شهدت البورصة خلال العام الحالي حالة من الغموض السياسى لم تشهد من قبل بعد حالة من الغليان السياسى وبقاء مصر أكثر من عام بدون رئيس للبلاد، وبقاء السلطة فى يد المجلس العسكرى، الذى كان يدير مصر من خلال رؤيته العسكرية. ورغم ذلك استطاعت البورصة المصرية على مدار 6 اشهر متتالية ان تقتنص 30% مكاسب لم تحققها من قبل فى ظل حالة القلق التى فرضها ميدان التحرير وشارع محمد محمود وماسبيرو بفضل دعم المتعاملين المصريين الذين استطاعوا المحافظة على مؤشرات البورصة فى نطاقها الطبيعى. ويرجع الفضل فى انتعاش البورصة الى قرارات الدكتور كمال الجنزورى رئيس مجلس الوزراء الاقتصادية بدعمه الاقتصاد الحر ودفع عجلة الانتاج من خلال تنشيط الاستثمار وارسال بيانات للمستثمرين، تطمئنهم وتدعوهم لعدم التخلى عن السوق لكونها مرحلة فاصلة فى تاريخ مصر. وكسبت البورصة المصرية خلال النصف الأول من العام الحالى نحو 46.17 مليار جنيه فى رأس مالها السوقى، حيث استهل الراسمال السوقي فى بداية العام على 293.59 مليار جنيه مقابل 339.76 مليار جنيه فى نهاية يونيو الحالى. وأنهت مؤشرات البورصة المصرية تعاملات النصف الأول من العام الجاري على صعود جماعي، وقفز المؤشر الرئيسى "EGX30"، الذى يقيس أداء أنشط ثلاثون شركة، بمقدار 30% تعادل 1086.24 نقطة ليقفز من مستوي 3622.35 نقطة مغلقاً عند 4708.59 نقطة. وصعد مؤشر الاسهم الصغيرة والمتوسطة "EGX70" بنحو 1.5% تعادل 6.44 نقطة ليقفز من مستوي 415.59 نقطة مغلقاً عند 422.03 نقطة. وارتفع مؤشر "EGX100"، الأوسع نطاقاً الذى يضم الشركات المكونة لمؤشري "EGX30"و"EGX70"، بمقدار 13.4% تعادل 86.47 نقطة ليقفز من مستوي 643.07 نقطة مغلقاً عند 729.54 نقطة. وعلق محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار علي اداء البورصة المصرية خلال النصف الاول لعام 2012 قائلا "ان هذه الفترة كانت تمتاز بحساسية شديدة فالضغوط كانت كبيرة، وخاصة وأنها جاءت في اوضاع استثنائية في ضوء الاوضاع السياسية الداخلية متزامنة مع ازمة اقتصادية عالمية مما عمق من اثارها وهو امر يجب التكاتف فية لرفع حجم التداولات وتحقيق الاستقرار للمنظومة الاستثمارية. واضاف، ان مؤشرات الاداء لحركة صفقات السوق تشير الى ان القوي البيعية كانت حاضره طوال فترة التداول وسط غياب القوي الشرائية والاكتفاء بمشتريات انتقائية ضعيفة نتيجة الوضع السياسي، كما ان السيطرة الأقوى لازالت لنقص السيولة والترقب الحذر للمستثمرين، مشيرا الي ان الاحداث السياسية والاقتصادية المحلية لعبت دور البطولة في اداء بالسوق خلال الفترة وهو ما يستلزم تفعيل ادوات لتنشيط السيولة والاسراع بتفعيل عددا من التعديلات في منظومة التداولات لاستيعاب ومعالجة سلبيات الوضع الحالي، مؤكدا علي ان الاوضاع السياسية والضغوط علي البناء الاقتصادي يمثل ضغطا اضافيا علي تحركات البورصة المصرية. كما اشار الي ان الحذر والخوف لدى المتعاملين أدى لزيادة الضغوط علي السيولة، كما ان المتعاملون يغيرون مراكزهم المالية ويتنقلون بين أنواع مختلفة من الاسهم مع تطلعهم للامام مع اقتراب المرحلة الانتقالية للوضع السياسي من نهايتها. واكد علي ضرورة حدوث تغييرات تعمل على ضخ سيولة من جديد بالسوق فالفترة القادمة تستلزم توجية رسائل تطمينية مع صياغة مناخ استثماري شبة طبيعي بالبورصة المصرية، وتشديد الرقابة قدر الامكان مع حماية التداولات من اي مخاطر، بالاضافة الي العمل علي الترويج للبورصة علي كافة الاصعدة والمستويات. واوضح نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار ان الامر يستلزم الان الاسراع في المنهج الاصلاحي للبورصة المصرية لمعالجة الاوضاع والمشكلات الحالية حتي لا يزيد اثارها السلبي في اي مراحل قادمة لكي تكون البورصة مؤهلة للاستفادة من اي دفعة ايجابية منتظرة مع دخول عمليات الاصلاح السياسي والامني حيز التنفيذ . وقال عادل ان مما يمكن ملاحظته خلال النصف الاول من العام