نقابة الصحفيين تستضيف سفير تركيا اليوم    مدرسة المتفوقات بالمعادي تستقبل مساعدة وزير الخارجية الأمريكية    "قومي المرأة" يتقدم ببلاغ إلى النائب العام ضد صلاح التيجاني ويطلب التحقيق في "اتهامات التحرش"    إزالة حالات بناء مخالف امتنعت عن استكمال إجراءات التقنين في الأقصر (صور)    19 سبتمبر 2024.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    إزالة 431 حالة تعد على أملاك الدولة والأراضي الزراعية بكفر الشيخ    19 سبتمبر 2024.. أسعار الحديد والأسمنت في المصانع المحلية اليوم    الكهرباء تفسر أسباب تأخر تطبيق خطة تخفيف الأحمال    رئيس مدينة منيا القمح بالشرقية يناقش استعدادات استقبال العام الدراسي الجديد    عدد قياسي لطلبات المشاركة في مسابقة ملكة جمال روسيا    منتخب مصر يتقدم 5 مراكز في تصنيف الفيفا لشهر سبتمبر    التعليم تكشف آخر موعد للالتحاق بفريق عمل مدارس التكنولوجيا التطبيقية    سقوط 10 عناصر إجرامية بحوزتهم مخدرات وسلاح ب 8.3 مليون جنيه    الأوبرا المصرية تقدم العرض الأول لفيلم 'مدرسة أبدية' بنادى السينما    بالفيديو.. كاتب صحفي: إسرائيل تحاول نقل الحرب من غزة وجعلها مفتوحة    إسرائيل تقدم مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار بغزة يشمل بندا خاصا بالسنوار    البيت الأبيض ينفى اشتراكه في هجوم لبنان امس    «التنمية الحضرية» يطرح شقق سكنية بأسعار ميسرة لأبناء السويس.. وبدء الحجز الأحد المقبل    هل يضحي الأهلي بمعلول أو تاو في يناير؟ شوبير يكشف التفاصيل    تعديل المخططات التفصيلية ل4 قرى بمحافظة الدقهلية    وزير الري يتابع جاهزية التعامل مع موسم الأمطار الغزيرة والسيول    الصيف يودع.. الأرصاد تحذر من طقس شديد الحرارة خلال ل48 ساعة المقبلة (تصل ل42 درجة)    خلافات سابقة.. حبس المتهم بقتل حارس عقار خلال مشاجرة في الجيزة    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة ملاكي بالطريق الصحراوي الشرقي في قنا    نيويورك تايمز: إسرائيل أنشأت شركة وهمية لإنتاج أجهزة الاتصال اللاسلكية المزودة بالمتفجرات    الأوبرا تقدم العرض الأول لفيلم مدرسة أبدية بنادي السينما    بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لسلامة المرضى.. الصحة: ملتزمون بتحقيق أعلى معايير الرعاية    تقديم 3 ملايين خدمة صحية بالمنيا ضمن حملة "100 يوم صحة".. صور    بحضور نائب محافظ أسوان.. انطلاق فعاليات احتفالية اليوم العالمي لسلامة المرضى    حياة كريمة بجنوب سيناء تستهدف تيسير القوافل الطبية والخدمية المتكاملة بالمناطق الأكثر احتياجا    النيابة تستمع لأقوال جيران سوداني لقي مصرعه في حالة سكر بعين شمس    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    فريق صحة الإسماعيلية يشارك باحتفالية تكريم السيدات بمكتبة مصر العامة (صور)    لهذا السبب.. صلاح عبدالله يتصدر تريند "جوجل"    صباحك أوروبي.. إحباط أرتيتا.. ضربة لمانشستر سيتي.. وثورة في يوفنتوس    جدول مباريات اليوم.. برشلونة أمام موناكو.. مواجهتي أرسنال وأتلتيكو.. وظهور ديانج    اليوم.. استكمال محاكمة أحمد ياسر المحمدي في الاعتداء على فتاة بقطر    جدول ترتيب الدوري السعودي قبل مباريات اليوم الخميس.. صدارة ثلاثية    بوريل يرحب باعتماد الأمم المتحدة قرارا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين    جامعة العريش تُطلق أول مسابقة للقيادات الإدارية    بعد نجاح كوبليه "شكمان الصبر مفوت"..ما علاقة أحمد حاتم ب تأليف الأغاني؟    "الراى الكويتية" تبرز تأكيد الرئيس السيسى على دعم لبنان.. وحرص مصر على أمنها    إجهاض إيمان العاصي في مسلسل برغم القانون يجذب الأنظار.. «مشهد مبدع»    قصف غزة.. الاحتلال يعتقل شابا بعد محاصرة منزله في كفر راعي جنوب جنين    برج القوس.. حظك اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024: لا تلتفت لحديث الآخرين    «أيام الفقر وذكرياته مع والده».. ماذا قال الشاب خالد في برنامج بيت السعد؟ (تقرير)    حكم صلاة الاستخارة للغير.. هل تجوز؟    لاعب الزمالك يطلب الرحيل عن الفريق قبل مباراة الأهلي.. عاجل    كيفية الوضوء لمبتورى القدمين واليدين؟ أمين الفتوى يوضح    إدراج 51 عالما بجامعة الزقازيق ضمن الأكثر تميزًا في قائمة ستانفورد الأمريكية    اتحاد الكرة: تغيير لائحة كأس مصر وارد ليس لمجاملة الأهلي    «افتراء وتدليس».. رد ناري من الأزهر للفتوى على اجتزاء كلمة الإمام الطيب باحتفالية المولد النبوي    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي.. «السيتيزنز» يطارد رقما قياسيا    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    بشاير «بداية»| خبز مجانًا وقوافل طبية وتدريب مهني في مبادرة بناء الإنسان    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    صلاح التيجاني: والد خديجة يستغلها لتصفية حسابات بعد فشله في رد زوجته    الفنانة فاطمة عادل: دورى فى "الارتيست" صغير والنص جميل وكله مشاعر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دكتور محمود إسماعيل :لا وجود للدولة الدينية في الإسلام و حكومات العسكر بدأت من العصر الأموي
نشر في الوادي يوم 08 - 08 - 2012

للمؤرخ الإسلامي محمود إسماعيل أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الأداب جامعة عين شمس إسهامات فكرية بارزة كشفت كثيرا عن المسكوت عنه في التراث، من خلال مجموعة من الكتب التي حركت المياة الراكدة وأثارت الكثير من القضايا الخلافية تذكر فيها "الحركات السرية في الإسلام" و "الفكر الإسلامي الحديث بين السلفين والمجددين" و "في نقد حوار المشرق والمغرب" و "إشكالية المنهج في دارسة التراث" و "سيسولوجيا التاريخ الإسلامي" [ وفي هذا الحوار يفتح د. محمود إسماعيل النار على من يروجون لفكرة الدولة الدينية من خلال عرض متأن لإخطارها بالأدلة والراهين التاريخية.
تثار في اللحظة الراهنة مجموعة من التساؤلات الشائكة حول فكرة الدولة الدينية ومدى خطورتها على الواقع المصري، كيف ترى هذه اللحظة من وجهة نظر مؤرخ إسلامي؟
أولا: إثارة موضوع الدولة الدينية ليست وليدة اللحظة وإنما هي تشكل حجر الزاوية في التصور السلفي عن الدولة.
إذ يجمع السلفيون إبتداء بالوهابين والسونسين والمهديين، وإنتهاء بجماعات الإسلام السياسي على النموذج الدولة "الثيوقراطية" الدينية وإن إختلفوا حول نموذجها.
فالحركات السلفية التقليدية السابقة تجد المثال في حكومة الرسول وعصر الراشدين بإعتبار هذا العصر يقدم النموذج والمثال، بينما تلح تيارات الإسلام المعاصر على النموذج الإسلامي الذي يجمع بين الخلافة والسلطة تحت تأثر نجاحات العثمانين في إسقاط القسطنطنية، حكم التوغل في البلقان وعندنا أن التاريخ العياني يؤكد خرافة مفهوم "الدولة الدينية" أو بالأحرى وجود النموذج الإسلامي خاص وله خصائصه التي تميزه عن النظم السابقة واللاحقة، فبالرجوع إلى التاريخ نجد أنه في عصر الرسول "صلى الله عليه وآله وسلم" لم تتمثل صورة الدولة بالمعنى المفهوم للدولة من حيث وجود نظم ومؤسسات وحدودثابتة.
