حزمة من الملفات الشائكة وضعها رموز النظام البائد أو من يطلق على بعضهم لقب "الفلول" خلال حديثهم ل"الوادي" أمانة في رقبة الرئيس الجديد د. محمد مرسي قبل أن يقسم اليمين الدستوري خلال أيام أمام المحكمة الدستورية العليا، بدءاً من قضية المصالحة الوطنية مع كافة الفصائل السياسية والحزبية والمدنية علي مستوي الأطياف المجتمعية المختلفة كما فعل المناضل الجنوب أفريقي "نيلسون مانديلا" في مبادرته الشهيرة "المصالحة من أجل المستقبل"، مروراً بالملف الأمني بالتوازن مع الملفات الاقتصادية والسياسية، وصولاً إلي استقلال الإعلام والقضاء علي حد سواء، فضلاً عن أهمية الفصل بين إدارة جماعة الإخوان المسلمين و إدارة دولة كبرى في حجم مصر. وهو ما أكده عبد الرحيم الغول، زعيم الأغلبية الأسبق بمجلس الشعب عن الحزب الوطني المنحل، إنه من الصعب تقييم الرئيس الجديد إلا بعد مرور المائة يوم الأولى، ثم يبدأ التأكد من وفاء د. محمد مرسي بوعوده أو إنكارها وخلفنها، خاصة تلك التي وعد بها الثوار وأهالي الشهداء والمصابين، وأيضاً وعوده للمستثمرين والنهوض بالاقتصاد المصري، والأمني والزراعي والملف السياسي . وطالب "الغول" المصريين بالصبر علي "مرسي" ومنحه الفرصة كاملة، ولا يحاسبونه بالقطعة، ورغم أنه كان ضمن حملة الفريق أحمد شفيق لرئاسة الجمهورية وتمكنه من انتزاع أكثر من 259 ألف صوت من محافظة قنا والأقصر، فإنه بعد إعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية النتيجة النهائية، بفوز "مرسي" بالرئاسة التزم الجميع بما أسفر عنه الصندوق، متمنين الخير لمصر وشعبها. وعلي اتهامه ب "الفلول" قال زعيم الأغلبية الأسبق بالبرلمان "يسعدنا أننا فلول ولا سبيل أمامنا في الصعيد سوى الحزب الوطني، مشيرا إلى أنه أكرم نائب برلماني في مصر ويعمل في هذا المجال منذ أكثر من 40 عاما، ولكن إذا اقتضت الضرورة أن نكون معارضين للنظام الحاكم فلاشك اننا سنكون في مقدمة كتلة المعارضة لأجل الوطن، مؤكداً أنه ليس من دعاة الاعتصامات والصدام مع النظام، رافضاً الإساءة أو التعرض لأحد أياً كانت حزبيته وانتماءه السياسي ولو كان من جماعة الإخوان المسلمين، فإذا أجاد الرئيس شكرناه وإذا لم يف بوعوده وعهوده عارضناه وخلعناه. وأضاف أنهم كأبناء للحزب الوطني الديمقراطي المنحل في محافظات قنا والأقصر، بصدد تأسيس حزب سياسي جديد علي غرار الحزب الوطني القديم، خاصة بعدما توارى كثير من قيادات الحزب علي المستوي القومي عن الساحة السياسية قبل عام ونصف من الآن، وبالتالي فهؤلاء جميعا قوة لا يستهان بها في أي عملية بناء سياسي قادمة. واختتم "الغول" حديثه ل "الوادي" بدعاء للرئيس الجديد بأن يوفقه الله ويسدد خطاه علي الطريق السديد ويعينه علي الأمانة الجسيمة التي أخذها علي عاتقه راضيا مرضيا، موضحا أنه لا يعنيه وصول "مرسي" بدلاً من "شفيق" لكرسي الحكم بقدر ما يفرق معه كثيرا تحقيق الامان والإستقرار والرخاء لأجل أبنائنا وأحفادنا الذين يترقبون منه الكثير والكثير، فإذا أصيبت مصر بسوء فلاشك أن تلك ستكون انتكاسة كبري علي طريق النهضة. ومن جانبه وصف د. عبد الأحد جمال الدين، نائب زعيم الأغلبية الأسبق بمجلس الشعب عن الحزب الوطني المنحل، خطاب د. محمد مرسي ب"المتوازن"، ذلك الخطاب الذي غيّر كثيرا من الإعتقادات القديمة لدى المصريين تجاه جماعة الإخوان