من حوارى إمبابة خرج بلطجى معروف بجبروته للجميع حتى لرجال الأمن، مقررًا أن ينتقم وأشهر مسدسه، وأطلق النار فى عز الظهر على «عمر» ذلك الشاب ساكن حارة السنى المتفرعة من شارع المدينةالمنورة، والذى يشهد له جميع جيرانه بالشهامة وحسن الخلق. ليلة الحادث علم المجنى عليه أن أحد أصدقائه «صاحب محل فراشة» سرقت منه سماعتين ميكسر من أحد العاملين معه فى المحل، ولكنه تخوف من مواجهة السارق لأن والده بلطجى بالمنطقة، وعندما علم عمر قرر أن يتدخل ولم يتردد لاسترداد الحق وخوفًا على الولد البالغ من العمر 16 عامًا وضياع مستقبله، بحث عنه وطلب منه إعادة السماعتين لصديقه، وأخذ ينصحه ويقنعه بإرجاع الأشياء المسروقة حتى لا يضيع مستقبله، ولكن الطفل لم يبال بكلامه ونشبت بينهما مشادة كلامية اضطر بعدها عمر لصفع ابن البلطجى على وجهه ليعود إلى رشده وتركه وذهب إلى عمله بأحد محلات الموبيليا، وهناك قص على صديقه ما حدث وأخبره أنه فعل ذلك ليحمى الطفل من نفسه ومن الطريق الذى يسلكه وذهب ليصلى صلاة المغرب وبعد الصلاة تفاجأ أهالى المنطقة بقدوم والد الطفل يشهر بيده فرد خرطوش ووجه طلقة مباشرة فى قلب الشاب عمر الشهير ب«النص» أوقعته على الأرض فى الحال ولكنه ظل يقاوم الألم حتى زحف إلى المسجد وهناك نطق الشهادة ولفظ أنفاسه الأخيرة. داخل شقة مكونة من صالة وغرفتين، أثاثها بسيط ومزدحمة بالأقارب وتزاحم الجيران يفترشون الأرض بالدموع لرحيل عمر. قالت والدته إنه وحيدها على ثلاث بنات وكان يقوم بالإنفاق على أمه وأخوته البنات بعد وفاة أبوه. تسكت قليلًا ثم تستكمل حديثها: «ظهرى انكسر ونور عينى راح». زوجها كان يعمل نقاشًا توفى منذ 10 سنوات، ورفض ابنها استكمال تعليمه ومن المرحلة الإعدادية قرر النزول للعمل والاعتماد على نفسه وتحمل المسئولية للإنفاق على أسرته وعمل فى إحدى شركات الأغذية ثم تنقل بين العديد من الحرف الشاقة حتى كبر وأصبح فى سن الشباب فقرر العمل فى تجارة الملابس من خلال استاند قريب من المنزل حتى يكون بجانب أمه وأخوته ووضع عليه قطعًا من الملابس لبيعها. ذكرت والدته أن ابنها ليس أول ضحية بالنسبة للقاتل، وأنه قام بالقتل أكثر من مرة، وأن تلك المرة الرابعة، وكانت والدة آخر ضحية من أربع سنين تجلس معها لتطالب بحق ابنها. شقيقة المجنى عليه هناء فى حديثها ل«الصباح» قالت إن شقيقها كان يؤدى الصلاة فى أوقاتها بالجامع القريب، وبالرغم من صغر سنه إلا أن أهالى المنطقة يحبونه فقد كان يحترم الصغير والكبير ويقف بجانب من يحتاج إلى مساعدة، لكن خيرًا تعمل شرًا تلقى، فقد قتل عمر وهو يحاول إعادة الحق إلى أصحابه. لمياء شقيقة عمر قالت والدموع منهمرة من عيونها: «عمر كل حاجة أخويا وأبويا وصديقى وقف جانبنا ولم يكمل تعليمه وساعدنا على تدبير نفقات الزواج». وتضيف ندى شقيقته الصغرى كان يخاف علينا ودخل جمعية مخصوص لأعمل عملية فى عينى وقرر مضاعفة ساعات عمله لتدبير نفقات علاجى. شاهد العيان الحاج أشرف البحيرى صاحب محل الفراشة الذى تم سرقته قال: «عمر ابنى اللى أنا مخلفتوش» وتابع والحزن يملأ عينيه: «ليه يكون ده جزاؤه إحنا بنطالب بالقصاص العادل من القتلة». من جانبها كثفت الأجهزة الأمنية بالجيزة جهودها للبحث عن الجانى وتم القبض عليه وأمرت النيابة بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات.