سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 29-9-2024 مع بداية التعاملات الصباحية    تصعيد مكثف.. تجدد الغارات الإسرائيلية على مدينة صور اللبنانية    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 29-9-2024    مصرع شخص صدمته سيارة نقل في سوهاج    "أسفة بعتك بأرخص تمن".. شيرين عبد الوهاب تعتذر لشقيقها    وزير الخارجية يوجه بسرعة إنهاء الإجراءات لاسترداد القطع الآثرية من الخارج    انفجارات عنيفة تهز مدينة ديرالزور شرق سوريا    الجيش الأردني: سقوط صاروخ من نوع غراد في منطقة مفتوحة    «الأهلاوية قاعدين مستنينك دلوقتي».. عمرو أديب يوجه رسالة ل ناصر منسي (فيديو)    شريف عبد الفضيل: «الغرور والاستهتار» وراء خسارة الأهلي السوبر الإفريقي    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    أصالة ل ريهام عبدالغور: انتي وفيّه بزمن فيه الوفا وين نلاقيه.. ما القصة؟    ضبط 1100 كرتونة تمر منتهية الصلاحية في حملة تموينية بالبحيرة    الفيفا يعلن عن المدن التي ستستضيف نهائيات كأس العالم للأندية    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    رئيس موازنة النواب: نسب الفقر لم تنخفض رغم ضخ المليارات!    عاجل| «هاشم صفي الدين» بين الولاء لإيران وتحديات الداخل هل يكون خليفة نصر الله المنتظر؟    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    بعد اغتيال نصر الله.. كيف تكون تحركات يحيى السنوار في غزة؟    أحدث ظهور ل يوسف الشريف في مباراة الأهلي والزمالك (صورة)    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    نتنياهو: لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لن تصل إليه ذراع إسرائيل    سحر مؤمن زكريا يصل إلي النائب العام.. القصة الكاملة من «تُرب البساتين» للأزهر    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    "حط التليفون بالحمام".. ضبط عامل في إحدى الكافيهات بطنطا لتصويره السيدات    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    الأوراق المطلوبة لتغيير محل الإقامة في بطاقة الرقم القومي.. احذر 5 غرامات في التأخير    القوى العاملة بالنواب: يوجد 700 حكم يخص ملف قانون الإيجار القديم    حدث في منتصف الليل| السيسي يؤكد دعم مصر الكامل للبنان.. والإسكان تبدأ حجز هذه الشقق ب 6 أكتوبر    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    يوسف الشريف يبدأ تصوير فيلم ديربى الموت من داخل مباراة كأس السوبر.. صورة    نشرة التوك شو| أصداء اغتيال حسن نصر الله.. وعودة العمل بقانون أحكام البناء لعام 2008    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    في عطلة الصاغة.. تعرف على أسعار الذهب الآن وعيار 21 اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    قفزة كبيرة في سعر طن الحديد الاستثمارى وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري    تعرف على سعر السمك والكابوريا بالأسواق اليوم الأحد 29 سبتمبر 2027    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. «الحمل»: لديك استعداد لسماع الرأى الآخر.. و«الدلو»: لا تركز في سلبيات الأمور المالية    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    كيف تصلي المرأة في الأماكن العامَّة؟.. 6 ضوابط شرعية يجب أن تعرفها    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد القافلة الطبية الأولى لقرية النصر    دعاء لأهل لبنان.. «اللهم إنا نستودعك رجالها ونساءها وشبابها»    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفضح لكم العلاقات التاريخية بين تل أبيب وأديس أبابا: أسرار ذبح إمبراطور إثيوبيا ودفن جثته فى حمام قصره
