأسمالية حرامية» لأن الجشع مستمر ومدعوم من السلطة، لأن السلطة تدعم كبار التيار الإسلام السياسى، فى مجال الأعمال، الذين يريدون احتكار هذه المجالات، فمنذ أسابيع أعلن نائب المرشد أنه بصدد احتكار 70% من تجارة السلع الاستهلاكية فى مصر لأنها تحقق أرباحا جنونية، فالسلطة تناصر رأسمالية تضر العمال وتهدر حقوقهم وتحقق أرباحا خيالية نتيجة لارتفاع أسعار جنونى يعانى منه المستهلك، والسلطة، سواء الرئاسة أو حكومتها، غائبة عن ذلك، ولا يظهر إسلامهم الذى يحث على مقاومة كل هذا، إلا فى صلاة الفجر وصلاة الجمعة ومطالبة المواطنين بالدعاء حتى تنزاح الغمة.
* الاقتصاد ينهار منذ بداية الثورة.. فما السبل التى تحد من انهياره؟
- لا بد أن نفهم أن نظام الطاغية المخلوع ترك الاقتصاد مهلهلا ومحطما، ومن ثم ليس من سبيل لتقوية الاقتصاد، إلا من خلال مشروع نهضة حقيقى.
* تقصد مشروع النهضة الذى أعلن عنه الرئيس مرسى أثناء انتخابات الرئاسة؟
- لا، طبعا، لأن مشروع النهضة الخاص بمرسى ونائب المرشد، خدعة انتخابية ليس أكثر، حتى برنامج ال100 يوم، اتضح أنه مجرد وعد انتخابى، وبدأوا الخداع بتحريك يوم البداية ل100 يوم، فقالوا حين تنصيبه رئيسا، ثم بعد تعيين الحكومة، وبعد أن مر شهران قالوا بعد تعيين المحافظين، ثم قالوا حين تستقر الأمور، والآن يقول رئيس الحكومة إننا محتاجين 100 سنة لتصحيح الأوضاع.
* وما المدى الزمنى الذى تحتاجه النهضة الحقيقية؟
- النهضة الحقيقية تقتضى أكثر من 10 سنوات، وتقتضى فكرا نهضويا حقيقيا لإقامة دولة تنموية قادرة وفعالة، لا دولة تمد يدها، للحصول على قروض لا يمكن أن تستخدمها فى مشروعات إنتاجية حقيقية.
* أعلن عن عدة مشروعات تنموية تخطط لمستقبل مصر، ألا يمكن الاستفادة منها؟
- حين تكون لديك دولة قادرة تقوم على مشروع حقيقى للنهضة، وليس للسيطرة على الاقتصاد والمجتمع للتحكم فيه، وهذا غير متاح حاليا؛ فالنهضة معلقة على حكم ديمقراطى سليم يسعى لمصلحة الناس، فى حين هَم السلطة الآن السيطرة على المجتمع وضمان ألا يخرجوا منها.
* ماذا يخيفك مستقبلا؟
- خوفى الحقيقى أن تقمع سلطة الإسلام السياسى، الاحتجاج السلمى بدرجة أشد عنفا وضراوة من نظام الطاغية المخلوع، والخوف الأشد من أن يستخدموا ميليشياتهم فى قمعها ما يؤدى إلى حرب أهلية.
* وكيف ترى الاعتصامات والمطالبات الفئوية المستمرة؟
- فى تقديرى أن القوى الفاعلة الحقيقية هى القوى الشعبية، خصوصا قطاعات قوة العمل التى تهدر حقوقها يوميا، والتظاهرات والاعتصامات حقهم الشرعى والقانونى والدستورى فى كل الأعراف والقوانين، حتى يأخذوا حقوقهم، أو على الأقل، ليروا أملا فى حصولهم عليها، فالمواطنون لم يروا أى بادرة تعطيهم الأمل.
* ومن المسئول؟
- خطيئة الحكم التسلطى فى ظل الإسلام السياسى أنه لا يعطى أى آمال فى إحقاق الحق وإقامة العدالة الاجتماعية التى قامت من أجلها الثورة.
* لكنك كنت ترى أنه لا يجب الحكم على الرئيس قبل مرور فترة 6 أشهر على حكمه، ما الذى حدث؟
- هذا قبل أن أشاهد أفعاله، أما الآن أصبح لا يستحق الانتظار لأن ما رأيناه حتى الآن لا يبشر بالخير.
* ما توقعاتك بالنسبة لمجلس الشعب المقبل؟
- ربما يقل نصيب الإخوان عن المجلس السابق، لكن للأسف الشديد ستظل الأغلبية فى يد التيار الإسلامى السياسى مجتمعا أى الإخوان والسلفيين.
* لماذا؟
- لسببين، الأول القصور فى القاعدة الانتخابية، وليس لحسن أداء التيار الإسلامى السياسى فى الفترة الماضية، والثانى استمرار الفقر والغلاء الجامح الذى يضع الفقراء والمستضعفين تحت طائلة التأثر بالرشاوى الانتخابية.
* هل يعنى استمرار الفقر اقتراب توقع ثورة الجياع؟
- لا أحب تعبير «الجياع» هذا، لأن فيه نظرة دونية، بالنسبة لى الجياع مواطنون عاديون، وأى انتفاضة شعبية لها احترامها وقيمتها أيا كان من يقوم بها، ما دامت ضد الظلم، وهذا فى صميم قويم الإسلام، وهؤلاء يريدون البقاء فى السلطة ولو باستمرار الظلم واشتداده.
* إذن ماذا تسميها؟
- «ثورة مطحونين مستضعفين» أو ثورة مظلومين، وثورة المظلومين هى أساس كل الفكر الإسلامى المستنير.
* وهل هذا متوقع؟
- أتوقع اشتداد الحركات الاحتجاجية، وبالمناسبة أرفض تسمية «الاحتجاجات الفئوية» لأنها كلام فارغ ابتدعه وردده وأشاعه المجلس العسكرى -ربنا يسامحهم- لتجريم الاحتجاجات الشعبية الأصيلة القائمة ضد الظلم، واستمرارها بداية لموجات تالية من الثورات الشعبية.
* كيف ترى مستقبل مصر؟
- سنوات مقبلة من المخاض العنيف نتيجة لاشتداد الظلم وتصاعد الرد الطبيعى والمنطقى والمشروع عليه من الاحتجاجات الشعبية إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.