أكد المستشار أحمد الزند رئيس نادي قضاة مصر أن حرص قضاة مصر على أن يرسخ الدستور المرتقب للبلاد المزيد من استقلال القضاء والسلطة القضائية، ليس مطلبا فئويا خاصا بهم، بل يمثل ضمانة أساسية لسيادة حكم القانون وإرساء الحق والعدل في ربوع المجتمع بأسره، وحماية لكافة الحقوق والحريات العامة للمواطنين. جاء ذلك في كلمة للمستشار الزند خلال الندوة التي عقدت الليلة الماضية بمقر النادي النهري للقضاة والتي شارك فيها عدد من الرموز الوطنية من بينهم، عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، والدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد، والدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء السابق، والدكتور جابر نصار أستاذ القانون الدستوري وعضو الجمعية التأسيسية والدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة، وعدد كبير من رؤساء وممثلي الأحزاب السياسية والقوى والتيارات وكبار الكتاب والمفكرين والصحفيين وعدد من رجال القضاء والنيابة العامة. وانتقد المستشار الزند بشدة عدم تضمين مسودة الدستور لنص يحمي السلطة القضائية والقضاة من عمليات الاعتداء المتكررة على دور المحاكم، وكذلك التصدي لظاهرة التعليق على الأحكام القضائية في وسائل الإعلام المختلفة، لمحاولة التأثير في مسيرة العدالة والتجاوز في حق قضاء وقضاة مصر. وأشار الزند إلى رفض قضاة مصر للنص المقترح في مسودة الدستور، بأن تكون مدة النائب العام 4 سنوات غير قابلة للتجديد اعتبارا من تاريخ شغله لمنصبه، أي قبل إصدار الدستور الجديد، موضحا أن هذا النص أعد خصيصا لمحاولة إقصاء النائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود من منصبه، من خلال نص يخالف أبسط القواعد الدستورية، التي لا تصبح بتطبيق القوانين والمواد الدستورية بأثر رجعي. وأعرب المستشار الزند عن تقديره لموقف الرئيس محمد مرسي الذي انحاز للحق والعدل استجابة لمطالب قضاة مصر بالعدول عن قرار ابعاد النائب العام عن منصبه. وأكد على ضرورة أن يتضمن الدستور حماية للمواطنين من التنصت على محادثاتهم الهاتفية، وكذلك كفالة حق الشكوى شريطة الا تكون شكاوى كيدية، مشيرا إلى أهمية أن تقوم النيابة العامة باتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهة من يتقدم ببلاغ كاذب. ومن جانبه، أكد عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية وعضو الجمعية التأسيسية أن العديد من أعضاء التأسيسية مصرون على عدم السماح ب "سلق الدستور" على حد تعبيره، مشيرا إلى أنه وعدد من أعضاء الجمعية التأسيسية تقدموا اليوم بتعديلات شاملة على مسودة الدستور في ضوء ما تراءى لهم من وجود أخطاء عديدة في المواد المقترحة والتي تستوجب تعديلها. وأشار إلى حرصه على ضرورة أن يكون الدستور الجديد دستورا تفخر به مصر، وعلى أن يكون بمثابة وثيقة محترمة لجميع المصريين، واستنكر محاولات تضمين نص في الدستور لإبعاد النائب العام من منصبه بالتحدي لإرادة الشعب المصري وقضاة مصر. وذكر أنه حريص على التمسك بالنص في الدستور على أن تكون مبادىء الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، باعتبار أن ذلك الأمر يمثل مطلبا لمسلمي مصر وأقباطها، ومحذرا من خطورة الالتفاف على هذا النص. وأكد أهمية أن يتضمن الدستور الجديد حماية التراث المصري الذي هو جزء من التراث العالمي، وأن يكفل حرية العقيدة والاعتقاد والبحث العلمي والابداع والفنون والآداب. من جانبه، كشف الدكتور جابر نصار أستاذ القانون الدستوري وعضو الجمعية التأسيسية، عن مفاجأة كبيرة تتمثل في أن الغالبية العظمى من أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور لم يشاركوا أو يعلموا شيئا عمن وضع المواد والنصوص المتعلقة بالسلطة القضائية في مسودة الدستور، واصفا تلك المواد بالكارثة المحققة. وأشار إلى أهمية الحرص على أن تتضمن نصوص السلطة القضائية التأكيد على استقلال القضاء والسلطة القضائية، لافتا إلى أن أي خروج عن ذلك سوف يمثل عوارا دستوريا كبيرا، معتبرا أن باب السلطة القضائية شهد إهدارا غير مسبوق لاستقلال السلطة القضائية وبصورة غير مهنية. من جانبه، حذر الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة من التسرع في إصدار الدستور وعرضه على الاستفتاء العام قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المتعلق بالطعن على تشكيل تلك الجمعية، موضحا أنه لو تم موافقة الشعب على الدستور عبر استفتاء عام ثم صدر الحكم ببطلان تشكيل الجمعية ففي هذه الحالة يعد الدستور باطلا. وأكد الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد أن مسودة الدستور التي كانت قد أعلنت خلال الاسبوعين الماضيين، بها العديد من الأخطاء التي أدت إلى جعلها محل خلاف كبير بين القوى السياسية، مشيرا إلى وجود جهود مخلصة من جانب بعض الشخصيات المرموقة داخل الجمعية التأسيسية تعمل حاليا على إحداث توافق بين القوى المختلفة على مواد الدستور. وقال البدوي إن هناك اقتراحا سبق أن عرضه المهندس أبو العلا ماضي عضو الجمعية التأسيسية حظي بموافقة القوى السياسية المشاركة في هذا الاجتماع، بان تكون هناك لجنة تعمل تحت إشراف رئيس الدولة تضم مجموعة التوافق داخل الجمعية وعددهم لا يزيد على 10 أشخاص، يضاف إليهم 12 عضوا يمثلون الأحزاب التي انسحبت والتي لا تمثل في الجمعية إلى جانب نقيب المحامين، بحيث يعملون بإشراف رئيس الدولة بهدف التوصل إلى توافق وطني حول الدستور، وأن تخرج مواده بأكبر قدر ممكن من التوافق. وأكد الدكتور يحيى الجمل أهمية الحرص على تضمين الدستور الجديد موادا تضع السلطة القضائية في مكانتها اللائقة التي تتفق مع إرادة شعب مصر بقواه السياسية المختلفة بعد ثورة 25 يناير، مؤكدا أن استقلال القضاء واحترام أحكامه تمثل دعامة أساسية لسلامة واستقرار المجتمع المصري وسلامة مواطنيه.