هداف الدوري السعودي.. رونالدو يواصل مطاردة ميتروفيتش وبنزيما    وزير الدفاع ينيب قادة الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية لوضع أكاليل الزهور على قبر الجندى المجهول    جنرالات النصر    11.7 تريليون جنيه ودائع مصريين وزيادة 181% في حساباتهم بالبنوك مقارنةً بعام 2016.. «البنك المركزي» يفحص 3210 شكاوى وطلبات    وزارة السياحة: انطلاق رحلة ركوب الدراجات الهوائية من الغردقة إلى مرسى علم    غدا إجازة بأجر للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر    زيادة إنتاج الغاز فى «باشروش».. و«توتال» تستعد لمناطق جديدة ..بدوى: شراكة مع شركات البترول العالمية وتسريع ضخ الاستثمارات    يسيطر عليها من رقم السيارة.. أساليب اختراق جديدة تغير قواعد اللعبة    الجيش الفرنسي يشهد حالة تأهب قصوى، اعرف السبب    مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: مصر تلعب دور تاريخي في دعمها للبنان    الادّعاء الروسي يطالب بسجن "مرتزق" أمريكي 7 سنوات    مسؤول سابق بالبنتاجون: «بايدن» يدعو دائما لوقف إطلاق النار في غزة وجنوب لبنان    الرئيس يتلقى التهانى بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر    أودينيزي يعود للانتصارات من بوابة ليتشي    «الدَّين» القاتل    "مكنش قصدى"، مقتل عامل على يد والده فى سوهاج    حالة الطقس بمحافظة البحيرة غدًا الأحد 6-10-2024    فرق مهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية تزور منطقة البحيرات المرة (صور)    يوم المعلم العالمي.. كيف يتبنى كل برج دور المعلم    الغيطانى وقبضايا وفاروق يوثقون لحظات النصر بالكلمة والصورة    نشوى مصطفي تغادر المستشفى غدا بعد تركيب 3 دعامات في القلب    طريقة عمل أم علي في البيت بأقل التكاليف    كيف تمنع ارتفاع مستويات السكر بالدم بطرق بسيطة من المنزل؟    الزمالك يسابق الزمن لتفادي إيقاف القيد مجددا    النني يفتتح أهدافه مع الجزيرة في الدوري الإماراتي    رواتب تبدأ من 6500 جنيه.. رابط التقديم على فرص عمل في القاهرة والتخصصات المطلوبة    قبرص: وصول أول رحلة تُقِل مواطنين أستراليين من لبنان    نادٍ إنجليزي جديد يزاحم ليفربول على ضم عمر مرموش    إصابة 13 شخصًا فى حادث انقلاب سيارة بالإسماعيلية    «الإفتاء» تنظم البرنامج التدريبي «التأهيل الفقهي» لمجموعة من علماء ماليزيا    الصحة: فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يتفقد مستشفى الغردقة العام ويحيل واقعة تقصير للشئون القانونية    إسرائيل تشن 5 غارات على ضاحية بيروت الجنوبية خلال الساعة الأخيرة    عاجل.. تأجيل إعادة محاكمة متهم بتفجير فندق الأهرامات الثلاثة لحضور المحامي الأصيل    نقابة المهن الموسيقية ترعى مؤتمر الموسيقى والمجتمع في جامعة حلوان    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 103 ملايين خدمة مجانية خلال 65 يوما    بعد انطلاق فعالياته.. 