ولم يتحقق ذلك في عصر الرسول، لا شيء إلا لأن النموذج دولة المدنية شهد تغيرات كثيرة بل لم تستمر هذه الحكومات إلا نحو سنوات عشر.
كان الرسول "صلى الله عليه وآله وسلم" يعتمد في تشريعه على الوحي وكان الوحي بطبيعته متجددا ناسخا لبعض الأحكام فمثلا كان موقف الرسول "عليه السلام" من يهود المدينة لا يتسم بالثبات.
ولم يتخذ سياسة موحدة في التعامل مع هذه القبائل اليهودية "بني قينقعاع" و "بني النضير" و "بني قريظة" كما إنتفت بالمرة وجود أية مؤسسات أو دواونة، إذا كانت الأمور من البساطة بحيث كان يعالجها الرسول "عليه السلام" مباشرة، أو يعهد إلى بعض الصحابة بتنفيذ بعض المهام.
كما كانت حدود الدولة متغيرة، فقتصرت في البداية على المدينة ثم مكة والطائف والحجاز، ثم بقية شبة الجزيرة العربية.
وإذا حاولنا إستخلاص بعض القواعد العامة فتتلخص فيما يلي:
أولا: بتغير الأحكام بتغير المعطيات والظروف.
ثانيا: كان الرسول بحكمته يتصرف في تصريف بعض الأمور.
ثالثا: كان نظام الحكم بوجه عام أشبه ما يكون بالنظام "الكونفدرالي" إذ آتاح الرسول لرؤساه القبائل بعد إسلامهم في شبه الجزيرة العربية ممارسة الحكم شريطة أن يقوموا بدفع الألتزامات المالية، كما ننبه إلى أن الرسول "عليه السلام" كان قد إعتمد كثيرا من التشريعات التي كانت موجودة في الجاهلية، بما يعني عدم وجود نظام إسلامي ثابت وخاص ومميز.
في العصر الرشيدي كان الصراع حول "الخلافة" في إجتماع الشقيقة" بين المهاجرين والأنصار صراعا دنيويا صرفا لا علاقة له بالإسلام بقليل أو كثير لا لشيء إلا لأن القرآن الكريم، فيما يتعلق بالحكم طرح مبدأ ولم يطرح نظاما، المبدأ هو مبدأ الشورى.
بل إن النصوص التي ورد فيها هذا المبدأ أنه أمر المسلمين "وأمرهم شورى بينهم".
ولم يوجد نظام بعينه ثابت أيضا في تولي الخلفاء الأربعة.
وفي كل الأحوال كانت الغلبة هي العامل الفاعل في حسم الصراع.
فتحت تأثير قوة "قريش" إحتكرت الخلافة وهو أمر في حد ذاته لا يقره الإسلام، وتولي أبو بكر لغلبة المهاجرين على الأنصار.
وخلال الصراع الذي دار حول المسألة جرت مناورات دنيوية قحة ومساومات إلى أن إنتهت بحسم الحكم لصالح قريش.
كما نعلم أن أبا بكر إختار عمر وأن عمر إتبع إسلوبا جديدا في مجلس مصغر للشورى شهد أيضا مناورات سياسية، تمت لصالح الأرستقراطية الثيوقراطية وبعد بيعه على تنازل بنفسه عنها عندما تفجر الصراع بينه وبين معاوية.
نستخلص من ذلك أن الخلفاء الأربعة كانوا من قريش وأنهم تولوا بطرف مختلفة.
وحيث وضع عمر المؤسسات الأولى للدولة، لم يفعل أكثر من نقل النظم التي كانت موجودة عند الروم أو الفرس، فالسؤال هو : أين تلك الخصوصية المزعومة لنظام إسلامي في الحكم؟
منذ العصر الأموي وحتى العصر المملوكي كانت الحكومة الإسلامية، إما مدعية الطابع الديني، وإما حكومات للعسكر المتغلب، بمعنى أن قانون الغلبة يشكل العامل الحاسم في صياغة نظام الحكم.
