تكفيريون يكرهون كل شىء، وأى شىء، وبيوت تغلق أبوابها مع أذان المغرب، خوفا من الموت الذى يحوم بحثا عن فريسة جديدة، كلما هبط الظلام، ورجال عمليات خاصة، لهم ملامح صارمة، ينتشرون فى تشكيلات تستعد للقتال. لا سياحة، ولا تجارة، ولا استثمار.. هكذا هو الواقع فى أرض الفيروز، شبه جزيرة سيناء، بوابة مصر الشرقية، وعمقها الاستراتيجى الذى يستغيث بالدولة، والدولة عنهم منشغلة، بحريتها وعدالتها ومشاريع نهضتها التى لا تكاد تشعر بأن هذه البقعة من الأرض.. سددت مصر ثمنها دماءً غاليةً، حتى استعادتها، ولا تحس بأن نار سيناء المشتعلة، قد تحرق كل الوطن، كما يؤكد شيوخ قبائل، ومواطنون سيناويون، التقتهم «الصباح» فى رحلة إلى أرض الفيروز سابقًا، وأرض القتل المجانى والإرهاب المشاع حاليًّا. إنها السابعة صباحا، والشمس تشق طريقها فوق قمم الجبال، فى الطريق إلى سيناء.. تبدو الجبال مطمئنة مستكينة، تصحو بعد نوم هادئ، كأن الموت لا يختبئ بين شقوقها. سائق الحافلة ياسين السيد، الذى يعمل على خط القاهرةسيناء، منذ نحو 25 عاما يقول: الوضع فى سيناء مخيف، فالمدن التى كانت تضج بالسائحين، وتزدحم بالزوار، أصبحت أطلالًا وبيوت أشباح، وطبيعى أن يهرب السائحون، فمن ذا الذى يستطيع أن يشعر بالاطمئنان فى هذه الأجواء الكئيبة؟! قطّاع الطرق أصبحوا يحكمون، والتكفيريون قويت شوكتهم، وأصبحوا لا يكتفون بالاختباء فى كهوفهم المظلمة، بل غدوا ينزلون إلى القرى والمدن، ويجلسون على المقاهى، وأسلحتهم الآلية بين أياديهم، ولا أحد يجرؤ على الاقتراب منهم. ويضيف: لم يعد الطريق إلى سيناء، كما كان من ذى قبل، فقطاع الطرق، والعصابات تنتشر والأشخاص المدججون بالأسلحة لا يتورعون عن قطع الطريق، على العربات بركابها، فيستولون على الأموال، أو يختطفون الرهائن، ويساومون للحصول على أموال على سبيل الفدية.. من الذى سيأتى سائحا فى هذه الظروف؟ جرائم سرية ويؤكد أن هناك عمليات إجرامية تحدث فى سيناء ولا تصل إلى وسائل الإعلام، من أبرزها اختطاف 25 خبيرا صينيا كانوا فى طريقهم إلى مصنع أسمنت بمنطقة «العوجة»، وكانت عملية الاختطاف بغرض الضغط على الدولة من أجل الإفراج عن عدد من المحكوم عليهم بقضايا بلطجة وإرهاب. كما يحدث كثيرا أن يهاجم التكفيريون نقاط الشرطة، وتقع معارك ضارية، ومناوشات حامية، من غير أن يشعر بها الإعلام. وكلما توغلت إلى أعماق شبه الجزيرة، ازداد الوضع صعوبة وخطورة، فى طرق الحسنة وجفجافة والمليز وبرانى وطريق رفح والشيخ زويد وجبل الحلال. هذه طرق الموت وشوارع الدماء، كما يصفها السائق الذى يتحدث بمرارة شديدة، ويقول: منذ أسبوعين كنت فى طريقى إلى سيناء للقيام بعملى فى توصيل الركاب، وفى منتصف الطريق، وبالتحديد عند «القنطرة شرق» وجدت كمينا لملثمين يقطعون الطريق، يأمروننى بالرجوع إلى حيث أتيت، قائلين إنهم لن يسمحوا للحافلة بالدخول، فتراجعت قليلا ثم اتصلت بالشرطة العسكرية، وأبلغت عن الأمر، وسرعان ما جاءت مدرعة عسكرية، وعلى متنها عناصر قوة، فتحوا الطريق، وفر الملثمون، وتنفست الصعداء بعد أن كنت