5 أفلام مصرية تشارك في مهرجان وهران السينمائي    خلال 24 ساعة.. تحرير 534 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    «إسلام وسيف وميشيل».. أفضل 3 مواهب في الأسبوع الخامس من كاستنج (فيديو)    رئيس الضرائب توضح تفاصيل جديدة بشأن إصدار فواتير إلكترونية    الكنيسة الأرثوذكسية تهنئ الرئيس والمصريين بذكرى نصر أكتوبر    التضامن تسلم 801 وحدة سكنية للأبناء كريمي النسب في 12 محافظة    خبيرة: مشروع رأس الحكمة أحدث استقرارا نقديا انعكس إيجابيا على مناخ الاستثمار    موعد مباراة منتخب مصر ضد موريتانيا في تصفيات أمم أفريقيا    في حوار من القلب.. الكاتب الصحفي عادل حمودة: "أسرار جديدة عن أحمد زكي"    شاهندة المغربي: أتمنى تحكيم مباراة الأهلي والزمالك في دوري الرجال    أكاديمية الشرطة تستقبل وفدا من أعضاء الهيئات الدبلوماسية بمجلس السلم والأمن    فرد الأمن بواقعة أمام عاشور: ذهبت للأهلي لعقد الصلح.. واللاعب تكبر ولم يحضر (فيديو)    تخفيضات 10%.. بشرى سارة من التموين بشأن أسعار السلع بمناسبة ذكرى أكتوبر    السد يعلن تفاصيل إصابة يوسف عطال.. ومدة غيابه    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها    تقرير أمريكي: السنوار اتخذ مواقف أكثر تشددا.. وحماس لا ترغب في المفاوضات    حاول إنقاذه فغرقا معًا.. جهود مكثفة لانتشال جثماني طالبين بهاويس الخطاطبة بالمنوفية (أسماء)    «تنمية المشروعات» يضخ 2.5 مليار جنيه تمويلات لسيناء ومدن القناة خلال 10 سنوات    بمناسبة اليوم العالمي للمعلم.. رسالة مهمة من وزير التربية والتعليم    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدى إدريس القيادي بتنظيم «الوعد» ل«الصباح: اتهموني بالتخطيط لاغتيال مبارك وشيخ الأزهر وإيناس الدغيدي
نشر في الصباح يوم 06 - 11 - 2012

بعد منتصف الليل، وكانت الساعة الثالثة صباحا، اقتحمت عناصر القوات الخاصة مع ضباط أمن الدولة منزلى..اصطفوا على الدرج بينما توغل بعضهم إلى شقتى متوجهين إلى المكتبة وفى أيديهم «كيس بلاستيك» وضعوا فيه 50 كتابا.
لم أكن عضوا وقتها فى أى تنظيمات، كنت فقط أساعد اللاجئين وضحايا الحرب، وأدعم من يتعرضون للإبادة من المسلمين فى شتى بقاع الأرض، بغض النظر عن جنسيتهم، من الشيشان وحتى حماس فى فلسطين.
كانت تلك شهادات الرجل الثانى فى المجموعة التى أطلق عليها جهاز أمن الدولة «تنظيم الوعد» حيث ألصق بها تهمة «الخلية النائمة لتنظيم القاعدة فى مصر»، حيث ذكر فى اعترافات تنشر لأول مرة كيف نشأت المجموعة، وكيف سافر إلى الشيشان وكوسوفو، وكيف انضم إلى الجيش الشيشانى الحر، وكيف لفق جهاز أمن الدولة لمجموعتهم تهمة تفجير موكب الرئيس السابق، وتفجير الإذاعة والتليفزيون.