نشر في الصباح يوم 31 - 05 - 2014

سيلاسى تعاون مع الموساد بعد أن أجبره عبد الناصر على وقف سد إثيوبيا الأول.. وجيش الدفاع الإسرائيلى أنقذه من محاولة انقلاب فاشلة
السادات قال للصحفيين الأجانب: لن ننتظر حتى تقتلنا إثيوبيا من العطش.. بل سنذهب لنقاتل ونموت هناك على أرضهم
المخابرات السوفيتية دبرت لانتفاضة «ليلة السبت الأحمر» التى أطاحت بالإمبراطور الإثيوبى ورئيس حكومته و60 مسئولًا كبيرًا.. بعدها تم استجواب وتعذيب سيلاسى لمدة عام كامل
الإمبراطور الإثيوبى المهيب تم ذبحه بسكين تعود للقوات الخاصة.. ودفنت جثته فى حمام القصر الإمبراطورى عام 1975
فى حالة الانتهاء من سد النهضة فإن الخرطوم ستضطر للوقوف بجانب أديس أبابا ضد القاهرة.. لأن استهداف السد سيؤدى إلى غرق حدود السودان فى فيضان غير مسبوق
ميزان التبادل التجارى الإسرائيلى - الإثيوبى فى ديسمبر عام 1952 كان الأعلى بالمقارنة حتى مع تجارة تل أبيب مع الولايات المتحدة
إثيوبيا هى أكبر دولة أجنبية حصلت على معونات ومساعدات عسكرية وتقنية ولوجستية إسرائيلية على مستوى العالم
سد النهضة سيتكلف خمسة مليارات دولار أمريكى هى إجمالى الناتج المحلى لدولة إثيوبيا فى عام كامل
بعد 7 أعوام من بناء السد ستمتلئ البحيرة الصناعية التابعة له.. ووقتها ستخسر مصر 25% من حصتها الرسمية فى مياه النيل
السد تم بناؤه فى آخر نقطة حدودية لإثيوبيا مع السودان حتى لا يشكل انهياره أدنى خطر على أديس أبابا.. بل إنه سيغرق السودان ثم مصر
تستمر معلومات تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA فى كشف أدق أسرار العلاقات المصرية - الإثيوبية، وتتوالى التحذيرات من تداعيات تدهور ملف «سد النهضة» المسمى اختصارًا GERD والملقب أحيانًا باسم «سد الألفية» أو سد «ميجا دام» وإمكانية تحول الأمر لمواجهة عسكرية شاملة بين القاهرة وأديس أبابا.
ويسترسل التقرير فى معلوماته الصادمة مؤكدًا أنه فى حالة الانتهاء من سد النهضة فإن السودان ستضطر للوقوف بجانب إثيوبيا ضد مصر، لأن استهداف السد سيؤدى إلى غرق السودان فى فيضان غير مسبوق، وذلك لبعده عن حدودها 20 كيلو مترًا فقط.
وطبقًا للمعلومات سيغرق سد النهضة 1680 كيلو مترًا مربعًا من أراضى الغابات شمال شرق إثيوبيا بالقرب من الحدود السودانية، الأمر الذى سيتسبب فى كارثة بيئية واختلال الحياة الطبيعية للحيوانات القاطنة فى تلك المنطقة.
تكاليف سد النهضة خمسة مليارات دولار أمريكى هى إجمالى الناتج المحلى لدولة إثيوبيا فى عام كامل مع العلم أنها ثانى دولة بالعالم بعد أفغانستان تعيش على المعونات الأجنبية.
اللافت طبقًا للمعلومات أن السعة التخزينية لبحيرة سد النهضة الاصطناعية طبقًا لرسومات المشروع تبلغ 67 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل مما يعنى أنها صممت لتكون ضعف حجم بحيرة «تانا» أكبر البحيرات الإثيوبية الطبيعية.
البحيرة ستستغرق سبعة أعوام كاملة حتى الامتلاء التام، وطبقًا للتحذيرات سيفاجأ العالم أثناء تلك الفترة بمخاطر بناء سد النهضة حيث ستخسر مصر ضمن حزمة المخاطر الأولية المباشرة والدائمة 25% من حصتها الرسمية فى مياه نهر النيل.
المثير طبقًا لمعلومات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA أن التصميم الهندسى لسد النهضة غير مسبوق من الناحية الاستراتيجية، قصد من ورائه أن يشكل السد تهديدًا مائيًا طبيعيًا من أعلى نقطة إلى الأسفل ضد دولتى المصب السودان ومصر. وأن يشيد فى آخر نقطة حدودية لإثيوبيا مع السودان حتى لا يشكل انهياره بسبب العوامل المناخية أو استهدافه مستقبلًا أدنى خطر على إثيوبيا لأنه سيغرق السودان ثم مصر مباشرة، الأمر الذى سيجبر القاهرة والخرطوم على الالتزام بحمايته بدلًا من التفكير فى استهدافه.
