ناشد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة رؤساء الدول والحكومات وأرباب الأعمال وسائر التحالفات إلى الالتزام بمبادرة الطاقة المستدامة للجميع، التي تهدف إلى توفير فرص الوصول إلى الطاقة المستدامة للجميع، ومضاعفة فعالية الطاقة واستخدام مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. وقال كي مون في رسالته للعالم بمناسبة قرب عقد قمة الأممالمتحدة للتنمية المستدامة بمدينة ريودي جانيرو بالبرازيل المعروفة ب"ريو +20 " التي ستعقد في يونيو المقبل، ومن المنتظر أن يحضرها أكثر من 130 من رؤساء الدول والحكومات، وما يقرب من 50 ألف من قادة رجال الأعمال والعُمد والناشطين والمستثمرين: "أمامنا الكثير من التحديات العالمية التي تستلزم استجابة عالمية قوية وسريعة وقوة جماعية تعمل في ظل شراكة قوية فالوقت الآن لا يحتمل الخلافات الضيقة الأفق ، بل هي لحظة حري بزعماء العالم وشعوبه أن يتحدوا فيها في مسعى مشترك يجتمعون تحت رايته حول رؤية يتقاسمونها لمستقبلنا - المستقبل الذي ننشده جميعا". وأضاف "إن التحديات التي تواجهها البشرية اليوم تشبه في أغلبها ما واجهته قبل ذلك، ولو اتسع نطاقها الآن فنحن مقبلون على عهد جديد يسميه البعض حقبة جيولوجية جديدة تتميز بنشاط بشري يغير ديناميات الأرض تغييرا جوهريا ، وكانت لحصة الفرد من النمو الاقتصادي العالمي مصحوبة بتزايد عدد سكان العالم "الذي فاق السبعة بلايين نسمة في العام الماضي" أثرها في زيادة وطأة الضغط على النظم الإيكولوجية الهشة بشكل غير مسبوق، وإننا وقد سلمنا بأنه من المستحيل أن يظل طريقنا إلى الرخاء هو الإحراق والاستهلاك، لم نعتمد بعد الحل الواضح، الذي طرح منذ 20 عاما بقمة الأرض الأولي وهو الحل الوحيد الممكن وهو التنمية المستدامة. وأضاف الأمين العام: "لقد اجتمع زعماء العالم في ريو دي جانيرو منذ عشرين عاما مضت واتفقوا على خطة عمل طموحة لمستقبل أكثر أمنا، وسعوا إلى تحقيق التوازن بين ضرورات النمو الاقتصادي القوي واحتياجات أعداد متزايدة من البشر وبين الضرورة الإيكولوجية القاضية بحفظ أثمن ما يمتلك كوكبنا من موارد أي بره وهوائه ومائه، واتفقوا على أن السبيل الوحيد إلى ذلك هو التخلي عن النموذج الاقتصادي القديم واستحداث بديل له وقد أسموا هذا البديل التنمية المستدامة. وقال الأمين العام: "من حسن الحظ أن أمامنا فرصة ثانية للعمل، فبعد أقل من شهر سيجتمع زعماء العالم مرة أخرى في ريو دي جانيرو لكي يحضروا مؤتمر الأممالمتحدة للتنمية المستدامة أو مؤتمر ريو+20، وها هي ريو تقدم مجددا لهذا الجيل فرصة لإعادة الأوضاع إلى حالتها الطبيعية: لرسم مسار جديد نحو مستقبل يحقق التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للرخاء والرفاه الإنساني، إنه تحالف عالمي من أجل التغيير ولكن النجاح ليس مؤكدا ،فالحفاظ على عالمنا للأجيال المقبلة والنجاة من الخطر المحدق بنا يستلزم الشراكة والتعاون التام بين زعماء العالم بأممه