الطريق إلى «العنبوكة»
مجدى حسن إدريس، مواليد مدينة طهطا، محافظة سوهاج، تخرج فى كلية التجارة جامعة عين شمس ليعمل بعدها فى شركة «زاس» للطيران، ثم مصر للطيران، ولديه عمل خاص به وهو صالات «الجيم».. يبدأ اعترافاته قائلا: فى 2001 اعتقلت أنا ومجموعة من الجيران والأصدقاء، على خلفية جمع تبرعات للانتفاضة الفلسطينية، وبقينا فى مقر جهاز أمن الدولة لمدة ثلاثة شهور، رأيت فيها جميع أنواع التعذيب، خصوصا أن ضباط أمن الدولة كانوا يبحثون عن تصنيف لمجموعتنا ضمن التنظيمات الإسلامية، وحاولوا الحصول على اعترافات تشير لانتمائنا لأى مجموعة أو تنظيم، فاستقروا على تسميتنا حينها ب«تنظيم الوعد»، لكن الحقيقة أننا لم نكن سوى عدد من الشباب «الملتزمين» الذين يذهبون للمساجد العادية ويتلقون الدروس، ولم تكن المساجد التى نذهب إليها تتبع أيا من التنظيمات أو التيارات، إلى أن فوجئت فى إحدى الليالى بضباط أمن الدولة وعناصر من القوات الخاصة يقتحمون منزلى فجرا بصحبة القوات الخاصة، وفيما كان العساكر يحيطون بالمكان، دخل أحد الضابط إلى مكتبة منزلى وراح يبحث فى الكتب ثم أحضر «شنطة بلاستيك» ووضع بها نحو 50 كتابا، ثم اصطحبنى إلى سيارة ميكروباص بها شابان توجد على أعينهما غمامة سوداء.. لم تكن ملامحهما غريبة علىّ، وتبينت وقتها أن أحدهما صديق لى ويعمل مخرجا بالتليفزيون الهولندى، والآخر جارى وهو من دلهما علىّ، وعندما وصلنا إلى مقر أمن الدولة نفيت كل الاتهامات التى وجهها الضابط إلىّ، فغضب وقال للعساكر «خدوه على العنبوكة»، وفى الطريق إلى هذه «العنبوكة» عرفت أن هذا هو الاسم الحركى لغرفة التعذيب فى أمن الدولة بلاظوغلى، وتعرضت للتعذيب فيها 38 يوما متصلة.
كانت معظم التهم التى وجهت إلينا واخترعتها أمن الدولة أننا « فكرنا فى كذا»، و«سعينا إلى كذا» وكانوا يعتمدون على مادة «الاتفاق الجنائى» التى حكم ببطلانها دستوريا فى عام 2001، وكانت هذه المادة السبب فى الحكم على كل التنظيمات الإسلامية، مثل طلائع الفتح التابعة لتنظيم الجهاد، والتى حكم فيها على 1500 من بينهم 60 حكم عليهم بالإعدام، بعدما وجهت لهم تهم اغتيال ضباط أمن الدولة فى حين أن هذا لم يحدث، فضلا عن أن تنظيم الجهاد يعد من أفشل التنظيمات التى أخذت اسما كبير اعلى «لا شىء».
عودة الكفار
كان معظم ضباط التعذيب فى أمن الدولة يطلقون على أنفسهم أسماء كفار قريش مثل أبولهب وأبوالدحداح، وأبوجهل، والبعض الآخر كانوا يطلقون على أنفسهم أسماء لاعبى كرة قدم مثل نادر السيد وياسر عزت وعلى أبوجريشة.
بعد شهرين من التعذيب أرسلونا إلى نيابة أمن الدولة، ولم يكن هناك فرق بين النيابة والجهاز، حيث كان لابد أن نعترف بالمحاضر التى حررتها أمن الدولة، وكان الضباط يدخلون معنا، وإذا لم نعترف بما فى المحاضر يتم استكمال التعذيب فيما يغض أعضاء النيابة أبصارهم عن تعذيبنا.
صفقة مع أمن الدولة بعد 11 سبتمبر
تحول الأمر إلى ذروته عقب تفجيرات 11 سبتمبر، فقد حاول مبارك إرضاء الرئيس الأمريكى جورج بوش بإحكام القبضة الحديدية على الإسلاميين، فقدم ثلاث قضايا للمحكمة العسكرية فى يوم واحد رغم إخلاء سبيل المتهمين قبلها، إلا أن أمن الدولة عقدت صفقة معنا مؤكدة أننا سوف نجلس 3 شهور فقط فى المعتقل، وكانت هذه القضايا هى أحداث المنيا المتهم فيها الجماعة الإسلامية، إلا أنها كانت باتفاق بين الجماعة وأمن الدولة، لهذا حصل المتهمون فيها على إخلاء سبيل، والقضية الأخرى هى «أساتذة الجامعة» وكان المتهم فيها أعضاء من جماعة «الإخوان المسلمون»، وكان على رأسهم خيرت الشاطر، وحصل المتهمون فيها على 5 سنوات، وكانت القضية الثالثة هى «تنظيم مصر الجديدة» وكانت تلك قضتينا التى أطلق عليها «تنظيم الوعد».