عودة إلى ديباجة تقرير CIA فى سرد خفايا العلاقات المصرية - الإثيوبية فى ملف السدود حيث أجبر خطاب البكباشى «جمال عبد الناصر» إمبراطور إثيوبيا «هيلا سيلاسى الأول» على تعديل تصميمات سد «تيس أباى» الهندسية على مجرى نهر النيل عام 1953
وكرد فعل على التهديد المصرى الصريح، وشعور الإمبراطور سيلاسى بالقلق الشديد قرر استهداف نظام الضباط الأحرار، وقام بأول اتصال سرى للغاية له مع مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة الموساد الثابت تأسيسها بتاريخ 13 ديسمبر 1949.
البكباشى جمال عبد الناصر تابع عن كثب ملف الاتصالات الإثيوبية - الإسرائيلية السرية حتى توليه حكم مصر رسميًا بتاريخ 23 يونيو 1956.
وطبقًا للمعلومات الواردة بتقرير CIA عن أسرار «سد النهضة» احتك الإمبراطور الإثيوبى لثانى مرة مع الرئيس جمال عبد الناصر خلال حضوره مؤتمر تأسيس حركة عدم الانحياز فى العاصمة اليوغسلافية بلجراد فى الفترة من 1 إلى 6 سبتمبر 1961.
فى الخلفية نجا هيلا سيلاسى فى 13 ديسمبر 1960 أثناء وجوده فى زيارة رسمية لدولة البرازيل من محاولة فاشلة هدفت لقلب نظام حكمه والاستيلاء على عرشه قادها متمردون اشتراكيون بعضهم عسكريون فى أديس أبابا بدعم من الاتحاد السوفيتى.
وكما ورد تصدت فرقة مكونة من عناصر النخبة الخاصة التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلى للانقلاب الفاشل داخل القصر الإمبراطورى حيث أوكلهم سيلاسى بمهمة الحراسة الخاصة للإمبراطور طيلة فترة حكمه مع تزويدهم بجنسيات إثيوبية.
وبموجب اتفاقية سرية للغاية وقعها سيلاسى مع مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة الموساد فى الأول من يناير 1960 قضت بتدريب الجهاز الإسرائيلى عناصر حراسته الإثيوبية وإسناد قيادة طاقم الحرس الإمبراطورى لفرقة إسرائيلية خاصة أنقذت عرشه ثلاث مرات متتالية من محاولات فاشلة للانقلاب عليه.
فى هذه الأجواء أقنع الموساد هيلا سيلاسى أن الرئيس جمال عبد الناصر خطط لعملية التخلص منه، وأن إسرائيل كشفت المخطط وحمت عرشه فانتظر سيلاسى أقرب فرصة لمواجهة الرئيس المصرى الشهير بحدة ردود أفعاله.
فى قاعة الاجتماعات التحضيرية فى بلجراد حاول هيلا سيلاسى أثناء حوار جانبى اتهام الرئيس جمال عبد الناصر بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة ضده، لكن ناصر تجاهله، وعندما حاول الإمبراطور الاستمرار فى الحديث احتد عليه عبد الناصر واتهمه علانية بالعمالة لحساب دولة إسرائيل وأجهزة استخباراتها وهدده أن مصير العملاء محتوم.
وطبقًا للمسجل بالتقرير الأمريكى اقترب سيلاسى من الرئيس عبد الناصر أكثر من اللازم أثناء الحديث فما كان من طاقم حراسة سيلاسى الإسرائيلى أن تقدم مما دفع طاقم حراسات الاستخبارات المصرية للتدخل.
ودارت مواجهة قصيرة بين طاقم الحراسة المصرى وثلاثة حراس من النخبة الإسرائيلية، وجرد الحرس المصرى حرس سيلاسى الإسرائيلى من أسلحتهم، واستمرت المناوشة حتى قذف حرس الرئيس المصرى بطاقم الحراسة الإسرائيلى خارج قاعة الاجتماعات اليوغسلافية وسط ذهول الوفود الحاضرة.