المسلمين التي صارت أكثر التصاقا واقترابا من الشارع المصري وخاصة من سائقي "التوك توك، والحرفيين". وقال عن خطاب الفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي الخاسر في الانتخابات الأخيرة، بأنه كان أكثر اتزانا وموضوعية وصدق وهو ما دفع "جمال الدين" لأن يقولها صراحة "هكذا يكون موقف الرجال والقادة الكبار دائماً" وهو ما بدى جليا في برقية التهنئة التي بعث بها الفريق "شفيق" إلي الدكتور محمد مرسي يهنئه فيها برئاسة الجمهورية ويتمني له التوفيق والسداد في طريقه الشاق. فيما طالب المهندس معتز محمد محمود رئيس حزب الحرية ونائب الحزب الوطني المنحل في انتخابات مجلس الشعب السابقة "مرسي" بإحترام أحكام القانون والدستور والقضاء، وألا يستغل منصبه الجديد من أجل تصفية حسابات سياسية مع رموز النظام القديم بعد أول انتخابات رئاسية حرة ونزيهة تشهدها مصر عبر تاريخها الطويل، مؤكدا أن دولة بلا قانون ...غابة" ورغم أنه كان من أنصار الفريق أحمد شفيق في الانتخابات الأخيرة ولم يكن سعيدا بفوز "مرسي" برئاسة الجمهورية إلا أنه يحترم أحكام القانون والإرادة الشعبية التي جاءت به إلي هذا المكان وبالتالي فإننا جميعا شركاء في بناء هذا الوطن ولكن بشرط أن يقدم "الرئيس" علي مبادرة المصالحة الوطنية مع كافة أطياف وفئات المجتمع دون اقصاء لفصيل دون أخر . وشدد على بعض المطالب والوعود القديمة التي ذكرها "مرسي" في برنامجه الانتخابي، والمقرر تنفيذها الأيام المائة الأولى من توليه الرئاسة، بدءا بتشكيل حكومة تكنوقراط ومرورا بالنهوض بإقتصاد البلاد وصولا إلي الحفاظ علي السلام الإجتماعي داخل المجتمع، فضلا عن تذكيره بأنه ليس رئيسا لحزب الحرية والعدالة فحسب، بل هو رئيسا لكل المصريين ومن ثم فلابد من استقطاب أنصار" شفيق" و "المقاطعون"، مصالحة وطنية عاجلة مع كافة القوي السياسية لكي يشارك الجميع في التنمية والبناء، اضافة إلي معركته الكبري في البناء الإقتصادي وتحقيق مشروع النهضة الذي تعهد به. ومن جهته خشي د. محمد رجب، زعيم الأغلبية الأسبق بمجلس الشوري من تدخل مكتب الإرشاد وقادة حزب الحرية والعدالة في اختصاصات الرئيس الجديد بحكم انتماءاته القديمة لجماعة الإخوان المسلمين الأمر الذي يؤثر بشكل كبيرعلي نجاحه أو فشله في آداء مهامه المنوط بها ومن ثم فلابد من التزامه بالفصل بين حكم جماعة ورئاسة دولة بحجم مصر ورغم كل هذا فإننا لا نريد التشكيك في وطنية أحد ولاشك أن الايام القادمة ستبين ما إذا كان حريصا علي مصلحة الوطن أم الجماعة. وقال إن الرئيس لا يملك حاليا تنفيذ ما وعد به خلال المائة يوما الأولي من توليه الرئاسة في ظل وجود قوي أخري أكثر تأثيرا ونفوذا داخل الملعب السياسي ولكن فوق كل هذا هناك الشعب المصري، القوة الناعمة التي تقلب كافة الموازين، مشيرا أنه بعد نجاح "مرسي" في السباق الرئاسي فإن أنصار غريمه "شفيق" لم يقومون بحرق البلاد أو 0الإعتراض علي إرادة الصناديق الإنتخابية فضلا عن الإرادة الشعبية واحترم الجميع قرارات اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية. واتفق عمر هريدي، عضو اللجنة التشريعية الأسبق بمجلس الشعب وأمين صندوق نقابة المحامين مع "زعيم أغلبية الشوري " في أهمية الإهتمام بالأولويات الخاصة بالأمن بالتوازن مع الملف الإقتصادي الذي حدثت له انتعاشة وانفراجة