فى هذه الأثناء كانت تبث أخبار تتحدث عن القبض على تنظيم خلية نائمة تابعة لتنظيم القاعدة بمصر تحمل اسم «تنظيم الوعد»، ولم يكن هذا سوى اسم أطلقه أمن الدولة علينا، وهذا الاسم يعود إلى خلفية مسابقة اشتركت بها فى البحرين، أقامها مركز الفاروق السلفى، وقدمت فيها بحثا تحت اسم «واقترب الوعد الحق» أتحدث فيه عن الساعة، ولم يكن لمجموعتنا أى تنظيم يحمل هذا الاسم، كما أن «المجموعة» لم تتوافر فيها شروط قيام التنظيم، سوى أننا كنا نقدم المساعدات للفلسطينيين وحماس، وكان بعض الدعم المادى تستخدمه حماس لشراء أسلحة لمواجهة الكيان الصهيونى، لكن كان لابد من مساعدتها وتدعيمها فى مقاتلة اليهود، ولو كنت أستطيع تقديم أسلحة لما امتنعت عن ذلك.
إسرائيل تعترض
فى النهاية قدمونا إلى المحاكمة العسكرية بقرار سياسى واتهمونا فيه بأن «الخلية النائمة التابعة لتنظيم القاعدة فى مصر» تسعى لضرب المصالح الإسرائيلية والأمريكية فى مصر، وبعد الحكم علينا ب 5 سنوات سجن اعترضت السفارتان الإسرائيلية والأمريكية حيث اعتبرتاه حكما مخففا فتم رفعه إلى 15 سنة، منها ثلاث سنوات «حبس انفرادى» بسجن ليمان طرة .
تحريات أمن الدولة
كانت تحريات أمن الدولة فى قضيتنا قالت إن قادة التنظيم « فكروا» فى اغتيال عدد من الشخصيات الفنية وبعض رجال الدين والسياسة ورجال الأعمال، وأشارت إلى اعترافى بأننى الرجل الثانى فى التنظيم، وتلقيت تدريبات على صناعة المتفجرات لاستهداف مواكب الرئيس المخلوع خلال مروره على كوبرى الجلاء أو شيراتون المطار بوضع متفجر فى فواصل الكوبرى وتفجيره بالريموت كنترول، وقالوا إن التنظيم لم يتوقف عند مهاجمة الرئيس السابق، بل فكر أيضا قادة التنظيم فى اغتيال شيخ الأزهر والمخرجة إيناس الدغيدى والسيناريست وحيد حامد ورجل الأعمال القبطى نجيب ساويرس وتفجير مبنى التليفزيون بسيارة مفخخة، واغتيال عدد من ضباط أمن الدولة والطيارين الأمريكيين الذين يسكنون بجوار الكلية الحربية، حيث يمارس تنظيم «الوعد» نشاطه منذ عام 1996 تحت زعامة نشأت أحمد، إمام مسجد كابل، بمدينة نصر.
بعد المبادرة
بعد مبادرة جماعة تنظيم الجهاد بوقف العنف نقلوهم إلى ليمان طرة من أبو زعبل، بينما تم ترحيلنا إلى سجن دمنهور، فوجدنا فيه «الترفيه» لأنه كان خاصا بالجماعة الإسلامية وكان أمن الدولة يهتم بالسجون الموجود بها أفراد الجماعة الإسلامية، فكان يوفر ملاعب كرة القدم، والاستراحات وكافيتريات، وهناك أقمت صالة رياضية بها ألعاب قتالية ورفع أثقال حيث قضيت ثلاثة أعوام أخرى، تم نقلى بعدها إلى معتقل الوادى الذى يبعد 1000 كيلو متر عن القاهرة.
