طالب الثانوى يكلف أسرته 25 ألف جنيه سنويًا والإعدادى 16 ألفًا.. والابتدائى 7 آلاف «الحصة» فى المراكز التعليمية يتراوح سعرها من 40 إلى 70 جنيهًا.. والطالب يحضر 300 حصة على الأقل خبير تعليمى: الدولة غير ملتزمة بمجانية التعليم.. وإصلاحه يبدأ بتحقيق «المجانية» وتقنينها على أرض الواقع
طالب الثانوى يكلف أسرته 25 ألف جنيه سنويًا والإعدادى 16 ألفًا.. والابتدائى 7 آلاف«الحصة » فى المراكز التعليمية يتراوح سعرها من 40 إلى 70 جنيهًا.. والطالب يحضر 300 حصة على الأقل خبير تعليمى: الدولة غير ملتزمة بمجانية التعليم.. وإصلاحه يبدأ بتحقيق «المجانية » وتقنينها على أرض الواقع والدستور المصرى ينص على أن «التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقًا لمعايير الجودة العالمية. والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية، وفقًا للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4فى المائة من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها». ما سبق ليس خيالًا، أو وهمًا إنما هو نص المادة 19 فى باب «المقومات الأساسية للمجتمع» فى العقد الأساسى للعلاقة بين شعب مصر وحكامها، ولكن الواقع البائس يفرض أحكامه حتى على القانون، ليزيد من آلام المصريين ومعاناتهم، فها هو وزير التربية والتعليم الجديد، دكتور طارق شوقى يبادر فور توليه منصبه ليصب الزيت على النار، ويعلن رفضه ل«مجانية التعليم». مجانية التعليم، أو ما تبقى منها، بعد أن صارت وهمًا فى حياتنا، وبدلًا من أن يعمل الوزير على أن يلتزم بالدستور، ويعمل على تحقيق مجانية التعليم غير الموجودة فعليا، فبعملية حسابية بسيطة أجرتها محررة «الصباح» على ثلاث مراحل تعليمية مختلفة، وهى الشهادة الثانوية (الصف الثالث الثانوى)، والمرحلة الإعدادية وتحديدًا (الصف الثالث الإعدادى)، والشهادة الابتدائية (الصف السادس الابتدائى) تبين أن الطلاب المنخرطين فى مراحل التعليم الحكومى، تتكبد أسرهم آلاف الجنيهات خلال العام الدراسى الواحد حتى يجتاز أبناؤهم تلك الأعوام، والسبب فى تكبد هذه المبالغ يعود فى كثير من الأحيان إلى سوء الأحوال داخل مدارس الحكومة، الملقبة بالمجانية، وعدم رغبة المعلم فى توصيل المعلومة للطالب مجانًا داخل الفصل، مما يترتب عليه لجوء جميع الطلاب تقريبًا للدروس الخصوصية، والمحاضرات الجماعية لدى نفس مدرسين المدرسة تقريبًا، حتى يتمكنوا من اجتياز كل عام، وكل مرحلة دراسية، هذا بالإضافة لبعض الطلبات الأخرى التى يجبر المدرسين عليها الطلاب لإحضارها وتوفيرها لهم داخل الفصول، والمتعلقة بالوسائل التعليمية، ونشاطات المعلم نفسه، والتى يتكبدها الأهالى من دخولهم. • ثانوية عامة 25 ألف جنيه حد أدنى طالب الصف الثالث الثانوى فى المدارس الحكومية يكبد أهله سنويًا ما يقرب من 25 ألف جنيه تقريبًا فى أدنى المستويات، وتفصيل ذلك كالآتى: يوجد 7 مواد أساسية مقررة على جميع طلاب الصف الثالث الثانوى، أجرت المحررة مسحًا حسابيًا بسيطًا شمل عددًا من المراكز التعليمية فى مناطق «المهندسين، الدقى، العجوزة، الوايلى، حلمية الزيتون وحدائق حلوان»، فتبين أن متوسط سعر المحاضرة (الحصة) الواحدة للمادة الواحدة 70 جنيهًا. أشرف سعيد، طالب الثانوية العامة بالمدرسة الثانوية العسكرية للبنين بمنطقة إمبابة، قال ل«الصباح»: «جميع المراكز تخصص لكل مادة محاضرة واحدة أسبوعيًا، ماعدا مادة الرياضيات فتخصص لها محاضرتين أسبوعيًا، وذلك طيلة 10 شهور متصلة، لا تتوقف خلالها الدروس ولو لأسبوع واحد». وبعملية حسابية بسيطة يتبين أن طالب الثانوية العامة يحصل على 40 محاضرة لكل مادة طيلة 10 شهور متصلة، فيما عدا الرياضيات يحصل على ضعف عدد المحاضرات أى 80 محاضرة للرياضيات كل 10 شهور، ليصبح إجمالى عدد المحاضرات التى يحضرها الطالب من بداية العام الدراسى إلى نهايته حوالى 280 محاضرة، متوسط قيمة كل منها 70 جنيهًا ليصبح إجمالى ما يتكبده أهله ما يقرب من 20 ألف جنيه تحت بند دروس تقوية فقط، لتكون عونًا لابنهم على اجتياز مرحلة عام دراسى واحد فى حياته. ما سبق هو بخلاف شراء الكتاب المخصص لكل مادة، والذى يكون من تأليف أستاذ المادة ذاته، ويجمع بداخله كل ملازمه والمادة العلمية التى يُلزم بها طلابه طيلة العام الدراسى، حيث أوضح عدد كبير من الطلاب أن سعر هذا الكتاب لا يقل بأى حال من الأحوال عن 100 جنيه لكل مادة، تصحبه المذكرة النهائية لكل مادة بحيث لا يقل سعرها عن 200 جنيه هى الأخرى، أى ما يقرب من 1000 جنيه تقريبًا تحت بند طباعة وملازم للطالب الواحد. أما فيما يتعلق باللوازم التعليمية والأنشطة وأدواتها، فتقول رحمة محمد، طالبة الثانوية العامة بمدرسة حلوان الثانوية للبنات، «إن المدرسين من بداية العام الدراسى فى جميع السنوات الدراسية تقريبًا يفرضون على الطالب شراء بعض المستلزمات على شاكلة، الأدوات الكتابية، والوسائل التعليمية داخل الفصل، وتزيينه وأدوات النشاط، غير الموجود على أرض الواقع لتتكبد أسرتها ما يقرب من 4 آلاف جنيه تحت بند النثريات والطلبات الإضافية لمدرسة ابنتهم التى تتعلم فى مدرسة حكومية، «مجانية»، هذا بخلاف المصروفات المدرسية، ورسوم استلام الكتاب المدرسى.