سادت القاعة الرئيسية حالة من التوتر والاحتقان خاصة وسط الوفود العربية، وخاف هيلا سيلاسى من تطور الحوار مع الزعيم جمال عبد الناصر فاضطر للانسحاب من أمام ناصر وسط سخرية الحضور، وذهب لمتابعة جلسات المؤتمر الأول لدول عدم الانحياز.
بعدها نجح «جوزيف بروز تيتو» صديق ناصر المقرب ومضيف المؤتمر بصفته الرئيس اليوغسلافى فى تهدئة الأجواء الملتهبة بين مصر وإثيوبيا حتى انتهى المؤتمر فى 6 سبتمبر 1961 بسلام.
استمرت حالة العداء العلنى بين ناصر والإمبراطور سيلاسى بسبب علاقاته السرية مع إسرائيل، والثابت رسميًا أن إثيوبيا بدأت علاقاتها التجارية مع تل أبيب فى مستهل عام 1952.
وطبقًا لأرقام وزارة التجارة الإسرائيلية الرسمية سجل ميزان التبادل التجارى الإسرائيلى - الإثيوبى فى ديسمبر عام 1952 أعلى المعدلات بالمقارنة مع ميزان تجارة تل أبيب حتى مع الولايات المتحدة الأمريكية.
فى سياق متصل استغل جهاز الموساد الإسرائيلى الفرصة، وافتتح فى 1 يناير 1950 أول محطة إقليمية له عملت سرًا فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا تحت واجهة المكتب التجارى الإسرائيلى، الذى وفر البرامج لتدريب العمالة الإثيوبية على الوسائل الحديثة للزراعة والطب. وعن طريقه وقعت تل أبيب مع أديس أبابا أول اتفاقية ثنائية لتبادل الخبرات العسكرية، وقبول المعلمين والطلبة والعسكريين الإثيوبيين للدراسة فى الجامعات والمعاهد الإسرائيلية.
كما نجح مكتب مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة الموساد فى أديس أبابا الذى توسع عام 1958 فى توقيع اتفاقية سرية للغاية مع الإمبراطور هيلا سيلاسى الأول أجاز لدولة إسرائيل حرية الصيد البحرى التجارى فى مياه البحر الأحمر أمام السواحل الإريترية تحت حراسة السفن الإثيوبية.
فى ظل الأجواء المحتدمة بين مصر وإثيوبيا رصدت أجهزة المعلومات المصرية فى أوائل يناير عام 1966 وصول أول بعثة إسرائيلية عسكرية - استخباراتية من مائة ضابط بينهم عملاء استخبارات وخبراء عسكريين إسرائيليين إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
ولدواعى التوثيق سجلت الوثائق الإسرائيلية الرسمية أن تلك البعثة العسكرية الدائمة إلى إثيوبيا عام 1966 كانت ثانى أكبر بعثة عسكرية إسرائيلية بالخارج بعد بعثة تل أبيب الدائمة المقيمة فى العاصمة الأمريكية واشنطن.
ولإمعانه واستغراقه فى العداء مع مصر وقع هيلا سيلاسى فى يناير عام 1966 اتفاقية استخباراتية - عسكرية موسعة ثانية مع دولة إسرائيل اعتبرت إثيوبيا على إثرها أكبر دولة أجنبية حصلت على معونات ومساعدات عسكرية وتقنية ولوجستية إسرائيلية ليس فقط فى القارة الإفريقية بل على مستوى العالم.
وطبقًا لمعلومات تقرير CIA درب جيش الدفاع الإسرائيلى خلال الفترة من يناير 1966 حتى سبتمبر 1974 قوات النخبة والحرس الإمبراطورى الإثيوبى الخاص فى معسكرات سرية شيدت خصيصًا لذلك الغرض فى عمق صحراء النقب الإسرائيلية بالقرب من مدينة ديمونة، والغريب أن تلك المعسكرات ما زالت فاعلة حتى كتابة تلك السطور.
لم يتوقف هيلا سيلاسى عن استفزازه ضد مصر دولة مصب نهر النيل، واستمر فى ذلك حتى بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر فى 28 سبتمبر 1970، وتولى الرئيس «محمد أنور السادات» الحكم.
