طاردته ترشيحات رئاسة القلعة البيضاء على مدار 10 سنوات خفايا علاقة وزير الدفاع السابق بصفقات الأهلى والزمالك مع شيكابالا وعبدالملك ومكى الخيط الرفيع بين انتقال «شيكا» للزمالك وفشل ضم «صبرى» للأهلى
على مدار أكثر من عشرين عاما.. ظل التساؤل يطرح نفسه عن علاقة المشير طنطاوى بنادى الزمالك، ومع كل أزمة تحيط بالقلعة البيضاء، كان اسم «المشير» يقفز وسط الخيوط المتشابكة ليكون الطرح الأهم لانقاذ الزمالك من أزمته الإدارية المزمنة، التى أدت لتخبط مجالس إدارات متعاقبة وصدور العديد من الأحكام القضائية التى أدت لحل مجالس وتعيين آخرى فى دوامة سيطرت على القلعة البيضاء لأكثر من عشر سنوات. كان المشير يستمع لكل هذه الأطروحات دون أن يعقب سواء بالنفى أو بالإثبات، لكنه كان يظهر فى مواقف معينة لمساندة الزمالك ومد يد العون له.. مثلما فعل مع قضية النجم الأسمر محمود عبدالرازق «شيكابالا» والذى تشابهت قضيته مع النجم الكبير عبدالستار صبرى ،حين أنهى كلاهما مشواره الاحترافى فى أوروبا، وقررا العودة إلى مصر . وفى حالة عبدالستار صبرى الذى كان على وشك التوقيع للأهلى، تم اصطحاب النجم الكبير إلى إدارة التجنيد بتهمة عدم أداء الخدمة العسكرية، ووافق «صبرى» على العرض الذى قدمه له نادى طلائع الجيش من أجل الانضمام لصفوفه وأداء الخدمة العسكرية وظل النجم الكبير ضمن صفوف النادى العسكرى حتى اعتزل كرة القدم وصرف النظر عن عرض النادى الأهلى، ثم تحول إلى مقاعد التدريب. أما مع شيكابالا ، فقد اختلف الوضع كثيرا، ولم يقدم الطلائع نفس العرض، وتم الاكتفاء بتأديته الخدمة العسكرية ، وتمثيل منتخب مصر العسكرى فى البطولات الإفريقية والدولية، دون أن يتم ابعاده عن نادى الزمالك، بل وكان للمؤسسة العسكرية دور كبير فى تقويم شيكابالا، ونزع فتيل التمرد الذى كان أحيانا كثيرة يسيطر عليه، وأشاد كل مدربيه فى القوات المسلحة بسلوكه. لكن هذا لا يعنى أن المشير طنطاوى كان «يحابى» الزمالك على حساب الآخرين، فقد وقف المشير نفسه حجر عثرة أمام انتقال أحمد عيد عبدالملك نجم حرس الحدود السابق لصفوف نادى الزمالك لمدة 9 سنوات كاملة، ومع كل مرة يقترب فيها الزمالك من ضم اللاعب .. كانت جلسة المشير مع عبدالملك تحول الأمل الزملكاوى إلى سراب، ويجدد النجم الدولى الكبير عقده مع الحرس وبمقابل مادى أقل من ذلك الذى يعرضه عليه الزمالك. ولم يخلع عبدالملك قميص حرس الحدود إلا فى الموسم الحالى فقط، بعد أن أعفى المشير طنطاوى من منصبه وتعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية، بنفس الطريقة التى أعفى بها المشير الراحل محمد عبدالحليم أبوغزالة من منصبه كوزير للدفاع. وما حدث مع أحمد عيد عبدالملك، تكررمع أكثر من نجم كبير سواء فى طلائع الجيش أو فى حرس الحدود، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر أحمد حسن مكى مهاجم حرس الحدود الدولى الذى تفاوض معه النادى الأهلى أكثر من مرة، وصلاح أمين مهاجم طلائع الجيش المتخصص فى هز شباك الزمالك، والذى حالت علاقته الطيبة بالمشير طنطاوى دون خلعه لقميص طلائع الجيش والانتقال لصوف الزمالك، ونفس الأمر ينطبق على أحمد عبدالغنى مهاجم حرس الحدود الذى لعب للمنتخب فى عهد حسن شحاتة، وأحمد سعيد «أوكا» نجم دفاع حرس الحدود السابق الذى انتقل الآن لصفوف نادى ليرس البلجيكى.
