عباس شراقي يكشف أسباب الزلازل المتكررة في إثيوبيا    غداً.. انطلاق الأسبوع التوظيفي ل جامعة عين شمس    وزارة البترول تكشف أسباب زيادة أسعار البنزين والسولار    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 19 أكتوبر 2024    حكومة نتنياهو ستصوت على مقترح يتعلق بتوزيع شركات أمريكية الطعام بشمال غزة    "حزب الله" يستهدف قاعدة "فيلون" الإسرائيلية بصلية صاروخية    بيونج يانج : عثرنا على حطام مُسيرة عسكرية كورية جنوبية    مائل للحرارة والعظمى على القاهرة 29.. حالة الطقس اليوم    اليوم.. محاكمة إسلام بحيري لاتهامه بصرف شيك دون رصيد    مشهد صادم للجمهور.. اختراق هاتف إعلامي مصري على الهواء مباشرة (تفاصيل)    تكريم الفنانة بدرية طلبة خلال حفل افتتاح مهرجان المسرح العربي    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    حرق الدهون: 10 مشروبات تساعد على إنقاص الوزن سريعًا    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف سالي فؤاد.. طريقة عمل سلطة الفاصوليا الخضراء    موعد مباراة نادي قطر أمام الوكرة في الدوري القطري والقنوات الناقلة    أسعار الذهب في مصر تقفز لأعلى مستوى منذ فبراير    أسعار الحديد اليوم السبت 19 أكتوبر 2024 في مصر.. طن «عز» يسجل 42 ألف جنيه    6 سنوات عمل سياسي| «التنسيقية».. استراتيجية جديدة للانتشار والتفاعل وزيادة الكوادر    في أول مشروع لمراكز الادخار المحلية.. نجحت «ميت غمر» وفشلت روسيا وأمريكا!    تفاصيل مقترح قانون جديد لمكافحة المراهنات    إجازة 10 أيام.. مواعيد العطلات الرسمية في شهر نوفمبر 2024 للموظفين والبنوك والمدارس    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    رئيس شعبة البيض: البيع بالمزرعة يتم حسب الوزن.. ونطالب بوضع معادلة سعرية    ما هو مكر الله؟.. الإفتاء تحذر من وصفه تعالى به وتوضح 7 حقائق    ترامب يعلق على اغتيال السنوار.. ماذا قال عن «بيبي»؟    ملف يلا كورة.. الأهلي إلى نهائي إفريقيا لليد.. استعدادات أندية السوبر.. ومجموعة قوية لسيدات مسار    تجمع «بريكس» يدعم إنشاء تحالف للطاقة النووية    موعد فولهام ضد أستون فيلا في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    دونالد ترامب: موت السنوار يجعل آفاق السلام أسهل في غزة    الاستعلام عن صحة شخص سقط من قطار بالبدرشين    شباب السوالم يفوز على الرجاء بهدفين في الدوري المغربي    التقديم في سند محمد بن سلمان بالسعودية 1446    «مينفعش الكلام اللي قولته».. إبراهيم سعيد يهاجم خالد الغندور بسبب إمام عاشور    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    أحمد سليمان: طريق الأهلي أفضل.. ولكننا نحب التحديات    بلومبيرج: توقعات بارتفاع ناتج حصاد الكاكاو في كوت ديفوار بنسبة 10%    بعد إرتفاع سعر أنبوبة البوتاجاز.. حيل لتوفر50% من استهلاك الغاز في مطبخك    وزير الخارجية التركي يعزي حركة حماس في استشهاد السنوار    دورتموند يعود لطريق الانتصارات بفوز على سانت باولي في الدوري    كيف تطور عمر مرموش مع آينتراخت فرانكفورت؟.. المدير الرياضي للنادي الألماني يوضح    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    منتج عمر أفندى يكشف حقيقة وجود جزء ثان من المسلسل    برج القوس حظك اليوم السبت 19 أكتوبر 2024.. حافظ على صحتك    عودة قوية ل آسر ياسين في السينما بعد شماريخ    عمرو أديب عن واقعة الكلب على قمة الهرم: نازل كإنه بيتحرك في حقل برسيم    وزير الخارجية اللبناني: استمرار إسرائيل في سياسة المجارز