حجم تجارة مخدرات الإرهابيين بلغ 322 مليار دولار عام 2009 شركات الصرافة تنقل أموال التنظيمات مقابل نسبة تبلغ 50 فى المائة من قيمة الأموال تنظيم «الدولة» فى العراق يحصل على 100 مليون دولار شهريًا من بيع النفط داعش يمول عناصره فى أفريقيا من خلال صفقات المصنوعات الصينية سمير غطاس: معظم شركات الصرافة فى العالم العربى تعمل لجهات داعمة للإرهاب نبيل نعيم: داعش تمكنت من تحويل الأموال لأعضائها فى مصر وليبيا وبعض الدول الإفريقية
لم تعد مواجهة التنظيمات الإرهابية فى المنطقة العربية قاصرة على السلاح فحسب، إذ كشف تقرير لفرقة العمل الدولية «FATF»، المعنية بغسيل الأموال، عن تمويل تلك الجماعات من خلال عمليات «غسيل أموال معقدة»، تشمل عمليات احتيال مصرفية هاتفية من جنوبإنجلترا، إضافة إلى سيارات مصدرة من المملكة المتحدة إلى إفريقيا. التقرير الصادر الأسبوع الماضى يضع الدول المعنية بمحاربة الإرهاب أمام تحديات بالغة الخطورة فى تجفيف منابع تمويل تلك التنظيمات التى تدمر الأخضر واليابس. القاعدة وغسيل الأموال بالنسبة لتنظيم القاعدة فإن البداية كانت من مؤسسة الإغاثة السعودية التى تولت التمويل الرئيسى للتنظيم، ومن ثم بدأت فى إنشاء العديد من المؤسسات المتمثلة فى دور الكفالة والمؤسسات الخيرية وكذلك بعض المشاريع الاستثمارية فى معظم دول العالم، إلا أن هذه الاستثمارات تلاشت بعد أحداث 2001 وانهيار برجى مركز التجارة العالمى. فى الفترة الراهنة، لجأت «القاعدة» إلى آليات أخرى، كشفتها صحيفة الاندبندنت البريطانية، الأسبوع الماضى، بشأن القضية التى أثارها عضو فى مجموعة شرق وجنوب أفريقيا لمجموعة مكافحة غسيل الأموال، والتى تستخدم وكلاء استيراد سيارات من بريطانيا ودول أخرى كجزء من خطة معقدة لغسيل الأموال، تصل أرباحها فى النهاية إلى الجماعات الإرهابية. وحسب الدراسة التى أعدها مركز دراسات الشرق الأدنى بعنوان: «تعقب النقود. إيجاد وتعقب وتجميد أموال الإرهابيين The Money Trail: Finding، Following، and Freezing Terrorist Finances، وقد أعدها كل من «ماثيو ليفيت» Matthew Levitt، مدير برنامج شتاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات بالمعهد Stein Program on Counterterrorism and Intelligence، ومايكل جوكبسون Michael Jacobson، الأستاذ المشارك بالبرنامج ذاته. بحسب الدراسة، فقد بلغت الميزانية السنوية للقاعدة، قبل أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001، حوالى 30 مليون دولار، كما أن أحد فروع القاعدة وهو تنظيم القاعدة فى العراق، قد بلغت نفقاته فى أربعة شهور من عام 2007 ما يقرب من 175 ألف دولار، ذهب نصفها لشراء أسلحة. وكانت القاعدة لديها لجنة مالية يرأسها الشيخ «مصطفى أبو اليزيد» ولم يقتصر الحرص على الأموال على تنظيم القاعدة الأم، حسبما تشير الدراسة، بل انتقل إلى فروعه المختلفة، فقد وضع تنظيم القاعدة فى العراق عددًا من الضوابط الإدارية للتأكد من أن أموال التنظيم تنفق بعناية وفى المكان المناسب. وكان على منفذى العمليات تقديم استمارات موقعة توضح أنهم قد تلقوا الأموال وتشرح كيف أنفقوها. وكانت القاعدة تتلقى الأموال من خلال حسابات بعض العملاء غير المدرجين على قوائمها أو غير المعروفين بالانتماء إليها ثم تحول الأموال عن طريق وسطاء، كما كانت تستخدم الذهب فى عمليات الادخار، وكذلك كانت تتم عمليات شراء الأسلحة عن طريق بعض الوسطاء الدوليين. إلى جانب تنظيم القاعدة الأم فقد نمت ما يقرب من 300 جماعة منذ الفترة منذ 2003 بعد احتلال العراق، منها نحو 40 جماعة فى كل من سورياوالعراق ولبنان وأفغانستان والسعودية واليمن ومصر، فيما تتمركز بقية الجماعات فى دول مختلفة. فى عام 2000 كانت إجمالى التحويلات حول العالم حوالى 113 مليار دولار، وبحلول عام 2006، تضاعف الرقم إلى نحو 225 مليار دولار. ونتيجة للتحول الكبير فى استخدام التكنولوجيا فى التجارة الدولية، فقد حدثت تحولات فى طريقة نقل الأموال، من قبيل استخدام تكنولوجيا «إم - بايمنت M-payment»، حيث تستخدم الهواتف الجوالة لنقل الأموال إلكترونيًا، علاوة على زيادة أهمية نقل وتخزين الأموال عبر كيانات إلكترونية مثل cashU أو e-gold. وحسب التقديرات السابقة للأمم المتحدة