*يتجمعون فى إحدى عمارات شارع هدى شعراوى بوسط القاهرة *ويسعون لاعتراف الدولة بهم وجدائل الشعر مرتبطة بالحركة والديان جدائل الشعر، وألوان الملابس والطاقية ذات الأحمر والأصفر والأخضر والأسود، يعرفون بعضهم، وتعد هذه الأشياء هى القاسم المشترك بين كل من يؤمن بالراستفارية، «الراستا» والتى انتشرت فى مصر بين الشباب مع بداية التسعينيات. وبعد 25 يناير تمهدت الأرض لظهور أكبر لهم، فتجمعوا فى عمارة بهدى شعراوى، وبدأوا دعوتهم الجديدة، والتى تسعى حسب من التقتهم «الصباح» إلى الخير والدفاع عن خيرات إفريقيا وتحرير السود ونشر العدل، والتسامح. ورغم تباعد المسافات بين رؤساء مصر السابقين وتحديدًا من بعد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وبداية من عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، مع حكام إفريقيا وشعوبها وفتور العلاقات بينهم فى عهدى الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك والمعزول محمد مرسى والتى وصلت لذروتها فى قضية سد النهضة. انتشر تيار الراستا فى مصر وبسرعة كبيرة فى أوساط الشباب، ولاقى هذا التيار استجابة من قبل العديد من الشباب المصرى، الذين تأثروا بأفكار رسول الراستا كما يطلق عليه البعض بوب مارلى.
الراستا فى مصر انتشر تيار الراستا فى مصر مع بداية التسعينيات، خاصة بين النوبيين، وتكونت بعد ثورة يناير باندات تعزف موسيقى الريغا المعبرة عن أهداف وأفكار حركة الراستا، وبعد الثورة بات منزل فى عمارة بهدى شعراوى فى وسط البلد يدعى «جى» ملتقى المؤمنين بالديانة الجديدة، حتى قامت الدولة بإغلاقه. المثير أن بعض الشباب المؤمنين بالراستا سعوا إلى تقنين ديانتهم والحصول على اعتراف من الدولة بها، ولكن سرعان ما تراجعوا عن الفكرة واكتفوا بأن تكون الراستا تيارًا فكريًا وموسيقى يحبون الاستماع لها وتجمع المؤمنين بها فى حفلاتها بساقية الصاوى.
باند افرنوبيا باند افرونوبيا، هو فريق من الشباب،، تأسس عام 2014 يعرفون أنفسهم بقولهم: «نحن فريق من الشباب يجمعنا حب موسيقى الجنوب الممتد من أسوان وبلاد النوبة إلى داخل القارة الإفريقية وممزوج بموسيقى الكاريبى الملخصة فى موسيقى الريجى».
المؤمنون فى مصر مينا ميشال، أحد المؤمنين بأفكار الراستا قال ل«الصباح»: «أنا مؤمن بأفكار ومبادئ الديانة الراستافارية ولكن لا أستطيع أن أقول عن نفسى راستافارى لأن ذلك يستدعى الذهاب إلى إثيوبيا». وأضاف مينا: «أن اعتناقى للراستا جاء بعد سماع أغانٍ للمطرب بوب مارلى منها تراك «one love» وتراك: «no woman no cry» وتراك «buffalo soldier» وكلها تراكات تتحدث عن الحب والسلام وعن ضرورة إنهاء الظلم والاستعباد الذى تعانى منه إفريقيا والإنسان الأسود بشكل عام، وهو ما دافعنى إلى التعمق أكثر فى الراستا ومحاولة جمع المعلومات عن تلك الحركة الاجتماعية التى تهدف إلى نشر الحب والسلام والعدل والحرية بين شعوب العالم». وأكد مينا: «أن أعداد الشباب المنتمين للراستا والمعتنقين لأفكارها