سيؤدي إلى مزيد من التطرف    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    إسكان النواب تكشف موعد إصدار قانون البناء الموحد الجديد    ستاندرد آند بورز تعلن أسباب الإبقاء على نظرة مستقبلية إيجابية لمصر    اللواء نصر موسى يحكي تفاصيل ساعة الصفر في حرب أكتوبر    موسكو: خسائر القوات الأوكرانية على محور كورسك تبلغ 505 عسكريين خلال 24 ساعة    رهاب الطيران..6 طرق للتغلب عليها    أشرف عبد الغني: الرؤية العبقرية للرئيس السيسي حاضرة وقوية وتدرك المتغيرات    تطابق ال«DNA» لجثة مجهول مع شقيقه بعد 30 يومًا من العثور عليها بالتبين    ماذا نصنع إذا عميت أبصاركم؟.. خطيب الجامع الأزهر: تحريم الخمر ثابت في القرآن والسنة    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"العقباوي" ل"الوادي".. كل أعضاء "العسكري" السابقين بليونيرات (2-2)
نشر في الوادي يوم 13 - 10 - 2012

"اللهو الخفي" لا وجود له وعفريت اخترعه العسكر أو قيادات "المخلوع" في سجن طره، نظام مرسي مرتعش ويتصرف كما لو كان موكلا من العسكر والمخلوع، مرسي أداة في يد مكتب الإرشاد وخطاب الإخوان يفقد المصداقية في الشارع تدريجيا والأزهر "الجامع" انحرف عن الوسطية نتيجة تأثره بالشغب السياسي للإخوان والسلفيين.. كل هذه الملفات وغيرها نفتحها مع الخبير النفسي د.أحمد شوقي العقباوي في الجزء الثاني من حواره مع "الوادي"، ليحلل الوضع نفسيا، ويشخص الداء ويرصد بؤر الاضطرابات والوساوس في المجتمع، هنا في هذا الحوار:
* أطفال الشوارع.. البعض اتهمهم بالطرف الثالث والبعض الآخر أهملهم وتركهم مشردون في الشوارع والميادين وبين هذا وذاك تبقي آدميتهم ضائعة وكرامتهم مهدرة، ما رأيك؟
حينما تحلل نوعية من يتظاهرون اليوم ستفاجأ ان القلة القليلة ثوار والفئات الأخرى إما بلطجية أو مُستأجَرين يعانون من البطالة يتم استغالهم مادياً من قبل قوي الثورة المضادة ليقوم بالتخريب والفوضي في الميدان أو أطفال شوارع أو أرزقية (باعة جائلين) فإن التحرير بالنسبة لهم مجرد سبوبة ليس الا، فليس لديه رؤى سياسية أو هموم وطنية فإذا ما أعطيته 50أو 100 جنيهاً وقلت له أن يحرق ويخرب وينشر الفوضي وسط المتظاهرين لفعل ذلك عن طيب خاطر لانه ليس لديه شيئا يبكي عليه.
* هؤلاء جميعاً د.عقباوي مسئولية من إذن؟
جهاز أمن الدولة الذي أعلن المجلس العسكري من قبل أنه قام بتغيير اسمه فقط للأمن الوطني المتهم الرئيسي فيما يحدث ومن ثم فإن ما يسمي باللهو الخفي الذي نبحث عنه وراء كل جريمة وكارثة وفتنة طائفية تحدث بلاشك هو جهاز امن الدولة الذي ما تزال أصابعه تنخر في المجتمع، اضافة إلي كتائب العادلي الموازية للشرطة في الجهاز والتي ما زالت قائمة وتعمل لحسابه ورجاله من أجل احداث حالة فعلية من الفوضى في المجتمع وكما قال المخلوع إما أنا أو الفوضي وهو ما نتيقن منه يوماً بعد يوم.
* أطفال الشوارع كثير من الدراسات والأبحاث، قليل من الحلول، أليس كذلك؟
كثير من الدراسات عالجت القضية وآخرها دراسة صادرة عن المجلس الدقومي للامومة والطفولة قام بمسح الظاهرة فاتضح أن عددهم يتجاوز المليون وسبعمائة طفل لهم تنظيمهم ومملكتهم الخاصة بهم ويعيشون علي السرقات أو العمالة لجهات بعينها (البلطجية) لأن كل هدفه الفلوس ولكن ما يردده البعض من انهم حاقدين علي المجتمع فتلك القضية ليست في أذهانهم من الاساس لسبب بسيط أنهم غير مدركين لما يحدث فقط يمتلكون قدراً أكبر من الحرية بهروبهم من بيوتهم وسطوة الآباء للشارع تماماً كقطط وكلاب الشوارع تراهم مستمتعين بحياتهم هذه ولا يفرق معهم ظلم اجتماعي من عدمه.
