تعيش موريتانيا منذ ثلاثة أيام تدفقا غير مسبوق للاجئين الفارين من جحيم الحرب التي تشنها فرنسا على مالي. وبعد أسبوع من بدء العمليات باتت المحافظات الموريتانية المتآخمة للإقليم المضطرب قبلة للنازحين وسط ظروف إنسانية صعبة مع موجة برد قارس جعلت السلطات الموريتانية وهيئات الإغاثة الدولية عاجزة عن تقديم المساعدات للعدد الهائل من النازحين. وتوقعت مصادر في نواكشوط أن يصل نحو ربع مليون نازح إلى موريتانيا خلال الأسابيع القادمة. وفي مدينة باسكنو حيث يقع مخيم "امبره" للاجئين تفاقمت أوضاع النازحين ففي حين كان عشرات الآلاف يقيمون منذ مارس من العام الماضي، وباتت منظمة غوث اللاجئين ولجنة المخيم وسكانه عاجزين عن تقديم الدعم الإنساني للنازحين بسبب الكثافة الغير مسبوقة. وقال سيدي اغ محمد من مسئولي المخيم: إن هناك تذمرا من الأوضاع التي يعيشها اللاجئون ، متهما مسئولي المنظمات الدولية المشرفة على المخيم برفض تسجيل النازحين الجدد للاستفادة من الدعم الإنساني. وفي مدينة "فصالة" يتهافت نازحون جدد آخرون، حيث لا يبدو الوضع أحسن مما هو في باسكنو وبالرغم من التسجيل المتأصل للنازحين الجدد إلا أن المشرفين على المخيمات يشكون العدد المتزايد للنازحين. وتمتد الطوابير الطويلة أمام الهيئات الدولية للحصول على وجبات ضئيلة في نوعياتها الغذائية وسط البرد القارس. وأكد محمود آغ الشيخ أستاذ لغة عربية أن الهيئات الدولية تعامل النازحين وكأنهم مواشي على حد وصفه، مشيرا إلى أن طبيعة الإنسان الصحراوي تمنعه من التكالب على الطعام، وأنه بات عاجزا عن الحصول على الوجبة اليومية الوحيدة التي تقدمها الهيئات الدولية بسبب انتشار الطوابير والظروف المأساوية التي يعيشها أبناء جلدته. ويبدي مراقبون مخاوفهم من تأزم أوضاع النازحين خاصة بعد أن أعلن الجيش الموريتاني هذا الاسبوع المحافظات المحاذية لجهورية مالي مناطق عسكرية مغلقة. واعتبر الجيش ان المحافظات المحاذية للحدود الممتدة على ألفين ومائتا كيلومتر، أصبحت منطقة عسكرية من أجل تأمينها ومراقبة التحركات التي تجري فيها، وهو ما يعني أن هذه المناطق أصبحت تحت سلطة الجيش الموريتاني، الذي يمكنه وحده إصدار التراخيص للدخول إليها والخروج منها، ومراقبة هويات الأشخاص الراغبين في التنقل داخلها وهو ما سيصعب من وصول النازحين إلى الأراضي الموريتانية التي باتت وجهتهم هربا من الدمار.