على بعد خطوات من موت محقق. ويتابع: «بعض البدو والبلطجية والتكفيريين، يترصدون الطريق، فيقف أحدهم متخفيا لمراقبة السيارات الآتية، ثم فجأة يخرج أعوانه من بين الجبال، وتحت تهديد السلاح يستوقفونها، وتبدأ المساومات»، موضحا أنه بالنسبة للسيارات الملاكى، يستولون على كل محتوياتها، أما بالنسبة للحافلات التى يستقلها السائحون، فهذا «صيد ثمين» إذ يستطيعون الحصول على مبالغ أكبر منهم، أو اختطافهم ومساومة الدولة على الإفراج عن عناصر إرهابية، أو تسديد فدية مالية موجعة. ولا يسلم من شرورهم إلا سيارات الأجرة، لأنها مملوكة لأبناء المنطقة، وتحديدا لرجال قبائل العريش، وهؤلاء لا يريد أحد أن يغضبهم، فهم مدججون بالسلاح، ولهم أعراف قبلية تدفعهم إلى «خوض الحرب» ضد من يشعرون بأنه أهانهم أو اعتدى عليهم. وعلى مدى سبع ساعات، مدة الوصول إلى سيناء، لم يتوقف السائق عن الحديث عن مخاوفه، فى طريقه اليومى، إلى أرض الفيروز، حتى وصلت الحافلة إلى العريش فى الثانية ظهرا، وكانت الشمس مشرقة، والطرق هادئة. يتقاضى سائق سيارة الأجرة خمسة جنيهات نظير أى «مشوار» داخل العريش، سألنا عددا من المواطنين، عن شعورهم بالأمن فأكدوا أن أهالى العريش يعرفون بعضهم البعض، ولا توجد مشكلات سوى فى الوسط والشريط الحدودى، أما العريش، فمازالت مدينة آمنة، ووضعها الاقتصادى لا بأس به، وإن كان «ليس على ما يرام». المدينة التى تتميز بالهواء النقى وتنتشر بها المحلات التجارية والمستشفيات تجتذب إليها السكان من كل مدن سيناء، للعلاج والتسوق، ولهذا مازال وضعها الاقتصادى «ماشى حاله» على حد قول الأهالى. جبل الحلال هنا جبل الحلال، والساعة التاسعة صباحا، والشمس حامية، فى اليوم التالى من اغتيال أحمد الجعبرى، رئيس أركان حركة حماس. البدو متخوفون، والأنباء عن تحرك سبع كتائب من الكوماندوز المصرى «الصاعقة» إلى الجبل، تفتح بوابات لألف احتمال واحتمال، والخوف يسكن الأحداق. نحو «الشيخ زويد» تتحرك سيارة الأجرة من العريش، المنطقة الأخطر فى سيناء، الدليل الذى يدلنا على الطريق يدعى، مصطفى الأطرش، وهو شاب لا يتجاوز عمره الثلاثين، ويعمل ناشطا حقوقيا. سيناء فى حاجة إلى قرار سيادى، وليس أمنيا، ولا يمكن لأى عملية عسكرية، يقوم بها الجيش أو الشرطة، أن تنجح من غير دعم الأهالى وإشراكهم فيها.. هكذا يبدأ مصطفى تحليله للواقع الذى يعرفه جيدا، بحكم نشأته فى المنطقة.. ويقول: أهالى سيناء بطبيعتهم القبلية يعرفون الدخلاء، والمؤسف حقا أننا كلما اتجهنا إلى الأمن للإبلاغ عن دخلاء نتشكك فى نواياهم، ردوا علينا باستعلاء: «إحنا عارفين شغلنا كويس». ويضيف: «إن الرئيس محمد مرسى، عقد حين زار سيناء مؤخرا، سلسلة من الاجتماعات مع الجماعات السلفية، التى اتخذت من سيناء ملاذا، ولم يعر شيوخ قبائل سيناء اهتماما، وهذا قصور فى الرؤية، لا يتفق مع طبيعة سيناء الخاصة». ويتابع الأطرش قائلا: هناك مناطق فى وسط سيناء لا يستطيع الأمن رصدها خاصة فى مناطق رفح والشريط الحدودى، وقد عرضت قيادات القبائل على الأجهزة السيادية تسليم المتهمين