أخيرا:
إن إكتمال مؤسسات الدولة منذ العصر العباسي الأول فقد جرى نقلا عن النظم الفارسية، كما أصبح نظام الوراثة بمثابة الأمر الثابت في كل النظم التي توالت على دار الإسلام منذ العصر الأموي فأين ذلك كله من مفهوم "الشورى الإسلامي".
[أحاديث موضوعة]
هناك حديث يستدل به الكثيرون حول فكرة الخلافة بعد الرسول "صلى الله عليه وآله وسلم" وهو "الخلافة بعدي ثلاثون عاما ثم تكون ملكا عضوضا"، ولكن الحال كان غير ذلك، فقبل إكتمال هذه الثلاثون وجد بداية حكم عثمان وأثنائه، نشأ ما يمكن أن يسمى بالصراع السياسي الذي يمتد خيطه السميك والقاتل حتى الآن، فما تفسيرك لذلك؟
أرى أولا : أن نبوءة الرسول "صلى الله عليه وآله وسلم" لم تتحقق فهذا يعني بداهة أن الحديث "موضوع" فهو يتنافى مع حرص الرسول على أن لا يعين خليفة له، وأن لا يحدد نظاما ثابتا بعينه لحكمته.
قضية الحكم قضية دنيوية بحته وتخضع للمتغيرات فالإسلام قد أقر المبدأ، وهو "الشورى" أما كيف تتحقق فالأساليب كثيرة وتخضع لمعطيات الزمان والمكان.
أما ما جرى إبان حكومة "عثمان رضي الله عنه" فكن حربا أهلية، إختلف فيها الصحابة بل تسابوا وتلاعنوا، ونقض بعضهم العهود كطلحة والزبير بعد مباعية "علي" لا لشيء إلا لطمعهم في الحكم.
ويكشف كتاب "الإمامة والسياسة" للإمام ابن قتيبة عدد حقيقة ما جرى، يثبت أنه صراع دموي من أجل السلطة ليس إلا، ولا علاقة له بالإسلام من قريب أو بعيد، فإذا كان الصراع دينيا حقا لما جرى، وكانت الثورة على "عثما" كرد فعل السياسة غير إسلامية، خصوصا بعد تقدمه في العمر وإناطة "مروان ابن الحكم بالسلطة الحقيقية فكان "أول من حمى الحمى" وعين معظم الولاه من بني جلدته، وإعتبر الحكم "قميصانا ألبسه الله إياه" بما يتعارض شرعيا من مبدأ الشورى الإسلامي.
فهل هذا هو النموذج المثالي لنظام إسلامي له خصوصيته؟
[الواقع السياسي]
إذا كان هذا هو الواقع السياسي بالفعل فماذا عن الفكر السياسي بعد ذلك والذي تجلى من خلال مجموعة حاولت التقعيد لنظام الحكم؟
هذا السؤال على جانب كبير من الأهمية، لأنه يؤكد حقيقة تعدد وتنوع الصيغ السياسية التي طرحت إلى حد التناقض فالشيعة مثلا لا يقرون مبدأ "الإختيار" البتة.
ولذلك عرفوا بأنهم "أهل النص والتعيين" وفي ذلك فيما نرى تعارضا مع مبدأ الشورى.
وعندي أن "الخوارج" في مفهومهم عن الحكم كانوا أكثر الفرق إلتزاما لمبدأ الشورى كما طرحه القرآن.
إذ يرون أن الخلافة ليست حكرا على قريش وآل البيت وإنما هي متاحة لأي مسلم ببغض النظر عن إنتمائه أو عرقه.
أما المعتزلة فقد إكتفوا بشرط واحد وهو أن يكون الإمام عادلا.
أما المرجئة في بداية أمرهم فكانوا مبررين للنظام القائم، حيث إعترفوا به وأرجئوا تقديره إلى الله سبحانه وتعالى، أما بعد تحولهم إلى حزب ثوري فقد تأثروا بالمعتزلة والخوارج في فكرهم السياسي فألحوا على مبدأ الشورى والعدل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.