تشهد الساحة السياسية والبرلمانية الكويتية ، خلال الساعات القادمة مساعي مكثفة يقودها رئيس مجلس الأمة علي الراشد من أجل ما أسمته بعض المصادر النيابية "ترشيد الاستجوابات"، خصوصا في ظل المخاوف التي بدأت تساور الكثيرين من عودة النهج البرلماني ذاته الذي انتهجته المجالس السابقة . وأدى هذا النهج إلى تعطيل التنمية وإشاعة الجمود في كل مفاصل الدولة ، عبر زخم الاستجوابات التي كان النواب السابقون يتسابقون على تقديمها ، وهو ما يبدو مرشحا للتكرار مع تقديم 3 استجوابات خلال فترة زمنية لم تبلغ ثلاثة أشهر، إضافة إلى ضرورة التزام النواب بعدم التدخل في شئون الدول الخليجية الشقيقة . وفرضت تصريحات رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك حول الاستجوابات المقدمة ، التي اعتبرها دلالة على عدم التعاون مع الحكومة، والاستياء الحكومي من الاستعجال في تفعيل أداة المساءلة ، نفسها على الساحة ، وجعلت مبادرة الراشد محاولة لاستعادة زمام التوازن في الأداء البرلماني الذي توقعه الشارع الكويتي من مجلس خلا من معظم عناصر التأزيم في المجالس السابقة . وصرحت المصادر أن الراشد سيشرح للنواب أبعاد وتبعات هذا التصعيد المتواصل ، والذي قد يؤدي إلى انسداد في العلاقة بين السلطتين، وقد يتطور الأمر إلى تقديم كتاب عدم تعاون ، وسيطالب النواب بمنح الحكومة مهلة لا تقل عن ستة أشهر ثم الحكم عليها بعد ذلك. غير أن هذه المساعي التي يقودها الراشد ، اصطدمت مبكرا بموقف رافض لأي تأجيل من قبل النائب فيصل الدويسان الذي أكد لصحيفة "الجريدة" عدم وجود أية نية لسحب استجوابه لوزير الداخلية أحمد الحمود ، بل وعلى خط مواز، أعلن النائب نواف الفزيع انضمامه لاستجواب النائب سعدون حماد الذي يقدم اليوم لوزير النفط هاني حسين من 5 محاور، بعد استبعاد محور "شل" منها لانه ينظر فى القضاء ، ضمانا لتأييد 11 نائبا لورقة طرح الثقة بالوزير، مؤكدا أن استجوابه لنائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية مصطفى الشمالي مازال قائما. وأشارت مصادر نيابية إلى أن كتلة المستقبل ستجتمع غدا لمناقشة المستجدات الراهنة ، إضافة إلى مناقشة الاستجواب المزمع تقديمه من النائب نواف الفزيع إلى الشمالي ، بعد أن زود أعضاء كتلته بمسودة الاستجواب للاطلاع ، تمهيدا لتحديد موقف نهائي للكتلة منه . وبشأن استجواب وزير المواصلات الكويتى سالم الأذينة الذى ينظر غدا بمجلس الأمة ، أكد مصدر مقرب من وزير المواصلات أنه جاهز لاستجواب الغد ، موضحا أنه لايرى أي مبرر لطلب التأجيل أو طلب مناقشة الاستجواب في جلسة سرية . وأضاف أن جلسة أعمال مجلس الوزراء المقررة صباح اليوم ستبحث مدى استعدادات الوزير لتفنيد محوري الاستجواب في الجلسة المقرر لها غدا ، كما ستبحث التهديدات النيابية التي أطلقها عدد من النواب ممن لوحوا باستجوابات لعدد من الوزراء في مقدمتهم وزير النفط من قبل النائبين سعدون حماد ونواف الفزيع خلال الاستجواب المقدم من فيصل الدويسان لوزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود، وسيكشف لزملائة الوزراء جاهزيتة لصعود المنصة وعدم طلب تأجيل الاستجواب. ويبحث مجلس الوزراء، في اجتماعه الاسبوعي اليوم، الاندفاع النيابي في تقديم الاستجوابات ، وقال مصدر وزاري لصحيفة "القبس" أن الحكومة حسمت قرارها بتأجيل استجواب النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الداخلية ، وستبلغ المجلس بقرارها غدا ، وأبدى المصدر ارتياح الحكومة لاستعدادات الوزراء لمواجهة الاستجوابات. ومن ناحية أخرى، اتفق أعضاء اللجنة التنفيذية لأغلبية المجلس المبطل في اجتماعهم على أن يكون لأغلبية المجلس المبطل ممثلون في ائتلاف المعارضة وكذلك تنسيقية الحراك الشعبي ، كما اتفقوا على عقد ندوة جماهيرية يحضرها جميع نواب الأغلبية غدا الثلاثاء في حديقة البلدية. وكانت الهزة العنيفة للحراك الشعبي التي سببها انسلاخ "العمل الشعبي وحدس" مفاجئة لدى الكثيرين ، إلا أن القريبين من الحراك اعتبروا هذه الخطوة متوقعة في ظل الخسائر المتلاحقة التي ألحقتها "نهج" بالمعارضة المبطلة والتآكل الرهيب في رصيدها الشعبي الذي تلمسته من خلال تناقص الحضور في التجمعات الأخيرة التي دعت إليها . وأرجع المراقبون هذا الانسلاخ إلى عوامل عدة أهمها فقدان المعارضة المبطلة لأية ورقة ضغط أو تفاوض تمكنهم من لعب دور فعال على الساحة السياسية ، بعد إقرارهم في أكثر من مرة بأن الحراك شبابي يقوده ويخطط له مجاميع من الشباب دون تدخل منهم.