فكان ردهم «كل الأمور تحت السيطرة»، إلا أنهم لا يدركون أن سيناء تختلف عن القاهرة، فلا يستطيع أى شخص دخول حرم قبيلة دون استئذان من مشايخها، لذا فإن كل من يدخل ويخرج يجب أن يكون شخصا معروفا للقبائل. ويضيف: «لسنا سلطة تنفيذية حتى نقبض على أحد، ونسلمه للشرطة، وبالتالى فإننا نشعر بأننا مكبلون أمام الإرهاب والبلطجية اللذين يعيثان فسادا على أرضنا، ومن المؤسف أيضا أننا نشعر بأن الأجهزة الأمنية تتواطأ مع «الموساد» الإسرائيلى، بغرض بقاء الوضع على ما هو عليه فى سيناء، بما يساهم فى إحداث وقيعة بين سيناء والدولة المصرية، وهذا ضد الأمن القومى. ويقول: «الأمن كان يلفق تهما للمصريين من أبناء سيناء، لأتفه الأسباب، وهناك شباب ألقى بهم فى ظلمات السجون من دون أن يقترفوا جرما، وهناك أقاويل تتردد بأن الموساد يقدم رشاوى لبعض رجال الأمن من ذوى الضمائر الخربة، مقابل كل جريمة يلفقونها لمواطن سيناوى»، مضيفا: «هذا كلام يردده السيناويون، ويؤمنون به ويشعرون بأنه يحدث بالفعل، وإن كنت أستبعد إمكانية حدوث أمر كهذا، لكنى مازلت لا أجد مبررا لتلفيق التهم لأبناء سيناء». ويتحدث الأطرش عن الأنفاق قائلا: «الأمر ليس معضلة مستحيلة، إن أرادت الدولة التخلص من الأنفاق، ولابد من صدور قرار سيادى بتدمير كل الأنفاق غير الشرعية، لحماية مصر من تهريب السلاح إليها، وكذلك لوقف عمليات تهريب السولار، التى يقدر الخبراء والمختصون حجمها اليومى بما لا يقل عن 800 ألف لتر يوميا، عبر 11 مضخة، مقابل 50 ألف دولار للنقلة الواحدة» طبيعة ساحرة أطلق على جبل الحلال هذا الاسم، لأنه يضم حسب السكان هناك، كل ما أحله الله عز وجل، طعاما وشرابا.. ففيه سهول تنمو فيها الحشائش، ما يجعلها بيئة مناسبة لرعى الأغنام، وتعشش فيه طيور مهاجرة، يصطادها السكان ويأكلون «لحما طريا» كما يقول مصطفى. وتهطل الأمطار بغزارة على الجبل طوال الشتاء، وتتواجد الآبار العذبة، والغريب أنه خلال الرحلة من الشيخ زويد إلى الجبل، لم ترصد «الصباح» وجود دوريات أمنية على الإطلاق. ويواصل الأطرش كلامه: تسكن حول الجبل قبيلتان هما: «التياهة» و»الترابين».. وكل شبر من الجبل، يخص قبائل وعائلات بعينها، ولا يمكن لقبيلة أو عائلة الاعتداء على ما يخص قبيلة أخرى، فالأمر يخضع للأعراف القبلية، ولها فى المنطقة سلطة تعلو فوق سلطة قانون الدولة. ذاع صيت جبل الحلال، بعد الثورة، واستخدمه البعض «شماعة» يعلق عليها الأمن فشله، كلما وقعت أعمال تفجير لخطوط الغاز وما يشبه ذلك. ويؤكد مصطفى الأطرش أن هذا الكلام محض شائعات، تم ترويجها لتضليل الرأى العام، وخلق حالة من الكراهية تجاه الثورة المصرية العظيمة، مشيرا إلى أن الجبل يخلو تماما من العناصر الإرهابية، وقد لجأ الأمن لنشر هذه الشائعات، بالاستناد إلى أن منطقة الجبل نائية ولا أحد يعرف عنها الكثير باستثناء سكان سيناء. أرض الجبل من صخور الجرانيت والبازلت، وألوانه تتفاوت ما بين الأسود الداكن فالرمادى فالبنى فالأصفر الزاهى والوردى والأحمر، وهناك صخور معروقة، وكتل ذات ألوان منسجمة. على سفوح