وقد حاولت بعض الجمعيات الأهلية معهم كثيراً لإعادة تأهيلهم فكانت نسبة من يترددون علي تلك الأماكن ضئيلة لغاية نتيجة تلذذهم بحياة الشوارع فصاروا بلا إرادة (صُيع وفقراء)ومن ثم فإنها قضية بالضخامة بمكان أن يتولاها مؤسسات المجتمع المدني وحدها ولن نقضي علي هذه الظاهرة الا بعد تحقيق الاستقرار الاقتصادي وحكومة تتعامل مع المشكلة بصورة علمية منظمة تسمح لهم جميعاً بدخول المدارس ودور الايواء والرعاية ومن ثم فإننا بحاجة إلي مليارات الجنيهات لحل القضية، لكن النظام لم يضعهم ضمن أولوياته.
* رغم المجلس القومي للطفولة والأمومة ومشروعات القراءة للجميع ومنظمات المجتمع المدني ودور الرعاية ومؤسسات الايواء والأحداث وحقوق الطفل، لا يوجد حل لمشكلة أطفال الشوارع؟
كل هذه المجالس والمؤتمرات والندوات مجرد كلام فض مجالس وطق حنك، لكن إذا أردنا حل المشكلة فعلياً فلا بديل عن وضعهم في أولوية متقدمة لإعادة تأهيلهم من جديد.
* كثرة الضغوط تولد الانفجار وتزيل القدرة علي الاحتمال؟
وارد بكل تأكيد لكن علي الجانب الاخر تراه يجتمع ويتدارك خطأه ليستفيق من أجل هدف وطني عام ولعل ما حدث أكثر من مرة من وأد لنار الفتنة الطائفية قبل أن تحرق المجتمع لدليل واضح علي ذلك لكنني أري ان الشريحة الوسطي من قيادات الإخوان غير راضية عما يحدث ومن الممكن أن تهدد المشير ومجلسه العسكري.
* فلماذا الصمت إذن علي الانتهاكات التي تحدث للمصريين أمام أعينهم كل يوم؟
لأن النظام الحاكم والامن الداخلي يعتمد علي الحلول الأمنية منذ عهد السادات في حل الأزمات بعيدا عن الحلول السياسية وهم يؤمنون ان الترقي للمناصب العليا تمر عبر مصفاة الصمت وقتها تكمم الأفواه بالأموال بمنطق (اطعم الفم تستحي العين)، فكل أعضاء المجلس العسكري السابقين اليوم بليونيرات بلا استثناء ومن ثم يصبح الجميع تحت السيطرة من رتبة عقيد فما فوق فهؤلاء جميعاً لا رهان عليهم، ولا شك أن الثورة القادمة ستكون من قبل القيادات الصغري ضد تضخم ثروات وفساد الكبار، لكن للأسف فإن مؤسسة الجيش بعد 73 قد تحولت لكيان مترهل مهتم بالبرامج الميدانية الربحية (المؤسسات الاقتصادية التي أنشأها تدخل للقوات المسلحة سنوياً ما يقرب من 12-14 مليار جنيه توزع فقط علي أفراد الجيش والنسبة الأكبر بلاشك تذهب لجيوب القيادات).
وبالتالي فإنني أري أن هذا ليس بجيش 73 وخاصة بعد أن أفرغوه من مضمونه بقصد الوصول للسلطة فحسب نظراً لافتقادهم للرؤية والاستراتيجية التي غابت عنا كذلك- نحن المصريين في ثوراتنا.
وهذا نتيجة التخريب الذي تركه المخلوع "مبارك" خلال الثلاث عقود الماضية علي مستوي الجذور (نظام فاسد متعفن) وكذلك المجتمع الذي صار فاسداً بالوراثة وما لم تمتلك الرؤية والاحساس بالواقع فأبداً لن تحدث ثورة جذرية مع كامل احترامي لثورة الشباب في 25 يناير التي التف حولها كافة فئات الشعب المصري الذي كانت أقصى احلامه (إقالة وزير الداخلية والحكومة وتخفيض الاسعار).
فجأة خرج الجميع وسقط مبارك، لكنهم يفتقدون للرؤية التخطيطية في مرحلة ما بعد الثورة، نتيجة تجريف العقول المصرية علي مدار العهود الماضية في كافة مسارات الحياة (الجامعات، القضاء، الجيش) وكافة المؤسسات المدنية ومن ثم فإن مصر مرت بثلاثين سنة سوداء في التاريخ، فجاءت الثورة لتستلم دولة مهترءة وشعب مسطح ومفاهيم مجتمع تنحصر مطالبها في الخلاص في سبيلين، إما من عنده تعالي فكثرت الجماعات الدينية وأتباعهم لأنهم يبيعون لهم الجنة أو من عند ماما أمريكا، نتيجة ان السادات علمنا الشحاته ثم سار مبارك علي نفس المنوال واليوم لا يفرق مرسي عن سابقيه كثيرا في الاقتراض من هنا وهنالك من أجل دعم مشروع نهضة وهمي حسب تصريحات أعضاء الإخوان.
* بمناسبة الحديث عن الاسلاميين وسيطرتهم علي مقاعد البرلمان المنحل ظهرت حالة من الاسلاموفوبيا مؤخراً وخاصة تجاه جماعتي الاخوان والسلفيين؟
المجتمع المصري طوال عمره متدين منذ عهد اخناتون أول من عرف التوحيد، لكن سعودة المجتمع تمت بالتوازي مع أمركته ونشر فكرة أن الحل الامثل العودة لنموذج الماضي بالجلباب الديني والامركة بالمفهوم الاقتصادي العالمي كجزء من الكوكبية والعولمة (globalization) وما حدث في عهد مبارك كان جزءاً من الامركة العالمية بمعني التركيز علي حرية رأس المال في قيادتك وما يلقيه للفقراء مجرد فتات لا كحق أصيل لهم.
* السلفيون ربما يقبلون بسعودة المجتمع ولكن هل سيقبل الاخوان ذلك؟
النظام الوهابي بإختصار بدأ عندما تحالفت الأسرة السعودية المالكة ورجال الدين (الوهابيين) الذين ارتضوا أن يكونوا كلاب السلطة الحاكمة لتدجين الجماهير وبالتالي فلم نسمع عن تيار ديني يتحدث عن مشروعات قومية انتاجية ومن ثم فلابد أن نتيح للاسلام السياسي الفرصة الكاملة لكي يشنقوا أنفسهم أمام الجماهير بعد ان يكتشف المصريون أن الشعارات الدينية كانت مجرد خدعة في خيال التيارات الدينية المتحجرة الرجعية (كوكايين، أفيون غير قابلة للتطبيق) فتسقط بالضربة القاضية كما سقط الحزب الوطني لان الشعب الذي تعلم الخروج للشارع لن يسكته أحد بعد اليوم.
* تقصد أن الرئيس مرسي سيكون اداة في يد مكتب الإرشاد؟
بالطبع لأن قياداتهم ستكون شبيهة بأحمد عز لكن سمعتهم أفضل نوعاً ما ومن ثم سيفتقد خطابهم السياسي لمصداقيته بالتدريج والشعارات الدينية ستثير السخرية لدي الشباب بعد أن يكتشف الجميع ان خلط الدين بالسياسة ليست سوي لعبة أو مناورة للبقاء في السلطة لأطول مدة ممكنة لأنهم طيلة عمرهم في المعارضة ولن تكشف عوراتهم الا بعد أن يحكموا وقتها سيتحول الشعب كله لصفوف المعارضة لأنهم يقولون مالا يفعلون ويفعلون عكس ما يقولون وأنهم منافقون وطلاب سلطة.
* الاسلاميون أقاموا الدنيا ولم يقعدوها من أجل زواج القاصرات في الدستور في الوقت الذي لم يتحرك فيه أحدهما حينما تم قتل شاب السويس أمام خطيبته، كيف تفسر لنا هذا التناقض الغريب؟
تلك هي بنيتهم الفكرية (النفاق) أذكر أنني اول ما ذهبت للسعودية ذهلت بحالة من التدين القشري والظاهري لغالبية المجتمع السعودي (لا دينيين)، خاصة الطبقة المتعلمة فهم يؤدون الطقوس الدينية وخلف هذا المظهر حالة من الانحلال التي لم أرها في المجتمعات الغربية، فالفساد في المجتمع السعودي يفوق بكثير ما تتخيله عقولنا.