كبيرة فى مصر من البيض والسود على حد السواء لأن الراستا تحارب العنصرية، وتدعو لنشر الحب والسلام والعدالة بين شعوب إفريقيا والعالم بشكل عام». وأضاف مينا: «شباب الراستا داخل مصر عبارة عن تيار فكرى وليسوا منظمين فى كيان أو حركة ويكتفون بحضور احتفالات موسيقى الريغا لباندات «مشوار» وغيرهم ممن يعزفون موسيقى الريغا فى مصر». وقال كريبسو ديالو، شاب نوبى، مدون لتاريخ إفريقيا: «أن حركة الراستفارية للأسف لا يفهم أهدافها ومبادئها العديد من الشباب المصرى الذى يستمع لأغانى بوب مارلى ويختزل الأمر فى كونه مطربًا يتعاطى المخدرات ومش بيستحمى على حد تعبيرهم،» مؤكدًا أن بوب مارلى كان مناضلًا بكلماته وبأغانيه التى تدعو إلى الحب والسلام والعدالة والحرية وهى مبادئ الراستفارية». وأضاف كريبسو: «لا يوجد للراستا تنظيم أو حركة فى مصر وإنما هو تيار فكرى ونوع موسيقى وأغانٍ له العديد من المعجبين ليس فى مصر فحسب وإنما فى العالم أجمع، ومن أشهر مغنى الراستا فى العالم بوب مارلى وبيتر توش وغيرهم، كما أن هناك مدينة فى إثيوبيا أسسها المنتمون للراستا تدعى shashamane».
نشأت الراستفارية وأضاف كريبسو: «نشأت الحركة الراستفارية، فى جامايكا، بين الطبقات العاملة والمزارعين السود فى أوائل الثلاثينيات من القرن الماضى عام 1930، بهدف تحرير الإنسان الأسود من الاستعباد والاستغلال الذى عانى منه فى أمريكا وفى بعض بلدان أوروبا، كما هدفت الحركة إلى تحرير ثروات القارة السمراء «إفريقيا» من سيطرة قوى الاستعمار، ووفق المعتقد الراستفارى أن ذلك سيتم بعد عودة السود إلى أرض الميعاد وهى إثيوبيا، والتى ستمثل نقطة تجمع للسود تحت قيادة الملك هيلاسيلاسى إمبراطور إثيوبيا».
جدائل الشعر وأوضح كريبسو:» ترتبط جدائل الشعر ارتباطًا وثيقًا بالحركة والديانة الراستفارية وأتباعها، وسبب تلك الجدائل هو الارتباط بالجذور الإفريقية ويقال إن تلك الجدائل أتت فكرتها من كينيا فى الأربعينيات عندما جاءت صور صراع التحرر والثوار المختبئين فى الجبال، والتى نشرت فى صحف جامايكا، والسبب الآخر هو إبراز الفرق بين الشعر الإفريقى المجعد والشعر الأبيض الناعم».
ألوان أعلام الراستا وأضاف كريبسو: «ألوان الراستا هى الأسود والأحمر والذهبى والأخضر، كل لون من الألوان له معناه الخاص ودلالته، الألوان الأحمر والأخضر والذهبى هى ألوان العلم الإثيوبى، والأسود يمثل إفريقيا لأنها الوطن الأم بالنسبة لهم، الأحمر هو لون الدم والشهداء، الذهبى إلى لون الثروة الأفريقية، والأخضر هو لون الأرض والطبيعة».
موسيقى الريغا موسيقة الراستا وقال كريبسو: «يميز الريغيه الإيقاع الثقيل. هذا الإيقاع يتميز عن جميع الأنواع الموسيقية ومن بينها الإفريقية، وتعد هى الموسيقى المعبرة عن الديانة الراستافارية، حيث يعتنق العديد من مغنى الريغية هذه الديانة، ولهذا يعكس الكثير منهم المعتقدات والتقاليد على كلمات الأغانى. الآلات المستخدمة غالبًا فى هذا النوع هى القيثارات، والطبول، والأرغنات».