إن قابلية المستثمرين لازالت عند مستويات ايجابية، فنحن نلاحظ وجود القليل من متصيّدي الصفقات لكن المستثمرين بشكل عام في حالة من الترقب في الوقت الراهن، لكن هناك أسباب كثيرة تدعو إلى التفاؤل علي راسها التحسن النسبي على الصعيد الاقتصادي وقيمة الأسهم الجيّدة علي المستوي المالي . واكد علي ان اداء البورصة سيستفيد من انتهاء حالة الغموض السياسي باعلان تولي الرئيس الجديد، موضحا إن الاهم من انتخاب الرئيس هو تحقيق الاستقرار والتوافق الشعبي، مشيرا الي ان أداء البورصة يرتبط باستقرار الأوضاع في مصر و نتائج ما بعد هذه المرحلة والتوافق عليها مؤكدا علي انه لابد من التوافق بين الجميع حتى تخرج الدولة من أزمتها الاقتصادية الحالية خاصة ان مصر ينتظرها نمو اقتصادي كبير خلال الفترة المقبلة بعد الاستقرار فمصر بها فرص استثمارية كبيرة. وتوقع عادل انخفاض مخاطرة العوامل السياسية بعد تسليم السلطة للرئيس الجديد مما يؤهل السوق لبدء التعافي واسترداد سيولته، مشيرا الي ان التعرف على سياسات الحكومة المقبلة بعد الانتخابات لا يختلف عن أهمية وجود الرئيس عند اتخاذ القرار الاستثماري. واوضح ان الأوضاع بالبورصة المصرية مرتبطة بالسياسة الآن والاستقرار هو ما سيعيد السيولة مرة أخرى للسوق، واضاف قائلا "إذا اصبح لدينا مجلس شعب وحكومة ورئيس منتخب واحترام للمؤسسات القضائية والعسكرية سيتوفر حينها المناخ المناسب للاستثمار، فالمستثمرين لابد أن يتأكدوا من النمو الاقتصادي وتوافر الفرص الاستثمارية والتحرك نحو الديمقراطية حتى يعودون مرة أخرى للاستثمار في السوق". من جانبها طالبت الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار بضرورة تشديد الرقابة علي التداولات خلال عام 2012، بالاضافة الي العمل علي سرعة اصدار ضوابط تخارج كبار المساهمين من السوق المصري وصياغة ضوابط اكثر تشددا لتعاملات صناديق الافشور في السوق المصري واصدار اللائحة التنفيذية الجديدة لصناديق الاستثمار المصرية لتسهيل وتطوير نظم تأسيسها و عملها في مصر. وتري الجمعية انه مع استقرار الاوضاع السياسية المتوقع فانه يفترض أن يعكس اداء السوق الاداء المالي للشركات وقوة تصنيفها الإئتماني والفوائض المالية التي تتميز بها ميزانيتها وبما يتماشي مع متغيرات الوضع الاقتصادي والسياسي المصري خلال هذه المرحلة. واضافت الجمعية في تقرير لها انه نتيجة الكشف عن هياكل ملكية الشركات خلال الفترة الماضية فقد تم رصد العديد من حالات الاستحواذ علي حصص من اسهم الشركات المتداولة بنسب تتراوح ما بين 5% و 30%، وتوقعت استمرار هذه الصفقات خلال عام 2012 في ضوء تطورات الاوضاع الاقتصادية و السياسية. وأكدت الجمعية علي ان مؤشرات السوق لاتزال فى إنتظار قوى شرائية فعالة مصاحبة بحجم تنفيذ مرتفع حتى تعاود التماسك خاصة وان القوي البيعية داخل البورصة قد غلب عليها الضعف مما يعني انه يمكن تحجيم اثارها في حالة ظهور سيولة استثمارية جديدة. وتابع، " ولكن عدم تكوين حاجز دفاعي للبورصة من خلال تخفيض فترة التسوية وزيادة السيولة ادي الي استمرار الضغوط علي السيولة فوحدة التغير في سعر الاقفال اصبح تعديلها حتميا الان خاصة وانها لا تتماشي مع اوضاع السوق ولا مع حجم التداول الحر لاسهم الشركات المتداولة، بالاضافة الي ضرورة العمل علي فصل التسوية الورقية عن النقدية او تخفيض فترة التسوية الي T+1. واضاف التقرير انه من الضروري ان يتم تحفيز الاستثمار المؤسسي متوسط وطويل الاجل في السوق المصري خلال عام 2012 لضمان الحفاظ علي الاستقرار السوقي خاصة، ونؤكد علي أن مستقبل البورصة المصرية خاصة خلال الأشهر القليلة القادمة سيظل مرهوناً بأداء المستثمرين المحليين من أفراد وبنوك وصناديق ورغبة هذه الاطراف في مساندة السوق ودعمها حتى تجتاز هذه الفترة، وأن دعم الاطراف المحلية للسوق يعطي رسالة ثقة للمستثمرين الاجانب بأن الامور تمضي إلى الأفضل وبالتالي لا داعي للخروج من هذه السوق الواعدة.