• الإعدادية ب16 ألف جنيه علاء سمير، طالب بالصف الثالث الإعدادى، يحكى أن لديه 6 مواد يحضر لكل منها محاضرتين (حصتين) أسبوعيًا على مدار 8 شهور، يبلغ متوسط سعر المحاضرة الواحدة 40 جنيهًا، وربما يختلف السعر قليلًا فى بعض المناطق الراقية، وأيام الامتحانات، بحيث يصبح إجمالى عدد المحاضرات التى يتلقاها علاء خلال العام الدراسى الواحد 384 محاضرة بواقع تكلفة إجمالية أكثر من 15 ألف جنيه سنويًا، بخلاف إجباره هو الآخر على شراء «كراسة الشروط» كما يطلقون عليها، والتى تحتوى على أدوات كتابية يستخدمها مدرسو الفصل، والتى يزيد سعرها على 500 جنيه، ووسائل تعليمية، وغيرها من النثريات حتى نجد أن طالب المرحلة الإعدادية يكبد أهله نهاية عامه الدراسى الثالث الإعدادى ما يتخطى ال16 ألف جنيه تقريبًا. •6 ابتدائى ب7 آلاف جنيه أما عن طالب الصف السادس الابتدائى، والذى يدرس 5 مواد خلال عامه الدراسى، فتتم محاسبته بشكل مختلف، حيث يُحاسب بالشهر وليس بالحصة، ويدفع شهريًا 150 جنيهًا لكل مادة يأخذ خلالها دروسه بشكل يومى تقريبًا، بحيث يصبح إجمالى المبلغ الذى يدفعه على مدار 8 شهور 6 آلاف جنيه، بخلاف الوسائل التعليمية، ونثريات الفصل، المتمثلة فى أقلام السبورة، وأشكال مجسمة تعليمية للأنشطة، تصل تكلفتها بنهاية العام إلى 1000 جنيه تقريبًا، فنجد أن طالب الصف السادس الابتدائى يتكبد مبلغًا وقدره 7000 جنيه تقريبًا سنويًا، وطبعًا لا ننسى مصروفات المدرسة ورسوم الكتاب المدرسى. كامل سعيد، مدرس أول لغة عربية للمرحلة الإعدادية، يقول إنه لا يرى أن هناك مجانية تعليم حاليًا، فما هو مضمون المجانية فى مجتمع لا ينجح طلابه إلا حين يدفعون ضريبة النجاح للمدرس، مضيفًا: «ذنب الطالب والمدرس فى رقبة الوزارة»، فبالرغم من تشدق المسئولين ليلًا ونهارًا بالمجانية، وتوفير الفرص لصالح العملية التعليمية، إلا أن الواقع يثبت أنهم ظلموا الطالب بمدارس متهالكة، وفصول قليلة وصغيرة مقارنة بعدد الطلاب المفروض تواجدهم بداخلها، ثم يضعون على عاتق المدرس أن يقدم خدمة تعليمية جيدة داخل هذه المنظومة، وهو أمر مستحيل الحدوث، موضحًا أنه يجد أمامه فى الفصل حوالى 60 طالبًا فى فصل لا يتعدى مساحته 25 مترًا تقريبًا، يصعب التنفس فيه من الأساس. أما سعاد متولى، مدرسة لغة إنجليزية للصف الأول الثانوى، فتقول: «المعلم أيضًا مظلوم بمرتب ضئيل لا يتعدى 1500 جنيهًا بالبدلات والحوافز وكل شىء، فمن الطبيعى أن يلجأ هو الآخر للدروس التى تعينه على إكمال الحياة». فى الوقت ذاته أكد مجدى قاسم، رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم سابقًا، أن المدارس الحكومية ذاتها لا تقوم بدورها الحقيقى والمطلوب منها، حيث بلغ قيمة الأموال المفقودة فى الدروس الخصوصية سنويًا فى مصر ما يقرب من 20 مليار جنية، إذًا فمجانية التعليم ما هى إلا صورية، ولكى يتم الإصلاح لابد أولًا من التزام الدولة بالمجانية وجعلها حقيقية.