«التحكم الآلى» كلف الوزارة 100 مليون جنيه.. وفشل بسبب انهيار البنية التحتية رغم صرف وزارة الكهرباء ما يقرب من 500 مليون جنيه على 3 مشروعات أقامتها بعدة شركات تابعة لها بغرض تطوير شبكة الكهرباء فى قطاعى الإنتاج والتوزيع، إلا أن هذه المشروعات شهدت فشلاً كبيرًا فى النهاية، ولم تحقق الأغراض التى أنشئت من أجلها. البداية ب«محطة إنتاج كهرباء عتاقة» الواقعة فى محافظة السويس، والتابعة لشركة «شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء»، والتى كانت بها بعض التلفيات استدعت الإعلان عن مشروع ضخم لإعادة تأهيلها، خاصة الوحدتين الثالثة والرابعة بها، لحدوث أعطال متكررة بهما. وكان من المقرر الانتهاء من الصيانة فى مارس الماضى، وأن يتم افتتاح الوحدتين ودخول المحطة الخدمة على شبكة الكهرباء الموحدة فى أبريل ومايو من العام نفسه، وذلك حسب تصريحات وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر أثناء تفقده للمحطة فى 5 ديسمبر 2015، وقال حينها إن أعمال الصيانة وتأهيل المحطة تكلفتها400 مليون جنيه. وقالت مصادر داخل شركة كهرباء «شرق الدلتا»: «رغم الانتهاء من تأهيل المحطة إلا أنها لا تزال تعانى من نفس التلفيات والمشاكل التى كانت بها قبل إجراء الصيانة»، مشيرة إلى أنه لا يزال هناك ثقوب فى «غلاية» المحطة ينتج عنها تسريبات، إلى جانب مشكلات فى ملفات إعادة التسخين، ما أدى إلى خروج الوحدتين الأولى والثانية بالمحطة وتوقفهما عن العمل، وذلك فى بداية ديسمبر الجارى. وأشارت إلى أن سبب هذه العيوب الفنية، أنه تم تأهيلها بواسطة شركة «الجزيرة» التى يتعامل معها قيادات الوزارة دون وجود رقابة على هذا التعامل، الذى يسيطر عليه المجاملات والمصالح المشتركة، بحسب قولها. المشروع «الفنكوش» الثانى بوزارة الكهرباء هو «التحكم الآلى» الذى تخطت تكلفته 100 مليون جنيه بحسب مصادر بالوزارة، وتم تنفيذه داخل محطات توزيع الكهرباء فى شركات التوزيع التسع، وذلك لتحقيق عدة أهداف منها، تحقيق استقرار التغذية الكهربائية لدى المشتركين عن طريق التحكم فى تشغيل شبكات الكهرباء، وتقليل زمن اكتشاف الأعطال وإعادة توصيل التيار الكهربى فى وقت قصير. واستهدف المشروع أيضًا فى بداية تنفيذه التحكم فى فصل وتوصيل أجزاء داخل لوحات التوزيع بشبكات توزيع الكهرباء مما يتيح إجراء المناورات من مركز التحكم الآلى، وكشف أعطال الكابلات التى تغذى شبكات توزيع الكهرباء والقيام بعزل مكان العطل وإعادة توصيل التيار الكهربى من مصدر بديل آخر للكهرباء، وإمكانية مراقبة وتسجيل جميع الأحداث التى تحدث داخل محطات الكهرباء ولوحات التوزيع داخل المدن والمحافظات التى تخدمها شركة التوزيع على مدى 24 ساعة. إلا أن مصادر مطلعة داخل الشركة القابضة قالت إن أهداف المشروع لم تتحقق رغم تنفيذه بسبب إقامته على بنية تحتية منهارة ومتهالكة، وعدم وجود ربط أرضى بين الكابلات