يبدو أن الأنبا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية يقود ثورة داخل الكنيسة ينادي بها كثير من الأقباط منذ سنوات طويلة وإعادة هيكلة الكنيسة أو مايطلق عليه البعض "ترتيب البيت من الداخل"، خاصة أنه عقب تنصيبه بأسبوع اصطدم بعدد من الملفات الشائكة أو "القنابل الموقوتة" ومنها تعديل لائحة انتخاب البابا، وقضايا الأحوال الشخصية ولائحة 38 وزيارة الأقباط للقدس والعلاقة مع أقباط المهجر، ثم طريقة المشاركة السياسية للأقباط في ظل وجود حكم إسلامي، وموضوع بناء الكنائس وما يرتبط به من مشاكل وصراعات وقضية المسيحيات اللاتي يسلمن من أجل الزواج من مسلم، أو اللاتي يعتنقن الإسلام والقضاء علي مراكز القوي التي نشأت حول البابا شنودة، خاصة في أواخر أيامه والتي كانت تثير جدلا بين الأقباط، ولايفضل السير علي درب سلفه البابا شنودة الذي تم اتهامه بإقحام الكنيسة في السياسة ومجاملة بعض الأقباط علي حساب البعض الآخر. وكان أول القرارات التي اتخذها البابا تواضروس استمرار عمل لجنة الترشيحات البابوية المكونة من 9 أساقفة و9 من أعضاء المجلس الملي وهيئة الأوقاف القبطية وتكليفها بالبدء في إعداد مشروع لائحة جديدة لانتخابات البابا بدلا من لائحة 1957 التي انتخب علي أساسها البابا تواضروس. وقرار إجراء انتخابات داخلية في المجمع المقدس لاختيار مسئولين جدد للمهام الادارية لتنظيم شئون الكنيسة وقيامه بإبعاد الآباء الاساقفة السكرتارية الخاصة بالبابا الراحل شنودة الثالث وهم "الأنبا ارميا الاسقف العام والأنبا يؤانس السكرتير الخاص والأنبا بطرس عضو المكتب البابوي والذي اعتبره البعض أنه خطوة للاطاحة بمراكز القوي" فالأنبا يؤانس خرج من المقر البابوي بالكاتدرائية الكبري بالعباسية واقتصر دوره علي الاشراف علي اسقفية الخدمات بالاضافة إلي الإشراف علي ديرين في سوهاج وهما: ديرا الأنبا شنودة والأنبا بيشوي أما الأنبا أرميا الاسقف العام فسيشرف علي المركز الثقافي بالكاتدرائية إلي جانب إشرافه علي قناة «ماري مرقص» الفضائية الخاصة بالكنيسة ويشرف الأنبا بطرس علي قناة «اغابي» الفضائية وسوف يعين البطريرك الجديد عدد من الآباء الكهنة وبعض الشخصيات العلمانية المسيحية في السكرتارية الخاصة. وأكد تواضروس أن القرارات العاجلة التي سوف يتخذها بنفسه هي ترسيم بعض الاساقفة الجدد لأن العديد من الابراشيات في مصر تخلو من الأساقفة نظرا للظروف الصحية التي كان عليها البابا شنودة. بالاضافة إلي دعوة التيار العلماني للبابا بأن ينقل إدارة الكنيسة من الفرد إلي المؤسسة عن طريق إعادة هيكلة أجهزتها الأساسية والهيئات التي تحتوي عملها بما يناسب المتغيرات الحالية والأوضاع التي تمر بها الكنيسة والأقباط في مصر خاصة بعد صعود الإسلاميين.. مشددا علي اهتمامه بهذا الامر وأنه سوف يستعين بمقترحات التيار العلماني عند اعادة هيكلة الكنيسة. وكانت قضية "زيارة الأقباط للقدس" والتي سبق وأن منعها البابا