انضمام الفتيات إلى صفوف مقاتلى «داعش» عبر الإنترنت يتطلب أن يكون معهن «محرم» مسئول التنظيم ل «الصباح»: المصريون فى صفوف المجاهدين هم أعلى «كفاءة وقدرة» فى القتال التنظيم طلب منا السفر إلى العراق أو الشام حتى يدخل مصر مع «الفتح الإسلامى الجديد»! تعاملت معظم وسائل الإعلام المصرية والعربية والأجنبية مع قضية «إسلام يكن»، الشاب المصرى الذى انضم إلى تنظيم «داعش» فى سوريا، وصار «قاطع رءوس» على أنها حدث كبير، رغم أن هناك المئات غيره من المصريين ضمن صفوف التنظيم، وهو ما دفع محرر «الصباح» للقيام بمغامرة استغرقت أكثر من شهر للانضمام إلى هذا التنظيم الإرهابى. البداية، كانت عن طريق حساب على موقع «فيس بوك» باسم فتاة، نظرًا لسهولة التعامل مع عناصر التنظيم من قبل الأنثى أكثر من الذكر، وقبل التواصل مع الصفحة الرسمية لتنظيم «الدولة الإسلامية فى العراق والشام» (داعش)، كان لابد أن يكون لدينا بعض الأصدقاء الذين ينتمون لهذا التنظيم بالفعل، حتى تكون هناك سهولة فى الأمر، كذلك قمنا بمشاركة بعض الفيديوهات الخاصة بعناصر التنظيم، وكتابة عبارات مناصرة لهم، مثل «كلنا مع دولة الخلافة»، و «حان الوقت لإقامة دولة الخلافة»، و«أبو بكر البغدادى أمير المؤمنين»، وغيرها من الشعارات التى يطلقها أنصار التنظيم على الموقع الاجتماعى. وبعد كل هذا النشاط الذى استغرق نحو أسبوع قمنا بعقد صداقات مع بعض الأشخاص الذين يضعون صور «الجهاديين»، ويلقبون أنفسهم بأسماء عناصر التنظيم، بعد ذلك وصلنا أخيرًا للصفحة الرسمية لداعش، والتى يعمل عليها عناصر «مخابرات التنظيم». وفى البداية كان علينا التحدث بنفس اللهجة، وهى البدء بالسلام، واستخدام ألفاظ مثل «أخى الكريم» و «نصركم الله» و «ثبت الله خطاكم وسدد رميكم». وبعدها وصلتنا رسالة من الصفحة الرسمية للتنظيم برد التحية والترحيب بنا فى «الدولة الإسلامية». بعدها شكونا لمسئول الصفحة على «الشات» من سوء معاملة المتدينين فى مصر الآن، بعد الانقلاب على حكم الإخوان، كما شكونا له من الوضع «الظالم» الراهن، ومن التضييق على الإسلاميين هنا، فكان رده «صبرًا» فقد اقترب الوعد، وأخذ يحدثنا عن أهداف «الدولة الإسلامية» وعن ما يسعى إليه، وهو «إقامة حدود الله وشعائره»، وأن «هذا الأمر لا يمكن إلا من خلال إقامة دولة الخلافة، والقضاء على الحكومات الفاسدة التى تساند اليهود ضد دين الله»، حسب قوله. وعند هذه النقطة أبدينا رغبتنا فى الانضمام إلى التنظيم فردت صفحة «الدولة الإسلامية» بأن الأمر سيعرض على مختصى «الانتساب» وهم الذين يقومون بتسجيل وضم الأعضاء الجدد للتنظيم بعد التأكد من كامل بياناتهم، وكالعادة ختم الحديث ب«أترككم فى رعاية الله وحفظه»، وكان الرد منا أن «حفظكم الله». وبعد أربعة أيام، عاود مسئول الصفحة الحديث معنا مرة أخرى، وأخبرنا أنه يمكننا الانضمام إلى التنظيم، ولكن علينا أن يكون