تبرعوا لحماس
القضية التى قبضوا علينا بسببها كانت فى النهاية هى جمع «التبرعات لحماس»، وقد كان يقوم على جمع تلك التبرعات الشيخ نشأت، الذى أطلق عليه أمن الدولة مؤسس تنظيم الوعد، والشيخ فوزى السعيد، حيث توجه تلك التبرعات إلى الانتفاضة الفلسطينية، عبر مجموعة فى رفح المصرية التى كانت فى البداية تنقسم إلى رفح الفلسطينية والمصرية، وهم فى الأساس عائلات واحدة انقسمت مع انقسام أرض رفح إلى جزأين، وقد كان أقارب المصريين الموجودين فى رفح الفلسطينية هم الأداة لتوصيل تلك التبرعات إلى داخل غزة وحماس، ومع ازدياد العدوان الإسرائيلى كان أهالى رفح الفلسطينية يفرون إلى أقاربهم فى رفح المصرية، وقد كانت تأتى إلينا مجموعات من رفح المصرية إلى القاهرة للمطالبة بجمع التبرعات ثم يأخذونها معهم ثم يعيدون توظيف ما حصلوا عليه من تمويلات بتوجيهها فى شكل أدوية أو أغذية أو أسلحة، فقط كنا نقوم على توجيه الدعم المادى مما نحصل عليه من تبرعات، خاصة بعد رسالة جاءت من الشيخ أحمد ياسين إلى مجموعتنا طالبا فيها إمداد حماس بالتبرعات،إلا أننى لم أكن أعرف وقتها أن هذا أمر خطير أو يتعلق بأمن الدولة ويتم تجريمه، وكانت التبرعات تنقل فى سيارات خاصة بهم إلا أن الأمر لم يكن فى الخفاء بل وصل الأمر أنه عندما دعا الشيخ نشأت على المنبر إلى جمع التبرعات كان الطابق الثانى المتواجد به النساء يمطر علينا ذهبا حتى وصلت التبرعات فى فترة قصيرة إلى 2 مليون جنيه.
هجرة إلى الموت
فى ذلك التوقيت كان يتم القبض على أى من الإسلاميين، وتوجه إليهم تهم القيام بعمليات إرهابية، ولم تكن هناك أى قضيه تتعلق بملتحين إلا وقيل عنهم إنهم ينوون القيام بعمليات إرهابية، وبعد أن مكثنا ثلاثة شهور فى جهاز أمن الدولة، لم يتم التوصل خلالها إلى أى شىء سوى أن بعضنا ذهب إلى الشيشان وكوسوفو لنقل بعض المساعدات، إلا أن هذا الأمر كنا نقوم عليه منذ عام 1995 حتى 2001 فلماذا لم نقم بتكوين تنظيم مسلح فى مصر؟، فقط كنا نعمل فى الإغاثة ولسنا كيانا منظما أو مسيسا مثل تنظيم الجهاد، ولا نؤمن بالبيعة أو السمع والطاعة. وقد كانت بداية التكوين الفكرى لمجموعتنا عبر رسالة نشرت فى 1992 للشيخ بكر أبوزيد، من كبار العلماء فى المملكة العربية السعودية، حول حكم الانتماء إلى الأحزاب والجماعات الإسلامية وكان مفادها أنه ليس من السنة أو الأمر المحمود الانتماء إلى أى منها لأن هذا سوف يكون سببا فى جعل الولاء للأشخاص وليس للدين، ولهذا كانت تقوم مجموعتنا على دعم المسلمين فى أى مكان، وبعد أن رأينا الغزو الروسى للشيشان وحروب الإبادة قررت السفر إلى هناك لتدعيمهم ولم يكن هذا السفر ممولا من قيادات كبيرة، فمجموعتنا كانت تقوم على الجهود الذاتية.
