جفاء إيراني ملموس وإصرار على رفض الاعتراف بموجة الثورة الثانية يمكن القول إن زيارة الوفد المصري إلى طهران لم تنجح في الحصول على اعتراف بثورة 30 يونيو من المسئولين الإيرانيين العديدين الذين التقاهم الوفد وعلى رأسهم رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني والمستشار السياسي لخامنئي علي ولاياتي ، والدكتور هادي سليمان نائب وزير الخارجية . وكانت الزيارة تضم 35 من الشخصيات السياسية والبرلمانية والحزبية والإعلامية ، برئاسة الدكتور صلاح الدين دسوقي رئيس الوفد والأمين العام المساعد للتجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة ، والدكتور جمال زهران منسق عام التجمع بالقاهرة ، والذي صرح قبل بداية الزيارة بأن الوفد سيؤكد أيضا على ضرورة الحوار وعلاقات حسن الجوار بين إيران ودول الخليج العربية في مواجهة المؤامرات الأمريكية والصهيونية للهيمنة على المنطقة. ولوحظ بشدة اختلاف معاملة الوفود المصرية إلى طهران عما كان عليه الأمر عقب اندلاع ثورة 25 يناير ، والتي بدت بالنسبة لإيران وكأنها "صحوة إسلامية". ورغم أن جهود الوفد المصري تركزت على إقناع المسئولين الإيرانيين بجميع الوسائل أن نظام الإخوان كان أشد تبعية لأمريكا وإسرائيل من نظام مبارك، إلا أن الزيارة لم تؤت ثمارها لأن الجانب المصري الرسمي مازال ينظر بعين الحذر للعلاقة مع إيران ولم يرسل حتى الآن وفدا رسميا منذ زيارة مرسي الفريدة إلى طهران . فرغم تأكيد مسئول العلاقات العربية والإفريقية بأن إيران تعادي الإرهاب ولا تسعى لتدمير مصر ، إلا أن الواقع أنها تقف أيضا وراء حركة حماس التي تتوجه لها أصابع الاتهام الأساسية في نشر العنف والإرهاب بسيناء . أجواء الزيارة حوت توجسا وترقبا لتصرفات المسئولين الإيرانيين المعبرة عن عدم الحفاوة على أحسن تقدير، كما أن كلماتهم خلت جميعا من أي اعتراف مكتوب أو منطوق بأن 30 يونيو ثورة شعبية . وقال مساعد وزير الخارجية إن إيران ترفض المساس بالديمقراطية في مصر وتفضل إشراك جميع الأطراف ، ولكن مع الرفض التام للتدخل في شئون الشعب المصري الأبي ، مؤكدا في الوقت نفسه احترام اختيار الشعب المصري . كما أن أمير عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية للشئون العربية والإفريقية تقدم باعتذار غريب عن عدم تمكن وزير الخارجية محمد جواد ظريف من مقابلة الوفد مفاده أن والدته مرضت مساء أمس وأن حالتها غير مستقرة ، وأفصح أحد أعضاء الوفد عن الغضب من الاستقبال الإيراني للزيارة قائلا إن إيران كانت تطلب العلاقات مع مصر والآن مصر تمد يدها من خلال وفودها الشعبية فيما تتمنع إيران فامتنع عبد اللهيان عن التعليق ، وجاء ذلك فضلا عن تكرار تنصل المسئولين الكبار المتكرر من الإدلاء بأحاديث صحفية للإعلاميين والصحفيين المرافقين للوفد . وتعرض رئيس البعثة المصرية إلى طهران لموقف محرج عندما منعت سيارته من الدخول إلى مقري البرلمان الإيراني ووزارة الخارجية واضطر إلى السير مع أفراد الوفد داخل المقرين ، وهو ما تم تبريره بأنه ليس سفيرا بل قائم بالأعمال. وإن كان بعض أعضاء الوفد من الشخصيات الوطنية ذات التاريخ الحافل الذي لا غبار عليه ، فقد ترددت أنباء غير مؤكدة بأن مفاوضات دارت في الأروقة المغلقة عن ثمن تحسين العلاقات الإيرانية المصرية بين مسئولين إيرانيين وبعض الأعضاء وهو ما لم يتسن بعد تأكيده أو نفيه .