ارتفاع أسعار النفط عالميًا رفعت فاتورة الدعم بنسب غير مسبوقة الدولة تريد توفير مبالغ لبرامج الحماية الإجتماعية..والاجراءات لصالح المواطن قد لا يعرف المواطن أن التكلفة الحقيقية لأنبوبة الغاز 175 جنيهًا، تصل للمواطن بسعر 30 جنيهًا، وأن تكلفة لتر بنزين 92 على الدولة 11 جنيهًا سيدفعها المواطن إذا تم إلغاء الدعم كاملًا عن الطاقة، ولكن ما النفع الذى يعود على المواطن من إلغاء الدعم ؟ وكيف ينعكس رفع الدعم جزئيًا على موازنة الدولة ؟ كل هذا يوضحه دكتور جمال القليوبى أستاذ هندسة البترول والطاقة وعضو مجلس إدارة جمعية البترول المصرية فى حواره مع «الصباح». * متى ينعكس رفع الدعم على تحسين الخدمات المقدمة للمواطن ؟ - أرى أن قرار القيادة السياسية برفع الدعم عن الطاقة قرار حكيم، خاصة أنه لم يتم أخذ هذا القرار تحت ضغوط، ولكن تم اتخاذه بما يتماشى مع مصلحة الدولة وبالتوازى مع إجراءات الحماية الاجتماعية للمواطنين، حيث يستولى دعم الطاقة على حق المواطن فى جميع الخدمات نظرًا لارتفاع الأسعار العالمية للنفط، فما زالت نسبة كبيرة من المعاشات لا تتعدى 4فى المائة من حجم الدعم، فمثلاً فى الحكومات السابقة لم يتعد معاش الضمان الاجتماعى ال2فى المائة، هذه المنظومة كان يأكلها تمامًا دعم الوقود الذى كان يصل إلى 64فى المائة وأحيانًا 75فى المائة من إجمالى الدعم الحكومى، وبالتالى كيف يمكن أن يذهب الدعم بشكل جيد إلى التعليم والصحة، لذلك كان لابد للقيادة السياسية من إعادة تقييم الدعم الحكومى لمصلحة حزمة اجتماعية تصب فى مصلحة المواطن لتحقيق جزء من الكرامة والعدالة الاجتماعية. * ولكن هناك آراء تقول إن رفع الدعم يصب فى موازنة الدولة فقط دون أى خطوات استثمارية ترفع من مستوى المعيشة ؟ - لا توجد أرقام تؤكد صحة أن رفع الدعم عن الطاقة يصب فى الموازنة العامة للدولة، بل إن منظومة الدعم الحكومى كما صنفتها بنسب تعليم وصحة ومعاش اجتماعى.. إلخ، كان لا تلقى النصيب اللائق من الدعم، وبالتالى كل ما يتم توفيره بالرفع التدريجى عن دعم الوقود الذى بدأته الحكومة فى 2014 والذى ينتهى فى 2019 سيتم توجيهه لدعم هذه القطاعات الحيوية. * لماذا التركيز على رفع دعم الطاقة حاليًا ؟ - حدث فى السابق أول أزمة فى الكهرباء عامى 2007 و2008 ولجأت الدولة وقتها إلى استخدام الغاز الطبيعى، وبدأت فى استيراد مواد بترولية لتوفر سلع المازوت والسولار الذى كان الكثير من محطات الكهرباء تعمل به، واستمرت الأزمة حتى 2008، وفى 2011 بعد ثورة 25 يناير توقفت صيانة العديد من الحقول البترولية، كل ذلك أدى إلى أن إمكانياتنا كدولة وصلت إلى أن قدراتنا لا تكفى 50فى المائة من الإنتاج المحلى، ما دفع الدولة إلى استيراد أكثر من 50فى المائة من الوقود من خارج البلاد، ووصل استهلاكنا نحو 6.5 مليون طن شهريًا تكلفتهم عندما كان سعر البرميل 60 دولارًا تساوى 790 مليون دولار، وبعد زيادة سعر البرميل الذى وصل من 75: 79 دولارًا أصبحت التكلفة تزيد من 790 مليون دولار إلى مليار و221 مليون دولار، وبذلك فإن حجم الزيادة حوالى 433 مليون دولار، وكان المستهدف فى 2018 أن نصل إلى رفع الدعم عن أسعار الوقود بنسبة 30فى المائة بحيث تتبقى قيمة قليلة جدًا فى 2019 لكن لم نصل إلى ما تم التخطيط له نتيجة ارتفاع سعر البرميل الذى تخطى ال60 دولارًا. طبقًا لموازنة 2017/2018، وأدى إلى أن كل دولار يزيد على سعر ال 60 دولارًا للبرميل يكلف الدولة دفع دعم للموازنة للسلع الوقودية تصل إلى 3 مليارات جنيه، وبالتالى احنا بنتكلم على أن الدولة الآن فى خلال ارتفاع أسعار النفط ما بين 75 و80 دولارًا تتكلف 103 مليارات جنيه قيمة دعم من فاتورة الدعم من موازنة الدعم الحكومى على هذه السلع الوقودية، وهذا يعنى أن ما كانت الدولة تريد توفيره للبرامج الاجتماعية لحماية المواطن التهمته زيادة أسعار النفط عالميًا خلال الأسابيع الثلاث السابقة. * لكن المواطن يريد أن يشعر بتحسن فى أحواله المعيشية ؟ - كما قلنا الفارق من تقليل نسبة الدعم يدخل مباشرة فى برامج الحماية الاجتماعية التى تم إدراجها منذ عام 2015، مثل برنامج تكافل وكرامة الذى يحظى بنسبة 8فى المائة من حجم منظومة الدعم، وهذا لم يكن موجودًا من قبل، كذلك زادت المعاشات الاجتماعية بسبب توفير جزء من الدعم بعد رفعه عن الوقود، فزادت المعاشات من 4فى المائة إلى 10فى المائة أيضًا زادت منظومة السلع التموينية من 19فى المائة إلى 23فى المائة وأيضًا معاشات الضمان الاجتماعى زادت من 2فى المائة إلى 4.5 فى المائة، إذا هو دعم مباشر بما يتم توفيره من 2016 بحجم 22 مليار جنيه مصرى تم ضخها فى برامج الحماية الاجتماعية، ووصل عام 2017 إلى 35 مليار جنيه، وفى 2018 كنا مستهدفين أن يصل هذا الرقم إلى 45 مليار يتم ضخها فى برامج حديثة وزاد عدد المشتركين فى برنامج تكافل وكرامة، وكذلك زاد دعم السلع التموينية من 21 جنيه إلى 50 جنيه للفرد الواحد، وأيضا زيادة المعاشات بنسبة كانت مستهدفة 15فى المائة. * هل يمكن للدولة وقف التفاوض مع صندوق النقد الدولى كما ينادى بعض خبراء الاقتصاد؟ - حزمة القرارات الاقتصادية لم تكن تعتمد فى الدرجة الأولى على ما يراه صندوق النقد الدولى، لعله أوصى ببعض القرارات لكن ما يهمه هو من أين يتم تحرير جزء من أقساط القرض دون تأخير أو جدولة طبقًا للمنسوب الزمنى المتفق عليه مع الدولة، فصندوق النقد الدولى قدم «روشتات» كثيرة شملت رفع جزء من الدعم على المحروقات، وشملت أيضا جزءًا من التركيز على منظومة الاستثمار والالتفات إلى منظومات السياحة وتعول على جزء من تحويلات المصريين العاملين بالخارج. * هل هذا يفسر انتقادات صندوق النقد لبرنامج رفع الدعم؟ - لعل صندوق النقد الدولى لم يتوقع أن مصر ستتخذ قرارات سياسية حكيمة تستطيع إدارة دفة الأمور، خاصة عندما تم إعطاء نوع من الثقة، وكان أشدها تعويم الجنيه المصرى، ويسمى هذا تعويم مدار أحدث نوعًا من الثبات مما انعكس على خفض معدل التضخم الذى بدأ فى نهاية 2016 بنسب تضخم تصل إلى 35فى المائة، ولكن قلت تدريجيًا بحسب أحدث دراسة حيث وصل فى 2017/2018 إلى 10فى المائة، وبالتالى هذا يعنى إلى أن الفارق بين الجنيه المصرى والدولار بدأ ينخفض. * ما هو أعلى سعر سيصل إليه البنزين ؟ وهل سيحقق ذلك موارد للدولة ؟ - منظومة الوقود ستخضع إلى العرض والطلب وأيضا إلى نوع من التقنين والترشيد من المستهلك، لأن المستهلك المصرى يستطيع التعامل مع القيمة المالية وبالتالى لديه تحذير وتوجه لأن يكون حكيمًا فى استخدام المواد البترولية، ونحن بصدد المرحلة الرابعة لرفع جزء من الدعم عن الوقود، فمثلًا سعر أنبوبة البوتاجاز تصل للمواطن بحوالى 30 جنيهًا، بينما تكلف الدولة حوالى 175 جنيهًا، وبالتالى تتحمل الدولة الفارق، بتكلفة سنوية 26.05 مليار جنيه سنويا. النقطة الأخرى تتعلق ببنزين 80 وهو البنزين العام أو الدارج لدى المواطنين هو مطروح ب 365 قرشًا للمواطنين، وهو يكلف حوالى 9 جنيهات و60 قرشًا، وبالتالى هناك فارق لسعر لتر البنزين حوالى 6 جنيهات، بتكلفة سنوية تصل 12مليار ونصف مليار جنيه مصرى. أما بنزين 92 الذى توفره الدولة بمبلغ 5 جنيهات، وتكلفته الفعلية حوالى 11 جنيهًا و22 قرشًا، وقيمة دعمه تصل إلى 6 جنيهات و25 قرشًا، ولو نظرنا إلى السولار سنجده يمثل 50فى المائة من فاتورة الدعم الكلى، لأنه يقدم للمواطن محليًا بسعر 365 قرشًا، بينما يكلف الدولة 11 جنيهًا و75 قرشًا، وفارق الدعم يصل إلى 7 جنيهات تمثل جزءًا كبيرًا جدًا من الموازنة للدعم سنويا بقيمة حوالى 50.6 مليار جنيه مصرى، وبالتالى هذا يمثل نصف حجم فاتورة الدعم، يأتى بعد ذلك المازوت وهذا يتم توفيره للمواطن للطن الواحد بحوالى 2568 جنيهًا فى حين أن قيمته الاستيرادية تصل حوالى 8098 جنيهًا، وبالتالى تدفع الدولة فارق سعر حوالى 5222 جنيهًا بفاتورة دعم لهذا المنتج سنويًا تصل حوالى 3.5 مليار جنيه مصرى، وتصل فاتورة كل هذه السلع سنويًا إلى حوالى 103 مليارات تتكفلها الدولة بسبب ارتفاع سعر البرميل من 60 إلى 75 دولارًا.