منذ أن تم إختياره رئيساً للبورصة المصرية يحرص الدكتور محمد عمران على أن يطلق تصريحات يعلم هو جيدا ويعلم الآخرون أنها تنافي الحقيقة وتجافي الواقع، كما يحرص كذلك على إطلاق وعود يعلم هو أيضاً أنها كاذبة ولن يتم الإلتزام بها، وهو بذلك يدخل نفسه في لعبة سياسية تحسم في معظم الأحيان في غير صالحه ويكون حينها موضع إنتقاد الجميع. فمنذ اليوم الأول لإعلان إختياره رئيساً للبورصة المصرية في حكومة الدكتور عصام شرف أعلن الدكتور محمد عمران أنه قد علم بإختياره رئيساً للبورصة المصرية من خلال وسائل الإعلام والصحافة، وذلك لإيهام الآخرين بعدم طموحه في ذلك المنصب - على الرغم من شرعية ذلك الطموح - وعدم سعيه إليه بل والتجهيز له على مدار أشهر طويلة قبيل عملية الإختيار سواء من خلال العلاقة المباشرة مع نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور حازم الببلاوي والذي قام بالاختيار الفعلي لرئيس البورصة وتزكية القرار لرئيس الوزراء أو من خلال الرئيس الحالي لهيئة الرقابة المالية الدكتور أشرف الشرقاوي في ظل العلاقة الجيدة التي تربط بينهما. ويضع رئيس البورصة المصرية بذلك التصريح الغريب رئيس الحكومة الذي وقع على قرار تعينه في موقف يجب عليه الدفاع عنه، إذ كيف يوقع رئيس الوزراء على قرار اختيار لشخص ليتولى مسئولية أحد المواقع الحكومية الهامة في إطار الهيكل الإداري للدولة دون أن يلتقي به ليتعرف على رؤيته في التطوير وقدرته على إدارة المنصب بالتعاون مع الآخرين ورغبته في تولي المسئولية وكذلك ليتم تكليفه بالمهام التي تتطلبها الفترة. ومنذ أشهر قليلة إستكمل رئيس البورصة المصرية هوايته في إطلاق تصريحاته المزيفة ووعوده الكاذبة حينما أعلن عن نيته في عدم استكمال مدة دورته الحالية لرئاسة البورصة بل والسعي لتقديم الإستقالة فور انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، وذلك لكى يعطي الفرصة لرئيس الوزراء الجديد في حرية اختيار القيادة التي يرى أنها قادرة على تنفيذ المهام والتكليفات التي تتناسب مع تلك المرحلة، وقد علل رئيس البورصة تصريحه هذا بنجاحه في إتمام المهمة التي تم تكليفها بها عندما وقع عليه الاختيار، وهو بذلك يستبق أي قرار لإختيار قيادة جديدة للبورصة المصرية في حال ما إذا جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وأقدم رئيس الحكومة الجديد على التغيير. غير أنه قد جاءت الرياح بما تشتهيه السفن حيث وقع اختيار رئيس الوزراء الجديد الدكتور هشام قنديل على شخص أسامة صالح لتولي مسئولية وزارة الاستثمار، ويعلم الجميع مدى العلاقة القوية التي تربط وزير الاستثمار الجديد وهو الرئيس السابق للهيئة العامة للإستثمار برئيس البورصة المصرية. فوزير الإستثمار أسامة صالح ورئيس البورصة المصرية الدكتور محمد عمران تربيا وترعرعا في أحضان وزير الإستثمار خلال العهد البائد الدكتور محمود محي الدين والذي مازال القضاء المصري الشامخ يحكم في العديد من قراراته والتي تسببت في إهدار المال العام وبيع ممتلكات وأصول الدولة بأبخس الثمن وتربيح حفنة من رجال النظام البائد، بخلاف تسريح العمالة المصرية والجور على حقوقها من خلال تصفية العديد من شركات قطاع الأعمال العام والتي كانت تحدث تحت سمع وبصر وزير الإستثمار ومن خلال خبرائه الذين تم تصعيدهم فيما بعد لتولى مواقع المسئولية. وقد تسبب إختيار الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء لشخص أسامة صالح أن أصبحت عناصر فلول النظام السابق تعشش على وزارة الإستثمار وهو ما يعد أحد المقاعد الحكومية الهامة بخلاف المناصب الحكومية الأخرى التابعة لوزارة الاستثمار ومن بينها الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية، وهو الأمر الذي يتطلب معه ضرورة المتابعة الدقيقة لما يصنع من مواقف و ما يتخذ من قرارات، وكل هذا يعد نتاج الإختيار الخاطىء والذي يعد أحد مساوىء حكومة قنديل. إنها أحد القضايا المهمة التي تواجه الدكتور هشام قنديل رئيس وزراء مصر وتحتاج إلى إعادة التفكير.