تحتفل يوم الأربعاء القادم الكنيسة القبطية الكاثوليكية بعيد الميلاد، ويترأس قداس ليلة العيد الأنبا إبراهيم إسحاق بطريرك الأقباط الكاثوليك، مساء يوم 24 ديسمبر، بكاتدرائية السيدة العذراء مريم للأقباط الكاثوليك بمدينة نصر. ينفرد موقع "الوادي"بنشر عظة قداس عيد الميلاد قبل 3 أيام من إلقاءها علي جموع الشعب الكنسي الكاثوليكي. ويفتتح الأنبا إبراهيم إسحق، كلمته قائلا "نصلي هذا المساء ، متحدين مع قداسة البابا فرنسيس رئيس كنيستنا الكاثوليكية ومع البطاركة والأساقفة والكهنة والشعوب ، نصلي من أجل عالم آمن يرتكز على عائلة مستقرة مطمئنة ، ومن أجل أسرتنا الكبيرة مصر الغالية ليحفظها الله من كل شر ، ونصلي من أجل رئيس الجمهورية ليُعضده الرب لكي نثبت للعالم كله أن مصر دولة حرة حضارية تبني المستقبل لتظل منارة للشعوب ، ونصلي ان يتقبل الرب شهدائنا في موكب المجد وان ينعم بالحكمة على كل من يحمل المسؤولية". يقول الأنبا إبراهيم إسحق "تحتفل شعوب عديدة هذا المساء بليلة عيد ميلاد السيد المسيح ، لقد مضى عشرون قرناً من الزمن على هذا الحدث الإلهي العجيب الذي غير حياة الملايين من البشر ولازال طفل بيت لحم ، كلمة الله الذاتية الناطقة التي اتخذت الطبيعة البشرية يجذب ملايين النفوس إليه، آتي المسيح ليقيم جسراً بين السماء والأرض ، جمع في ذاته الأبدي والزمني المطلق والمحدود ،أخلى ذاته آخذاً صورة إنسان ، أشبهنا في كل شيء ما خلا الخطيئة، إنه إنسان سوي كامل الإنسانية، ونور إلهي منبثق من الذات الإلهي ويقول لنا "أنا والآب واحد"، وأكد أن تجسده لا يجرح وحدانية الله، فلا تعدد في الذات الإلهي ، فنحن نؤمن بإله واحد ولا شرك بالقدوس الأبدي، هذا السر الإلهي العظيم أكد لنا محبة الله للإنسان خليقته، ليعيده إلى حال النعمة والبرارة ليتحد معه في ملكوته وهذه رسالة الحياة التي يحملها كل إنسان أن يحيا في الإيمان والرجاء والمحبة لتكون الحياة أفضل". أوضح إسحق "يخبرنا الوحي الإلهي على لسان كاتب الإنجيل أن العذراء كانت تحفظ كل الأمور العجيبة، صعبة الفهم التي مرّت بالعائلة، في قلبها وتتأمل بها، فعائلة بيت لحم استطاعت أن تصغي وتسمع وتحفظ وتتأمّل، فمن ناحية استطاعت أن تحفظ أعمال الله العجيبة وتدخّلاته القوية المخلّصة في حياتها وفي ظروفها وأوقات آلامها. واستطاعت أن تجعل من كل هذا مادة للتأمّل والتفكّر حتى تتحصل على قوة مواصلة الحياة، ومن ناحية أخرى استطاعت أن تحفظ وصايا الله وتحفظ أمانة العهد وتؤدي الواجب ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، لم يُضعف إيمانَها فقرٌ ، ولا فرقت بين أعضائها صعاب ولم تكن تسعى إلى ثروة أو منصب أو تنافس على ربح، فسماتها :طاعة لوصايا الله، أمانة للواجب، محبة متبادلة غامرة". مستطردا بطريرك الكاثوليك" ما أحوج الأسرة في عالم اليوم إلى التأمل في حياة أسرة بيت لحم، سعادتها لم تأت لها من مال أو نسب أو سلطة بل من إيمان عميق، وتواضع صادق ، وتقوى متوهجة، إن العالم اليوم مكدس بالثروات، مزدحم بألوان الرفاهية والترف فخور بتقدم العلوم واكتشاف أسرارها، وبرغم ذلك فالعالم أيضاً مزدحم بالبؤس والشقاء، يئن فيه الجائعون، ويتشرد فيه الأطفال، وتداس فيه كرامة المرأة وحقوقها، العالم في حاجة إلى حب حقيقي، وحنان غامر، وتضامن إنساني ورحمة بالإنسانية وبالمستقبل". مؤكدا، خلال العظة، "إن عيد ميلاد المسيح هو عيد لكل أسرة مؤمنة ، وعيد لكل طفل يعيش في كنف والديه، وعيد يذكرنا بمن ليس لهم عائلات ولا يشعرون بالحنان، لذا نصلي أمام مذود بيت لحم ملتمسين من طفل السماء، إبن البشر، المخلص الفادي، أن يسكب على عالمنا محبته وحنانه". ويخترق بطريرك الكاثوليك أعراف قداس عيد الميلاد قائلا" قيم العائلة المسيحية تواجه في عصرنا تحديات خطيرة تحاول أن تخترق السر الأعظم في المجتمع وهو سر الزواج المقدس ، والارتباط بين الرجل والمرأة لصالح الأبناء والأجيال وخير الأمم والشعوب، تشعر الكنيسة بخطر تيارات لا تقيم وزناً للشريعة العظمى وشريعة الزواج، وإنتشر في مناطق عديدة ما يسمى بالزواج الحر دون التزام ديني، ونسينا أن مؤسس الأسرة البشرية هو الخالق القدوس. نشأ عبث الفوضى الأخلاقية وأضحى الانفصال والطلاق تياراً يتسع يوماً فيوماً وكانت وستظل دوما الضحية هم الأطفال والأجيال التي تنشأ بعيداً عن حضن الأسرة ودفء حب الأب والأم وحدث ما نراه ونلمسه من انهيار كثير من القيم السامية التي قامت عليها أسس الحضارات والتقدم وأهمها قيمة العائلة".