وقتها لم يكن مسموحا بالسفر إلى الشيشان لأن أهلها كانوا مهجرين من قبل الروس إلى الجمهوريات الأخرى مثل جورجيا وأذربيجان، ولم أكن الشخص الوحيد الذى يسعى للسفر، وقد كان الدافع هو الخروج فى سبيل الله بغض النظر عن البلد الذى سنخرج إليه.
السفر إلى كوسوفو
عندما رأينا أحوال المسلمين فى كسوفو والشيشان وسوء أحوالهم، وكيف يقتل الشباب والنساء والأطفال عبر التليفزيون، بدأنا فى البحث عن طريق نسافر به إليهم لمساعدتهم، وذلك عبر طلبة يدرسون فى جامعة الأزهر من ألبانيا كنا نحصل منهم على المعلومات اللازمة للسفر ومن يستطيع دعمنا فى ذلك عبر هيئات الإغاثة وعبر أى طرق أخرى لجمع المعلومات تمهد لنا الاطلاع على مشاكل اللاجئين وكيفية الوصول إليهم، وسافرنا إلى تركيا وهناك اتصلنا بهيئات إغاثة كويتية وسعودية، ثم سافرنا إلى ألبانيا حيث استقبلنا متطوعو هيئة الإغاثة التركية وكان مقر عملهم فى الشمال عند الحدود مع كوسوفو، وكان لهم مدارس يتم وضع اللاجئين بها، ينقل لهم خلالها مواد تموينية وأدوية، وهناك عند الحدود وجدت أيضا معسكرات لجيش تحرير كوسوفو وانضممت لهم وكان من بينهم مسلمون من عدة جنسيات أخرى جاءت لتدعيمهم من مسلمى البوسنة وبريطانيا والمغرب واليمن والسعودية، وكان من مصر مجموعتنا وكان عددنا أربعة أشخاص.
انضممنا إلى جيش التحرير وهم عبارة عن مجموعة من الفلاحين والشباب ليس بحوزتهم أى أسلحة سوى أن بصحبتهم عددا من « الشاويشية المسلمين» الذين لاذوا بالفرار من الجيش الصربى، كانوا يقومون على تدريبهم بهدف الدخول إلى كوسوفو لإجلاء القرى وإنقاذ المسلمين من عمليات الإبادة التى تدخل خلالها الدبابات والطيران الصربى إلى المنازل وتقوم بمسحها وقتل جميع الموجودين فيها وإقامة محرقة للأطفال والنساء، فكنا ندخل إلى القرى لتنظيم خروج المسلمين قبل دخول القوات الصربية وإجلائهم عبر الطرق الجبلية والغابات، وقد حدثت اشتباكات بيننا وبين الجيش الصربى وفى إحدى المعارك قتل أكثر من 85 شخصا من بيننا بقذائف هاون بعد أن وضعونا فى كمين بين جبلين، حيث كانت الساعة الثالثة صباحا وكان عددنا ما يقارب ال700، ولم نكن نحمل سوى أسلحة خفيفة تمثلت فى سلاح «آر بى جيه» و«كلاشينكوف» ومسدسات، وقنابل يدوية، حيث تتوافر تلك الأسلحة بألبانيا ويباع «الكلاشينكوف» بسبعين دولارا فقط بينما يصل سعر ال«آر بى جيه» إلى 160 دولارا فقط فى الوقت الذى كانت تباع فيه تلك الأسلحة بسعر الضعف فى أى بلد آخر.
كنا نحاول إخراج النساء والأطفال وكبار السن إلى معسكرات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والسعودية، ومكثت هناك شهرين عند الحدود تعرضنا خلالها للقصف والضرب والإصابات، وقتل وأصيب الكثير من الإخوة هناك حتى وصل الصرب إلى آخر قرية أبادوها بالكامل، فمع حلول الليل تبدأ قذائف هاون تنهال على المساكن والمبانى والمواطنين، ومع بزوغ الفجر تبدأ الطائرات الهيلوكوبتر فى إجراء عمليات التمشيط، وفى أعقاب خروج الطائرات، تتوغل الدبابات إلى داخل الشوارع لقصف وخسف ما تبقى من منازل وللبحث عن أى أسرى خلال جنود المشاة الذين يدخلون للبحث عن أى أموال أو غنائم أو اعتقال الأفراد والنساء.