فإن حجم تجارة المخدرات لدى التنظيمات الإرهابية بلغ نحو 322 مليار دولار عام 2009، ما يجعلها أكثر نشاطًا غير شرعى مربح فى العالم. داعش أغنى منظمة إرهابية خلال الفترة الأخيرة صدرت تقارير عدة من مراكز بحثية ووكالات استخبارات غربية أفادت أن داعش يحصل على أكثر من 100مليون دولار شهريًا من بيع النفط، كما أوضح تقرير للمجموعة الدولية «FATF» مايو الماضى أن داعش يتبع العديد من الأنظمة الحديثة ومنها وضع ودائع كبيرة يعقبها سحوبات فورية من أجهزة الصراف الآلى، من خلال بطاقات السحب الآلى. ووفقًا للتقارير فإن تنظيم داعش يحصل على ملايين الدولارات سنويًا من خلال بطاقات مدفوعة مسبقًا لصالح التنظيم، ومنها على سبيل المثال بطاقات الهاتف المحمول وإرسال أرقامها عبر الانترنت. طرق تبييض الأموال ويعد «تبييض الأموال» إحدى الطرق التى تعتمد عليها التنظيمات الإرهابية، من خلال استعمال بطاقات الائتمان Credit Card وتتمثل هذه الطريقة فى إيداع أموال طائلة فى حساب البطاقة بحيث يظل الحساب دائنًا، ويتمكن المبيض من سحب الأموال النقدية أينما وجد فى العالم. والطريقة الثانية هى التى تتم عبر المصارف بتعدد الحالات التى يلجأ إليها المبيضون، مثل إيداع المال نقدًا، أو سحب القروض، أو الاكتتاب نقدًا بأذونات على الصندوق، أو أوامر التحويل الجارية باسم شركات وهمية فى مصارف أوف شور Off- Shore، بعد ذلك تحوّل الأموال إلى حسابات أخرى باسم شركات وهمية فى مراكز مالية ذات رقابة ضعيفة (لوكسمبورغ، سويسرا، أو جنات ضريبة أخرى)، ثم يحصل المبيضون على قروض مصرفية فى بلدان أخرى حيث يحاولون استثمار أموالهم المبيضة «فرنسا، ألماني، بريطانيا،... إلخ»، وذلك بأن يقدموا كضمانة، ودائعهم من الأموال غير المشروعة ثم تحول بعد ذلك إلى الدول التى يتواجد فيها الجماعات الإرهابية. وفى التحويل التلغرافى تنقل الأموال من بلد لآخر دون حاجة إلى نقل مادى. وتتم هذه العملية عدة مرات لإخفاء مصدرها الأساسى، وكذلك اللجوء إلى مكاتب السمسرة والوساطة، حيث يتم تحويل الأموال النقدية إلى سندات وأسهم قابلة للتداول، ثم تنتقل إلى عدة أشخا، فيصعب الرجوع إلى مصدرها الأساسى. كما تعد الطريقة الأشهر هى التواطؤ المصرفى يقوم خلالها بعض الموظفين بتسهيل عملية إيداع الأموال القذرة فى المصارف دون مواجهة صعوبات الإيداع والتحقيق، ويعد التبييض عبر الإنترنت هو الأحدث فى الوقت الراهن، وتتمّ هذه الطريقة باستعمال المبيضين المعلومات الجمة المتوفرة فى الانترنت، للوصول إلى تفاصيل دقيقة عن الأنظمة والسبل المتاحة لتنفيذ أهدافهم وطنيًا وعالميًا. من جانبه قال رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية سمير غطاس إن معظم شركات الصرافة فى العالم العربى تعمل لجهات داعمة للإرهاب ويتم التحويل بين فروع هذه الشركات دون الخضوع للرقابة الصارمة، نظرًا لتواطؤ بعض الدول أو عدم ضبط الأمر نظرًا لأن إمكانية التحويل هى إجراءات عادية تتم بين فروع تلك الشركات. وأوضح غطاس أن الآلية التى يتبعها التنظيم فى الدول الفقيرة التى بدأت تنتبه للتعاملات البنكية هى صفقات المصنوعات الصينية والتى يتم شحنها من الصين إلى بعض العملاء وتباع بأسعار رخيصة ومن ثم يتم تحويل الأموال إلى الجماعات الإرهابية، وتعتمد هذه الطرق فى الدول الأفريقية وفى السودان ومالى والنيجر تحديدًا لدعم بوكو حرام. وأشار غطاس إلى أن داعش سيطر على العديد من المواقع الأثرية فى العراق وفى سوريا وقام ببيع بعض القطع لعناصر وسيطة تركية فى مقابل مئات الملايين من الدولارات. وأكد نبيل نعيم القيادى السابق فى تنظيم القاعدة أن داعش يتبع نقل الأموال عبر شركات الصرافة فى العالم بالنسبة، أى أنه يتم تحويل المبلغ من دولة لأخرى بنسبة قد تصل إلى 50 فى المائة من أصل الأموال المحولة، وقد اتبعت هذه الطرق خلال الثلاث سنوات الأخيرة فى مصر، وفى بعض الدول الإفريقية وفى ليبيا أيضًا. وأشار نعيم إلى أن صفقات البضائع والمواد الغذائية هى الأخرى باتت إحدى الوسائل المتبعة لتمويل التنظيمات التابعة لداعش فى المناطق المختلفة، مؤكدًا أن داعش يعمل منذ عامين على سحب الدولار من الأسواق العربية ووجودها بحوذتها من أجل انهيار اقتصاد بعض الدول النامية لسهولة إثارة الأوضاع فيها.