معنا «محرم»، وهنا أخبرناه أن أخى يرحب جدًا بالانضمام إلى «الدولة الإسلامية»، وأنه هو من دلنا على اتباع نهج التنظيم بعيدًا عن دولة «الفجور» التى نعيش فيها! وقتها شعرنا بأنه رحب بالأمر بشكل كبير، وقال: «إذن لابد أن تأتوا إلى أرض الدولة الإسلامية هنا فى العراق والشام، من أجل الانضمام إلى صفوفها»، ثم دار الحديث بعد ذلك حول إمكانية الوصول إلى بلاد الشام، وهل من الممكن أن يساعدنا أحد فى مصر لتحقيق هذا الهدف، فحاول ألا يتطرق الحديث إلى الانضمام إلى العناصر الموجودة فى مصر، مشددًا على أن الحضور إلى بلاد الشام سيكون أفضل بكثير» حتى يدخل التنظيم مصر بعد ذلك مع الفتح الإسلامى الجديد»! وخلال الحوار الذى دار بيننا على مدار عدة أيام، أكد أنه سيكون علينا إرسال صور جوازات السفر قبل أن نأتى العراق بأربعة أيام على الأقل، وذلك من أجل ترتيب كل الأمور المتعلقة باستقبالنا فى تركيا، فكان الرد تلقائيا إننا مستعدون لإرسال صور الجوازات فى أى وقت يريده التنظيم. ولم يكن الأمر بهذه السهولة، بل هناك ما يشير إلى حذر عناصر التنظيم فى التعامل مع الغرباء، من أجل التأكد ممن يتحدثون معه، حيث تحدثت معى إحدى السيدات وتدعى «أم المؤمنين» عن الشأن المصرى، وقالت إنها تريد أن تترك بلاد الشام وتأتى إلى مصر، نظرًا لما يحدث هناك من «تنكيل» بالإسلاميين، وما يقوم به عناصر تنظيم الدولة من «جرائم» حسب وصفها ضد المدنيين، فما كان منا إلا أنا أكدنا أننا نريد الذهاب ل «الدولة الإسلامية»، وقلنا لها: «إذا كنت تريدين أن تأتى إلى مصر فنحن آتون إلى بلاد الإسلام». وأصبح تعامله معنا بعد هذا الحوار معنا أكثر ثقة، وزادت نبرة الترغيب فيه، كما زاد فى شرح «نعيم» الانضمام إلى صفوف الجهاديين، وأن «الجنة فى انتظار كل الشباب الذى يريد أن يعلى راية الإسلام». وتركيا هى المحطة الأساسية، والتى من خلالها يتم إلحاق الشباب بشكل عام، سواء المصرى أو العربي أو الأوروبى، بسبب النقاط الحدودية المشتركة مع سوريا، إذ تربطهما قرية تسمى «وتشه» التركية، وهى القرية التى تقع مقابل قرية «خربة الجوز» السورية، والتى سافر عن طريقها عدد كبير من الشباب المصرى فى الفترة التى حكم فيها الإخوان. ودار الحديث بعد ذلك حول إمكانية إقناع عدد كبير من الشباب بالسفر للانضمام إلى صفوف «المجاهدين»، وهناك- كما قال- سيجدون الزوجة والمال والمسكن، وسيصبحون جنودًا فى جيش «البغدادى»، الذى سيفتح كل البلاد العربية والغربية، حسب زعمه. وركز مسئول الصفحة حديثه على الفوائد التى سيجنيها المنضمون إلى صفوف التنظيم، وبجانب الحديث عن الدين ونصرة شرع الله صار يلمح إلى الزواج من بنات المؤمنين وشباب المؤمنين. ولكن خلال الحديث كنا دائمًا نقول له، إننا لا نريد إلا الجهاد فى سبيل الله، ومستعدون لتقديم أرواحنا نصرة لدينه، ومن أجل إقامة الدولة الإسلامية أيضًا. وتطرق حديثه