* هذا السيناريو قابل للتكرار في مصر في ظل حكم الاسلاميين؟
بالعكس سيلفظهم المجتمع بحكم تطوره التاريخي وسيضيق بأفعالهم سريعاً لأن القيم التربوية مزروعة في التربة المصرية.
* ماذا عن النخبة السياسية والحزبية وما ارتكبته في حق الوطن؟
منذ عهد طه حسين حينما كتب عن أزمة الثقافة في مصر ومشكلة النخبة المصرية أن كل مثقف يحمل طابع المجتمع الابوي الذي تربي فيه علي ان رايه الصواب وحده وراي غيره خطأ وهو ما يهدم كل أصول الحوار الجاد ومن ثم صار اختلافنا مع الأخرين نفياً لهم أو اصدار الأحكام بالكفر أو الاشاحة بوجهك عنه طالما اختلف معك فكرياً.
وبالتالي فالكل يتصور أنه يمتلك الحقيقة وحده وأذكر أنه كانت ثمة محاولات جادة منذ عام 1919 إلى 1930 لغرس الليبرالية في البيئة المصرية والتي تعني أن اعتقد اعتقاداً جازماً بحق الاخرين في الاختلاف الذي لا يحل الا بالحوار للتوصل إلي اتفاق أو توافق عام في نهاية المطاف ولعل من ساهم في ذلك بصورة كبيرة شخصين فقط في تاريخ مصر أحمد لطفي باشا السيد وسلامة موسي، فالليبرالية باختصار غريبة علي المجتمع الذكوري الابوي والديمقراطية ليست غاية وإنما هي آلية لتنفيذ الليبرالية وحينما ترشح أحمد لطفي باشا عام 1928 في الانتخابات البرلمانية أشاع منافسيه بين الناس أنه ليبرالي لا أخلاقي ولا ديني فذبحوه بسكين الليبرالية قبل أن ينشر مبادئها وهذا ما حاول البعض ان يفعله ضد الثلاثي الليبرالي (عمرو الشوبكي، عمرو حمزاوي، مصطفي النجار) وفشلوا في احياء مخططهم القديم نتيجة الوعي الشبابي الصاعد.
* أين دور الأزهر الوسطي في ظل تصاعد موجات السلفيين والاخوان المسلمين؟
حدثت موجة من الهجوم السعودي علي الأزهر من قبل أن يتولي د.محمد سيد طنطاوي رحمه الله، المشيخة بسيطرة التيار الوهابي علي المجلس الاعلي للشئون الاسلامية فانحرف بالأزهر عن مساره الوسطي ولم يعد كما كان أيام العارف بالله د.عبدالحليم محمود فأفرغوه من مضمونه التاريخي باختيار شيوخه وفقاً للتقارير الامنية بغض الطرف عن مرجعيته الدينية، بعد ان كانت شيوخه تقود المظاهرات والثورات علي مر التاريخ أيام الاحتلال البريطاني والدور الكبير الذي لعبه د.مصطفي المراغي في تثوير الجماهير، لكنني أراهن علي د.أحمد الطيب الصوفي المعتدل في عودة الأزهر من جديد.
* في آخر ستين عاماً لم يؤد التغيير في الحكم لديمقراطية حقيقية فهل سينجح التغيير في مصر هذه المرة في الخروج بمصر من نفق الدول النامية؟
الديمقراطية لن تتحقق سياسياً مالم يحدث التغيير الحقيقي علي مستوي الاسرة المصرية فطالما ظل دور الأم هامشياً الحاكم الاوحد في الاسرة وكلاهما يتعاملان مع الأبناء علي انهم ناقصو الأهلية فلن تتمكن من انتاج أسرة ديمقراطية.