الماريوانا وقال محمد إبراهيم معتقد بأفكار الراستا: «فى العادات الراستافارية، تستعمل الماريوانا كجزء من الطقوس الدينية، بسبب الاعتقاد بأنّ لها تأثيرات تقرب الشخص من الله، ويعد أكل اللحوم من المحرمات، فالراستافارى لا يأكل أى كائن حى ويعتمد على النباتات فى غذائه». من جانبه قال أكرم موسى أحد المؤمنين بأفكار الراستا، «نأمل أن تتوحد جميع شعوب العالم وليس مصر وإثيوبيا فقط ونأمل أن يعم السلام بين شعوب العالم بأكملها ونتمنى أن تحل أزمة سد النهضة الإثيوبى بشكل ودى يحقق مصالح مصر وإثيوبيا معًا».
بوب مارلى رمز الراستا وبحسب المؤمنين بالراستا فإن رمزهم ورسولهم هو روبرت نيستا مارلى (بوب)، والذى ولد فى 6 فبراير 1945 فى قرية سانت آن شمال جامايكا. ولم يكن لموسيقى الريغى، التى نشأت فى جامايكا فى ستينيات القرن العشرين، أن تنتشر وتكتسب أهمية عالمية لولا جهود أيقونتها بوب مارلى، وكلمة ريغى تعود إلى أصل إسبانى قديم وتعنى «ملوك الموسيقى». ويكمن سر نجاح بوب مارلى الساحق فى بساطة كلماته وأهمية الرسالة التى تنشرها: التمرد على الظلم، العدالة، الحرية، السلام، محاربة الفقر، والحب بكل أنواعه. ولم يكن ذلك كلامًا مجانيًا رخيصًا يقال فى أغنياته فقط، بل عملًا متحققًا أيضًا على أرض الواقع.
بوب مارلى ينهى حربًا أهلية فى جامايكا وينتشر بينهم أن بوب مارلى ترجم رسالته التى تناولها فى أغانيه فى عمل واقعى ليعد واحدًا من بنات سلام قد تحقق بالفعل، فخلال فترة السبعينيات من القرن العشرين مرت جامايكا بفترة توتر شديد بين حزب العمال الجامايكى والحزب القومى الشعبى، نتيجة لهذا التوتر والتأزم لجأ كلا الحزبين لتجنيد عصابات محلية مسلحة تسببت فى اندلاع حرب أهلية بجامايكا راح ضحيتها الآلاف من البشر، وقرر بوب مارلى عام 1976 بحسن نية أن يقيم حفلة خيرية بمساندة من الحكومة الجامايكية لإنهاء الصراع والحرب الأهلية، وهو ما اعتبرته قوى المعارضة تأييدًا من بوب مارلى للحزب القومى الشعبى الحاكم آنذاك، وقاموا بمحاولة لاغتياله، وأصيب خلالها بجرح فى صدره وذراعه، ولكنه خرج منها سالمًا، بعد هذه الحادثة بيومين أصر بوب مارلى على إتمام الحفل. وفى إبريل من عام 1978 عاد بوب مارلى إلى جامايكا للمشاركة فى حفل خيرى كبير دعاه إليه بعض أعضاء العصابات المتحاربة ممن آمنوا بضرورة تحقيق السلام، واتفق رأيهم بأن واحدة من أهم أدوات تحقيق ذلك السلام بين الجامايكيين هو اللجوء للفن، وبالطبع فإن أحد أهم المؤثرين بالثقافة الجامايكية ككل كان بوب مارلى.
حضر الحفل جمهور غفير تجاوز عددهم ال30 ألف شخص. أثناء أداء بوب مارلى لأغنية «جامِن» ألقى كلمة دعا فيها الناس لأخذ زمام المبادرة من أجل السلام ودعا كل رؤساء العصابات لصعود المسرح ومصافحة بعضهم البعض، وتم ذلك وسط هتاف وتشجيع حميم من الجمهور المتفاعل.