على مدار سنوات عديدة طالب الجميع بضرورة وقف استيراد عشرات السلع التى تستنزف النقد الأجنبى، والاعتماد على الصناعات الوطنية بهدف حماية الاقتصاد المصرى، خاصة مع وجود البديل المحلى، وبجودة أعلى فى بعض الأحيان، وبالفعل حاولت الحكومات المتعاقبة مرارًا محاصرة "فوضى الاستيراد" العشوائى لإعطاء "قبلة الحياة" للاقتصاد المصرى إلا أنها لم تقضى عليه نهائيًا. وتصاعدت مطالب العديد من الاقتصاديين وأعضاء اللجنة الاقتصادية فى مجلس النواب بضرورة وقف الاستيراد العشوائى، إلى أن أطلق الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، خلال الأيام الماضية، تصريحات بالغة الأهمية تتعلق بحصر 100 منتج مستورد تمهيدًا لتصنيعها محليًا ومنح حوافز للمستثمرين، الأمر الذى أثار العديد من التساؤلات أبرزها هل تستطيع الحكومة القضاء نهائيًا على فوضى الاستيراد؟ رئيس الوزراء قال:" أعطينا أولوية للسلع التى يتم استيرادها وتم حصر ما يقرب من 100 منتج تستهلك الجزء الأكبر من فاتورة الاستيراد وتم منح من يُقرر الاستثمار فى ال100 سلعة ميزات أخرى تُساعد على إنتاجها، لإنتاجها فى الداخل ما يُساهم فى خفض فاتورة الواردات وهذه السلع فاتورتها كبيرة، وتصل فاتورتها ل35 مليار دولار، مضيفًا أن قيمة صادراتنا من المواد غير البترولية تبلغ 25 مليار دولار". "مدبولى" أكد أن الحكومة زادت دعم الصادرات من 4 إلى 6 مليارات جنيه، مضيفًا أنه سيكون هناك محفزات ومزايا للقطاعات التى ستُحقق نجاحًا أكبر، موضحًا أنه تم إجراء خريطة صناعية للتسهيل على المستثمرين. وسبق أن أصدر وزير التجارة والصناعة الأسبق طارق قابيل قرارًا، للحدّ من فوضى الاستيراد العشوائى، ينصّ على إنشاء سجل للمصانع المؤهلة لتصدير بعض المنتجات إلى مصر ويمنع الإفراج عن المنتجات الواردة بصفة الاتجار إلا إذا كانت من إنتاج المصانع المدرجة في السجل. القرار تضمن أنّ جميع المصانع التي يستورد منها التجار المصريون لابد أن تكون مُسجلة لدى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات المصرية من خلال طلب تسجيل مقدم من ممثلها القانونى أو من يفوضه. ونصّ القرار على أنّ طلب التسجيل لا بدّ أن يشتمل على صورة من الترخيص الصادر للمصنع وشهادة بالكيان القانونى للمصنع والأصناف التي ينتجها والعلامة التجارية وشهادة بأن المصنع مطبق به نظام للرقابة على الجودة ومستوفى لمعايير البيئة، وإقرار من المصنع بقبول التفتيش من فريق فنى للتأكد من استيفاء معايير البيئة وسلامة العمل وتمكينهم من التحقق من ذلك. خطوات أخرى اتخذتها مصر لتقليل الاستيراد وتشجيع الصناعة الوطنية، تأتى على رأسها تفضيل المنتجات المحلية فى كافة المشروعات، وتم إصدار القانون رقم 5 لسنة 2017 الخاص بتفضيل المنتجات المحلية فى العقود الحكومية، فضلًا عن مبادرات دعم المنتج المحلى، والتى ستُساهم فى زيادة مبيعات المنتجات، مثل مبادرة تحفيز الشراء المحلى التى تهدف إلى زيادة مبيعات المنتج المصرى، فى وقت أعلن فيه 2600 شركة الاشتراك فيها. وتم أيضًا إطلاق البرنامج الرئاسى لتوفير أكثر من 4500 مصنع جديد، للمساهمة فى توطين الصناعات الصغيرة والمتوسطة فى قطاعات اقتصادية مختلفة فى مدن صناعية مجهزة مثل مجمع مرغم للكيماويات فى الإسكندرية، وتعتبر المجمعات الجديدة أحد وسائل القطاع الصناعى، لتعميق المكون المحلى فى الصناعات، وعدم الاعتماد على مكونات ومدخلات إنتاجية من الخارج من خلال إيجاد البدائل المحلية لها. كما أننا لا يُمكن أن نغفل مبادرة دعم الأنشطة الصناعية ب 100 مليار جنيه، بفائدة 10%، إضافة إلى إسقاط 31 مليار جنيه كفوائد ديون على المصانع المتعثرة، والتى يستفيد منها أكثر من 5 آلاف منشأة صناعية، الأمر الذى سيؤدى إلى عودة هذه المصانع للعمل مرة أخرى.