* في الطريق إليك تحدثت إلي إحدي السيدات ساخطة علي خروج النساء في المظاهرات قائلة بالنص "قال ايه خارجين في مظاهرات نسائية، جاتكوا القرف وقفتوا حال البلد"! في رايك لماذا هذه النظرة التخوينية سائدة في مجتمعاتنا العربية؟ ومن المسئول عنها؟
التربية الاسرية التي تنظر إلي البنت علي أنها تابعة وخادمة لأخيها الولد الذي ربما يكون أقل سناً منها ومن ثم فإن تنشأتها منذ صغرها علي أنها دون الذكر والمجتمع يتعامل معها كمفعول به طوال الوقت فتخرج من كفالة الاب لكفالة الزوج ومن ثم فانها تري أي تصرفات خارج ما نشأت عليه خروج عن المألوف واتذكر في احدي ندوات المجلس القومي للمرأة أشرت إلي أهمية التركيز علي جيل الامهات وليس الجيل الجديد لأن المرأة المصرية تعيد انتاج نموذجها في أبنائها ومن ثم فالتربية والتعليم يؤديان لفتاة فاقدة الثقة في نفسها نتيجة نظرة المجتمع لها الدونية علي أنها مجرد وعاء للذة فقط.
* ما أهم المواصفات التي توصي بها الرئيس محمد مرسي؟
أن يمتلك الرؤية والحلم الوطني الذي يترجمه لأفكار وخطط استراتيجية واقعية (stratigey plans) تتعامل مع كل القضايا المطروحة في المجتمع، لكن يبدو أن كافة المرشحين يريدون الكرسي علي حساب الدور الذي يماثل دور ربان السفينة الذي يحدد الاتجاهات والاهداف النهائية التي يصل إليها بمشاركة فريق عمل مؤسسي متكامل.
* ولكن من يضمن للشعب ألا يتحول ربان السفينة لديكتاتور في نهاية المطاف؟
تلك هي عظمة الدستور الامريكي (أحلي وثيقة أفرزها الانسان) الذي يقسم المجتمع لمؤسسات قضائية وتنفيذية وتشريعية كل مؤسسة ينحصر دورها في مراقبة وفرملة دور المؤسستين الباقيتين وبالتالي فلا يمكن أن تنحرف المؤسسة التنفيذية (الحكومة) أو المؤسسة القضائية التي تمثلها المحكمة الدستورية العليا أو التشريعية.
وتلك هي الضمانة الوحيدة لمنع خلق ديكتاتور جديد، ومن ثم فعلينا أن ننص في الدستور علي أن مدة الرئاسة دورتان فقط دون تجديد فضلاً عن مقدسات لا تمس، فلكي تتحاشى انتاج ديكتاتور لابد أن تكون نصوص الدستور مقدسة قداسة القرآن.
* قديماً وصفت المصري بالدجاجة في خضوعه وصمته وسلبيته فما هي الصفة الاكثر انطباقاً عليه اليوم؟
(متمردون) وخدعوا بما حدث في الثمانية عشر يوماً الأولي مما فتح الأبواب علي مصراعيها لتصفية الثورة المصرية برعاية المجلس العسكري والاخوان المسلمين، وما حدث أنها كانت انتفاضة تحولت إلي ثورة تفتقد التنظيم والقيادة، فقبل الثورة كان كافة المهتمين بالشان العام لا يكفون حديثاً عن ضرورة التغيير الحتمي والثورة علي النظام الفاسد المتعفن.
رغم أن أحدهم لم يكن يجرؤ علي اتخاذ خطوة واحدة علي أرض الواقع لتنفيذ ما ينادون به في مقالاتهم وكتبهم لمناوئة السلطة فقط يكتفون بالاستمناء الفكري، لكن هؤلاء الشباب انتقلوا من واقعهم الافتراضي الخاص بهم إلي الشوارع والميادين ولأول مرة في التاريخ يحدد يوماً لاندلاع الانتفاضة فتحولت من انتفاضة شباب إلى ثورة شعبية ولم يكن هناك أي امكانية شرطية في الوقوف أمامها فانكسر جهاز الأمن الداخلي إلي الأبد ولن تقوم له قائمة الا حينما تحدث هيكلته من جديد مع تغيير برامج التدريب ومناهج التعليم في كليات الشرطة القائمة علي قاعدة (أنت ضابط يا تركب يا تتركب) ومن ثم فلابد أن تغير عقيدة الشرطة.