وعلى طريقة الضباع الإفريقية تربصت دولة إثيوبيا بمصر واستغلت انشغالها بمعركة الكرامة فى 6 أكتوبر 1973، وأعلن الإمبراطور هيلا سيلاسى فى نوفمبر 1973 عن افتتاح «سد فينشا»، وهو سد على حوض نهر النيل يبلغ ارتفاعه 25 مترًا صمم لأغراض الرى وتوليد طاقة كهربائية بقدرة 84 ميجا وات فى منطقة جغرافية ترتفع 1302 متر عن سطح البحر.
وفى مفاجأة من العيار الثقيل كشف التقرير الاستخباراتى أن الرئيس السادات جند قبلها الصحفى الأمريكى الشهير «والتر ليلاند كرونكيت» - توفى بتاريخ 17 يوليو 2009 - بهدف لعب دور الوساطة الإعلامية بينه وبين تل أبيب وواشنطن.
وذلك فى إطار خطة متكاملة استخدم فيها الرئيس السادات «السلطة الرابعة» كوسيلة تمهيدية سياسية للترهيب والترغيب وصولًا للمفاوضات من أجل السلام.
فى الإطار كلف الرئيس السادات كرونكيت بتسريب قصة سد فينشا الإثيوبى إلى وسائل الإعلام المختلفة، وخلال أحد المؤتمرات الصحفية التى حظيت بتغطية إعلامية دولية سأل أحدهم الرئيس السادات قائلًا:
«كيف ستتعاملون وأنتم ما زلتم تعانون من تداعيات حرب أكتوبر 1973 مع مخاطر سد فينشا الإثيوبى الذى أعلنت عنه أديس أبابا فجأة؟».
فما كان من الرئيس السادات أن قال ردًا على السؤال: «إعاقة إثيوبيا حق مصر التاريخى فى مياه نهر النيل سيتطلب استخدام القوة، ولا يستطيع العالم منع مصر من ذلك. نحن لن ننتظر حتى يقطعوا الماء ونموت من العطش، ولكننا سنموت هناك عندهم».
أبهر الرد الحاسم وسائل الإعلام الدولية التى عادت وسألت بعدها الرئيس السادات نفس السؤال أثناء مؤتمر سياسى آخر بالقاهرة فأجاب عن عمد وتصميم بالغ بذات الرد الأول، الأمر الذى أقلق إمبراطور إثيوبيا الذى لم يتوقف يومًا عن العمل ضد المصالح المصرية.
ومع ذلك ضغطت المملكة العربية السعودية واليمن والاتحاد السوفيتى مع منظمة الوحدة الإفريقية التى تأسست فى 25 مايو 1963 وحلت فى 9 يوليو 2002 على سيلاسى حتى يقطع علاقات إثيوبيا مع إسرائيل.
وقد رضخ الإمبراطور الإثيوبى العجوز واضطر لاتخاذ قرار قطع العلاقات على مضض، فأمر جهاز الموساد بسحب طاقم الحراسات الخاصة الإسرائيلى الذى حمى العرش الإثيوبى ثلاث مرات بالخروج فورًا من القصر الحاكم فى أديس أبابا وترك سيلاسى يواجه مصيره.
فى هذه الأجواء وعلى الرغم من العداء المطلق بين الرئيس السادات والاتحاد السوفيتى القديم إلا أن موسكو ضمرت العداء للإمبراطور هيلا سيلاسى الأول بسبب تهديده مصالحها فى أعالى نهر النيل، وقررت موسكو ضرورة استغلال فرصة انسحاب الحراسات الإسرائيلية الخاصة حول سيلاسى، وقررت التحرك فورًا على الأرض ضده.
وأوكل الحزب الشيوعى إلى «يورى فلاديميروفيتش أندروبوف» المدير الرابع فى تاريخ جهاز الاستخبارات السوفيتية KGB تنفيذ عملية استخباراتية روسية محكمة قضت على سيلاسى.
فى العملية التى بدأت فى فجر 27 فبراير 1974 استغلت الاستخبارات السوفيتية عمل عدد من الضباط الإثيوبيين فى مناصب قيادية لحسابها وكلفتهم إشعال فتيل التمرد بين صفوف الجيش الإثيوبى للمطالبة بمزايا مالية خاصة.