شنودة الراحل بسبب احتلال القدس أحد القضايا التي تعرض لها تواضروس وأوضح أن الغاء المنع سيتحدد في حال طلب الأقباط زيارة القدس مؤكدا أنه ستتم مناقشة هذا الأمر داخل المجمع المقدس في كل الأحوال لأن هناك من يري أن زيارة القدس واجب ديني عليه وشعيرة بالنسبة له عليه أن يؤديها. وبالنسبة لمشكلة بناء الكنائس قال تواضروس إنه من الضروري أن يتم إنهاء هذه المشكلة لأنها تزيد من التوتر ونشر العنف في المجتمع.. مؤكدا أن بناء الكنائس والمساجد كل له طريقته وأسلوبه، وكل ما يطلبه هو أن يكون هناك تطبيق لحق الإنسان في العبادة، وصورة مصر الخارجية مهمة في هذا الجانب. كما أحدث تواضروس تغييرا الكترونيا داخل الكنيسة لكي يتواصل مع الأقباط عن طريق الايميل وتويتر وذلك بتكليفه القس إبراهام عزمي، كاهن كنيسة السيدة العذراء والملاك بولاية كونيكتيات بالولايات المتحدةالأمريكية بإنشاء موقع خاص بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، إضافة إلي إنشاء حسابين شخصيين للبابا علي موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أحدهما خاص والآخر عام، وأيضا إيميل خاص، إضافة إلي إنشاء نظام إلكتروني داخل مراسلات الكاتدرائية لإدخال وإخراج البيانات. وأكد هاني الجزيري المتحدث الرسمي ل"حركة أقباط من أجل مصر" أنه لم تمض مدة طويلة علي تولي البابا لمنصبه، وأنه لم يظهر في الأفق حتي الآن شكل معين للاسلوب الذي سيتخذه في سياسته داخل الكنيسة وتعامله مع الأقباط. وقال إن تواضروس يتسم بالصرامة والحب في نفس الوقت واعتقد انه سيغير شكل المنظومة الكنسية ويعمل علي تغيير المعايير المتبعة في المجمع المقدس وقد ظهرت بالفعل ملامح هذه التغيير ومنها تغير الوجوه الموجودة داخل المجمع، وهو الأمر الذي طالب به كثيرمن الأقباط من قبل، وكذلك سعيه لتغيير اسم المجلس الملي والذي كان يستاء منه الكثيرون، خاصة أننا لسنا ملة ولكننا جزء من هذا المجتمع، وسوف يشمل التغيير أيضاً طريقة اختيار الأعضاء وكيفية تناول القضايا. وأوضح الجزيري ان البابا يلوح بوجود لجنة إعلامية داخل الكنيسة في أسرع وقت، وهذه تعتبر من أهم خطوات البابا لمواجهة الاخطاء التي يقع فيها بعض رجال الكنيسة في تعاملهم مع وسائل الإعلام. وأكد ان ما يقوم به البابا الآن هو تطوير الاوضاع وليس تصحيحا لها خاصة أن البابا شنودة كان حكيما في قراراته، ولكن المشكلات المحيطة به لم تتيح له الفرصة لاعادة ترتيب البيت من الداخل، بعكس البابا الجديد الذي يتميز بنشاطه الحيوي وصغر سنه الأمر الذي يجعل عملية ومسألة ترتيب البيت من الداخل أسهل من سلفه. وأوضح أن قرار تغيير لائحة 57 يعد من القرارات الصائبة التي اتخذها البابا. وقال: عهد البابا شنودة كان له متطلباته وعهد البابا تواضروس الثاني يحتاج إلي متطلبات اخري مشيرا إلي ان البابا تواضروس سيكمل مسيرة البابا شنودة ولكن مع المعطيات الجديدة. وتابع الجزيري ان الدولة كانت تتعامل مع الأقباط