اليوم 9 أكتوبر عام 2011 .. المكان المستشفى القبطى بمنطقة غمرة بوسط البلد .. مشهد لعدد من الأطباء فى وحدات الاستقبال والطوارئ والعناية المركزة قبل تمام الساعة السابعة يتابعون كعادتهم يوميا حالات اشتكت من الدنيا مرضا وتعبا... خبر عن تجمع عدد من الأقباط وتوجهم ناحية مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون "ماسبيرو" ضمن فعاليات يوم الغضب القبطى بعد هدم إحدى الكنائس بمحافظة أسوان، وقوع مواجهات عنيفة بينهم وبين قوات "مشتركة" من الأمن المركزى والشرطة العسكرية، مشهد مختلف بعيون أطباء المستشفى القبطى والتى استقبلت معظم حالات الوفاة والإصابة والدهس. سامح حليم – إخصائى معمل وتحاليل الدم بالمستشفى القبطى- استرجع أحداث يوم "أحد الدهس" ليقول أن أولى الحالات التى استقبلها المعمل وكانت بحاجة ماسة لنقل دم كانت لشاب مسلم فى العقد الثانى من عمره، وكان مصابا بإحدى الطلقات التى اخترقت المثانة. فيما كانت أولى المطالبات بشراء دم للمرضى فتاة مسلمة من حركة كفاية، والتى جاءت بعصبية شديدة تصرخ "قولولى ممكن أساعد إزاى" فقال لها "حليم": "اهدى احنا كل اللى محتاجينه أكياس دم من الفصائل الثلاث، وننتظر استلامها من إدارة المصل واللقاح التابعة لوزارة الصحة" فما كان منها –والحديث لحليم- إلا أن غابت وعادت ب 6 أكياس من فصائل الدم الثلاث المختلفة والتى اشترتها على حسابها الخاص، مشيرا إلى أنها تتكلف ما يقارب من ال 4 آلاف جنيه. ويحكى حليم عن أكثر المشاهد تأثيرًا فيه وهى لشاب قبطى، نقله أطباء المستشفى لعمل إشاعة طبية له، فما كان من الموت إلا أن يباغته وهو جالس على "ترابيزة" الأشعة، ينظر إليهم بنظرات متسائلة: "هو أنا عملت أيه؟". تحمل المستشفى القبطى "خصوصية" فى أحداث ماسبيرو حيث شهدت وفاة "مينا دانيال" داخل جدرانها، ويحكى جرجس فتحى – فنى إشاعة- عن دخوله المستشفى بقوله: " كان واصل خلصان ودمه متصفى"، لافتا إلى انه أكثر الشهداء الذين رافقوه عدد كبير من أصدقائه الشباب من معظم الحركات الثورية ك "كفاية و6 إبريل وشباب من أجل العدالة والحرية". أحدى الطبيبات فى قسم الاستقبال –والتى رفضت عدم ذكر اسمها- شهدت واقعة لأحد الآباء الكهنة والذى جلب معه منديلًا يحمل أشلاءً لمخ أحد الشهداء فى الأحداث وهو ما دعى أحد الأطباء إلى أن يبادره بالسؤال: "يا ابونا انت جايب ده نعمل بيه ايه". وتضيف: "من المشاهد الأخرى مشهد الأب الذى رافق تروللى يحمل ابنه وظل مصمما على وضع صورة المسيح فوق جثمانه، وهو ما دعانى إلى الحديث معه بعصبية باكية و قائلة شيل الصورة وخلينا نعرف نشتغل".