رضوى: زوج أمى عاملنى بقسوة فهربت.. والآن حامل مى: أبى وأمى ماتا ولدى طفل من أب معرفوش هبة: والداى منفصلان.. وماليش مكان غير الشارع حكايات فتيات الشوارع، مسلسل من الانتهاكات لا ينتهى، بنات فى عمر الزهور لم تتفتح أوراقها بعد، لكنهن صدمن بأن مصدر الأمن والرعاية كان أكبر مصادر الخوف والذعر، قفزن إلى أرصفة الشوارع، وتمنين أن يجدن فى خشونتها، ملجأ أحن من وسادات منازلهن، إلا أنها ألقت بهن فى أحضان من يتناوبون اغتصابهن بالدور، كل ليلة، حتى بلغ عدد المعتدين عليهن 30 شخصًا. «رضوى ومى وهبة» أسماء مستعارة، أعمارهن فى ال16 وال17، جئن من محافظات بعيدة ليلتقين فى الشارع، ينمن كل ليلة بعد يوم من التسول وبيع المناديل أمام كايرو مول بشارع الهرم، ومؤخرًا تم القبض عليهن فى قضية تشرد وتسول برقم (6108) لسنة 2017 جنح العمرانية، حيث تم تجميعهن من الشارع مع أطفال شوارع آخرين، ولكن حكايتهن مختلفة. تقول مى، وهى من بنى سويف: إنها وزميلاتها بلا مأوى، ووالدها ووالدتها توفيا فلم تجد من يعاملها معاملة حسنة، فتركت المنزل إلى القاهرة، ولم تجد سوى الشارع، وأضافت مى فى اعترافات النيابة أثناء التحقيق معها «أنها هى وزملاؤها بسبب نومهن بالشارع اعتدى عليهن 30 شخصًا من سائقى التكاتك والبائعين والبلطجية بالمنطقة، وأنهن يتم الاعتداء عليهن بالقوة ولا يستطعن الرفض أحيانًا، وهى الآن لديها طفل رضيع ولا تعرف من والده». أما رضوى، من أسوان، فقالت إن والدها ووالدتها منفصلان، وتزوجت أمها، وكانت تعيش معها، فلاقت معاملة قاسية من زوج والدتها فتركت المنزل وهربت، وعبر مشوار من محافظة لأخرى وصلت للقاهرة وقابلت زميلاتها وهى الآن حامل، جراء ما فعله هؤلاء الرجال بها. أما هبة وهى حالة مشابهة لحالة زميلاتها بالشارع، حيث تركت منزلها فى طنطا بالغربية بعد انفصال الأبوين لتجد نفسها تتعرض للاغتصاب يوميًا تقريبًا، من قبل أشخاص مختلفين. الفتيات الثلاث أدلين بأقوالهن أمام النيابة وتم القبض على 5 أشخاص ممن اعترف عليهم الفتيات وجارى التحقيق معهم. وتقسم اليونيسيف أطفال الشوارع إلى ثلاث فئات؛ الفئة الأولى «القاطنون فى الشوارع» وهم الأطفال بلا مأوى ويعيشون فى الشارع بصفة دائمة، وعاملون فى الشوارع وهم الأطفال الذين يقضون عدد ساعات طويلة فى العمل فى الشارع، والفئة الثالثة (أسر الشوارع) وهم الأطفال الذين يعيشون مع أسرهم فى الشارع، ويصل عدد أطفال الشوارع فى العالم 150 مليونًا، بينما فى مصر مليون طفل. أحمد عبد الظاهر، المحامى بمؤسسة النهوض بأوضاع الطفولة، يعلق «الأوضاع المتردية لأطفال الشوارع تزداد سوءًا يومًا تلو الآخر، بسبب إهمال مؤسسات الدولة المعنية، رغم وجود تشريعات قانونية تلزم الجهات التنفيذية فى المحافظات والأحياء بإنشاء لجان لاستيعاب ومحاربة ظاهرة أطفال الشوارع». وأضاف «المجتمع المدنى يحاول مساندة الدولة، لكن فى الوقت ذاته فإن الدولة تمتلك قدرات وآليات القضاء على الظاهرة التى تطورت وخلفت مجرمين، لكنها لا تمتلك إرادة سياسية للتعامل مع ظاهرة أطفال الشوارع، ولا تضعها ضمن قائمة اهتماماتها فهى فقط متفرغة لمحاربة الإرهاب. وأوضح أن المجتمع المدنى لا يستطيع القيام بمهام الدولة لكنه يحاول ملء بعض الفراغات، بتقديم خدمات لهؤلاء الأطفال، مشيرًا إلى أن هناك فريقًا من الأخصائيين النفسيين سوف يتوجهون إلى دار فتيات فى العجوزة لتقديم الدعم النفسى للثلاث فتيات اللاتى تعرضن للاغتصاب، وإعادة تأهيلهن لدمجهن مع المجتمع حال خروجهن من الدار». وتابع «ستظل الفتيات فى الدار حتى يبلغن السن القانونية، فأكبرهن لا تتجاوز السبعة عشر عامًا من عمرها، وكان يمكن أن يخرجن فى حالة واحدة، حال ظهور أحد من الأهل أو الأقارب». وأضاف «المؤسسة شكلت فريقًا قانونيًا للدفاع عن الثلاث فتيات، إلى جانب أخصائيين اجتماعيين لمتابعة الملف الخاص بهن». أحمد فايز المحامى بالمؤسسة وعضو لجنة الدفاع عن الفتيات، قال «إن القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع يحتاج إلى مشروع قومى تهتم به الدولة». وأشار إلى أن النيابة حتى الآن لم تؤكد وصف اتهامات المدانين، فالتهم إما ستكون ممارسة الرذيلة، وعقوبتها سنة، أما حال إثبات أن ال30 شابًا اعتدوا على الفتيات فستتراوح عقوبة الشباب من 5 إلى 7 سنوات. وأوضح أنه حضر التحقيقات مع الفتيات، واللاتى أكدن أنهن لم يمارسن الرذيلة مع الشباب وكان يتم الاعتداء عليهن.