خريجو البرنامج سيقودون مؤسسات الدولة وسيخرج منهم محافظون بعد 5 سنوات الروتين يرعبنا.. واللجوء للرئيس بشكل دائم أمر سلبى.. وماكينة الإصلاح التشريعى «ماطلعتش قماش» التواكل والرضا بالأمر الواقع وانعدام المرونة أهم عيوب الشباب المصرى والجدعنة والإصرار أهم المميزات شباب 25 يناير عملوا مستشارين للوزراء وفشلوا لأنهم غير مؤهلين علميًا كشف الدكتور، خالد حبيب، العضو بفريق إدارة البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب والذى أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسى، ويحظى برعاية مؤسسة الرئاسة، أن الرئيس رفض عروضًا من جهات لم يحددها بتحمل تكاليف المشروع، وذلك لمنع أى تدخل فى عمل البرنامج الذى يستهدف تأهيل 3 آلاف شاب سنويًا على المستوى السياسى والإدارى، وقال حبيب خلال استفاضته فى ندوه أقامتها «الصباح» للحديث عن تفاصيل البرنامج، إنه يتوقع أن يخرج من بين الدارسين فى البرنامج مديرون لمؤسسات الدولة ومحافظون فى غضون 5 سنوات.. وتناول الرجل فى حديثه عدة موضوعات تنوعت بين رأيه فى التعليم ومشكلاته وتصوره لمعايير تصنيف الشباب وغيرها من الملفات المختلفة.. وإلى نص الحوار : الصباح: ما الذى طلبت منك رئاسة الجمهورية تنفيذه خلال 8 شهور عبر برنامج تأهيل الشباب؟ - أول لقاء تم كان لطرح فكرة البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب، وكان اختيارى بالأساس يرجع إلى تاريخى فى مجال تأهيل الشباب والتنمية، فضلًا عن نشاطى فى مجالات مرتبطة بالتنمية البشرية، وإعادة الهيكلة والتخطيط الاستراتيجى، وعملى كمدير إقليمى للموارد البشرية فى إحدى أكبر شركات الطاقة بالعالم، وعقب اللقاء مع المسئولين فى رئاسة الجمهورية، عملت على إعداد نموذج إدارى كامل للتأهيل، يتيح أن يتحول الشاب صاحب المعلومات المحدودة للغاية، إلى إنسان «جاهز» قادر على أن يدير مشروعًا بمفرده، وكأنه حصل على ماجستير بشكل مصغر، وذلك بنظام التعليم التجريبى، الذى تعلمت أنا من خلاله، أى أن ما يدرسه نظريًا فى المحاضرة، يطبقه عمليًا، فى إحدى الشركات خلال المحاضرة التالية، وبهذا تكون العملية فعالة. الصباح: لماذا التركيز على الشباب بشكل عام وليس القيادات السياسية الشابة المعروفة مثلًا؟ - أعتقد أن الرئاسة حددت فئة الشباب نظرًا لما وجُد منهم بعد الثورة من ثقافة وسعى وإدراك سياسى، ولكن صمودهم فى السابق كان دائمًا ما ينتهى ويقف عند نقطة نظرًا لفقدانهم للاحتراف فى مجال السياسة، والبرنامج يسعى لتأهيل الشباب وإكسابهم خبرات تؤهلهم لقيادة الإدارات والحياة السياسية فيما بعد، ولا نعتمد على التنمية البشرية ولكن تنمية القدرات الإدارية والقيادية أكثر. الصباح: وما سبب غياب هذه الخبرات عن الشباب ومناهجهم التعليمية؟ - فى تقديرى أنه كان يجب أن تكون خبرات البرنامج التأهيلى للشباب من البديهيات التى يتخرج بها الطالب من التعليم ويدركها ويمارسها، واستهداف البرنامج هو الشباب من 20 : 30 سنة، لقدرتهم على الاستيعاب أكثر من غيرهم وتحملهم بشكل أكبر. الصباح: لماذا تم استهداف الفئة السابقة تحديدًا؟ - نسبيًا شخصية الشاب تكون قد تكونت بالفعل فى الفترة من 20 : 30 سنة، واعتقادى أن هناك نسبة كبيرة من الشباب فى هذه السن تكون فاعلة جدًا. الصباح: وما المعايير التى يتم تقييم الشباب على أساسها بعد انتهاء البرنامج؟ - عقب مشاركة الشباب فى برنامج تعليمى متطور يتم التقييم من حيث العمل الجماعى والإبداع، والقدرة على حل المشاكل، والتفكير الاستراتيجى، والوعى القومى، والإلمام بالقواعد السياسية والإدارية، حتى يكون مؤهلاً لتولى المناصب القيادية، والدولة تعمل حاليًا على إعادة تأهيل قيادات القطاع العام، وبعد انتهاء البرنامج سيقوم الشباب بالتدريب داخل قطاعات العمل العامة ليقدموا مشروعات للتخرج. الصباح: من وقع خبرتك فى مجالات التدريب والتنمية ما عيوب المجتمع والشباب المصرى؟ - من أخطرها التواكل وقد انتقل هذا العيب من عموم المجتمع المصرى إلى الشباب، فضلًا عن أن مسألة «الرضا بالأمر الواقع»، وانعدام المرونة وعدم القدرة على التغيير جميعها يمكن اعتبارها من أهم عيوب الشباب والمجتمع. الصباح: على الجانب الآخر فما المميزات؟ - حدث ولا حرج.. فلايزال الشاب المصرى يتميز ب «الجدعنة»، والإصرار والمثابرة، وبلدنا لديها شباب رغم اعتبارهم من ذوى الاحتياجات الخاصة؛ إلا أنهم أصبحوا أبطالًا فى رفع الأثقال، وهناك ضرير حصل على ماجستير من جامعة هارفرد، إجمالًا فالشاب المصرى عبقرى، ولديه القدرة على إنتاج كم هائل من الاختراعات لكنها تقف فى النهاية على دعم الدولة أو الأجهزة الروتينية. الصباح: لكن هناك انطباعًا بأن هذه الاختراعات غير جادة.. وبالتالى يصبح الشباب متهمًا؟ - هناك اختراعات أقل ما توصف به أنها عبقرية، لكن الأزمة هى إدارة تلك العقول العبقرية، وسأعطى مثالًا على أهمية الإدارة، فعندما كنت أعمل فى شركة أجنبية واجهت المؤسسة أزمة تتمثل فى اختراق قرصان لموقعها الإلكترونى وسرقة بعض المعلومات، واستطاع المتخصصون الوصول إلى هذا الشاب، وبدلًا من عقابه تم تأهيله وزيادة خبراته وأصبح الآن مديرًا إقليميًا بالشركة، وهذا ما يؤكد احتياجنا لمنظومة لتطويرها. الصباح: بعض الشباب المحسوبين على تيار يناير يرون أن عام 2016 ليس عام الشباب وأن البرنامج الرئاسى خدعة.. وأن عام الشباب هو 2011.. فما رأيك؟ - هذه الفكرة تحتاج إلى تحليل، فعام 2011 بمقاييس النتائج كانت نتائجه سوداء على الشباب، لأن جميعهم الآن محبطون، وشعروا أنهم وحدهم فى بعض المواقف مثل أحداث محمد محمود وغيرها، ومنذ بداية يناير كان الشباب هو الفاعل الرئيسى، وفى 30 يونيو كان الفاعل هو كل الشعب، وبشكل واقعى فالهدف من مشروع التأهيل الرئاسى، هو تعليم الشباب جميع أنواع العلوم والمهارات والخبرات وإدخالهم إلى دولاب العمل الحكومى، وهذا ليس البرنامج الوحيد، فالدكتور طارق شوقى، رئيس المجالس المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية، أطلق مشروع بنك المعرفة الذى تستطيع من خلاله تحميل جميع الرسائل والأبحاث والكتب فى النهاية، وكل هذه المؤشرات تصل بنا إلى نتيجة مفادها أنه «لا توجد دولة تريد أن تكون قمعية أو فاشلة ستعلم شعبها». الصباح: إذن لماذا يتعامل البعض بعدم جدية أو عدم تصديق لفكرة دعم الدولة للشباب؟ - إذا اعتمدنا على الأرقام سنلمس هذه الجدية وفى السنوات الأربع الأخيرة تم انفاق 200 مليار، بما يساوى 25 فى المائة من قيمة القروض على مشاريع صغيرة للشباب، وبعد 25 يناير كثير من الشباب أصبحوا مستشارين لرئيس الوزراء، وكان لهم تمثيل قوى فى البرلمان، وبسبب عدم تأهيلهم كانت نتيجة ذلك التغيير غير مقبولة، وهذا هو ما نسعى لتغييره الآن. الصباح: كيف ميكن تغيير وعى الشاب العمرى؟ - الوعى يأتى فى المقام الأول،وعلينا أن نعرف أين نحن؟ ونعلم أين نقف بالضبط؟. وإلى أين نريد أن نذهب؟، وعلى الجانب العملي يجب الالتفات إلى مسألة البحث عن احتياجات سوق العمل فى المكان الذى يعيش به الشاب ولا يسير خلف القطيع فيدرس ما تدرسه الأغلبية، وأن تكون مخاطرة الشاب بشكل محسوب. الصباح: هل البرنامج الرئاسى يضمن وظيفة حكومية ؟ - غير صحيح وهذا ما أؤكده دائمًا، والعمل فى البرنامج ليس بهذه السهولة، الطالب يعمل 30 ساعة أنشطة، والبرنامج يضم الكثير من الكفاءات وسيعمل الطالب 4 أيام بعد الظهر، وكل محاضرتين فيهما مادة نجاح، ولدينا طرق كثيرة للتقييم فى المشروع ونستطيع معرفة المدير من القيادى، وفى الوقت ذاته لا نستطيع إجبار المتدرب على الاستمرار مع فريق العمل بعد انتهاء البرنامج، فإذا وجد شركة عالمية تناسب إمكانياته فهذا لا يضرنا فى شىء بل ينشر فكرتنا، ويمكن للمشارك فى المشروع بدء تجربته الخاصة. الصباح: أين ترى المشاركين بالمشروع بعد 20 عامًا ؟ - لماذا 20 عامًا بل بعد 5 سنوات من الآن، لابد أن يقودوا المؤسسات، وسيخرج منهم محافظون وهذا أملنا. الصباح: هل ستغير تصميم البرنامج من مرحلة لأخرى ؟ - بالتأكيد سيتم تعديل المشروع من فترة لأخرى، تبعًا للاحتياجات وبناءً على النتائج. الصباح: مع من تواصلت فى رئاسة الجمهورية فى مرحلة التحضير للبرنامج؟ - مع الدكتور طارق شوقى، وأسعدنى انهم لم يتدخلوا فى الجزء الفنى. الصباح: لماذا نرى تصدر كبار السن حتى أثناء الحديث عن الشباب فى ظل وجود وجوه ناجحة يمكنها تمثيلهم؟ - بالنسبة للحياة السياسية، لابد أن نعترف بتحكم المال السياسى فى العمليات الانتخابية، ورأينا بعد ثورة 25 يناير اكثر من 250 ائتلافًا شبابيًا مما يدل أن قدرة الشباب على العمل الجماعى ليست كافية، وهذا يعيدنا إلى التعليم والإعلام والفن الذى يظهر دائمًا البطل الفردى مقابل غياب البطولات الجماعية، ولابد من قيادى يحمس الشباب على العمل الجماعى، ورغم ظهور قدرة بعض الشباب على التنظيم والعمل الجماعى أثناء ثورة يناير، إلا أن النفس الطويل ما زال ينقصهم حتى الآن، بالرغم من وجود القدرة أحيانًا. الصباح: بصيغة أخرى لماذا نجد فى كل المناسبات من يتحدث عن الشباب أعمارهم فوق الستين؟ - لا يمكن أن نقيس الشباب بمنطق العمر فقط، وأنا أكثر شبابًا من 90 بالمئة من الشباب فى البلد، ولابد أن تسأل كم من الكتب قرأت، وعندما كنت فى فئة الشباب سنًا، كنت اقرأ كثيرًا وأطّلع على الثقافات المختلفة مما وسع المدارك، وأهلنى للخطاب الجيد، وأعتقد أن برنامجى الإذاعى يحقق نسبة استماع عالية جدًا، وأكثر المستمعين من الشباب، ولابد أن يملك الشاب أدواته، وشخصيًا شاركت بالعمل فى مؤسسات كان يقودها شبابهم أعمارهم 35 عامًا. الصباح: هذا يقودنا إلى سؤال آخر عن المواصفات النفسية لمن يريد أن يظل شاباً؟ - الايجابية أولًا التى يجب أن تفوق الحدود إلى جانب التفاؤل، وثانيًا الرغبة والقدرة على التعلم وأن يمتلك الإنسان عقل متسائل دائمًا، بالإضافة إلى المرونة وعدم الخوف من التغيير، وخوض التجارب المختلفة، وأن يكون الانسان لديه الثقافة والمعرفة وأن يمحى الشاب 3 كلمات من قاموسه هى «لا، ولكن، وبس»، فضلًا عن أن يكون الشخص اجتماعيًا بطبعه، ومن أفضل ما يميز الشباب امتلاكهم رفاهية التجارب والأخطاء ليتعلموا أكثر. الصباح: يوجد شباب غاضب ينتقد المجتمع ويراه ظالما ويطالب بالتمكين فما تعليقك؟ - لا يجب إطلاق اتهامات الظلم بشكل عام ولدينا فساد متفش للغاية لكن القوانين تستطيع إعادة بعض الحقوق، وفى برنامج التأهيل توجد مادة عن إدارة التغيير، والتجربة الناصرية كانت مهمة فى هذا الإطار لأنها كانت سريعة وناجزة، وفى الفترة الأخيرة حدث تزاوج بين كل الفئات الفاسدة والقوانين تحمى ذلك، ونحن البلد الوحيد الذى قنن وضع اليد الذى يخالف القانون فى الأساس. الصباح: هل توجد ضغوط إقليمية لإفشال برنامج تأهيل الشباب؟ - بالفعل يمكن أن يكون هناك ضغط إقليمى، وكانت هناك جهات عرضت تحمل تكاليف البرنامج، لكن الرئيس رفض العرض لمنع تدخل أى سلطة، وتحملت الدولة كل النفقات.