قصة الظهور المفاجئ فى ملاعب الكرة بعد التقاعد اختفى المشير طنطاوى عدة أشهر عن المشهد العام، بعد أن تمت إحالته للتقاعد وتعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية، ومنحه قلادة النيل، لكنه عاد للظهور من جديد خلال الأيام القليلة الماضية عبر استراحته الرياضية المفضلة فى ملعب جهاز الرياضة العسكرى، والتقى الجهاز الفنى لطلائع الجيش بقيادة عماد سليمان أحد نجوم منتخب مصر السابقين فى عهد الخبير الكروى الراحل عبده صالح الوحش. كان ظهور المشير مفاجأة سعيدة لكل لاعبى الطلائع، وفهموا ما مغزى الزيارة بعد أن ربت على كتف المدير الفنى، وطالبه بتوفيق أوضاع الفريق، وحرص على تأكيد استمرار دعمه للطلائع، بعد أن رحل المدير الفنى الأسبق فاروق جعفر، وتحمل المدير الفنى السابق والمدرب المساعد الحالى عبد الناصر محمد المسئولية الثقيلة حتى تم تعيين عماد سليمان، لينضبط إيقاع الطلائع ويتحسن مستواه من مباراة إلى أخرى. ظهور المشير فى ملاعب الكرة من جديد رغم إحالته للتقاعد كان تأكيدا على أن القوات المسلحة ستواصل دعمها للقطاع الرياضة وكرة القدم بشكل خاص ، لاسيما أن الفريق عبد الفتاح السيسى لديه مهام جسام فى المرحلة الحالية الفارقة من تاريخ مصر. ويبدو أن زيارات المشير سوف تتكرر كثيرا خلال الموسم الرياضى الحالى، بعد أن أتت بثمارها المرجوة، وعاد طلائع الجيش لسابق عهده، ودخل منطقة الأمان ، وابتعد عن دائرة الهبوط قبل انطلاق الدور الثانى من دورى الشهداء.
الثلاثاء المقدس..عندما يلعب المشير عصر كل ثلاثاء، كان ملعب جهاز الرياضة العسكرى يتحول إلى خلية نحل، ولم لا وشخصية بحجم المشير طنطاوى تستعد لدخول الملعب ليس من أجل زيارة فريق كرة القدم بالنادى وتقديم الدعم والعون له فحسب، ولكن من أجل أن يتحول المشير نفسه إلى أحد هؤلاء الذين يطأون البساط الأخضر بأقدامهم ويطارد قطعة الجلد المنفوخ مع مجموعة من قادة القوات المسلحة ونخبة من رجاله المقربين. كان المشير يبهر الجميع بأدائه فى الملعب ليس بسبب الفنيات العالية فقط، ولكن لأن الرجل يقدم أداء بدنيا مثيرا للدهشة لا يتناسب أبدا مع سنوات عمره التى تخطت السبعين عاما. حافظ المشير طنطاوى على هذه العادة الرياضية سنوات طويلة، حتى قبيل ثورة 25 يناير 2011 ، وكان عمره وقتها يقترب من 76 عاما، ومع التحول الجذرى فى مصر، اضطر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى ممارسة الرياضة بشكل مختلف، فلم تعد الأجواء كسابق عهدها، وكبلته أعباء السلطة هو ورجاله إلى تعديل نظام حياتهم وأسلوب تفكيرهم العسكرى بالكامل، وهم يواجهون خريطة التغيير الشامل فى منظومة فكر المصريين، وتبدل الشخصية المصرية فى مرحلة ما بعد الثورة. ولم يكن الموعد المقدس وحده من تعرض لهذه الضربة، ولكن أندية القوات المسلحة باتت بدورها بعيدا عن اهتمامات المشير كسابق عهدها، لاسيما بعد مذبحة ستاد النادى المصرى فى الأربعاء الأسود 1 فبراير، والتى راح ضحيتها 72 مشجعا من جماهير النادى الأهلى لقوا مصرعهم فى مدرج الموت بعد خسارة فريقهم 1/3 أمام النادى المصرى فى الدورى الملغى موسم 2011/2012. وتجمد النشاط الرياضى لمدة عام كامل، على إثر هذه المذبحة، حتى عاد من جديد بعد الحكم القضائى الذى أصدرته محكمة جنايات بورسعيد بإعدام 21 متهما فى قضية قتل مشجعى النادى الأهلى. واللافت أن عودة كرة القدم كانت عن طريق القوات المسلحة أيضا، عن طريق الملاعب العسكرية التى تم تشييدها فى عهد المشير طنطاوى وأبرزها ستاد الجيش فى برج العرب، وملعب الدفاع الجوى فى التجمع الخامس، وستاد المكس فى الإسكندرية، وملعب جهاز الرياضة العسكرى فى مدينة نصر.