كبري خلال الأيام الاخيرة من فوز "مرسي" بالرئاسة، فالمشروع الإسلامي السياسي يحمل تداعيات كبري علي مجالات التنمية في مصر، خاصة بعد ضخ رجال الاعمال ذوي الميول الإخوانية أمثال حسن مالك ويوسف ندا وخيرت الشاطر استثماراتهم في الإقتصاد المصري وهو ما ظهر مؤخرا في ظل تصاعد مؤشرات البورصة والمعاملات المالية . وأوضح "هريدي" ان الحالة النفسية للشعب المصري تنعكس بصورة كبيرة علي الإستثمارات والنهوض بالإقتصاد القومي ، مشيرا أن الإخوان المسلمين الفصيل السياسي الوحيد الذي كان مستعدا للتعامل مع الملفات السياسية والإقتصادية حال تمكنه من الحكم ويليهم السلفيين وهو ما يضع الاخوان أمام فرصة تاريخية لا تتكرر كثيرا ومفترق طريق واختبار صعب. والبداية من الهيكلة الحقيقية لوزارة الداخلية بصورة تدريجية وليس بشكل متسرع كما كان يحدث من قبل علي مدار العام ونصف الاخيرة، فضلا عن تأهيل هؤلاء الضباط نفسيا قبل آدائهم أعمالهم ولا شك أن الإجابة عن هذا التساؤل سيكون عنوانه وزير الداخلية القادم . ويعترض "هريدي" علي مصطلح "الفلول" الذي يطلقه البعض علي رجال النظام القديم، مشيرا أنه في حالة حدوث تصادم بين الاخوان والعسكري والدولة العميقة فإن "الرئيس" سيكون الخاسر الكبير ولكن بحكم معرفتي بالجماعة فإنني لا أفرق بين "المرشد العام للإخوان" الدكتور محمد بديع وبين رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي حسبما يروي عضو مجلس الشعب الاسبق عن الحزب الوطني ولكن هذا لا يمنع شهادتنا في حق "مرسي" الذي كان يمتلك الحكمة في إدارة شئون الجماعة وهو ما ينعكس بصورة كبيرة علي إدارة الحكم في مصر . واختتم "هريدي" حديثه "للوادي بمبادرة الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا الشهيرة ب" المصالحة من أجل ربح المستقبل" التي يهديها للرئيس الجديد، حيث كان "مانديلا" يردد باستمرار أن المصالحة لا تعني النسيان وإنما تعني إلغاء الثأر والانتقام والتصفية السياسية للمعارضين عبر اللجوء إلى القضاء، وهذا يعني أنه لا بد أن يقبل الرئيس الجديد كل المصريين بلا استثناء، ومن يشعر بنفسه أنه كان ضحيةً للنظام ومن يخاف أن يكون أحد ضحايا التغيير ليشعر الجميع وقتها أن "مصر" قادرة على حمايتهم جميعاً وأن تؤمن لهم مستقبلاً أفضل، وهنا لا بد من التأكيد على مبدأ ربح الجميع حسبما قال "هريدي"، بمعنى أن المسؤولين الحاليين الذين سيصبحون سابقين يتوجب عليهم إدراك أن تفاوضهم بشأن التحول الديمقراطي هو ضمانةٌ لعدم تعرضهم للعنف في المستقبل. يبقى في النهاية كأحد أعمدة النظام القديم التي لا بد من تفكيكها كما يحدثنا الدكتور محمد كمال، أمين التثقيف السابق بالحزب الوطني المنحل، أجهزة الإعلام المختلفة التي تشمل التلفزيون بقنواته المختلفة والإذاعة بتردداتها المتنوعة والصحف بأعدادها الضخمة وغيرها من المؤسسات التي تعمل تحت مظلة وزارة الإعلام . يشير "كمال" إلي أن أهم تحدٍ يواجه "مرسي" في فترة ما بعد التحول الديمقراطي والبناء هو الآلية التي يمكن من خلالها تحرير وسائل الاعلام وهذا التحدي ينبع من أن كل مؤسسات الإعلام التي تتبع للنظام الحاكم إنما تردد ما يُملى عليها ولا تتحلى بأي مصداقية لدى الشعب، لكنها بنفس الوقت تشتمل على توظيف المئات إن لم يكن الألوف من العاملين لذا فمن الخطأ حلّها وترك موظفيها دون أي عمل.