في المسائل السياسية باختزالهم في شخص البابا شنودة اما في تعاملهم مع الامور الدينية فكانوا يتهمون البابا شنودة بأنه دولة داخل الدولة. وأكد ان البابا تواضروس سوف يتبع نفس نهج البابا شنودة في عدم السماح بسفر الأقباط إلي القدس إلا بعد تحريرها. أما فيما يتعلق بإعادة لائحة 38 فأعرب الجزيري عن تمنياته بأن يبحث البابا مع الأقباط عن حلول لمشاكلهم وفقا لتعليمات الكتاب القدس وأن يتم تشكيل أكثر من لجنة لحل هذه المشاكل الكبيرة، خاصة أن الأنبا بولا لا يستطيع التعامل مع هذا الملف بمفرده. وأوضح الأنبا عبدالمسيح بسيط ان البابا الجديد يتميز بالدقة والتنظيم والتدقيق الشديد في عمله قائلا لا يمكن أن نقيم أداء البابا الآن خاصة أنه لم يقم بأي شيء لكي نقيمه علي اساسه. وقال نادر الصرفي المتحدث الرسمي باسم أقباط 38 إن لائحة 38 صحيحة من جانب الكنيسة خاصة أن الذي وضعها مجموعة من العلمانيين وقد عملوا علي تطبيق الانجيل في هذه الائحة لمنع علة الزنا، وهذه اللائحة تشبه اللائحة السابقة لها والتي وضعها أكثر من أسقف ولكن قام البابا شنودة بإلغائها، الأمر الذي تسبب في عدة مشاكل وفتن المجتمع، بعكس الأنبا تواضروس الذي يؤكد علي أننا أصحاب حقوق ونحن نتمني من البابا ان يعيد إلي الكنيسة وضعها الحقيقي. وأضاف انه يشعر بأن البابا يستدرج إلي السياسة ولكن نحن نريد منه أن يبتعد عن ذلك، حتي لايمنح الفرصة لاي جهة تستدرجه إلي العمل في السياسة لكي يحافظ علي الجانب الروحي للكنيسة. وقال لا يمكن أن نصف ما يقوم به البابا الآن بثورة ولكن ما قام به البابا شنودة هو ثورة علي ما قبله وما يقوم به البابا تواضروس الآن هو اعادة القوانين السليمة ويبتعد عن فكرة البابا شنودة الذي أدي إلي مشاكل كثيرة. وأوضح ان ما قام به البابا الآن هو عرف داخل الكنيسة فأي بابا جديد يقوم باعادة ترتيب البيت من الداخل وهذه خطوة طبيعية، وما يقوم به امر منطقي فهناك بعض الشخصيات غير المفيدة ولم تقدم أي شيء يذكر مثل سكرتارية البابا شنودة، خاصة أن الأنبا بولا هو افضل من في الكنيسة خاصة في ملف الأحوال الشخصية. وقال كمال سليمان المنسق العام للمجلس الاستشاري القبطي إن ما يقوم به البابا حتي الآن امر منطقي، فاي بابا جديد يعيد ترتيب الامور من جديد خاصة أن الوضع تغير الآن كثيرا وأصبح هناك نوع من الحرية بعد الثورة. وأضاف ان تغير سكرتارية البابا شنودة كان مطلب معظم الأقباط لانهم كانوا يعزلون البابا عن الشعب، ورفض اعتبار ان ما يقوم به البابا ثورة علي اوضاع الكنيسة ولكن هذا تصرف منطقي وكان لابد وأن يحدث منذ زمن. وأكد أن البابا متفق مع الشعب حتي الآن في جميع الأمور سواء في الحياة السياسية أو في الجانب الروحي. أما فيما يخص إلغاء بعض قرارات البابا شنودة فقال إنه لا يمكن ان يغير القرارات التي اصدارها البابا شنودة خاصة أن الوضع لا يتحمل أي تغير فلا يمكن ان يعيد سفر الأقباط إلي القدس في ظل ما يحدث في فلسطين.