تفاهمات مع رجال الأعمال .. قرار سريع بإلغاء دعم الصادرات.. وبرنامج توظيف لتوفير مليون فرصة عمل سنويا إنذار للبنوك: الحكومة لن تقترض بفوائد 14.6% بعد الآن.. وجدولة الدين الداخلي قرار نهائي إعادة تخطيط «إقليم القناة».. ومصانع أسمنت وسيراميك وأسمدة في سيناء شبكة طرق جديدة تربط الصعيد بالقناة عبر الصحراء الشرقية 5 مناطق صناعية في الفيوموالمنيا وأسيوط وسوهاج.. ومشاريع كثيفة العمالة في الوجه البحري مصادر: الدولة خائفة من المساس بالدعم منذ 1977 وشعبية السيسي تؤهلة لاتخاذ القرار الصعب كشفت مصادر مطلعة مشاركة في وضع البرنامج الاقتصادي للمشير عبد الفتاح السيسي، الذي ينوي إعلانه ضمن برنامجه الانتخابي المرتقب، عن تفاصيل الجانب الاقتصادي في البرنامج. وقالت المصادر، التي طلبت عدم نشر أسماءها، إن البرنامج الاقتصادي يركز على 5 قضايا رئيسية، هي إعادة توزيع الموازنة العامة، وتغيير نظام التعامل المصرفي لإعادة هيكلة الديون الداخلية التي تجاوزت تريليون و350 مليار جنيه تقريبا. القضية الثالثة هي مواجهة أزمة البطالة، ويقترح البرنامج إطلاق برنامج تشغيلي للشباب، بتكلفة استثمارية 3 مليار دولار سنويا (نحو 21 مليار جنيه)، لتشغيل مليون شاب كل عام. أما الأزمة الرابعة التي يحاول برنامج المشير السيسي حلها فهي قضية الدعم. وتابعت المصادر، أن المؤسسة العسكرية «لديها دراسات وافية عن كافة التفاصيل الاقتصادية في مصر، وتجريها معاهد دراسات متخصصة، وذلك منذ فترة طويلة للغاية»، وأضاف مصدر شارك في إعداد البرنامج:«لدينا 6 مشروعات تنموية عملاقة، تبدأ من قناة السويس، وفكرتنا كلها تتلخص في عدم إهمال ما تم إنجازه في هذا الملف مثل ميناء شرق التفريعة وتوسعات ميناء السويس، لأن هذه المشاريع وإن كانت تشوبها أخطاء في التنفيذ والتكلفة، إلا أن إنجازها تم بالفعل والعودة لنقطة الصفر يعني أن تتكلف الخزينة العامة ما بين 12 إلى 18 مليار جنيه على الأقل، فضلا عن الشروط الجزائية الموقعة خاصة مع الشركات الصينية التي بدأت العمل منذ 2009 و2010، لذلك سنترك هذه المشروعات، مع إضافة بعض التعديلات عليها، بالاتفاق مع المستثمرين، لأننا لا نريد أن يجد الرئيس الجديد نفسه أمام مشكلات ضخمة مثل التحكيم الدولي». وتابعت المصادر:«القناة هي نقطة البداية، ولدينا 3 نماذج تم دمج طرق عملها للخروج برؤية مصرية، فنحن نتحدث عن أهم ممر مائي صناعي في العالم، لكن هناك مشاكل تقنية قررنا حلها بالتعاون مع القوات المسلحة، فمثلا تحتاج القوات المسلحة لضمان حرية حركتها بشكل كبير، كي لا تصبح سيناء معزولة، وكذلك تحتاج لضمان أن تكون تلك التحركات آمنة بالمعنى العسكري، لذلك فإن وجود الفريق مهاب مميش على رأس هيئة قناة السويس، وقبله اللواء أحمد فاضل، سهل هذه المهمة كثيراً، فهما بحكم المنصب يعرفنا جيدا متطلبات القوات المسلحة في هذه المنطقة، التي