فى ذات التوقيت نشبت اضطرابات مدنية استمرت أربعة أيام كاملة عصفت بالعاصمة أديس أبابا وأجبرت هيلا سيلاسى على التراجع عن قرارات سياسة أعلن عنها سابقًا.
حاول هيلا سيلاسى على إثر الإضرابات تهدئة الشارع وطلب من رئيس حكومته «أكليلو هابتى وولد» تقديم استقالة حكومته على الفور فتقدم وولد بها فى مساء 28 فبراير 1974، غير أن الاضطرابات استمرت ما أجبر سيلاسى على الإعلان فى 5 مارس 1974 عن تعديل دستورى تنازل بموجبه عن حقه فى رئاسة مجلس الشيوخ، وكلف منصب رئيس الوزراء بذلك، كما وافق على رفع رواتب الجيش ومع ذلك فشل فى إيقاف الاضطرابات.
حاول هيلا سيلاسى طلب المعاونة من إسرائيل، لكنها قررت عدم الاستجابة لطلبه حتى يصبح عبرة لمن سيأتى بعده فى الحكم، كما رفضت الولايات المتحدة وأجهزة الاستخبارات الأمريكية التى تعاون معها سيلاسى طيلة فترة حكمه التدخل لعدم حدوث أزمة عالمية ثالثة مع الاتحاد السوفيتى الذى أطبق بالاشتراكيين والماركسيين على مقاليد الأمور فى أديس أبابا.
فى أعقاب ذلك بدأ الجيش الإثيوبى الثائر اعتقال الأسرة الحاكمة ورجال الحكومة المستقيلة برئاسة أكليلو هابتى وولد، الذى اعتقل هو الآخر وتم إيداعه مع ستين مسئولًا كبيرًا بسجن «منليك» بالعاصمة حتى أعدم الجميع منتصف ليلة 23 نوفمبر 1974 فى واقعة سجلها التاريخ الإثيوبى الحديث باسم «ليلة السبت الأحمر».
فى 12 سبتمبر 1974 أبلغ الرئيس السادات فجرًا بنبأ اعتقال الإمبراطور الإثيوبى هيلا سيلاسى وإعلان الأحكام العرفية فى أديس أبابا، وقيام الجيش بفرض الإقامة الجبرية على سيلاسى داخل قصره.
وطبقًا لمعلومات تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA خضع سيلاسى بعدها لأطول عملية استجواب لمسئول سياسى فى التاريخ شارك فى تنفيذها ضباط من جهاز الاستخبارات السوفيتية KGB.
استجوب سيلاسى خلالها عن مجمل تجاوزات عهده بداية من تنصيبه إمبراطورًا فى 2 نوفمبر 1930 حتى سقوطه فى 12 سبتمبر 1974، خاصة ما أخفاه وهربه من أحجار وماسات إثيوبية لا تقدر بثمن ومئات الأطنان من الذهب الخالص أودعها فى أحد البنوك الإسرائيلية فى مدينة تل أبيب لا يعرف أحد مصيرها حتى اليوم.
خضع الإمبراطور العظيم هيلا سيلاسى الأول البالغ يومها من العمر 82 عامًا لعملية تعذيب روسية منهجية أنهكت قواه العقلية قبل الجسمانية بعدما شهد بنفسه إعدام أولاده وأحفاده وحضر عمليات إذلال بربرية لحريم قصره.
خلال عملية الاستجواب الأطول فى التاريخ بالنسبة لحاكم لأنها استغرقت عامًا كاملًا تمسك الإمبراطور المعزول بإنكار سرقته وتهريبه لثروات إثيوبيا محاولًا المقايضة على حياته.
فى النهاية أصيب الإمبراطور هيلا سيلاسى الأول بالجنون الكامل ودخل فى حالة هذيان قبل إعدامه بأيام قليلة وأصيبت رئتيه بالضمور.
فريق التحقيق التابع لجهاز الاستخبارات السوفيتية KGB الانسحاب حتى لا تتحمل روسيا المسئولية، وبعدما فشل فريقها فى إجبار سيلاسى على الكشف عن أرقام وشيفرات حساباته السرية المودعة لدى البنك الإسرائيلى.