المفتاح السحرى لضمان حصول طنطاوى على شعبية أبوغزالة فى الشارع المصرى سر تغيير اسم نادى الجيش إلى «الطلائع» فور الصعود لدورى الأضواء فى 20 مايو عام 1991 فجر الرئيس السابق محمد حسنى مبارك مفاجأة مدوية بتعيين الفريق محمد حسين طنطاوى وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة بدلا من المشير الراحل محمد عبد الحليم أبوغزالة صاحب الشعبية الطاغية فى الشارع المصرى، ثم ما لبث أن تمت ترقيته بعد شهر واحد فقط إلى رتبة فريق أول، وفى 1 أكتوبر 1993 ترقى إلى درجة المشير وتوسعت صلاحياته ليصبح وزيرا للدفاع والإنتاج الحربى. كان تعيين طنطاوى أمرا مثيرا لضجة عارمة، لاسيما أنه خلف رجلا تمتع بحب وثقة الشارع المصرى كله، لكن الرجل كانت لديه خطة جيدة من أجل كسب ثقة الشارع المصرى رويدا رويدا، ولم يشأ الدخول فى مقارنات تظلمه بداية توليه مقاليد أمور المؤسسة العسكرية ، وحافظ بذكاء شديد على نفس إيقاع الأداء الذى انتهجه المشير الراحل محمد عبد الحليم أبوغزالة، وسار فى خط آخر يجذب إليه الأضواء من ناحية، ويرضى طموح ورغبات أبناء القوات المسلحة من ناحية أخرى عن طريق النشاط الرياضي بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص. ووضع المشير خطة «اقتحام» المؤسسة العسكرية للمنافسات الرياضية، وحول كل أندية القوات المسلحة إلى قطاع المنافسة بدلا من الاكتفاء فقط بالممارسة. وفى غضون سنوات قليلة برعت أندية الجيش وحرس الحدود، ثم الإنتاج الحربى فى أكثر من لعبة، وفى مقدمتها كرة القدم والكرة الطائرة وكرة اليد، وباتت الأندية الثلاثة ضمن مصاف أندية الدورى الممتاز لكرة القدم، وتستقطب نجوما كبارا، وتحتل مراكز متقدمة فى المسابقة، بل ويمثل بعضها مصر فى المحافل الخارجية ، واقتحمت حاجز البطولة مثلما حدث مع حرس الحدود الذى فاز بكأس مصر وكأس السوبر المصرى. وفور صعود نادى الجيش إلى دورى الأضواء كان السؤال يطرح نفسه:كيف ستتعامل وسائل الإعلام مع مباريات النادى الذى يحمل اسم الجيش المصرى؟ ، وما هى العناوين التى ستخرج بها وسائل الإعلام إذا ما خسرنادى الجيش فى مباراة ما - وهو أمر وارد بالطبع – وهل سيكون أمرا مهينا أن يقال على سبيل المثال «المحلة تقهر الجيش فى معركة الهروب من القاع»؟ ، وهل تنتهى «تابوهات» عدم التطرق للمؤسسة العسكرية فى الصفحات الرياضية إلا بأمر الشئون المعنوية؟ كان السؤال محور اهتمام بالغ من المشير طنطاوى ورجاله، إلى أن تفتق ذهنهم عن تغيير «شكلى» للاسم من نادى الجيش إلى «طلائع الجيش» ،وإلزام كل وسائل الإعلام بذكر الاسم الجديد دون اختزاله إلى «الجيش فقط»، وبذلك إذا خسر الفريق فى مباراة ما تخرج المانشتات قائلة «الأهلى يهزم الطلائع ويتربع على القمة» أو «الزمالك قهر الطلائع فى صراع القمة» دون أن يكون هناك مساس باسم الجيش المصرى، أو صدام مع محررى القسم الرياضى فى الصحف المختلفة اهتمام المشير طنطاوى بالرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص، كفل له الشعبية المطلوبة على مستوى القوات المسلحة، وعلى مستوى الشارع المصرى، وبات لأندية حرس الحدود فى الاسكندرية وطلائع الجيش فى القاهرة تحديدا عشاق ومريدون، حتى لو كانوا أقل من الأندية الشعبية العريقة مثل الاتحاد السكندرى والإسماعيلى، إلا أنهم فرضوا كلمتهم على الجميع بعد أن تحولوا إلى رقم فاعل فى الملعب الرياضى.