لم تم إغلاقها بالكامل فنحن نتحدث عن بتر سيناء تماما عن مصر». ولحل هذه الأزمة، حسب المصادر، اعتمد البرنامج الاقتصادي للسيسي على «إيجاد علاقة انتاج واضحة بين المصانع في سيناء (سواء الحالية أو المخطط لها)، وقطاع قناة السويس، بحيث تصبح سيناء جزءاً رئيسيا من المشروع، وإن لم تكن جغرافيا جزءاً من قطاع قناة السويس». وحول المشاريع المقترحة قالت المصادر:«هناك توجه واضح لدى المشير السيسي للاهتمام بسيناء، لاعتبارات اقتصادية وسياسية وعسكرية، وبعد مناقشات حددنا 3 صناعات رئيسية لسيناء، هي صناعة الأسمنت، والأسمدة والسيراميك، مع تخطيط لاستثمار منطقة وسط سيناء تحديدا في مجال الأسمنت وربطها بشمال سيناء ب 5 طرق ممهدة لمرور الشاحنات، مع توفير خدمات الطرق الرئيسية، وذلك على مدار عامين، بينما سيتم ربط ميناء العريش بشبكة الطرق وتوسيعه، ليكون منفذا للتصدير خاصة إلى دول جنوب أوربا». أما في محافظات الوادي والدلتا، فقالت المصادر إن البرنامج «يركز على الصناعات كثيفة العمالة، ويسعى لإخراجها من الحيز العمراني للمدن، لتخفيف الضغط على شبكة الطرق بالمحافظات، ففي الوجه القبلي تم تحديد مناطق كوم أوشيم وشكشوك في الفيوموالمنيا الجديدة وأسيوط الجديدة وحي الكوثر في سوهاج، لتحويلها لخمس مناطق صناعية، مع ربطها مع الدائري الإقليمي، وإنشاء طرق جديدة تصل الخمس مناطق الصناعية بإقليم قناة السويس عبر الصحراء الشرقية لمصر، ونستهدف في هذا القطاع بناء مجمعات صناعية كبرى، لتساهم في صناعة المنسوجات والحديد والصلب والرخام والحجر الجيري، خاصة في محافظة المنيا التي تضم مناجم حجرية هائلة لم تستغل بشكل جيد حتى الآن». وحول أزمة الدين الداخلي، فجرت المصادر مفاجأة حيث قالت في تصريحات خاصة ل«الوادي» إن:«الدولة خلال شهور قليلة، ستغير نظام تعاملها بالكامل مع البنوك المحلية، فلم يعد مقبولاً أن تقترض الحكومة الأموال من البنوك بفوائد تصل إلى 14.6% وفترات سداد تتراوح حول 180 يوماً، بينما تقرض البنوك الشركات والأفراد بفوائد أقل كثيراً، وبفترة سداد أطول تمتد لأعوام، رغم أن الدولة مضمونة السداد أكثر من أي فرد أو رجل أعمال، لذلك سنضع البنوك أمام مسئولياتها، وسنعرض مبدئيا إعادة جدولة الدين الداخلي كله، ومد فترات السداد، لتخفيف الضغط على الموازنة، فضلاً عن ذلك، فإن أي قروض جديدة، سوف تخض لقواعد السوق، فليس معقولاً أن تقترض مصر من الدول المانحة أو من صندوق النقد الدولي بفوائد ما بين 2 إلى 1.1% وتقترض داخليا بأضعاف هذه الفائدة». وحول البطالة، قالت المصادر إن البرنامج سوف يطلق «مشروع توظيف قومي عملاق، ولدينا فكرة رئيسية، هي ترجمة الإنفاق الحكومي الاستثماري إلى فرص عمل، فليس مقبولاً أن تنفق الحكومة مليارات على مجالات ترفيهية أو غير منتجة، لذلك فإن المشروع التوظيفي سيضخ سنويا 3 مليارات دولار لتشيغل مليون شاب، في مشاريع