وبعضها، مضيفة: «تم تنفيذ المشروع فى شبكة كابلات كهربائية وأكشاك قديمة ومتهالكة، ومفاتيح الفصل والتوصيل داخلها قديمة ولم يتم تغييرها أو إجراء صيانة لها منذ سنوات، لذلك لا يمكن التحكم فى فصلها أو توصيلها عن طريق التحكم الآلى عند بعد، لكن يلزم فصلها وتوصيلها يدويًا». وأضافت المصادر: «لا يوجد إشارة ربط بين أكشاك الكهرباء تمكن من فصلها وتوصيلها عن طريق التحكم الآلى»، لافتة إلى أن الفائدة الوحيدة التى تم تحقيقها من المشروع هو فصل وتوصيل المفاتيح داخل لوحات توزيع الكهرباء فقط، مع أنه يوجد داخل هذه اللوحات فنيون مدربون على فصل وتوصيل المفاتيح ويعملون بنظام التناوب وهذا آمن بكثير من الفصل والتوصيل أليًا، ما أدى إلى صرف ملايين الجنيهات على مشروع لم يقدم أى جديد. وقالت مصادر فنية داخل شركات توزيع الكهرباء: «ما زلنا حتى الآن نقوم بأنفسنا بفصل وتوصيل المفاتيح يدويًا داخل لوحات توزيع الكهرباء والأكشاك، والمشروع لم يقدم أى جديد». المشروع الثالث هو «التكويد» والذى بدأ بعرض بعض العاملين بمحطة كهرباء «النوبارية»، التابعة لشركة «وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء» قدرتهم على تنفيذه، والذى يتضمن إجراء جرد كامل لجميع المحتويات الموجودة بمخازن الشركة، وإعطاء كل صنف منها كود أو اسم أو رقم، وإجراء ربط لجميع مخازن الشركة عن طريق شبكة الإنترنت. وكان الهدف من المشروع البحث عن أى قطع غيار أو أصناف بعينها فى مخازن الشركة عن طريق الإنترنت، وهذا لتجنب قيام مسئولى بعض محطات الكهرباء التابعة للشركة بشراء مهمات وقطع غيار موجودة فى مخازن محطات أخرى بنفس الشركة، ما يؤدى إلى ضياع أموال الشركة فى شراء أشياء متوافرة لديها بالفعل. وتخطت تكلفة المشروع فى شركة «وسط الدلتا» فقط 100 ألف جنيه، وعمل بالمشروع مجموعة من العاملين بعدة قطاعات بالشركة، واستغرق تنفيذه شهرين تقريبًا، إلا أنه تعثر بسبب وجود صعوبات فنية لم يتمكن القائمون عليه من حلها. وأثناء جولة المهندس جابر دسوقى، رئيس الشركة القابضة للكهرباء بمحطة كهرباء «النوبارية» فى 30 يوليو الماضى، عرض عليه مشروع «التكويد» فأبدى إعجابه الشديد به وأعرب عن نيته تعميمه على جميع مخازن شركات وزارة الكهرباء. وقالت مصادر إن مسئولين بالشركة عندما علموا بزيارة «دسوقى» وأنه سيفحص مشروع «التكويد» الذى لم يتم من الأساس، لجأوا لخداعه وإيهامه بأن المشروع تم الانتهاء منه، ونجح بالفعل فى تحقيق الهدف منه، وذلك لتدارك الموقف خشية من غضب رئيس القابضة. وتمثلت حيلتهم لخداعه فى جمع كل أجهزة الحاسب الآلى الموجودة بالمحطات التابعة للشركة ووضعوها بغرفة، ووضعوا بالغرفة الملاصقة لها جهاز حاسب آلى آخر، وأدخلوا فى هذه الغرفة رئيس شركة وسط الدلتا المهندس محمد العبد برفقة المهندس جابر دسوقى، وأوهموا الاثنين بأن الجهاز متصل عبر شبكة بالأجهزة الموجودة بالمحطات الأخرى.