الجبل، وفى بعض منحدراته، توجد بيوت يسكنها قبليون، وفيما كنا نصعد لأعلى، استوقفنا رجل على دراجة نارية «موتوسيكل»، يحمل بندقية آلية، يتشح بحزام «خزانة رصاص» ويعلق فى خاصرته خنجرا، فسألنا عن وجهتنا، ولما أخبره الدليل، اسم شخص كنا فى طريقنا إليه، سمح لنا بالدخول حتى وصلنا إلى الحاج سلمان سليم أحد أفراد قبيلة «التياهة» فى غرفة تبلغ مساحتها ثلاثة أمتار، محاطة بالخيزران «الخوص» وتقع على سفح جبل الحلال، وفى منتصفها حفرة وضع بها قطعا من الحطب يستخدمه فى تحضير الشاى عبر أدوات بدائية. ويقول: إن الجبل يسكنه البدو منذ أقدم الأزمان، وكانت القبائل المهاجرة، تتوافد إليه وتسكن أسفله، باعتباره أكثر المناطق صلاحية للعيش فى وسط الصحراء القاحلة. ويضيف سلمان الذى تجاوز الخمسين قائلا: الانتماء إلى جبل الحلال أصبح «تهمة» وشبهة بالنسبة للأمن الذى يستوقفنا لمجرد ارتدائنا الملابس البدوية، موضحا أن الجبل اكتسب سمعته بوجود مطاريد بعد أن فر إليه شخص يدعى، سالم أشنوب، هو أحد المتهمين الذين لفق لهم الأمن عشرات التهم، حسبما يقول. ويتابع: بدأت قوات الأمن تطارد «أشنوب» منذ بداية عام 2009، وبعد أن ألقى القبض عليه، تمت تبرئته من كل الاتهامات الموجهة إليه، وما أستطيع تأكيده أن الجبل يخلو من الإرهابيين، لا يوجد به جهاديون، ولا أى تنظيمات من التى يتحدث عنها الإعلام، قائلا: إننا نعيش حياة تفتقر إلى جميع مقومات العيش الإنسانى، حيث لا توجد مستشفيات ولا أدوية ونعتمد على الوصفات البدائية والأعشاب، كما لا يوجد نقل ولا شرطة ولا جيش، والمؤسف حقا أن الدخول إلى «الأراضى المحتلة» فى فلسطين للعلاج، أسهل كثيرا من اللجوء إلى المستشفيات المصرية، خصوصا بالنسبة للحالات الحرجة والطارئة، لأن أقرب مستشفى للجبل يقع فى العريش التى يستغرق الوصول إليها حوالى ساعتين، فيما الدخول إلى المناطق التى يسيطر عليها الإسرائيليون يستغرق حوالى ساعة. ولا يوجد على الشريط الحدودى سوى 700 جندى مصرى «مبعثرين» على 240 كيلومترا، بمعدل جندى لكل 3 كيلومترات، وهذا الواقع يوجب على الرئيس محمد مرسى والفريق عبدالفتاح السيسى، معالجة على أرض الواقع، وسرعة التحرك لعلاجه، قائلا: بيتى مفتوح لهما، إذا أرادا احتساء الشاى المصنوع على الحطب. كيف تحب الجبل؟ «حب الجبل ..الجبل يحبك» كانت هذه هى النصيحة التى وجهها إلينا عم سلمان عندما بدأنا التوغل فى الجبل صاعدين إلى قمته، وقال محذرا لموفد «الصباح»: «زى ما أحط رجلى تحط رجلك، لأن الغلطة تعنى السقوط والموت». اتجهنا صعودا بالقرب من القمة على صخور بالغة الوعورة، فاستوقفنا قائلا: «أنا على استعداد لأخذ أى شخص أو جهة حتى لو الشرطة أو الجيش وأدخلهم الجبل لأؤكد أن الجبل يخلو من العناصر الإجرامية»، مضيفا: «هناك أشخاص تم تلفيق اتهامات لهم من قبل الأمن فى سيناء، إن الذين يحملون السلاح فى الجبل يحملونه لمواجهة الحيوانات المفترسة، وقطاع الطرق». ويقول الرجل الذى ولد وعاش فى «بيت الجبل» وأصبح خبيرا بدروبه: الحياة هنا مريرة، والسكان يشترون «فنطاس الماء ب 