كثيفة العمالة تملكها الدولة، أو تملك حصة حاكمة فيها، ويكون شرط الشراكة الرئيسي مع الدولة في هذا المجال هي تشغيل الشباب وتدريبهم، وضربة البداية سوف تكون من محافظات الوجه البحري، خاصة الشرقية والمنوفية وكفر الشيخ والبحيرة، لما تتمتع به هذه المحافظات من فرص جيدة لإطلاق مشاريع كثيفة العمالة». القضية الأبرز في الملف الاقتصادي للسيسي، هي الدعم، وعن هذه القضية تقول المصادر:«الدعم بشكله الحالي سيتم تقليصه دون تردد، فالدولة لم تكن تجرؤ على المساس الحاسم بهذا الملف منذ انتفاضة الخبز في 1977، التي أربكت السادات ومبارك، وكان هناك توجه لدى الرئيس المعزول محمد مرسي لرفع الدعم أيضاً، لكن قيادات الجماعة حذرته من خطورة الملف سياسياً، وكانوا محقين في هذا الأمر، لكن في حالة وصول المشير السيسي للحكم، ومع ما يتمتع به من شعبية هائلة، فإن قدرته على تقديم حلول لأزمة الدعم الضاغطة على الموازنة، أكبر من قدرة مبارك والسادات ومرسي جميعاً، فهذه خطوة عملاقة تحرر نحو 140 مليار من الموازنة العامة للدولة من أسر الدعم الذي لا يصل أصلا لمن يستحقه». وتابعت المصادر:«الحل لن يأتي دفعة واحدة، لأنه مثل الدواء المر يحتاج لتقديمه على جرعات، والمشير السيسي رغم شعبيته لن يستطيع أن يعلن تلك القرارات دفعة واحدة، فهو رجل حذر بطبعه، وطموحات الناس وآمالهم المعلقة عليه عالية جداً، لذلك سوف يعلن عن قرارات تدريجية في إطار خطة وضعناها تمتد لثلاثة سنوات كحد أقصى، فهناك دعم يقدم مثلا للمصدرين، وهذا أمر غير منطقي، فلدينا رجال أعمال يربحون من تصدير سلعة ما، ونحن ندعمهم لا لشيء إلا لنقول لأنفسنا إن التصدير بلغ معدلات جديدة، رغم أننا نحمل المواطن المصري ثمن الدعم الذي يستفيد منه الأجنبي حين يشتري سلعا رخيصة نسبياً من انتاج مصنعين مصريين». وأضافت المصادر:«النقطة الثانية في الدعم، هي دعم الوقود، وكروت البنزين هدفها حصر المستفيدين وكمية الوقود التي يحتاجونها بالفعل، فهناك نسبة تصل إلى 25% من الوقود في الأسواق فائض على الحاجة فعليا، حتى بحساب نسب الإهدار، وهذا الوقود مدعم بشكل كبير، فضلا عن ذلك فهناك تفاهمات مع بعض رجال الأعمال حول تقليص الدعم الموجه لمصانعهم، لكن بشكل تدريجي، فلا يوجد رئيس يستطيع أن يواجه موجة تشريد عاملين جماعية، والدولة لن تعود للتأميم مرة أخرى، لأن هذا يضرب فكرة الاستثمار، ويجعل مصر تعود لعصر الستينيات». وعن الضرائب التصاعدية تحدثت المصادر:« هذه قضية شائكة بالفعل، فالبرنامج لا يتضمنها على الأقل في فترة 4 سنوات قادمة، ونحن نريد تشجيع رجال الأعمال الوطنيين، بدلاً من إثارة فزع غير ضروري، فدول مثل فرنسا، استقر نظامها الاقتصادي والسياسي، يمكنها أن تفرض ضرائب تصاعدية، لكن في وضع مصر الاقتصادي الهش لا يمكن اتخاذ قرار من هذا النوع، على الأقل في وقتنا الحالي». نقلا عن «الوادي الأسبوعي».