تتجدد الأزمة السودانية يوما بعد يوم خاصة في الوقت الذي يمنع فيه المتمردون والعناصر المسلحة على الحدود بين الشمال والجنوب السوداني من وصول الإمدادات والمساعدات الإنسانية التي ترسلها الأممالمتحدة إلى اللاجئين السودانيين على الأطراف الحدودية أو الأسر الجنوبية بسبب اندلاع المواجهات العسكرية من وقت لأخروفي هذا السياق يؤكد الدكتور هاني رسلان، الخبير في الشؤون السودانية، أن معظم المواجهات العسكرية المسلحة تحدث بسبب المتمردين على الأطراف الحدودية في ولاية كرد فان، وولاية النيل الأزرق، خاصة بعد الاتفاق ثلاثي الأبعاد الذي ينص على إرسال المساعدات الإنسانية. ويشير رسلان إلى أن هذا الاتفاق بين الأممالمتحدة، والاتحاد الإفريقي، والجامعة العربية، أظهر عدم التزام حكومة الشمال، خوفا من إدخال منظمات خارجية أو عناصر خارجية من الغرب حتى لا يتكرر نموذج دار فور والأزمة السودانية، وأزمة اللاجئين. ويضيف الخبير في الشؤون السودانية أن إسرائيل لعبت دورا مهما في انفصال الجنوب السوداني عن الشمال بعد دعمها للحركة الشعبية السودانية لفترات طويلة، مشيرا إلى أن حكومة جنوب السودان تعزز من الوجود الإسرائيلي كنوع من "رد الجميل" لإسرائيل - على حد تعبيره- ، التي يعد من أهم دوافعها إحداث نوع من البلبلة في المنطقة، وعدم الاستقرار الذي يمكن من خلاله إحداث مواقف متعنتة ضد مصر في الفترة القادمة خاصة بعد انقسام الجنوب عن الشمال. من جانبها تقول الدكتورة إجلال رأفت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والباحثة في الشأن السوداني إن إسرائيل تحرص على دعم تواجدها الاقتصادي والعسكري في المنطقة العربية وخاصة في السودان، مشيرة إلى أن هذا التواجد ليس بجديد بل هو من فترة الخمسينات، بعد أن وسعت إسرائيل من تواجدها في الجنوب السوداني بعد الانقطاع العربي عنها عقب استقلالها عن الشمال. وتفيد رأفت أن إسرائيل من الناحية الاقتصادية تحاول الالتفاف حول الوطن العربي وتضع لنفسها مواقف إستراتيجية في المنطقة العربية، خاصة في السودان وأثيوبيا وأوغندا، وفي شرق إفريقيا تحديدا حتى تتمكن من الاطلاع على البحر الأحمر وخاصة بعد أن ساعدت إسرائيل جنوب السودان على الاستقلال، والتي أظهرته زيارة رئيس جنوب السودان سلفا كير إلى إسرائيل لإبداء شكره للحكومة الإسرائيلية التي وقفت بجانب الحركة الشعبية السودانية حتى نالت الجنوب استقلالها، في الوقت التي اعتبرتها مصر مجموعة من المتمردين الذين لن يكون لهم صدى. وتختتم الدكتورة إجلال رأفت حديثها ل"الوادي" قائلة "ليس من حقنا أن نلوم إسرائيل، ولا جنوب السودان على تعاونها مع إسرائيل، ولكن لابد أن نلوم مصر علي ضعف موقفها من الجنوب السوداني، مشيرة إلى أن الوضع في الجنوب في غاية الخطورة، وان دولة الجنوب أصبحت مهمة جدا ولابد من التعاون معها ولابد من إثارة روح التعاون معها خاصة وان دولة الجنوب السوداني أصبحت من دول منابع النيل. ويقول الدكتور جمال الشاذلي، أستاذ الشئون الإسرائيلية بجامعة القاهرة، أن الزيارات المتبادلة بين الطرفين الإسرائيلي والسوداني أكبر دليل على مدى قوة العلاقة بين الطرفين، ويؤكد أن إسرائيل شغلت مصر بمشكلات غزة وتوجهت إلى افريقيا حتى استطاعت أن تتواجد وبشكل مكثف فى دول حوض النيل حيث تضع خطة محكمة للتضييق على مصر. ويشير إلى أن إسرائيل ليست بحاجة للتدخل العسكري فى جنوب السودان حيث أنها دولة وليدة لم تتم أركانها بعد وتفتقر إلى جميع سبل العيش كالتعليم والصحة وغيرهم، موضحا أن إسرائيل تستولي على أطماعها بسهولة وكذلك التضييق على الشمال من خلال سيطرتها على الجنوب من خلال إبرام اتفاقيات اقتصادية تشمل المياه والزراعة. وينتهي أستاذ الشؤون الإسرائيلية إلى قراءة في "إفريقيا في الفكر الصهيوني"، مؤكدا على مدى أهمية إفريقيا بالنسبة لإسرائيل، مؤكدا أنه من خلالها تستطيع السيطرة على دول الربيع العربي ذات الحكومات الإسلامية التي تواجهه أكثر التحديات معها و حصارها وكذلك لم يستبعد الخبراء الأفارقة لجوء إسرائيل للإلتفاف الكامل حول السودان بتأييد أمريكي وتسهيل جنوبي مما يجعل تلك المحاولات هي الأكثر تأثيرا على معادلة مياه النيل.