أسقطنا طائرة للصرب
فى أكثر من مرة كنا عرضة للأسر، خاصة بعد إسقاط طائرة هيلوكوبتر كانت تبحث عن أى من جنود الجيش الشيشانى الحر، الذى كنا أعضاء فيه، فاختبأت أنا وأحد الجنود الألبان ويدعى عبدالرحيم القرنقوط، ففى أثناء انسحابنا لم يستطع الفرار بسبب انخفاض درجات الحرارة والضباب، خاصة أننا سرنا لمسافة أربعين كيلو قبل الدخول إلى دهاليز المبانى، وسقطنا فى كمين بين جبلين وسيول الصواريخ انهالت علينا من فوق الجبلين من الجيش الصربى، مما دفعه إلى الدخول إلى أحد الكهوف فى الوقت الذى هرب فيه الجميع فاحتميت أنا وهو داخل ذلك الكهف بالرغم من أننى فكرت فى الهرب مع من هربوا إلا أننى لم أستطع الهرب لأننى لم أجد أى شخص عربى، والغابات تحيط بالموقع الموجودين فيه مما استدعانى إلى الجلوس جانبه داخل الكهف، وكان لدينا حصان محمل بالأسلحة من بينها قذيفة «آر بى جيه»، وعند بزوغ الفجر وجدنا طائرة هيلوكوبتر تبحث من بين القتلى عن أى جرحى أو أحياء لتأخذهم أسرى، وعندها قمنا بتجهيز القذيفة وتوجيه ضربة إلى ذيلها وأخرى فى مقدمتها مما أدى إلى انفجارها بالكامل وكان بها ما يزيد على 10 جنود من الجيش الصربى، وبعد تدمير الطائرة هربنا جريا ما يزيد على 35 كيلو مترا بعيدا عن ثكنات الجيش الصربى، وفى أعقاب ذلك بدأ التليفزيون الألبانى يذيع عن هروب عناصر عربية، مطالبا بتسليمنا مما اضطرنا إلى العودة إلى مصر عبر تركيا.
رحلة الشيشان
وبعدها سافرنا إلى الشيشان عبر السعودية ثم تركيا ثم أذربيجان ثم الشيشان، أو من الإمارات إلى الشيشان، وكان الوضع هنا أكثر صعوبة بسبب الطبيعة الجبلية، لهذا كان من المستحيل الدخول عبر الحدود بسبب جبال القوقاز التى كانت مليئة بالثلوج، ومع وجود أكثر من 200 ألف من القوات الروسية بالشيشان لذا لم تكن معركة متكافئة، حيث كان عدد المقاتلين الشيشان 4000 مقاتل فقط أمام عدد كبير من الروس لديهم طائرات ودبابات، دخلنا حتى «وادى بنكيسى» – حدود جورجيا - وهناك أحد المعسكرات التابعة للشيشان إلا أنهم رفضوا وجودنا كمقاتلين بسبب صعوبة التضاريس وانخفاض درجات الحرارة واللغة، وطالبونا بتبرعات وإمدادات وعدنا مرة أخرى، وكنت بعدها أجمع لهم التبرعات وأرسلها عبر مؤسسة الحرمين، وكنت أشترى لهم معدات عسكرية وأشحنها فى كونترات من دبى « مناظير، لاسلكى، خيام، أحذية جبلية، موبيلات ستالايت، أجهزة اتصال، كاميرات فيديو»، وكانوا يرسلون لنا المصابين ونجرى لهم عمليات جراحية فى المستشفى الأمريكى بدبى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.