الغنية والفقيرة وبلدانه الكبيرة والصغيرة، أما التحدي الأكبر الذي يواجهونه فهو حشد الدعم العالمي تأييدا لبرنامج عمل تحويلي يستهدف التغيير، وإشعال جذوة ثورة مفاهيمية تبدل طرائق التفكير في كيفية تحقيق نمو دينامي يتسم في الوقت نفسه بالاستدامة ويصلح للقرن الحادي والعشرين وما بعده. وقال " إننا نترك اتخاذ قرار بشأن برنامج العمل هذا للقادة الوطنيين لكي يهتدوا فيه بتطلعات شعوبهم ، ولكنني إذا ما أتيح لي أن أسدي النصيحة بصفتي أمينا عاما للأمم المتحدة فسأشير بالتركيز على 3 مجموعات من النواتج من شأنها أن تضع مؤتمر ريو+20 في المكانة المرموقة التي ينبغي أن يتبوأها كعلامة فارقة من علامات الطريق. وقال، أولا، ينبغي أن يكون مؤتمر ريو+ 20 مُلهما لفكر جديد وحافزا للعمل. فمن الواضح أن النموذج الاقتصادي القديم يتداعى. فالنمو تباطأ في مناطق جمة، وفرص العمل بلغت مستوى دون المطلوب للحاق بالركب. والهوة بين الأغنياء والفقراء آخذة في الاتساع، وها نحن نشهد تناقصا شديدا ومثيرا للجزع في الغذاء والوقود وفي غيرهما من الموارد الطبيعية التي تعتمد عليها المدنية ، وسيسعى المفاوضون في ريو إلى الاستفادة من النجاح المحرز في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الذي ساعد على انتشال الملايين من براثن الفقر، ومن شأن محور جديد للتركيز ينحو منحى الاستدامة أن يأتي بما يسميه علماء الاقتصاد "محصلة ثلاثية الأبعاد“، أي نموا اقتصاديا يتسم بكثافة فرص العمل مصحوبا بحماية بيئية وإدماج اجتماعي. وثانيا، ينبغي أن يكون الناس محور الاهتمام في مؤتمر ريو+20، أي أن يكون مؤتمر قمة الناس يتمخض عن آمال قابلة للتحقق تبشر بتحسن حقيقي في حياتهم اليومية. وتشمل الخيارات المتاحة للمفاوضين الإعلان عن الالتزام بإيجاد مستقبل "خال من الجوع"، خال من العوامل المعطلة لنمو الأطفال كافتقارهم إلى التغذية الملائمة، خال من الهدر للغذاء والمدخلات الزراعية في مجتمعات لا يحصل أبناؤها على ما يسد الرمق ،وينبغي أن يكون مؤتمر ريو+20 أيضا محفلا يفسح المجال لأصوات من لا ننصت إليهم إلا فيما ندر، أي المرأة والشباب،فالمرأة هي التي تحمل على كاهلها نصف السماء؛ وهي تستحق مكانة تكفل لها المساواة في إطار المجتمع ،لذا يتعين علينا أن نمكنها لتكون محركا للدينامية الاقتصادية والاجتماعية. أما بالنسبة للشباب، وهم مستقبلنا بلا شك، فلنسأل أنفسنا: هل نحن عاكفون على إيجاد الفرص لهم وهم الذين سينضم منهم نحو 80 مليونا كل عام إلى القوة العاملة. وثالثا، ينبغي أن يدق مؤتمر ريو+20 ناقوس الدعوة إلى العمل مناديا بإيقاق الهَدر. لقد كانت الأرض أمّا رؤوما لم تبخل علينا بشيء ، فلتحذو البشرية حذوها بأن تحترم حدود الطبيعة ،وينبغي أن تدعو الحكومات في ريو إلى استغلال أكثر ذكاء للموارد. فمحيطاتُنا لا بد من حمايتها، ومثلها مياهنا وهواؤنا وغاباتنا. ومدننا يجب أن تصبح أكثر ملاءمة لضرورات العيش وأن تصبح أماكن نسكنها في تواؤم أكثر مع الطبيعة.