أموال الدوحة أسكتت وسائل الإعلام الفرنسية عن تواجد القرضاوى وممارساته فى باريس السياسة القطرية العدائية تجاه بعض الدول العربية لم تكن نهاية المطاف فى المساعى القطرية لفرض سيطرتها على كل ما تستطيع الوصول له، فالدول الأوروبية دخلت فى نطاق الحلم القطرى بالسيطرة والتمكن، فصنعت قطر لها قنوات تنشر من خلالها سيطرتها داخل أوروبا ومنها ما حدث فى فرنسا، عندما استغل «الحمديين» أموال القطريين للسيطرة على عدد من المنظمات الإسلامية هناك وتوجيهها كنقاط انطلاق تنشر منها الدوحة سياستها. هذا ما كتبه الكاتب الفرنسى «نيكولاس بو» فى مجلة «موند أفريك» الفرنسية التى نشرت تقريرًا مطولًا عن التحالف القطرى الإخوانى فى استقطاب مسئولى اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية المعروفة اختصارًا ب«لواف». وجاء فيه أن الدوحة بدأت التفكير فى استغلال جماعة الإخوان للسيطرة على ذلك الاتحاد، استغلت سيطرت جماعة الإخوان، على مجلس إدارة الاتحاد منذ الثمانينيات، كباب خلفى للاستحواذ على الاتحاد، وبالفعل نجحت فى ذلك المخطط الخبيث، وكان المُنظر الروحى لجماعة الإخوان يوسف القرضاوى، ضيف شرف دائم فى تجمعات «لواف» منذ 1994. القطريون مهتمون جدًا بالمجتمعات الأجنبية وخاصة فى فرنسا، وهى بوابة هائلة لأبناء دول المغرب العربى، حيث يريد الأمير القطرى توسيع نفوذه، فى السنوات الأخيرة، وهو ما ظهر فى صورة تجميع حوالى 50 مليون يورو فى صندوق المقاطعات، وهو ما أثار جدل كبير فى 2012، ووجهت قطر تلك الأموال مباشرة للتنظيمات الإخوانية فى فرنسا. كان شهر العسل مع نيكولا ساركوزى كافيًا ليعتقد القطريون أنهم قادرون على «إعادة بناء» الجماعات المتشددة فى فرنسا، فكان الدعم من بعض الأصدقاء المقربين من رئيس الدولة مثل بوريس بيلون، المستشار الدبلوماسى، وهنرى غواينو، ثم الاتحاد المغربى من أجل المتوسط، وهم من ساندوا قطر فى إرادتها لإنشاء مجلس تمثيلى يضم المؤسسات الإسلامية. وفى أكتوبر 2008، عقدت فى الجمعية الوطنية، برعاية قطر، «دروس لتدريس اللغة والثقافة العربية»، وفى إطار رغبتهم فى فرض أصواتهم فى جذور الجالية المسلمة الفرنسية، تمكن القطريون من التجمع وذلك بضم القادة الرئيسيين لأكبر حركة إسلامية فى فرنسا وهى اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا. هذا الاتحاد، كان قريبًا جدًا من جماعة الإخوان المسلمين منذ إنشائها فى أوائل 1980 وبهذه الصفة، كان الاتحاد دائمًا محور اهتمام لوزارة الداخلية الفرنسية. ساهم المال القطرى فى إسكات وسائل الإعلام الفرنسية بطريقة كبيرة، بغض الطرف عن تواجد القرضاوى فى الأراضى الفرنسية، فتقول المجلة إن حماية أمير قطر السابق حمد بن خليفة للقرضاوى، صنعت مظلة جيدة فحولت فرنسا لمهرب آمن له، كل ذلك رغم معاداته للنموذج العلمانى ككل، والعلمانى الفرنسى بشكل خاص. تستكمل المجلة لتقول، إن عام 2012 شهد تحولًا كبيرًا فى السياسة الفرنسية تجاه أتباع قطر، فانقلبت الأوضاع التى بدت للوهلة الأولى أن الواقف وراءها كانت اعتبارات سياسية، فقد تم منع القرضاوى من دخول فرنسا من قبل الرئيس الفرنسى الأسبق فرانسوا ساركوزى، فى الوقت الذى روج فيه أثناء حملته الانتخابية بأنه سيقف أمام جميع المنظمات التى تشوه الإسلام بتشددها، وأنه سيناهضها بشدة، فقرر منع دخول القرضاوى فرنسا. وتشير المجلة إلى نجاح الإخوان فى السيطرة على اتحاد المنظمات الإسلامية «لواف»، وهو ما عزز خطواتهم فى أن يعتنق غالبية المسلمين فى فرنسا فكر «الإخوان»، وهو أمر كارثى، وفجرت الجريدة مفاجأة بإبراز وثيقة وصفتها بالسرية منسوبة لجماعة الإخوان، تنتقد فيها النظام العلمانى الفرنسى ومناهج التعليم الفرنسى. استمرت الجريدة فى كشفها للممارسات القطرية، فاستمرت قطر فى محاولاتها الحثيثة لفرض سيطرتها الفكرية والمادية على مختلف البلدان عربية أو أوروبية، فمضت فى طريقها باستغلالها اندلاع ثورات الربيع العربى، فى نشر الفكر الإخوانى وتصديره للغرب على أنه يتماشى مع الديمقراطية، وهو ما لقى رواجًا كبيرًا داخل بعض الأوساط وبعض النخب الفرنسية لهذا، حيث دفعت قطر بأعوانها فى الساحة الإسلامية الفرنسية للترويج لهذا المنهج. يأتى العام 2011، ليتسلم أحمد جاب الله عضو حركة النهضة التونسية، قيادة اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية «لواف»، وهو الأمر الذى عملت عليه وباركته قطر، من هذا التوقيت اجتهدت فى بحثها عن النخب الكاريزمية الأوروبية الإسلامية لاستخدامها فى نشر أفكارها، ومن هذا الأوجه الإخوانى طارق رمضان، الذى عمل جاهدًا للترويج لهذا المنهج، وهو ما تم أيضًا مع نبيل الناصرى، رئيس تجمع مسلمى فرنسا، وهو حلقة الوصل القطرية مع المثقفين المسلمين.