فى 27 أغسطس 1975 سئم بعض الضباط الكبار من المحققين الإثيوبيين من الإمبراطور المماطل فاتخذ أحدهم قرارًا متسرعًا أغضب الفريق السوفيتى وذبح هيلا سيلاسى بسكين خاص بالقوات الخاصة.
بعدها اضطرب المشهد وحدثت معركة بين الضباط انتهت بمصرع قاتل هيلا سيلاسى لإخفاء ما قام به من جرم لم يتشاور فيه مع كبار قادة الجيش، ولم يجد الحاضرون سوى إخفاء جثة سيلاسى داخل القصر الإمبراطورى فى أديس أبابا.
وقبلها جمع الضباط الذين قاموا بعملية الانقلاب كل الجنود والخدم وموظفى القصر الذين شهدوا أو حتى سمعوا بما حدث للإمبراطور ثم نفذ فيهم الإعدام الفورى ودفنوا فورًا فى ساحة حدائق القصر الخلفية.
وسط حالة من الاضطراب تشاور الضباط الإثيوبيون بشأن الموقع المناسب لإخفاء جثة الإمبراطور فاقترحت الاستخبارات السوفيتية KGB دفنها تحت مرحاض غرفة حمام القصر الرئيسية، بشرط وضع الجثة داخل خليط أسمنتى خاص يحللها خلال وقت قصير.
المفارقة أن ضباط الانقلاب الإثيوبيين أخطأوا فى فهم الترجمة الروسية للخليط المطلوب وضع جثة سيلاسى بداخله وبالعكس حافظ الخليط عليها دون تحللها حتى تم الكشف عنها عقب سقوط الاتحاد السوفيتى، وتسرب ملفات بالغة السرية كشفت ما حدث وحددت موقع دفن جثة الإمبراطور الإثيوبى الأخير.
فى تمام الساعة الثامنة من صباح 28 أغسطس 1975 أذاع راديو أديس أبابا نبأ وفاة الإمبراطور هيلا سيلاسى الأول، وأرجع الخبر الوفاة لتوقف رئتيه عن التنفس بعدها اختفت الجثة الإمبراطورية من القصر والمشهد السياسى كاملًا.
فى نهاية شهر فبراير 1992 تم العثور على الجثة طبقًا لمعلومات سوفيتية مسربة مع خريطة مفصلة للوصول إليها، وتم استخراجها من أرضية مرحاض القصر ودلت طريقة الدفن على الكراهية التى عومل بها سيلاسى فى لحظاته الأخيرة حتى أنهم دفنوه تحت «مبولة» حمام القصر.
صدرت صحيفة النيويورك تايمز بانفراد صحفى خاص فى 1 مارس 1992 نقلًا عن مصدر استخباراتى أمريكى أخفت الجريدة هويته وبياناته أكد نبأ العثور على جثة سيلاسى المفقودة بعدها أعيد دفن رفات هيلا سيلاسى فى جنازة إمبراطورية رسمية أشرفت عليها الكنيسة الأرثوذوكسية الإثيوبية فى 5 نوفمبر 2000.
لم تتوقف الاتصالات الإسرائيلية - الإثيوبية بالقضاء على سيلاسى بل عادت أقوى من السابق بداية من يناير عام 1975 عندما اعتمدت أديس أبابا كليًا على خبرات جهاز الموساد فى تأمين الحكم الإثيوبى.
فى الثالث من فبراير 1977 تولى «مينجيستو هيلا ماريام» مسئولية الحكم وعين رئيسًا لجمهورية إثيوبيا، وفى الأسبوع الأول من فبراير 1977 وقعت إثيوبيا مع تل أبيب اتفاقية سرية حصلت أديس أبابا بموجبها على معونات وأسلحة وذخائر نوعية فى مقابل سماحها بتهريب مواطنيها من يهود الفلاشا إلى دولة إسرائيل.

فى الحلقة القادمة:
حصريا: أسرار التصميم غير المسبوق ل «سد النهضة»
نص التقرير النهائى للجنة الخبراء الدوليين IPOE

كيف تعامل الرئيس الأسبق مبارك مع ملف السدود الإثيوبية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.