إلى أن «المصريين فى صفوف المجاهدين هم أعلى كفاءة وقدرة فى الأعمال القتالية»، وعندها خشينا السؤال عن التفاصيل، فيشك فى الأمر، واكتفينا بالقول «نتمنى أن نصبح بجواركم فى الصفوف الأولى للمجاهدين». وحاولنا خلال الأيام التالية نشر أكبر عدد من منشورات التنظيم، وصور المجاهدين والتعليق على منشوراته ومشاركتها، فاطمأن لنا مسئول الصفحة أكثر، وبعدها فوجئنا برسالة منه تقول لنا: إن أبو حمزة الأنصارى، هو الذى سيتولى استقبالنا فى تركيا، وهو المسئول عن تسهيل وتأمين عملية دخول الوافدين من البلاد المختلفة، ويقوم باستقبالهم وتسليمهم لبعض العناصر على الجانب السورى. وإن هى إلا عدة أيام حتى فوجئنا برسالة من أبو حمزة الأنصارى، يرحب فيها بنا أيضًا ويتحدث معنا بشأن رغبتنا فى الانضمام إلى صفوف «الدولة الإسلامية». وخلال الحديث معه، حاولنا سؤاله عما إن كان بإمكاننا إقامة فرع للتنظيم هنا فى مصر، لكنه أجاب أن «الوقت غير مناسب الآن، وقد يمكننا العودة مع المجاهدين عندما تفتح مصر على أيدى المؤمنين»، متوعدًا بالانتقام من الشرطة والجيش والشعب الذى ساند النظام الحالى. وأخبرنا «الأنصارى» بالشروط اللازمة حتى نصبح ضمن صفوف «الدولة الإسلامية»، وهى أن نهب أنفسنا للدولة الإسلامية، وأن نطيع كل أوامر القادة أيا كانت، كما يجب عدم الإفصاح عن أى شىء يخص التنظيم، حتى بعد وصولنا إلى بلاد الشام، لا عن طريق صور أو حديث، إلا بأوامر من «القادة» فى الدولة، كما يجب أن نرسل سيرة ذاتية عنا وأسماء أقاربنا والمكان الذى نقيم فيه تحديدًا فى مصر. وأخبرنا الرجل بأنه وفور وصولنا إلى «الدولة» يجب أن نسلم جوازات السفر الخاصة بنا و «باسوورد» الحسابات الشخصية، مع عدم إنشاء أى حسابات إلا تحت إشراف التنظيم، نظرًا لخصوصية الأمر بالمصريين، وبعد ذلك أخبرنا بوجوب إخباره بموعد السفر إلى تركيا، وإن كانت هناك عقبة فيمكن تذليلها من خلال السفارة التركية، وأنه لابد من أن نخبره بموعد السفر، بحيث يرتب لنا الدخول إلى سوريا مع بعض الموجودين والذين يدخلون إلى سوريا، ثم يلتحقون بمعسكرات الدولة الإسلامية، وأنه سيكون هناك بعض العناصر التى ستنتظرنا بالمطار فى تركيا، ثم تصحبنا إلى الحدود السورية مباشرة. وعندما ذكرنا له أننا نواجه بعض الصعوبات فى الخروج من مصر طلب منا الانتظار بعض الوقت، ليبحث عملية مساعدتنا من خلال بعض الشخصيات الجهادية أو بعض العناصر فى السفارة التركية، ولكنه رفض ذكر الأسماء. وأكد أنه سيخبرنا بالموعد المحدد، الذى يمكن فيه الذهاب إلى السفارة إن كان هناك سبيل لذلك أو سفرنا مباشرة إلى تركيا على مسئوليتنا.
وطلب منا بعد يومين أن نرسل له صور الجوازات من أجل تسهيل عملية السفر، وإعطاء تلك الصور لمن سينتظرنا فى مطار تركيا، فأخبرناه أننا سنقوم بإرسال صور الجوازات التى طلبها، وعندها قال «الله وأكبر الله وأكبر.. أبشرى يا أختاه»!.