ظهرت الخلافات بين أحزاب جبهة «الإنقاذ الوطنى» كبرى الكيانات السياسية فى مصر، ولم يعد من مفر إلا إعلان وفاة الجبهة رسميًا بعد أن تبادل قياداتها الاتهامات وتعارضت المصالح الحزبية مع أهداف الجبهة، فمن الانقسام حول دعم المشير عبدالفتاح السيسى أم القيادى بالجبهة مؤسس التيار الشعبى حمدين صباحى، فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، مرورًا بالاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة، جاء الموقف من تحصين مؤسسة الرئاسة للجنة العليا الانتخابات فى قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية، ليفجر الصراع داخل «الإنقاذ» ويصدر شهادة وفاة للجبهة تنتظر فقط إمضاء قادة الجبهة لإعلان الوفاة رسميًا. جاء لقاء الرئيس عدلى منصور برؤساء الأحزاب السياسية الأسبوع الماضى، لشرح وجهة نظره فى تحصين اللجنة العليا للانتخابات، ليزيد من حدة الصراع داخل جبهة الإنقاذ، فالعديد من أحزاب الجبهة أعلنت اقتناعها بوجهة نظر الرئيس منصور، بضرورة تحصين قرارات اللجنة العليا والتأكيد على دستورية القانون، فيما احتفظت بعض الأحزاب بوجهة نظرها الأصلية والرافضة لمبدأ التحصين. وعلمت «الصباح» من مصادرها أن حزبى «المصريين الأحرار» و«المؤتمر»، قد أعلنا مشاركتهما فى الحملة الانتخابية للمشير عبد الفتاح السيسى عن طريق فتح مقرات انتخابية للمشير مع تسهيل عمل التوكيلات الانتخابية له وهو الأمر الذى أثار غضب بعض أحزاب الجبهة وهددوا بالانسحاب من الإنقاذ، خاصة تلك الأحزاب المعروفة بتأييدها لحمدين صباحى. وينحصر الصراع داخل جبهة الإنقاذ - التى تضم 14 حزبًا- بين 5 أحزاب هى «الوفد والمصرى الديمقراطى والمصريين الأحرار والتجمع والمؤتمر»، فبعد إعلان حزبى الوفد والمصرى الديمقراطى تحالفهما الانتخابى فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، فيما عرض رئيس «الوفد» سيد البدوى فى جلسة خاصة بينه وبين رئيس «المصريين الأحرار» أحمد سعيد الانضمام إلى التحالف الجديد. لكن «المصريين الأحرار» رفض التحالف بحجة أنه يملك القدرة على تمويل للحملات الانتخابية، والدفع بعناصر قوية وشابة، بجانب وجهة نظره بأن فوز المصرى الديمقراطى بعدد من مقاعد البرلمان السابق أمر جاء وفقًا لحظوظ المرحلة الماضية، فضلًا على أنه يختلف مع الوفد والمصرى الديمقراطى فى رفضه ضم أى عناصر من الحزب الوطنى «المنحل»، بينما يتجه الحزبان الآخران إلى الموافقة على ضم عناصر من الوطنى المنحل، ولكن شريطة ألا تكون ضالعة بأى أمور فساد بالعهد السابق. فى السياق، يبرز الخلاف العميق بين التجمع وحزب المصرى الديمقراطى نتيجة دعم الأخير لحزب التحالف الشعبى الذى يقوده القيادى اليسارى البارز عبد الغفار شكر، وهو حزب منشق من قلب التجمع بعد ترك عدد من قياداته للأمانة المركزية، واستقالة عدد من أمانة الحزب بالجيزة لتأسيس حزب التحالف، بينما لا يغفر المصرى الديمقراطى للتجمع هجومه على رئيس الحكومة السابق حازم الببلاوى، وهو أحد قياداته خاصة مع رؤية الحزب المصرى بأنه يمتلك قدرات مالية كبيرة لدعم حملات مرشحيه فى الوقت الذى لا يستطيع التجمع مجاراته فى هذا الأمر، فضلًا على قناعته بأن لديه كوادر قوية يمكنها اقتناص المقاعد. من جهته، أكد أحد قيادات الجبهة - فضل عدم ذكر اسمه- ل«الصباح» أن إجراء انتخابات الرئاسة أولًا قد يعيد إلى الجبهة وحدتها، خاصة أنها ستعيد توحيد جهود هذه الأحزاب لدعم مرشح بعينه، مشددًا على أن الجبهة ستدعم مرشحًا واحدًا، يتم الاتفاق عليه حتى لو لم يكن حمدين صباحى، حيث تتجه الجبهة لدعم المشير عبد الفتاح السيسى وهو ما دفع التيار الشعبى للهجوم على الجبهة والتأكيد على نهاية دورها السياسى. من جهته، قال المتحدث الرسمى للتيار الشعبى، حسام مؤنس، ل«الصباح» إن التيار كان على حق حينما قال إن جبهة الإنقاذ ليست تعبيرًا حقيقيًا عن «وحدة قوى الثورة» ولا عن مشروع وطنى موحد، مضيفًا «أن جبهة الإنقاذ تأسست والتقت فى لحظة على هدف واحد محدد هو المواجهة مع استبداد سلطة الإخوان، وقد تحقق هذا وانتهى دورها بعدها». وشدد مؤنس على أن استمرار جبهة الإنقاذ كجبهة موحدة وهم، ولن يستمر فهى تضم بداخلها ألوانًا واتجاهات متعددة لا تصلح للبناء على أساسها أى مستقبل موحد، وجبهة الإنقاذ لها ما لها وعليها ما عليها، ورغم أننا انتقدناها كثيرًا سابقًا إلا أننا نعترف لها بدورها الذى انتهى، وعلينا أن نعلن انتهاء دورها بطريقة مشرفة. وأشار مؤنس إلى أن أحزاب جبهة الإنقاذ لن تتفق لا على قوائم موحدة للانتخابات البرلمانية، ولا على مرشح رئاسى واحد وقوى الثورة أوسع من جبهة الإنقاذ، مضيفًا أنه سيحلو للبعض أن يرى ما سبق من رأى بمناسبة ما أشيع عن رفض الإنقاذ ترشيح حمدين الحقيقة أنه رأى سابق منذ تأسيسها وآن أوان تجديده والتذكير به. وقال أمين العمل الجماهيرى بحزب الجبهة الديمقراطية والقيادى بجبهة الإنقاذ الوطنى، مجدى حمدان، إنه أصيب بخيبة أمل بعدما انصاع رؤساء أحزاب الجبهة لرغبة مؤسسة الرئاسة، فى موضوع تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات، وخالفوا النص الدستورى الذى لا يجيز تحصين عمل أى هيئة قضائية، مؤكدًا تحركه بشكل فردى مع عدد من رموز مصر لتجهيز دعوى قضائية ضد قانون الانتخابات الرئاسية وخاصة مادة التحصين والتى تبطل القانون تمامًا.