750 جنيها، ويكفى استخدام الأسرة المكونة من خمسة أفراد 20 يوما، فأين الدولة من هذا الظلم والعذاب؟» حسبما يتساءل. ويكشف أن عدد المحكوم عليهم غيابيا داخل الجبل يبلغ نحو 150 هاربا يختبئون فى الجبل، منهم من بلغ مجموع أحكامه 200 سنة، والسبب فى ذلك أن الأمن يريدنا أن نعمل مرشدين لديه و«يا السجن يا الإرشاد» موضحا أنه قد تعرض شخصيا لهذا الابتزاز سنة 2001 حيث تم القبض عليه ومطالبته بالإرشاد عن المحكوم عليهم غيابيا. ويقول: رفضت فوجدت الضابط قد لفق لى تهمة حيازة أسلحة واتجار بالمخدرات، ولولا تدخل شيوخ القبائل لزادت الأحكام والتهم والتلفيقات، وهناك أشخاص ماتوا داخل السجن لا يعلم أحد عنهم شيئا، وهم أبناء حسن عنبوش قد توفى ولداه داخل جدران السجون دون أى ذنب ودون أى تهم، سوى أنهما يريدان أن تظل سيناء تحت المراقبة وأن يعامل أبناء سيناء على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، يسير فيها الطفل 10 كيلومترات، للوصول إلى أول مدرسة تقع فى قرية «الحصانة». ويواصل سلمان حديثه قائلا: «يحيط بالجبل من الناحية الشرقية مجمع وادى المزيرع ومجمع بين الحظيرة ومجمع روض الطريق والدبيح وقرية المغفرة وقرية الحصانة، ويصل طوله إلى 60 كيلومترا، وعرضه يصل إلى 30 كيلومترا، وبارتفاع يقترب من كيلومترين، ويبدأ من طريق «الإسماعيلية-العوجة» فى الشمال إلى الحسنة فى الجنوب، وهو جبل صخرى مرتفع لا تعرف الحكومة حجم الاستفادة التى يمكن الحصول عليها فى حالة استغلاله بشكل صحيح، فهو ملىء برمل الزجاج وأجود أنواع الأسمنت الأبيض والأسود، والمواد اللازمة فى صناعة الأسمنت من حجرى جيرى و«طَفلة» وبه مادة «المينتايد» التى لا توجد سوى فى جبلين فى العالم أحدهما جبل الحلال، كل هذا يعود إلى اتفاقية كامب ديفيد التى منعت المصريين من استخدام أرضهم، والوقيعة بين أبناء المصريين. تركنا «التياهة» متجهين إلى الناحية الأخرى من الجبل حيث قبيلة «الترابين» وهناك قابلنا أحد المحكومين عليهم غيابيا بتهمة بيع المخدرات وهو عياد أشنوب، الذى فر هاربا إلى «الجب» أو الكهوف، لأنه يعلم أن الأحكام تنفذ بلا قانون، لذا قرر المضى قدما فى التوغل نحو كهوف الجبل وهى أفضل له من حوائط السجن. يقول أشنوب: «الجبل ملىء بالمحكوم عليهم غيابيا فى شمال سيناء ممن صدرت الأحكام ضدهم ظلما وعدوانا، وأنا من سكان جبل الحلال من الجهة البحرية قبيلة «الترابين» وهى مقسمة لعائلات تحافظ على الجبل وتعارض أى شخص يطلق النار على الشرطة، أما عن الجهاديين فهم موجودون داخل الجبل لكنهم ليسوا «إرهابيين» مثلما يطلق عليهم الأمن، ولا يعتدون على الجيش أو الشرطة، بل إن أحد المشاريع المقامة إلى جانب الجبل وهى «المحجر» شراكة بين سلفى وقبطى، وتلفيق القضايا يتم بصناعة بعض قيادات الأمن وقت النظام السابق، كان على رأسهم على راغب، رئيس جهاز مكافحة المخدرات، وقد تورط فى تصوير مواقع عسكرية بمنطقة «المليز» ثم هرب قبل أن يتم القبض عليه، وهو نفس الشخص الذى كان يقوم بتلفيق قضايا للبدو لصالح جهاز الموساد الإسرائيلى كما يقول.