مخاوف من زيادة أسعار التذاكر.. ودعوات لقصر الاستثمارات على القطارات الجديدة تعمل وزارة النقل على تحويل هيئة السكك الحديدية إلى شركة قابضة، للحد من الخسائر. ولا تعد الفكرة جديدة، حيث إن المهندس محمد منصور، وزير النقل الأسبق، هو من خطط لهذا المقترح عام 2009، لكن أعضاء مجلس الشورى اعترضوا على ذلك آنذاك، بدعوى أن هذا المقترح سيؤدى إلى تدخل القطاع الخاص بشكل كبير، ما يعنى ارتفاع أسعار التذاكر، وتضرر محدودى الدخل. منصور نجح - آنذاك - فى تنفيذ المرحلة الأولى من المخطط، وهو إنشاء 7 شركات تابعة للهيئة، تخدم السكك الحديدية فى الصيانة والنظافة وعربات النوم وغيرها، ويحملها البعض مسئولية تكبيد الهيئة خسائر وصلت حتى الآن إلى 5 مليارات جنيه، كما يتهمون رؤساء مجالس هذه الشركات بعدم تقديم أى تطوير للهيئة. وتقول مصادر داخل الهيئة إن بقية مراحل المخطط تتضمن تحويل قطاعات الهيئة إلى شركات، وتحويل جميع الشركات إلى شركة قابضة، وهو ما تقوم به الحكومة حاليًا ممثلة فى وزير النقل الجديد الدكتور سعد الجيوشى، الذى يناقش هذه الدراسة فى وزارة التخطيط، من أجل تنفيذها. محمد شحاته، رئيس الجمعية المصرية للنقل، أكد ل«الصباح»، أن المشروع الذى تقوم على إعداده وزارة التخطيط، والخاص بتحويل هيئة السكة الحديد إلى شركة قابضة سيكون له مردود إيجابى على الهيئة، ولكن فى الوقت نفسه لا بد من دراسته بشكل مستفيض حتى لا يقابل المشروع بهجوم من جانب الجهات وأصحاب المصالح، لافتًا إلى أن إلغاء الهيئة القومية وتحويلها لشركة قابضة للقطارات سيساهم فى القضاء على خسائر الهيئة. وأوضح أن المشكلة الكبرى التى ستواجه الهيئة فى تحويلها لشركة قابضة هى العمالة، خاصة أن بها 60 ألف عامل سيرفضون التنازل عن درجاتهم المالية والتحويل للشركة، مشيرًا إلى أن المشروع يتلخص فى إلغاء الهيئة وتحويلها لشركة قابضة يتبعها 7 شركات هى الشركة المصرية للقطارات الوجه البحرى، والمصرية لقطارات الوجه القبلى، وشركة قطارات النوم وVIP، وشركة الصيانة وشركة القطار المكهرب وشركة النظافة، وشركة الصيانة. المهندس محمد كامل، نائب الهيئة للمسافات الطويلة سابقًا، أكد ل«الصباح»، أنه بالنسبة لهيكلة السكة الحديد وتحويلها لشركة قابضة ليس جديدًا، لافتًا إلى أن هذا لن يقدم جديدًا، خاصة أن السكة الحديد لا بد أن يكون لها وزير مستقل، لأن الشركات التابعة للهيئة تعمل لصالح السكة الحديد. وقال إن ورش أبو راضى لصيانة القطارات وورش الفرز كانت تعمل بشكل جيد وتحقق أرباحًا، لكن عند تحويل قطاعات السكة الحديد إلى شركات متمثلة تدهور كل شىء، وأضاف أعباءً على الهيئة، وحقق خسائر. وأضاف كامل أنه اعترض على هذا المقترح عندما كان بالهيئة وهذا ما تسبب فى إحالته إلى المعاش، محذرًا من أن تحويل الهيئة إلى شركة قابضة ستستخدم نظام الشركات وآليات السوق وسترتفع أسعار التذاكر، واتهم القائمين على الهيئة بإهدار 300 مليون جنيه بدعوى تطوير محطة مصر، دون فائدة حقيقية، لأن ما حدث هو تركيب زجاج فقط فى واجهات المحطة. محمود سامى، رئيس هيئة السكة الحديد سابقًا، قال ل«الصباح»، إن تحويل هيئة السكة الحديد إلى شركة قابضة تحتاج إلى عدة مراحل، بمعنى أن الهيئة تتكون من قطاعات بالإضافة إلى شركات، حيث إن القطاعات عبارة عن «قطاعات