* تقصد أن جيوب العادلي لا تزال قائمة إلي يومنا هذا بعد ما يقرب من عامين من عمر الثورة؟
لسه النظام ما سقطش علي رأي الخال عبدالرحمن الأبنودي، فأي نظام وراءه فلسفة وعقيدة وأذكر د.حسن نافعة سألني ذات يوم عن أزمة المجتمع العربي فقلت له لسنا مواطنين بل رعايا فهذا لسان حال من يحكموننا، بعكس ما يحدث في المجتمعات الغربية فذات يوم أوقف أحد المواطنين الرئيس الامريكي ريجان وقال له "Iam pay your salary" أي أنني ادفع لك راتبك من جيبي فكان رد ريجان عليه بمنتهي البساطة "yes, excuse me this is my opinion".
ولم يرد عليه كما فعل "السادات" مع عبدالمنعم أبوالفتوح أيام الجامعة فقال له عيب يا ولد احترم كبير العيلة" وتلك هي أزمتنا أننا مجتمعات أبوية كانت تحكمها شيوخ قبائل أو أمراء وملوك أو قيادات عسكرية قفزت علي السلطة فاصبحت في مقام الملوك ولعل وصف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل للجمهوريات في المنطقة العربية (جمهو ملكية) كان الوصف الأمثل للواقع العربي فرئيس الجمهورية أو الحاكم يتعامل مع البلد كأنها ضيعته وملكه الخاص ومن هنا تولد الديكتاتورية كما يقول د.أحمد كمال أبو المجد "السلطة المطلقة مفسدة مطلقة".
* ما الذي تحتاجه مصر لوضع قدمها علي طريق النهضة؟
إسقاط النظام المتمثل في أسلوب إدارة الدولة (رموز-فلسفة-آليات) وحتي الآن لم يسقط الشعب سوي الرموز في حين لا تزال فلسفة النظام وآلياته قائمة كما هي.
* تقييمك للإخوان المسلمين ومستقبل مصر تحت حكم الرئيس مرسي؟
تعمل جماعة الإخوان المسلمين بالسياسة منذ عام 1928 وبالتالي فلا يعقل أن يتركوا مقعد الرئيس لغيرهم لأن هذا كله "كلام فارغ"، خاصة بعد أن استحوذت عليهم شهوة السلطة الطاغية وأن يجربوا أنفسهم فيما يزيد على ثمانين عاماً في طريق الحكم بدعم ومساندة كافة قوي الجماعة، والتيارات الدينية.
في ظل لعبة السياسة التي تقوم علي مبدأ "اللي تكسب به العب به" فدائماً ما تتغير المواقف لأن السياسة بلا أخلاق وهم بارعون في آداء هذا الدور بكفاءة واقتدار علي مر العصور علي الرغم من وعودهم القديمة بعدم طرح مرشح للرئاسة خلال المرحلة الحالية ولكن حينما تسيطر الجماعة علي مجلسي الشعب والشوري والتأسيسية والرئاسة فلاشك أنهم يسعون لأن تكون الحقبة القادمة لهم وحدهم ولن يتنازلوا عن ذلك ولو كلفهم ذلك تجميد عضوية كافة شباب الجماعة.
فهذا تنظيم عقائدي عقيم سمته الرئيسية الجمود، مؤكداً أنه لا مانع أن تمر مصر بمرحلة طالبان (الإخوان المسلمون سابقاً) وهو ما يثبت فشلهم بصوره كبيرة علي الساحة السياسية.
كما أن مكتب شوري الجماعة بأنها مجرد "طق حنك" وتضييع وقت من أجل الوصول للكرسي والحكم من وراء الستار، حيث يرون أنهم خير القرون، يحميهم تدينهم ومنطقهم الرئيسي أنهم يريدون الحكم بشرع الله وسنة النبي هي الباقية الأزلية.
* وما العيب في ذلك؟
لأنهم يتحدثون عن مطلقات وتابوهات يرونها مقدسة، وكأن قراراتهم وحي من السماء، فضلاً عن النظر إلي أنفسهم كقوة عليا ليس بمقدور أحد الوصول لمكانتهم وهو ما يخلق حالة من التضخم في سلوكيات الجماعة في تعاملاتهم مع القوي السياسية والتيارات الأخرى وأنهم وحدهم الصادقون وما عداهم كاذبون، مؤكداً أنهم أول من يكذبون على المصريين ويبيعون أفكارهم وينافقون الجميع ويقولون مالا يفعلون وهذا قانونهم في السياسة، مشيراً إلى أنهم لن يختلفون كثيراً عن الرئيس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.