المسافات الطويلة، وقطاعات المسافات القصيرة، وتشمل المسارات، بالإضافة إلى الشركات مثل « شركة المشروعات وترنس أى تى، والشركة الطبية». ومن المفترض الخطوة القادمة تحويل القطاعات إلى شركات، لافتًا إلى أن أول مرحلة قام بها المهندس محمد منصور، وزير النقل الأسبق، وهى إنشاء شركات مملوكة لهيئة السكة الحديد، والآن تبدأ المرحلة الثانية وهى تحويل قطاعات السكة الحديد إلى شركات أيضًا، وبعد ذلك تحويلها إلى شركة قابضة باعتبار أن لها أسهم فى البورصة. وقال سامى إنها فكرة جيدة، لكنه قال إن التطبيق هو الأهم، مشيرًا إلى تخوف المواطنين من خصخصة السكك الحديدية، وخسائر الهيئة التى بلغت عام 2009 أكثر من 177 مليون جنيه سنويًا، وبلغت الآن 5 مليارات جنيه، ما يعنى كارثة بكل المقاييس. وأشار سامى إلى أن رفع أسعار التذاكر قابلته الهيئة بتحسين الخدمة، وقال إن أسعارها الآن معقولة، وأكد أن المطلوب الآن من الهيئة تزويد التشغيل، وذلك بزيادة عدد عربات القطارات، وتشغيل المزيد من القطارات، والترويج ل 212 عربةvip، وهناك قطاران يعملان الآن على خطوط الوجه البحرى بشكل جيد، وبالتالى سترتفع إيرادات الهيئة خلال الفترة القادمة، خاصة أن هناك أسعارًا جديدة للقطارات المكيفة، موضحًا أن الرئيس السيسى أيضًا مهتم بقطاع نقل البضائع بالسكة الحديد، ولابد أيضًا من الاهتمام بهذا القطاع لما له من دخل كبير، بالإضافة إلى تنشيط الإعلانات، خاصة أنها تدر عائدات كبيرة على الهيئة. وقال سامى إن الحديث يجرى عن دخول القطاع الخاص فى القطارات الجديدة، وليس فى القطارات الحالية المختصة بمحدودى الدخل. الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادى، أكد ل«الصباح»، أن الحكومة تريد أن تقوم بتحويل هيئة السكة الحديد إلى هيئة اقتصادية، عبر تحويلها إلى شركة قابضة، «وهذا شىء جيد، حيث إنها ستقنن جميع أصول السكة الحديد المتواجدة حاليًا، وهذا ما سيجعل رأس مال الشركة القابضة الحالية مليارات الجنيهات، بالإضافة إلى أن الشركات التابعة لها سيكون لديها شركات خاصة بالصيانة، وجزء للتركيب مثل شركة سيماف، وجزء للبيع، ستكون مجموعة شركات، ولكن بالنسبة لتشغيل هذه الشركات اقتصادية، فهذا يعنى أن قطع الغيار والموظفين المتواجدين سيتم تدريبهم، وبالتالى لن يحققوا خسائر، لسبب واحد وهو أن أغنى هيئة فى مصر هى هيئة السكة الحديد، لأن الهيئة تمتلك 100 مليون متر مربع على مستوى الجمهورية، إذا قامت بتأجير هذه الأراضى فى السنة الواحدة للمتر بألف جنيه، وهذا قليل جدًا، ستوفر 100 مليار جنيه تكون تحت تصرف السكة الحديد». وحذر من تطبيق الإدارة القديمة على الهيئة بشكلها الجديد، لأن ذلك سيعنى تكبيدها خسائر أكبر من السابق، مطالبا بتشديد الرقابة على المسئولين، وحاسبتهم على كافة الأمور، وعدم زيادة أسعار التذاكر، ومراعاة الفئات المحدودة، وضرورة وجود اقتصاديين وإداريين محترفين يتولون إدارة هذه الشركة القابضة. من جانبه، أكد أحمد إبراهيم، المتحدث الرسمى باسم وزارة النقل، ل«الصباح»، أنه لا يوجد حتى الآن مشروع رسمى بهذا المقترح، لافتًا إلى أن هناك خططًا كثيرة يدرسها الدكتور سعد الجيوشى، وزير النقل، حاليًا لتحسين مستوى الخدمة بالنقل البحرى والموانئ، والعمل على تحسين أسطول القطارات بالسكة الحديد.